معرفة المزاج من خلال الدجاجمزاج العراقي بين عهدين
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
بقلم : هادي جلو مرعي ..
كان المطر يتساقط بغزارة، وكانت شوارع بغداد تتحول الى بحيرات كما هي في أوقات تتكرر كلما كانت كميات الأمطار التي تهطل كبيرة، وكان الناس حريصين على الوصول الى الأسواق المركزية، وهم يصارعون أحد أسوأ الحصارات القذرة التي فرضتها الإدارة الأمريكية على العراق بعد غزو الكويت عام 1991. وكانت الأسواق المركزية تنتشر على جانبي الكرخ والرصافة، وهي مهملة في يومنا هذا بعد إنتشار المولات التجارية، وثقافة الهايبر ماركت، والسوبر ماركت الذي لايخلو حي بغدادي منه، وكان من أبرز تلك الأسواق المدعومة حكوميا، وكان يضرب بها المثل مطلع الثمانينيات ( سوق الثلاثاء ) الذي كان هدفي الأخير بغية الحصول على دجاجتين كانتا تمثلان مفاجأة لكثير من العراقيين، وشاع حينها إنها شحنة من الدجاج المجمد أهديت من الزعيم الليبي معمر القذافي الذي كان على خلاف حاد مع صدام حسين حتى إن مجلة ألف باء الشهيرة وضعت له صورة على غلافها أثناء الحرب مع إيران، ووصمته بتسمية ( القردافي) ووضعت على إحدى عينيه لصقة سوداء على طريقة موشي دايان وزير دفاع إسرائيل.وصلت مبكرا الى السوق الشهير على حافة طريق القناة السريع، وكان المطر يهطل بغزارة، ووجدت طابورا من المنتظرين يتسلم كل واحد منهم حصته من الدجاج بمعدل دجاجتين لكل بطاقة تموينية, وكنت سعيدا بحصولي على الدجاجتين اللتين لم أكن أعرف مصدرهما، وإن كانتا ذبحتا على الطريقة الإسلامية، أم على طريقة الجوع الكافر!! وما أن أمسكت بهما ووضعتهما بفرح في كيس نايلون خرجت مسرعا دون خشية من بلل ولابرد، وصرت أبحث عن سيارة أجرة أعود بها الى منطقة المشتل لإستقل سيارة أخرى تقلني الى الضواحي البعيدة شرق العاصمة العتيدة. منذ أيام، وكنت أجول في أحد المولات في بغداد، وقد ساقتني قدماي حيث ثلاجات تحتوي ماركات عدة من الدجاج، وعلى طريقة هرمنا بإنتظار الدجاجة وذكريات الأيام الخوالي كانت يداي تمتدان نحو أي دجاجة، فالدجاج جميعه مفضل لدي، لكن يبدو إن السيدة على الهاتف التي كانت تملي على زوجها المسكين نوعية ماترغب به من دجاج، وعرفت إنها لم تكن عاشت تجربة الحصار التسعيني كما ينبغي، وكان الزوج شغل مكبر الصوت في الهاتف ليسمعها جيدا، وكان يتلو عليها تسمية كل نوع من الدجاج..
قال: هذه دجاجة نوعية الملكة، فقالت: لا ماتعجبني مو خوش، قال: هذه دجاجة الديوانية الوطني، قالت: لالالا. قال: طيب هذه دجاجة إيرانية. قالت: لاعيني النوب إيراني. قال: يمعودة فضيني، مارأيك بدجاج ساديا البرازيلي؟ قالت: لاحياتي خل تولي! قال: زين لكيتها شنو رأيك هاي دجاجة تركية؟ فقالت: لا حبي ماأحب التركي لينة كولش! قال: طيب هذه دجاجة نوعية الريان، قالت: لا.. ثم ذكر ثلاثة أنواع من الدجاج رفضتها جميعا، وإستأذنها لشراء دجاج مذبوح وطازج مع الجناحين والرقبة والكراعين والحواصل والأكباد. فقالت بسرعة : عوع ماأحبه أريد مجمد، لكن المجمد كله لم يعجبها، فأسرع بمناداة أحد العاملين، وطلب منه المساعدة بإختيار دجاجة مافيها زفر، وكان الشاب لديه قدرة في الإقناع، ومد يده الكريمة الى دجاجة كان حجمها صغيرا، وقال له : هذه هي الدجاجة التي ستعجب زوجتك المصونة الحنونة. أسرع الرجل بوضعها في السلة..
الجوع يدفع الإنسان لتناول الطعام مهما كان بسيطا، والترف يدفعه ليأنف من كل طعام، وبينما يعاني ملايين البشر في العالم من الجوع، نجد فئات إجتماعية لايعجبها العجب، وكأن قصتها ليست مع الحاجة، ولا الرغبة في دجاجة، بل مع المزاج الذي يقبل، أو يرفض، وربما كان المزاج محكوما بالسياسة، ولو قدمت له الدجاج بطبق من ذهب لرفضه لأنه لايريدك، ويرفضك تماما.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات هذه دجاجة من الدجاج
إقرأ أيضاً:
أصوات صاعدة من قلب يمن الإيمان والحكمة
الملتحقات بالمدارس الصيفية لصحيفة “الثورة” وموقعها الالكتروني: نجد في المدارس الصيفية مساحات تنمي مواهبنا.. وأخرى للتعبير عن آرائنا تعلمنا في هذا الصرح معنى أن نكون مجاهدات ونجسد شعار “علم وجهاد” في حياتنا
الفتيات في المدارس الصيفية لسن مجرد فتيات صغيرات يقضين الإجازة الصيفية في فصول تقليدية، بل جيل يتشكل على عين وعي، تُصاغ منه ملامح مستقبل تُدركه البصيرة قبل العيون.. فمن قاعات المدارس الصيفية، خرجت كلمات الطالبات تحمل معها رسائل صريحة للعالم: “نحن الجيل الذي لا يُخدع، ولا يُكسر، ولا يُحاصَر”.
