صحيفة البلاد:
2025-10-15@14:18:00 GMT

أرى طحيناً.. ولا أسمع جعجعة

تاريخ النشر: 5th, March 2025 GMT

أرى طحيناً.. ولا أسمع جعجعة

ربّما رأى البعض أن عنوان مقالي اليوم غريباً إلى حدٍّ ما، غير أنني أجده معبراً بحق عن الحالة الاستثنائية التي أود الحديث عنها، أجل، أرى طحيناً وفيراً فريداً، شهياً لذيذاً مغذياً، طحيناً يطعم الجائعين، ويؤمن الخائفين، ويحقّق السلام، وينشر الخير في كل مكان.
لقد اعتادت معظم الشعوب في العالم العربي، لاسيَّما في تلك البلدان التي يحكمها القومجيون الاستبداديون بالحديد والنار، والكذب والنفاق، والعمالة والارتزاق، اعتادت سماع أولئك الزعماء، أو قل الذين كان ينبغي أن يكونوا زعماء، لا طغاة مستبدون، اعتادت شعوبهم، كما اعتاد الجميع في الوقت نفسه، سماعهم دوماً وهم يرغون ويزبدون، واعدين شعوبهم بالسندس والإستبرق، وحياة مترعة بالسعادة والرفاهية، في ما يتوعدون أعداءهم بالويل والثبور، وتمريغ أنفهم في التراب، وإذلال الدول (العظمى) من أمريكا إلى بريطانيا وروسيا وغيرها، أقول اعتدنا على أولئك الزعماء الطغاة، و هم يوعدون هؤلاء ويتوعدون أولئك، ضاربين الطاولة بكل ما أوتوا من قوة تعبِّر عمَّا يسكن أعماقهم من خوف ورعب، أكثر مما تعبِّر عن شجاعة مصطنعة.


