كتاب في سطور| صوت الراوي وميراث السرد.. رحلة في عالم السرد والحكايات
تاريخ النشر: 3rd, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تصحبكم «البوابة» في موسم جديد خلال شهر رمضان الكريم، في رحلة للقراءة، وحلقات جديدة من حلقات «كتاب في سطور»، وفى كل يوم نقدم قراءة في رواية أو عمل أدبى أو سيرة لأحد المشاهير، أو بعض الكتب الفكرية التي تناقش الأحداث التاريخية.
ففي هذه السلسلة نحاول أن نقدم خريطة للقارئ لأهم الإصدارات الفكرية والأدبية التي أثرت الحياة الثقافيةـ ونتمنى أن تحظى تلك السلسلة بقبول لدي القارئ وإضاءة بسيطة عن تلك الإصدارات، ولهذا نأخذكم في جولة عبر الكلمات لنضيء بها مصابيح المعرفة.
في هذا الكتاب «صوت الراوي وميراث السرد» للدكتور أحمد بهي الدين رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب والصادر عن معهد الشارقة للتراث يأخذنا الدكتور أحمد بهي الدين في رحلة في ذاكرة السرد عبر أربعة فصول تناول فيها السير الشعبية والتقاليد الشفاهية في كتاب كليلة ودمنة ومحاولة للإجابة عن تساؤل كيف تشكل الجماعات فضاءاتها الثقافية، ورواة القصص التقليدي أنماطهم ومروياتهم.
ويقول الدكتور بهي الدين في مقدمة الكتاب:" هذا الكتاب رحلة في ذاكرة السرد التقليدي، والرحلة قرينة السرد والحكاية، فالحكاية مرتحلة دائمة التنقل، لا تعرف مستقراً ولا تبقى على حال؛ تتغير بتغير الأيام، وتتفاعل مع نوائب الدهر وأحداثه؛ فهي إن استقرت ماتت، فهي صنو حياة راويها ومبدعها ومتلقيها . والسفر في ذاكرة السرد مقترن بغرابة ومتعة وإفادة، كما الترحال الفيزيقي، ينطلق من القرائح ويتسربل في العقول والأذهان.
ويتابع: "فميراث الإنسانية السردي حلقات متصلة، ربما تتسع حلقة منها أو تضيق لكن ترتبط ببعضها بعضاً، نراها إذ أردنا التنقل في ذاكرة السرد المدونة والحية، وليست الرحلة مع السرد سهلة ويسيرة؛ إنها تحمل وعثاء السفر ومشاقه، لكنها تؤتي ثمار الأسفار من صحبة وفائدة وخبرة، شأن الإبداع الشعبي بعامة الذي يحمل بين أعطافه ما يمكن الإنسان من أن يكون إنساناً، ويؤهله لتلقي القيم الإنسانية قولا وفعلا.
ولكل رحلة دروبها التى تستكشف عوالم الحكاية واستبطان مجاهيلها، والتنقيب في أغوار أنساقها، فيبين علائقها بالذاكرة الإنسانية وتشابكاتها الحضارية؛ لتكون النتيجة الرئيسة أننا على مسار المعرفة، والمعرفة لا تنتهي.
وأن السيرة هي نوع أدبي عربي خالص حاز تقعيده وصك اصطلاحه جهوداً بالغة، ربما لا تزال قائمة حتى يومنا هذا ؛ وأن الرحلة مع الحكاية لم تصل بعد إلى مستقرها الأخير؛ فهي كامنة تبحث عن وجهة أخرى تنطلق إليها ؛ لأنها حية ما دامت الحياة.
كما يتطرق "بهي الدين" إلى رواة القصص التقليدي وأصناف القصص الشعبي ورواته ، حيث يقدم تعريفًا مفصلا لكل منهما فعلي سبيل المثال يصنف رواة القصص الشعبي ما بين رواة القصص التقليدي الهواة ، ورواة القصص التقليدي المحترفون، والأنماط المتعددة لكل نوع أدبي والسياقات التي يروي فيها.