الثورة / مها موسى
من الغفلة إلى البصيرة
“غدير هضبان” تحدثت عن أثر المدارس الصيفية في تصحيح المفاهيم المغلوطة، بدءاً من الاستهانة بصلاة الفجر وصولاً إلى الأخطاء في تلاوة القرآن الكريم، قائلةً: “تعلمنا القاعدة اليمانية وأهمية الاستماع لخُطب السيد القائد، وصرنا نُدرك أن الرد على الحملات الناعمة التي تستهدفنا لا يكون إلا بالوعي والقرآن”.
الشعر سلاح.. والصرخة موقف
“بتول عدلان” تحدثت عن التحول الذي أحدثته المدارس الصيفية في شخصيتها، من طالبة عادية إلى إعلامية واعدة تكتب الشعر وتلقي الخطابة.
وعن الصرخة تقول عدلان: “الصرخة بالنسبة لنا ليست شعاراً، بل موقف وراية، أطلقها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي فارتعد منها الكيان الصهيوني”.
أما “علياء المؤيد” فقالت بلهجة الواثقة بالله: “نحن من أطلق الصرخة فارتعبت لها أمريكا وإسرائيل”.. مضيفة: “يا ترامب، يا من تتباهى بطائراتك وسفنك، نحن اليمنيون نسقطها ندمرها.. وعلى ارضنا نسقط هيبتك وهيبتها”.
الإنفاق عقيدة وممارسة
“أسماء الحوري” و”منال الحمران” تحدثتا عن ثقافة الإنفاق في سبيل الله التي غُرست في نفوسهن، حيث يتم جمع التبرعات اليومية من مصروف الطالبات لدعم القوة الصاروخية والبحرية.. قالت منال: “نحن نُنفق من أجل الله، لا من أجل المظاهر.. الإنفاق يُزكّي النفس ويطهّرها من البخل”.
الرسم.. مقاومة ناطقة
“زهراء المرتضى” استخدمت موهبتها في الرسم لتُعبّر عن وجع الأسرى الفلسطينيين، فرسمت لوحة تصوّر الأسير الشهيد يحيى السنوار وحوله جنود الاحتلال، ثابتًا شامخاً لا ينكسر، كتجسيد لقوة الحق في وجه الباطل.
الصحة وسبيل النجاة
تحدثت الطالبة “انتصار محمود الوشلي” عن أهمية الصحة والنظافة الشخصية والبيئية، مشيرة إلى أن نمط الحياة الصحي يقوم على التغذية السليمة، والنوم الجيد، والنشاط الرياضي.
واستدلت بآيات قرآنية تعكس وعياً ربانياً في التعامل مع الجسد كأمانة، مؤكدة أن الوقاية من الأمراض تبدأ من الفرد وتنتهي بحماية المجتمع بأسره.
من الإبرة إلى المجسمات
“زهراء محمد العجري” استعرضت الأنشطة التي تعلمتها في المدرسة الصيفية من قراءة القرآن إلى الأشغال اليدوية، حيث قمن بصناعة مجسمات لحاملة الطائرات الأمريكية ومجسم الأقصى الشريف، وأشارت إلى أهمية هذه المهارات في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوليد دخل مستقبلي.
الاكتفاء الذاتي.. مهمة يومية
تقول “لمى أسامة المطاع”: “نتعلم هنا مهارات التدبير المنزلي وصنع الحلويات والكيك والترت، وهي ليست مجرد هوايات بل فرص حقيقية لدخل مستقل”.
وعي بحجم الكون
“ملاك الحيمي” عبّرت بصدق عن غضبها من التخاذل العربي والإسلامي تجاه غزة قائلة “نطالب الدول المجاورة بفتح الطرق لفلسطين .. نريد الذهاب لنواسي ونشارك أهل غزة آلامهم، هذه قضيتنا كما هي قضيتهم “.
كما لخصت “ملاك” أهمية الدراسة في المدارس الصيفية حين قالت: “تعلمنا عظمة الله في خلقه، وفهمنا كيف يتم تغييب المسلمين عن جوهر الحج بتركيزهم على الأبراج”.
وأضافت: “عرّفونا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغزواته اكثر وصحّحوا لنا مفاهيم الطهارة والقرآن وغيرها”.
فلسطين في القلب
“بيان نصار السواري” قالت: “تعلمنا أن فلسطين ليست قضية عابرة بل بوابة الحق. كما قال السيد القائد عبد الملك الحوثي يحفظه الله لستم وحدكم يا غزة، فنحن معكم، وكلنا جبهة واحدة في وجه الخذلان والتطبيع والاحتلال”.
إنها ليست مجرد شهادات عابرة لفتيات في عمر الزهور، بل رسائل استراتيجية كتبها جيل لم تُفلح الحرب الناعمة في عزله، جيل يُجيد الحديث باسم الأمة بلغة الوعي، لا لغة الانبهار.. من هنا من هذه الكلمات، تبدأ الهزائم المعنوية لأعداء لا يفهمون أن منابر التغيير بدأت من مدارس صيفية في جبال اليمن.