وبالمقابل، تقابل الشعوب المغلوبة على أمرها، تلك الجعجعة الفارغة صباح مساء، بمناسبة وبدون مناسبة، بتصفيق مدوىٍّ؛ ربَّما بعد كل كلمة، أو قل بعد كل كذبة يطلقها في الفضاء هذا (القائد الملهم) أو ذاك، وهكذا يتعالى صوت الجعجعة الذي يصك الآذان، وتمضي السنوات بأولئك الزعماء الافتراضيين وبشعوبهم، سنة بعد أخرى، ثم عقد بعد آخر، ثم فجأة في لحظة فارقة، غير منتظرة: يتهاوى النظام، أو قل إن شئت اللانظام، كجلمود صخرٍ حطَّه السيل من علٍ.
ثم بالدرجة نفسها من المفاجأة التي حدث بها ذلك الانهيار المريع للنظام، تصحو الشعوب على حقيقة ذلك الخواء الذي كانت تعيشه، نتيجة تلك الجعجعة الصاخبة الهادرة المفرغة من كل معنىً، التي جعلتهم يعيشون في عالم ملئ بالأوهام، فتصدمهم الحقيقة اللاذعة: لا صحة، لا تعليم، لا تنمية، لا تطوير، لا طريق يسيرون عليه بأمان، بل حتى لا كسرة خبز تسكت جوع صغارهم، ناهيك عن استعداء العالم كله من حولهم عليهم بسبب جعجعة زعمائهم.
فيغلي الحقد في النفوس، وكلٌّ يرى نفسه أنه كان هو الضحية، في ما كان الآخر سبب تعاسته، فيغلي المجتمع الذي كان غارقاً في الهتافات والشعارات الزائفة لزعمائه العملاء، كعقد انفرط وتبعثرت حباته في كل اتجاه؛ فهذا يلوم ذاك ويتهمه ويغلظ له القول، وهكذا تشتعل حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، تذهب بالبلاد والعباد إلى هاوية سحيقة، تنعدم فيها المروءة والأخلاق فيختلط الحابل بالنابل، وتطفح القنوات الفضائية بسيل من الجرائم تقشعر لها الأبدان، وتضيع معها الأوطان. وأحسب أنني لست في حاجة لكي أسوق لك أيها القارئ الكريم، أمثلة تؤكد صدق ما أقول؛ فبمجرد التفاتة صغيرة منك، ربَّما تقع عينك على أكثر مما ذهبت إليه في حديثي هذا.
أجل، تلك هي نتيجة حتمية لما كنَّا نسمعه من جعجعة صاخبة فارغة عبر عقود في تلك البلدان التي تسلط عليها القومجيون الاستبداديون. ومع هذا للأسف الشديد: ما زالت الرحى تدور، فيتعالى صوت الجعجعة الصاخبة في كثير منها، دون أن نرى أي طحين؛ بل قل مؤكدٌ جداً: لن نرى أي طحين مهما تعالى صوت الرحى وتعاقبت السنون.
أما عندنا هنا، في بلاد الحرمين الشريفين، أرض الرسالات، ورسول الخير للناس أجمعين، لا أقول تكاد لا تسمع جعجعة، بل مؤكدٌ أنك لم تسمعها ولن تسمعها أبداً. فالوقت هنا للعمل والانجاز والإبداع في صمت؛ بل أكثر من ذلك: مقابل صوت الجعجعة الصاخبة هنالك، تسمع هنا صوت الماكينات الهادرة التي حوَّلت مدننا كلها إلى ورش ضخمة للإنتاج والتنمية. بل كل مرة نسمع عن مشروع كبير يتم افتتاحه هنا أو هنالك في سائر ربوع بلادنا دون أن نسمع وعوداً جوفاء أو هتافات كاذبة وشعارات زائفة.
وعندما تأتي أصوات استغاثة من تلك البلدان التي أنهكتها جعجعة (زعمائها)، تنطلق طائراتنا كالريح، محملة بكل ما يلزم لمواساة المنكوبين المغلوبين على أمرهم، وتقديم أكبر قدر من الدعم لهم لتخفيف معاناتهم، دون أن تسمع شيئاً من جعجعة غير أصوات طائراتنا وهي تشق الفضاء.
وثمَّة نماذج تفوق الوصف والحصر، تؤكد أن بلادنا تعمل في صمت مطبق، بل تكره مضيعة الوقت في الحديث، وتوظف كل دقيقة للعمل والانجاز والإبداع. ليس على الصعيد الداخلي فحسب، بل على الصعيدين الإقليمي والعالمي على حدٍّ سواء. فكم فاجأتنا وسائل الإعلام بنجاح بلادنا في التوسط لحل مشكلة بين هذه البلاد وتلك. وكلنا نذكر نجاح وساطة ولي عهدنا القوي بالله الأمين، أخي العزيز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، في فك أسر السجناء بين أمريكا وروسيا من جهة، وبين روسيا وأوكرانيا من جهة أخرى؛ وجهوده الدءوبة لوضع حدٍّ للحرب الروسية – الأوكرانية التي راح ضحيتها مئات آلاف القتلى، فضلاً عن تدمير البنية التحتية؛ إضافة إلى جهوده الحثيثة المشهودة حتى اليوم لإحلال السلام في السودان.
والحقيقة الأمثلة كثيرة على إنجازات بلادنا المدهشة وقادتنا في صمت، وكراهيتهم للخطب الرنانة الجوفاء، ويبقى أصدق مثال على هذا: الاتفاق الذي توصلت إليه قيادتنا الرشيدة مع إيران، وفاجأت به العالم كله، حتى الدول (العظمى)، لم يسمع به أحد إلا بعد أن تم كل شيء على أحسن مما يرام، وسُحِبَ البساط تماماً من أي متطفل؛ الأمر الذي عزَّز ثقة العالم في قيادتنا الرشيدة، وجعل الجميع يشد الرحال صوبها، طلباً للدعم والمساندة والرأي السديد، لصدق قادتها، وإخلاص نيتهم، وصراحتهم وحيادهم، وقول الحقيقة مهما كانت مرة، وتقديم حلول عبقرية عملية مقبولة للأطراف المتنازعة كلها. مما أكسبها ثقة العالم واحترامه، فعوَّل الجميع عليها.
أجل، ليس هذا كلام مرسل، بل شهد به كثيرون في الغرب نفسه، فها هي الإكسبريس الفرنسية تصدِّر غلاف عددها الأخير بصورة بارزة لولي عهدنا القوي بالله الأمين أخي العزيز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، تبرزها أكثر مما تبرز صورة ترامب نفسه، إلى جانب ثلاثة صور أخرى؛ كاتبة عنواناً بالبنط العريض: (محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، الرجل الذي يمتلك مفتاح الشرق الأوسط). وفي هذا دليل واضح على الاعتراف بدوره الكبير، فالذين يعملون في مجال الصحافة والإعلام، يدركون جيداً معنى الصورة الكبيرة والبنط العريض.
والحقيقة تجاوز تأثير ولي عهدنا القوي بالله الأمين المحلية والإقليمية ليبلغ العالمية، كما أكد غابريال صوما، العضو السابق لمجلس ترامب الاستشاري إذ يقول: (للسعودية اليوم نفوذ قوي، ليس في المنطقة العربية فحسب، بل في دول العالم كله. وهي تبذل جهوداً كثيرة كبيرة مقدرة في إيجاد حلول لأزمات العالم).
فلاغرو إذاً إن لم يجد زعيما العالم، ترامب وبوتين، بُدَّاً من شد الرحال إلى عاصمة الخير، عاصمة القرارات الحاسمة المؤثرة، التي مثلما ليس لديها جريمة ضد مجهول، بالمقابل ليس في قاموسها مشكلة إلا ولها حل. طلباً لوضع حدٍّ لتلك المشاكل المستعصية التي جعلت العالم كله اليوم يغلي على صفيح ساخن.
وهكذا سيظل طحيننا إن شاء الله إلى الأبد، يشبع جوع العالم، ويحل فيه السلام، ويوفر الأمن والأمان، دونما ضجة أو جعجعة فارغة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: العالم کله

