مذكرة من الكُتّاب والأدباء والنشطاء السودانيين إلى الأمين العام للأمم المتحدة تطالب بوقف الحرب في السودان وحماية المدنيين
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
نحن، الكُتّاب والأدباء والنشطاء من قانونيين ودبلوماسيين سودانيين الموقّعين أدناه، نرفع إليكم هذه المذكرة العاجلة، متألمين لما يمر به وطننا، السودان، من صراع دموي خلّف آلاف الضحايا وشرّد الملايين من الأبرياء. إن هذه الحرب الدائرة اليوم لا تهدّد حياة المواطنين فحسب، بل تمثّل أيضاً خطراً حقيقياً على الإرث الثقافي والحضاري لبلادنا، وتقوّض أُسس
مذكرة من الكُتّاب والأدباء والنشطاء السودانيين
إلى سعادة السيد / أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة
إلى سعادة السيد / محمود علي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي
إلى سعادة السيد / أحمد المسلماني، رئيس اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية
نسخ إلى:
• نادي القلم العالمي (International PEN) – لندن، المملكة المتحدة
• نادي القلم إنجلترا (PEN England)
• نادي القلم كندا – تورنتو
• نادي القلم (PEN) – الولايات المتحدة الأمريكية
• الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب – القاهرة، جمهورية مصر العربية
التاريخ: 14/02/2025
الموضوع: نداء عاجل لوقف الحرب في السودان وحماية المدنيين
نحن، الكُتّاب والأدباء والنشطاء من قانونيين ودبلوماسيين سودانيين الموقّعين أدناه، نرفع إليكم هذه المذكرة العاجلة، متألمين لما يمر به وطننا، السودان، من صراع دموي خلّف آلاف الضحايا وشرّد الملايين من الأبرياء.
وانطلاقاً من مسؤوليتنا الأخلاقية والثقافية، فإننا نطالبكم بالآتي:
1. الضغط الفوري على جميع الأطراف المتحاربة في السودان لوقف إطلاق النار، والامتثال للمواثيق الدولية التي تحظر استهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية.
2. ضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى جميع المتضررين في المناطق غير الآمنة، دون أي عراقيل، وتحت إشراف منظمات مستقلة.
3. حماية المراكز الثقافية والتراثية السودانية من التدمير، نظراً لأهميتها في حفظ الهوية الوطنية والتاريخية.
4. محاسبة الجهات المسؤولة عن الانتهاكات ضد المدنيين، والعمل على تقديم مرتكبي جرائم الحرب إلى العدالة الدولية.
5. تعزيز دور المثقفين والأدباء والإعلاميين في نشر ثقافة السلام والتسامح، ودعم الجهود الرامية إلى إنهاء النزاع عبر الحوار.
إننا نؤمن بأن للمجتمع الدولي دوراً حاسماً في وقف هذه الكارثة الإنسانية، ونناشدكم التحرك العاجل لإنقاذ أرواح الأبرياء، وحماية ما تبقى من السودان، ثقافياً وإنسانياً. آملين أن يكون لصوتنا، كأدباء وكُتّاب، صدى في أروقة العدالة والسلام.
عاشت الإنسانية، وعاش السودان حراً آمناً.
From: Writers, authors, creative individuals, lawyers, diplomats, and university professors in Sudan
To:
- His Excellency Mr. Antonio Guterres, Secretary-General of the United Nations
- His Excellency Mr. Mahmoud Ali, Chairperson of the African Union Commission
- His Excellency Mr. Ahmed Al-Muslimmani, President of the Asian, African, and South American Writers Union
Copy to:
- PEN International - London, United Kingdom
- PEN England
- PEN Canada - Toronto
- PEN Club - United States of America
- Her Excellency Ms. Audrey Azoulay, Director-General of UNESCO at the United Nations
- Secretary-General of Arab Writers and Authors - Cairo, Arab Republic of Egypt
Subject: Urgent Memorandum on the Crisis in Sudan
We, the undersigned Sudanese writers, authors, journalists, creators, lawyers, diplomats, and university professors, submit this urgent memorandum with heavy hearts and awakened consciences. Our beloved Sudan is engulfed in a devastating conflict that has claimed thousands of lives and displaced millions of innocent civilians. This war not only endangers the lives of our people but also poses a grave threat to Sudan’s cultural and civilizational heritage, undermining the foundations of peaceful coexistence and regional stability.