كما يقدم تعريفًا لرواة القصص الموهوبين والتي يقصد بهم رواة القصص التقليدي أنهم حملة المأثور الشفاهي بعامة والقصص بصفة خاصة وهو الذي ورثوا معرفته بالتواتر الشفاهي من الجماعة الشعبية التي ينتمون إليها ، وأنه ينظر لهذا النوع من الرواة بأنهم حكائون ومنهم رواة الأمثال والقصص العائلي التاريخ الشفاهي، ورواة السيرة الشعبية الهواة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أحمد بهي الدين معهد الشارقة للتراث بهی الدین
إقرأ أيضاً:
العراق ومصير الحشد الشعبي!
بداية لا نريد الخوض في جدليّة مشروعيّة أو عدم مشروعيّة "الحشد الشعبيّ"؛ الذي شُكِّل بموجب فتوى "الجهاد الكفائيّ" التي أصدرها المرجع الشيعيّ علي السيستانيّ منتصف حزيران/ يونيو 2014، بعد سيطرة "داعش" على ثلث الأراضي العراقيّة، وذلك كونها من القضايا الشائكة التي صارت واقعا مفروضا على الأرض! وهكذا، وبمرور الزمن أصبح الحشد قوّة عسكريّة وسياسيّة موازية للكيانات الرسميّة، وربّما تتفوّق عليها في بعض التشكيلات!
وخلال الأشهر الأخيرة ضغطت واشنطن على حكومة محمد شياع السوداني لحلّ الحشد، وهنالك حديث متداول بين العراقيّين بأنّ واشنطن حدّدت شهر تمّوز/ يوليو الحاليّ كموعد أقصى لحلّ الحشد! ولذلك حذّر محمد البياتي، مسؤول "منظّمة بدر" فرع الشمال، من ضغوط دوليّة وأمريكيّة متصاعدة لإنهاء دور الحشد، ومنها محاولة قطع الرواتب!
قطيعة الحشد مع وصايا النجف والصدر تنقل الفصائل من موقع المقاومة إلى موقع المواجهة مع الدولة والمرجعيّة الدينيّة، خصوصا بعد أن كانوا يتغنّون بطاعتها، وعدم الخروج على تعليماتها!
ومن هذا الباب لاحظنا أنّ زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر أوعز، بداية الشهر الحاليّ، وبعد أيّام من لقائه مع السيستاني، لجيشه "سرايا السلام" بالانسحاب من مدينة سامراء (125 كم شمال بغداد)، وضرورة تسليم السلاح للدولة!
ولاحقا قال الصدر يوم 4 تمّوز/ يوليو الحالي عبر منصة "إكس": "لن يُقام الحقّ، ولا يُدفع الباطل إلّا بتسليم السلاح المنفلت إلى يد الدولة، وحلّ المليشيات"!
دعوة الصدر المفاجئة أحدثت ربكة في صفوف المليشيات المختلفة معه سياسيّا ومناطقيّا، ولهذا، وخلال ساعات، انطلقت الردود الرافضة لدعوته، ومنها ردّ المسؤول الأمنيّ لحزب الله العراقيّ، أبو علي العسكري، الذي أكّد دون تسمّية الصدر؛ أنّ "من هوان الدنيا أن يقرّر المخنّثون وأشباه الرجال ما يجب أن يكون عليه سلاح المقاومة"! وهذا الموقف غير المباشر والمعارض للصدر اتّخذته أيضا حركة النجباء بقيادة أكرم الكعبي!
وهذا الهجوم الكبير ضدّ الصدر ستكون له تداعيات ضخمة، وربّما سيردّ عليه الصدريون إما بالقول القاسي أو الفعل الساحق على الطرف الآخر!
والأمر اللافت للنظر أنّ الصدر لم يُسلّم سلاحه للحكومة واكتفى بمجرّد الانسحاب من سامراء! فكيف يطلب من الآخرين تسليم سلاحهم؟
قطيعة الحشد مع وصايا النجف والصدر تنقل الفصائل من موقع المقاومة إلى موقع المواجهة مع الدولة والمرجعيّة الدينيّة، خصوصا بعد أن كانوا يتغنّون بطاعتها، وعدم الخروج على تعليماتها!
والأغرب في موضوع فتوى الحشد؛ الكلام الذي ذكره السياسيّ فتاح الشيخ، المقرّب من الصدر، نهاية الأسبوع الماضي، من أنّ السيستاني نادم على الفتوى لكنه لا يريد أن يفتي بحلّ الحشد لأنّ قادة الحشد سيقولون حينها بأنّهم يقلّدون مرجعا آخر خارج العراق، وهو علي الخامنئي!