إقرأ أيضاً:

مدى نجاسة بول القطة وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به

قالت دار الإفتاء المصرية إن القطة الأليفة حيوانٌ طاهر عند عامة الفقهاء، يجوز حيازته واقتناؤه وتملُّكه، وبول القطط وروثها نجسٌ، ويجب غَسْل الموضع الذي أصابه البول من الثوب أو البدن إذا علمه السائل.

حكم الصلاة في مكان به بول القطة:

وأوضحت الإفتاء أنه في حالة تيقُّن وجود النجاسة في قَدَم القطط وانتقالها: فيجوز العمل بمذهب الحنفية، فعندهم إذا كان الشيء المتنجِّس جافًّا، وكانت اليد أو القدم أو الثوب مثلًا هي المبتلة، فإن ظهر فيها شيء من النجاسة أو أثرها تنجَّست، وإلا فلا، وإذا شقَّ على السائل إزالة النجاسة: فيجوز له العمل بمذهب المالكية؛ حيث إنَّ إزالتها سُنَّة عندهم.

وأضافت أن الأولى والأحوط لأمر الصلاة أن يخصِّص النسلم مكان له لا تدخله القطة؛ احترازًا وتجنُّبًا لروثها لا لذاتها.


طهارة القطة الأليفة وحكم اقتنائها وتملكها

والقطة الأليفة، أو الهرة الأهلية "المستأنسة" هي: حيوانٌ طاهر عند عامة الفقهاء، يجوز حيازته واقتناؤه وتملُّكه؛ وممَّا يدلُّ على طهارة القطط: ما رواه أصحاب السنن الأربعة عن كبشة بنت كعب بن مالك رضي الله عنهما، وكانت عند ابن أبي قتادة رضي الله عنه: أنَّ أبا قتادة دخل عليها، قالت: فسكبت له وَضوءًا. قالت: فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، أَوِ الطَّوَّافَاتِ» رواه الترمذي في "السنن"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتابعين ومن بعدهم مثل: الشافعي، وأحمد، وإسحاق: لم يروا بسؤر الهرة بأسًا، وهذا أحسن شيءٍ في هذا الباب.

فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ» صريحٌ في إثبات طهارة القطط أو الهرة.

مدى نجاسة بول القطة وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به

أمَّا بول القطة وروثها: فإنَّ المقرَّر شرعًا عند جمهور العلماء أنَّه نجس يجب التحرُّز منه، وتطهير مكان الصلاة منه؛ قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 220، ط. دار الفكر): [وفي "الخانية": أَنَّ بول الهرة والفأرة وخرأهما نجس في أظهر الروايات، يُفْسِد الماء والثوب] اهـ.

قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (1/ 160، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [والنجاسات: كل ما خرج من مخرجي بني آدم، ومن مخرجي ما لا يؤكل لحمه من الحيوان] اهـ.

نجاسة القطة
وقال العلامة الدَّمِيري الشافعي في "النجم الوهاج" (1/ 410، ط. دار المنهاج): [فَبَوْلُ ما لا يؤكل لحمه نجس بالإجماع] اهـ.

وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 64، ط. مكتبة القاهرة): [وما خرج من الإنسان ‌أو ‌البهيمة ‌التي ‌لا ‌يؤكل ‌لحمها ‌من ‌بول ‌أو ‌غيره ‌فهو ‌نجس] اهـ.

وعلى ذلك: فإنَّ الموضع الذي أصابه البول أو الروث من الثوب أو البدن أو المكان إذا علمه السائل فالواجب عليه غسله بالماء الطاهر عند إرادة الصلاة؛ بأن تزال عين النجاسة أولًا، ثم يصب الماء على موضعها بحيث لا يبقى لها لونٌ أو طعمٌ أو رائحةٌ؛ وذلك لما هو مقرَّر أنَّ مِن شروط صحة الصلاة: طهارةَ الثِّياب والبدن والمكان، وقد نقل الإمام ابن عبد البر المالكي الإجماع على ذلك. ينظر: "التمهيد" (22/ 242، ط. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب).

أمَّا إذا لم يعلمه السائل فينبغي أن يتحرَّى الموضع ويغسله؛ قال الإمام النووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (1/ 31، ط. المكتب الإسلامي-بيروت): [الواجب في إزالة النجاسة: الغسل] اهـ.

وفى حالة عدم التيقُّن من انتقال النجاسة إلى المكان أو الفرش فهو طاهر؛ عملًا بالأصل الذي هو الطهارة، ولأنَّ الأعيان لا تتنجَّس بالشك، وينبغي على السائل طرح هذا الشك وعدم التفكير فيه؛ دفعًا للوسواس.

 

مقالات مشابهة

  • الملك عبد الله الثاني صوت الحقيقة التي هزمت أكاذيب نتنياهو وحكومتة المتطرفة .
  • رابطةُ العالم الإسلامي تعرب عن تطلعها نحو مخرجات “قمة شرم الشيخ” لتخفيف الكارثة الإنسانية التي يعانيها أهالي غزة
  • ما هو “سكري النوع الخامس” الذي يصيب 25 مليون شخص حول العالم؟
  • مدى نجاسة بول القطة وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به
  • منتخب الرأس الأخضر.. البلد الصغير الذي حقق حلم الصعود للمونديال
  • تقرير عالمي يكشف ما الذي يسيطر على مشاعر الأردنيين
  • مجلس كنائس مصر يهنئ العالم باتفاق السلام الذي ينهى الحرب في غزة
  • نص اتفاق غزة الذي وقع عليه ترامب وقادة العالم في شرم الشيخ
  • محمد بن راشد: فخور بوطني الذي استطاع أن يجمع العالم في جيتكس جلوبال
  • صالح الجعفراوي صوت غزة الذي صمت برصاص الغدر