Guided by our moral and cultural responsibilities, we urgently call for the following actions:
1. Immediate Ceasefire: Exert immediate and effective pressure on all warring parties to halt hostilities and adhere to international conventions that prohibit the targeting of civilians and critical infrastructure.
2. Unhindered Humanitarian Aid: Ensure the safe and unimpeded delivery of humanitarian and relief aid to all affected areas, particularly those deemed unsafe, under the supervision of independent and neutral organizations.
3. Protection of Cultural Heritage: Safeguard Sudan’s cultural and heritage centers from destruction, recognizing their vital role in preserving the nation’s historical and national identity.
4. Accountability for Violations: Hold accountable those responsible for atrocities against civilians and ensure that perpetrators of war crimes are brought to justice through international legal mechanisms.
5. Empowerment of Intellectuals and Media: Protect and strengthen the role of intellectuals, writers, journalists, and media professionals in promoting a culture of peace and tolerance. Support their efforts to resolve the conflict through dialogue and constructive engagement.
We firmly believe that the international community has a pivotal role to play in halting this humanitarian catastrophe. We urge you to take immediate and decisive action to save innocent lives and preserve what remains of Sudan’s cultural and human dignity.
May our collective voice resonate in the halls of regional and international justice, and may it inspire meaningful steps toward peace and reconciliation.
Long live humanity. Long live a free, united, and secure Sudan.
Signatories:
الموقعون
1 أماني عبد الله محمد - صحفية
2 احلام اسماعيل حسن - كاتبة
3 الأمين محمد عثمان - تشكيلي
4 التيجاني حاج موسى - شاعر
5 الحاج وراق - صحفي وكاتب
6 السر عثمان الطيب - شاعر
7 الشفيع ابراهيم الضو - كاتب وسينمائي
8 الصادق علي حسن - محامي - المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق
9 الطيب العباسي - محامي - الامين العام للجنة تسيير نقابة المحامين
10 الطيب المهدي - مخرج سينمائي
11 الفاضل الهاشمي - كاتب
12 دكتور المحبوب عبد السلام - صحفي وكاتب
13 المعز حضره - محامي
14 دكتور المعز عمر بخيت - شاعر
15 المكاشفي محمد بخيت - شاعر
16 الياس فتح الرحمن - شاعر وكاتب ووراقي
17 إبراهيم البخيبت - صحفي وكاتب
18 إبراهيم شداد - مخرج سينمائي
19 إبراهيم طه ايوب - وزير خارجية اسبق
20 إلهام عبد الخالق - كاتبة
21 إيمان عثمان - رئيسة تحرير صحيفة الميدان
22 إيهاب خيري - كاتب ومترجم
23 أبو بكر سيد أحمد - مطرب وموسيقي
24 أحمد المرضي - تشكيلي
25 أحمد سيد أحمد- تشكيلي
26 أحمد عمر - تشكيلي
27 أحمد محمد ادريس - مدون وضابط سابق بالقوات المسلحة وناشط حقوقي
28 أروى الربيع - ناقدة موسيقية.