إنّ بداية انهيار منظومة الكيانات المسلّحة العراقيّة بدأت تبرز تدريجيا، وقد تشهد الأيّام المقبلة المزيد من التناحر بين قياداتها المؤيدة والرافضة لتسليم السلاح بيد الحكومة!
ولهذا وجدنا النائب السابق حسن فدعم قد حذّر قبل أسبوع من سيطرة "الفصائل على العراق على طريقة اليمن"!
وتأكيدا للعمل ضدّ النظام العامّ، وفي محاولة لخلط الأوراق، هاجمت بعض الفصائل، نهاية الأسبوع الماضي، مصفى بيجي في كركوك ومطارها بأكثر من عشر طائرات مسيّرة، واستهدفت مطار أربيل وأهدافا أخرى في السليمانية ودهوك عبر هجمات قالت عنها حكومة بغداد بأنّها من "جماعات مجهولة"!
فكيف يمكن تصوّر أنّ الحكومة لا تدري مَن المهاجم، ولا تملك أيّ قدرات عسكريّة لمعرفة أماكن انطلاق الطائرات المسيّرة؟!
وهنالك تصريحات لمقرّبين من المطبخ السياسيّ تؤكّد بأنّ بعض السياسيّين تلقّوا رسائل غامضة من أرقام دوليّة على هواتفهم الشخصيّة تُحذّرهم من مغبّة استهداف قوّات التحالف في العراق، وبخلاف ذلك سيكون الردّ حاسما!
التجارب أثبتت لقادة الفصائل أنّ شهوة المال والحكم خرافيّة، وأنّ الكعكة كبيرة ومليئة بالخيرات الوفيرة، وبالتالي فإنّهم غير مستعدّين للتخلّي عن هذه المكاسب والثروات الهائلة، وعليه قد تدفع بالفقراء من المقاتلين للمواجهة، وذلك للحفاظ على إمبراطوريّاتهم المخيفة
واقعيّا، هذه المناحرات السياسيّة دفعت العديد من أعضاء الحشد للتسرّب، لأنّهم على يقين بأنّ الأمور سائرة نحو المجهول، وهم في ذات الوقت متمسّكون برواتبهم، مما جعل الحكومة وقادة الحشد أمام أزمات ماليّة وسياسيّة، ربّما، ستنفجر في أيّ لحظة!
ولهذا فإنّ أزمة توقّف رواتب أكثر من 300 ألف عنصر حقيقيّ في الحشد، وأكثر من ربع مليون منتسب وهمّيّ، ورفض المصارف الحكوميّة والأهليّة التكفّل بمهمّة صرف الرواتب لتخوّفها من عقوبات وزارة الخزانة الأمريكيّة، قد تكون الشرارة التي تشعل "العلاقات الهادئة" حاليّا بين الفصائل والحكومة!
التجارب أثبتت لقادة الفصائل أنّ شهوة المال والحكم خرافيّة، وأنّ الكعكة كبيرة ومليئة بالخيرات الوفيرة، وبالتالي فإنّهم غير مستعدّين للتخلّي عن هذه المكاسب والثروات الهائلة، وعليه قد تدفع بالفقراء من المقاتلين للمواجهة، وذلك للحفاظ على إمبراطوريّاتهم المخيفة التي بُنيت على حساب ملايين الفقراء، وربّما سنكون أمام مواجهات بين تلك الجماعات مع القوات الحكومية من جهة، ومع بعضها البعض من جهة أخرى!
فهل الفصائل ستستهدف قواعد التحالف في العراق وإقليم كردستان، أو ستتراجع وتستسلم في الوقت الضائع؟ وفي المقابل، هل قوّات التحالف ستوجّه ضربة قاصمة لقادة الفصائل؟
يبدو أنّ مرحلة توظيف فتوى الجهاد قد انتهت وصار اللعب على المكشوف، ورفض فتوى حلّ الحشد هو السائد لدى غالبيّة الفصائل! وهكذا صرنا أمام فصائل انقلبت على "المرجعيّة" والقانون، فكيف ستتعامل المرجعيّة والحكومة مع هذا الموقف الأصعب في تاريخ العمليّة السياسيّة منذ العام 2004؟!
x.com/dr_jasemj67