29 أزهري الحاج شرشاب - شاعر
30 أزهري محمد علي - شاعر
31 دكتور أسامة النور عبد السيد - صحفي
32 دكتورة أستيلا قايتانو - روائية وكاتبة
33 دكتورة أسماء التوم - صحفية
34 أسماء زين العابدين - صحفية وإعلامية
35 أشرف ابو عكر - محامي
36 أمنه حيدر - مطربة
37 أنس وردي - كاتب موسيقي
38 آمال الشيخ - محامية
39 آمال النور - مطربة وموسيقية
40 آمنة خليل الكارب - ناشطة قانونية مستقلة
41 بابكر فيصل بابكر - كاتب صحفي
42 بثينة تروس - كاتبة صحفية
43 دكتورة بخيتة امين - صحفية وكاتبة
44 دكتور بشرى الفاضل كاتب صحفي وشاعر
45 بشرى سليمان - شاعر
46 بكري جبريل - محامي نائب الأمين العام لنقابة المحامين
47 تماضر حبيب الله - درامية
48 ج. ن. سلام - مصمم قرافيك
49 جعفر عباس (ابو الجعافر) - كاتب صحفي
50 جعفر محمد نصر - مسرحي وباحث فلكلوري
51 جمال عبد الرحيم عربي - كاتب
52 جمال محمد ابراهيم - كاتب وسفير سابق
53 حاتم محمد علي - مخرج درامي
54 دكتور حسن الجزولي - صحفي وكاتب وقاص
55 حسن مبارك - موسيقي
56 حسن موسى - تشكيلي
57 دكتور حمزة سليمان - موسيقي
58 دكتور حيدر ابراهيم علي - كاتب وأكاديمي
59 حيدر المكاشفي - كاتب صحفي
60 دكتور خالد المبارك - أكاديمي وكاتب
61 خالد فتحي - صحفي
62 خنساء محمد علي - محامية
63 خيري الخير عكود - مسرحي
64 راشد عباش - تشكيلي
65 رانيا محمد ادم - محامية
66 رباح الصادق المهدي - كاتبة ومحررة
67 ربيعة حسن هارون - شاعرة
68 رحاب عبد الرحيم الكرار - ممثلة درامية
69 رشيد سعيد يعقوب - صحفي - وكيل سابق لوزارة الإعلام
70 دكتور زهير السراج - كاتب صحفي وأكاديمي
71 زهير عبد الكريم - مخرج
72 سارة سليمان - مخرجة ومنتجة افلام
73 سامي المك - تشكيلي وموسيقي
74 سامية بت العرب - درامية
75 بروف سعد يوسف - مسرحي عميد كلية الموسيقى والمسرح سابقا
76 سلمى بابكر الريح - أمينة مكتبات وباحثة
77 سلوى سعيد - محامية
78 سليمان محمد ابراهيم - مخرج سينمائي
79 سماح طه - صحفية
80 سناء أبو القاسم أبو قصيصة - وراقية
81 سهير عبد العزيز - صحفية
82 سيد احمد بلال - شاعر
83 سيد احمد عراقي - قاص وروائي
84 سيد احمد مضوي - تشكيلي
85 شاكر محمد عبد الرحيم - جيتاريست وموسيقي
86 شوقي عبد العظيم - صحفي وكاتب
87 شوقي عز الدين - درامي
88 صباح محمد ادم - صحفية وكاتبة
89 دكتور صديق الزيلعي - أكاديمي وصحفي وكاتب
90 دكتور صديق امبده - استاذ جامعي وكاتب
91 صديق محيسي - صحفي وكاتب
92 صديق يوسف - ناشط حقوقي
93 صلاح الامين - خبير في العمل الانساني وكاتب
94 صلاح الزين - كاتب وقاص
95 صلاح براون - موسيقي وقائد فرق الموسيقى الحديثة للجاز
96 صلاح حسن عبد الله - تشكيلي
97 صلاح شعيب - صحفي
98 صلاح يوسف - كاتب وشاعر
99 طارق الامين - درامي - مؤسس فرقة الهيلاهوب الفنية
100 طارق كبلو - اعلامي ومقدم برامج قضائية
101 طاهر المعتصم - صحفي وكاتب
102 طلال دفع الله - شاعر وكاتب
103 طه الخليفة - كاتب
104 طه النعمان - صحفي وكاتب
105 عادل القصاص - كاتب وقاص
106 دكتور عادل حربي - مخرج مسرحي
107 عادل عثمان جبريل - كاتب
108 عادل محجوب محمد صالح - صحفي
109 عاطف إسماعيل - كاتب ومترجم
110 عاطف عبد الله - روائي وقاص.
111 عالم عباس محمد نور- شاعر ورئيس أتحاد الكتاب السودانيين السابق
112 دكتور عبد الباسط ميرغني - استاذ جامعي وكاتب
113 عبد الرحمن عابدين - محامي
114 عبد الرحمن نور الدين - تشكيلي
115 دكتور عبد السلام سيد أحمد - كاتب ومدافع عن حقوق الإنسان
116 دكتور عبد السلام نور الدين - استاذ جامعي وكاتب
117 عبد الغني كرم الله - كاتب
118 عبد اللطيف عبد الغني - مطرب وموسيقي
119 عبد الله علي الفكي - تشكيلي
120 عبد الله محمد عبد الله - موسيقي وشاعر
121 عبد المنعم ابو ادريس علي - صحفي ونقيب الصحفيين السودانيين
122 عبد المنعم الخضر - تشكيلي
123 عبد المنعم الكتيابي - صحفي وكاتب. والأمين العام السابق لاتحاد الكتاب السودانيين
124 عبد الوهاب الصاوي - ديبلوماسي وسفير سابق
125 عبد الوهاب هلاوي - شاعر
126 عثمان جعفر النصيري - محام ومسرحي
127 عثمان فارس- روائي وكاتب
128 عثمان يوسف - محامي
129 عصام عبد الحفيظ - تشكيلي
130 عصام محمد أحمد - تشكيلي
131 عفيف اسماعيل - شاعر ومؤلف مسرحي
132 علي زهير - وراقي
133 علي محمد عثمان قيلوب - محامي
134 علي محمد عجيب - محامي
135 عمر الفاروق حسن شمينا - محامي
136 عمر سيد احمد - محامي
137 عمر كمال - تشكيلي
138 عمر كمال خليل - محامي واستشاري تدريب حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية
139 عوض عثمان جبريل - كاتب
140 فائز السليك - صحفي وكاتب
141 دكتور فتحي خليل - أستاذ جامعي
142 فضيلي جماع - شاعر وكاتب
143 فيصل الباقر - صحفي وكاتب وناشط حقوقي
144 فيصل محمد صالح - صحفي وكاتب ووزير سابق
145 قاسم ابو زيد - شاعر ودرامي
146 بروف قاسم بدري - أكاديمي وتربوي
147 دكتور كمال الشريف - كاتب
148 كمال كرار - صحفي وكاتب
149 كمالا اسحق - أستاذة فنون قسم تلوين بالمعاش
150 ماجد سعيد يعقوب - إعلامي
151 مامون الباقر - مسرحي
152 دكتور مجدي اسحق - أكاديمي وكاتب
153 محجوب كبلو - شاعر وناقد
154 محمد ادم بركة - صحفي
155 بروف محمد المهدي بشرى - كاتب وأكاديمي
156 محمد تاج السر - شاعر
157 محمد تروس - درامي
158 محمد سوركتي - موسيقي
159 محمد عبد الرحمن ابو سبيل - تشكيلي
160 محمد كوبر - مسرحي وشاعر
161 محمد لطيف- صحفي وكاتب
162 محمد محمد نور - صحفي
163 محمد محمود - أستاذ جامعي
164 محمد نجيب محمد علي - شاعر
165 محمد نعيم سعد - مخرج وممثل درامي
166 مدثر محمد احمد - صحفي
167 دكتور مرتضى الغالي - صحفي وكاتب
168 مصطفى ادم - مترجم
169 دكتور مصطفى مدثر - أكاديمي وقاص وكاتب
170 معالي أبو شريف - صحفي
171 معتز بدوي - تشكيلي
172 معتصم الحارث الضوي - اعلامي وقاص
173 معمر مكي - تشكيلي
174 منال فتح الرحمن - صحفية
175 منصور الصويم - روائي وناقد أدبي
176 منى عبد الرحيم - درامية وكاتبة صحفية
177 مها احمد عثمان شربيني - صحفية
178 بروف مهدي امين التوم- كاتب
179 نادر السماني - كاتب والأمين العام لاتحاد الكتاب السودانيين
180 نادر محجوب - صحفي
181 ناصر المك - مخرج سينمائي
182 ناصر عز الدين ابراهيم ( ناصر الليندي) - مدون
183 نجاة محمد علي - كاتبة ومحررة.
184 ندى ابو سن - صحفية
185 دكتور نصر الدين يوسف دفع الله - محامي
186 دكتورة نعمات رجب - أكاديمية وكاتبة
187 نفيسة الفاتح سعيد - صحفية وكاتبة
188 نوال عليش - محررة ووراقية
189 نور الدين مدني - صحفي وكاتب
190 هادية حسب الله - استاذة جامعية
191 هانم ادم - صحفية
192 دكتور هشام عمر النور - كاتب وأستاذ جامعي
193 هناء خيري - صحفية
194 هناء عبد الرحمن سليمان - مدير تنفيذي لجماعة الفيلم السوداني
195 هيثم محمد دفع الله - صحفي
196 وائل على سعيد - محامي ومقرر لجنة الدعم القانوني
197 وليد عبد الحميد - مطرب وموسيقي
198 ياسر عرمان - كاتب وناشط حقوقي
199 يحيي فضل الله - شاعر ودرامي
200 يوسف الحبوب - شاعر
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مخرج سینمائی الأمین العام عبد الرحیم صحفی وکاتب عبد الرحمن کاتب صحفی سید احمد محمد علی عبد الله
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان.. الوسيط الأمين في نزاعات الشرق الأوسط
أ.د. دينغ لونغ **
خلال الفترة من أبريل إلى يونيو من العام الجاري، وتحت رعاية سلطنة عُمان، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية 5 جولات من المفاوضات غير المباشرة حول الملف النووي الإيراني؛ وهي أول محادثات بين الجانبين منذ انسحاب الولايات المتحدة بشكل منفرد من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018.
وفي 6 مايو، أعلنت عُمان أيضًا أنه بناءً على مشاوراتها مع الجانب الأمريكي والسلطات المعنية في صنعاء باليمن، توصلت الولايات المتحدة وجماعة أنصار الله "الحوثيون" إلى اتفاق لوقف إطلاق النار؛ مما أنهى "أكبر عملية عسكرية أمريكية في الخارج خلال ولاية ترامب الثانية" ضد الحوثيين والتي بدأت في 15 مارس. هذان الحدثان الكبيران المتعلقان بأمن الشرق الأوسط والوضع الدولي جذبا الأنظار العالمية نحو عُمان.
الحياد الجيوستراتيجي يمنح "قوة وساطة"
عُمان كانت تاريخيًا محورًا رئيسيًا للتجارة البحرية بين الشرق والغرب، حيث منحها موقعها الجغرافي الفريد إمكانية الوصول والاتصال بجميع الأطراف. كدولة يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة فقط، تدرك عُمان جيدًا أهمية البيئة المحيطة السلمية والمستقرة لبقائها وتنميتها. لذلك، منذ تولي السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في عام 1970، حافظت عُمان على سلامتها وسط المشهد الجيوسياسي المعقد المحيط بها والمليء بالدول الكبرى والاضطرابات المستمرة، واتبعت بحذر سياسة الحياد، ونفذت دبلوماسية متوازنة بين القوى الإقليمية.
وتقع عُمان بين العملاقين الإقليميين التاريخيين، السعودية وإيران، اللذين تربطهما علاقات متوترة تاريخيًا؛ مما يجعلها غير قادرة على الانحياز لأي طرف، مع تجنب الوقوع ضحية لصراعاتهما؛ مما يفرض عليها الحفاظ على الحياد بين القوى الإقليمية. لم تشارك عُمان في العمليات العسكرية التي تخوضها دول الخليج في اليمن منذ عام 2015 ضمن "قوات التحالف"، وحافظت على مسافة مُحايدة من الكتلة الخليجية. لذلك، تنظر إيران إلى عُمان على أنها "جار غير معادٍ". وبعد تعثر العمليات العسكرية للتحالف العربي في اليمن، بدأت السعودية تفهم موقف عُمان، وأصبحت مستعدة للسماح لها بالعمل كوسيط بينها وبين الحوثيين. وخلال الصراع اليمني، سمحت عُمان بدخول المساعدات إلى اليمن عبر ميناء صلالة، واستقبلت جرحى كلا طرفي الصراع لتلقي العلاج في عُمان؛ حيث ساعد ذلك في تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، كما راكم رصيدًا لعُمان في جهود الوساطة اللاحقة؛ مما جعلها "البوابة الوحيدة إلى اليمن".
كما عززت العلاقة المرنة مع الولايات المتحدة وضع عُمان المحايد. ورغم كونها حليفة للولايات المتحدة، حافظت عُمان دائمًا على مسافة منها؛ فعلى سبيل المثال، في عام 2020، قاومت عُمان الضغوط الأمريكية ورفضت التوقيع على "اتفاقيات إبراهيم" لتطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ حيث تدرك عُمان قيمة استقلاليتها وحريتها في اتخاذ القرار، مما أكسبها الحياد والمصداقية اللازمين لأداء دور الوسيط.
كيف تنجح الوساطة؟
اتَّبعت عُمان دائمًا أسلوبًا دبلوماسيًا هادئًا وعمليًا وغير صاخب، وهذا هو سر نجاح جهود وساطتها؛ ففي عمليات الوساطة، غالبًا ما تؤدي عُمان دورًا "خلف الستار" من خلال نقل المعلومات والحفاظ على قنوات الاتصال واستضافة لقاءات سرية. وعلى سبيل المثال، بين عامي 2011 و2013، سهلت عُمان سرًا الاتصالات الأولية بين دبلوماسيين أمريكيين وإيرانيين في عاصمتها مسقط، وأدت إلى التوصل لاتفاق نووي مؤقت؛ مما مهد الطريق لاتفاق 2015 النووي الإيراني. وفي عام 2020، بعد اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وصلت الولايات المتحدة وإيران إلى حافة المواجهة العسكرية، وفي اللحظة الحاسمة، قامت عُمان بتفعيل آليات الاتصال السرية؛ مما منع تصعيد الوضع.
ومنذ أبريل هذا العام، استغلت عُمان مرة أخرى التوقيت الملائم للوساطة بنشاط بين الولايات المتحدة وإيران، وبين الولايات المتحدة والحوثيين. ولاحظت عُمان أن إدارة ترامب وقعت في موقف حرج مع استمرار الضربات العسكرية ضد الحوثيين. فحاملة الطائرات "ترومان" اضطرت للانسحاب أمام هجمات الحوثيين، وكان الجيش الأمريكي يستهلك ذخائر بقيمة 750 مليون دولار يوميًا. في الوقت نفسه، علمت عُمان بأن الحوثيين يخشون قيام الولايات المتحدة بعملية اغتيال ضدهم "عملية قطع الرأس". لذلك، نقلت عُمان إلى الجانب الأمريكي تقييمًا لقدرات الحوثيين القتالية المستمرة؛ مما دفع الولايات المتحدة لاتخاذ قرار وقف إطلاق النار.
كما استغلت عُمان التوقيت الملائم مع رغبة قوية من الجانبين الأمريكي والإيراني في تجديد المحادثات؛ فبالنسبة للولايات المتحدة، ينتهي اتفاق 2015 النووي الإيراني في أكتوبر هذا العام، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد بحلول ذلك الوقت، ستفقد الولايات المتحدة الأساس القانوني لمواصلة تقييد برنامج إيران النووي. ووفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران الآن أكثر من 100 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نظريًا تمتلك القدرة على تصنيع عدة رؤوس نووية، وتزداد مخاوف الولايات المتحدة من تجاوز إيران عتبة التسلح النووي يومًا بعد يوم.
بالنسبة لإيران، تحت ضغوط الولايات المتحدة "الحد الأقصى"، شهدت العملة الإيرانية انخفاضًا حادًا، وتعرقلت صادرات النفط بشدة بسبب "الولاية القضائية طويلة المدى" الأمريكية، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل كبير، مما يتطلب من الحكومة الإيرانية إيجاد مخرج. إضافة إلى ذلك، فإن مسقط تبعد ساعتين طيران فقط عن العاصمة الإيرانية طهران، مقارنة بمدن أوروبية مثل فيينا وجنيف؛ مما يوفر بيئة أكثر ملاءمة لتجنب التدخلات الدبلوماسية والمراقبة الاستخباراتية والتغطية الإعلامية. لذلك، بناءً على اقتراح عُمان، استؤنفت المفاوضات بين الجانبين بعد انقطاع دام سنوات.
وتمتلك عُمان أيضًا "مهارات وساطة" فريدة. وأثناء المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، رتّبت عُمان "لقاءات صدفة" بين ممثلي الجانبين في مكان الإقامة؛ مما أدى إلى لقاء وتحدث قصير بين المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اللذين كانا يقيمان في غرف منفصلة. وصرّح ماكغورك أن الجانب الأمريكي يرغب في التوصل لاتفاق ومُستعد لمساعدة إيران في جذب استثمارات غربية وحتى أمريكية؛ بينما دعا عراقجي الجانب الأمريكي لرفع العقوبات عن إيران، ودعا ماكغورك لزيارة إيران. وفي وساطتها لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين؛ فاحترمت عُمان الدور المهم للقبائل في المجتمع اليمني، وطبّقت نظام ضمان مشايخ القبائل، حيث شهد شيخ أكبر قبيلة يمنية، قبيلة حاشد، عبر اتصال فيديو، على التزام الحوثيين بوقف إطلاق النار.
الدول الإقليمية والقوى الخارجية لا تزال بحاجة للعمل معًا
عُمان ترفض بوضوح الفكر المتطرف، وتدعو إلى "الابتعاد عن الفتنة" وحل الخلافات بالطرق السلمية؛ حيث سمحت صفات الحياد والاعتدال لعُمان بأن لا تُنظر كتهديد لأي طرف، مع الحفاظ على حوار مع إيران؛ إذ إن سياستها الخارجية العملية التي تتجاوز الخلافات المذهبية جعلتها جسر تواصل نادر في منطقة الخليج.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت منطقة الشرق الأوسط "موجة وساطات"؛ حيث تنافست دول مثل عُمان وقطر والسعودية في الوساطة لحل النزاعات الإقليمية والدولية، مُستخدِمة ذلك كوسيلة مهمة لتعزيز قوتها الناعمة ومكانتها الدولية. ويُثبت نجاح عُمان أنه في الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، أنه يمكن للدول المُحايدة أيضًا أن تؤدي دورًا لا غنى عنه من خلال تحديد موقعها بدقة. وتكمن خبرتها الأساسية في تحويل النقص الجيوستراتيجي إلى ميزة حيادية، وكسر الجمود السياسي بالحكمة الدبلوماسية، وتجاوز الحواجز الأيديولوجية بالرنين الثقافي.
ومع ذلك، لا تزال قدرات الوساطة العُمانية تواجه قيودًا، وغالبًا ما تجد صعوبة في تحقيق حلول دائمة وجذرية للصراعات والتناقضات. وفي ظل استمرار النزاعات في الشرق الأوسط اليوم، لتحقيق تهدئة شاملة ودائمة للأوضاع الإقليمية، يبدو أن الأمر لا يزال يتطلب جهودًا مشتركة من الدول الإقليمية والقوى الخارجية لدفع حل المشكلات معًا.
** أستاذ بمعهد الدراسات شرق الأوسطية في جامعة شنجهاي للدراسات الدولية، الصين