سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
يذكرنا صوت المطر بأيام الطفولة التي كانت من الأيام الجميلة غير المصطنعة ويذكرنا صوت أذان العشاء والنفحات الإيمانية المحاطون بها في شهر رمضان بالسفرة الجميلة التي كانت تعدها لنا أمي عندما كنَّا صغارا، وبمشاركة جدتي رحمها الله وبعض من عماتي لنتجمع كلنا حول مائدة الإفطار ولسان حالنا يقول (يا رب رمضان ما يخلص)، هكذا كان التفكير وقتها أطعمة متنوعة ما لذَّ وطاب ندخل المطبخ متسللين ونشاهد القدر ونأخذ أصابعنا الصغيرة لنلعق بها ما تبقى في القدر من كاسترد أو محلبية، كما يُسميها البعض كانت قلوبنا مليئة بالحب والسعادة والسكينة والهدوء وكانت أيامنا جميلة نستمتع كثيرا بانتظار المسلسل الكرتوني في المساء سلاحف النينجا أو سالي والكابتن ماجد، وكنَّا نتحلق حول التلفاز جميعا في جو تسوده الألفة والمحبة.
كبرنا وكبرت أفكارنا وتغيرت وتفرقنا؛ فكل منَّا أصبحت له حياته الخاصة وبيته الخاص وعائلته الخاصة وأصبح لتلك العائلة فروع أخرى، لكننا لم نعد كما كنَّا تماما وقد بحثنا كثيرا عن نسختنا القديمة إلا أننا لم نجدها ولربما هي نفسها موجودة في ملامحنا إلا أن الآخرين لم يبقوا كما كانوا، فالمال والعمل والسعادة الصغيرة والحياة المختلفة غيرتهم كثيرا لدرجة أنك أصبحت تتمنى أن تلتقي بهم لتحاول أن تعيش بعضًا من ذكرياتك السابقة إلا أنهم يرفضون بحجة انشغالهم في الحياة العملية والأسرية الأخرى وكأنك لم تكن يومًا ترافقهم في بيت واحد وكان بيتكم الأول مختلفاً وأنتم الذين كبرتم سويا وكبرت أحلامكم معًا.
التسامح والتصالح الحقيقي هو صفاء الذهن وراحة البال والبعد عن المنغصات وعن من لا يُطيقني ومن لا يريدني أن أكون بحياته وللعلم إنك لست وحدك فالمعركة فمعركتهم الدنيوية فاشلة وهم يبحثون عن مُغريات الحياة ومكملاتها الزائفة متناسين تلك السفرة التي جلستم بها سويا يوما ما أو ذلك الحضن الذي كنتم في كنفه وذلك البيت القديم.
قليلون هم من يبقون على طبيعتهم وكثيرون من يغيرهم المال والمنصب والحياة كيف لا وكنت أنت وابنة عمتك في نفس الحي ولا تدعوك لزيارتها أو حتى لا تهتم لأمرك أو حتى أخوك وربما أختك وعمك وأخوالك، وهكذا. المال والاقتصاد والسياسة والحياة الاجتماعية لن تتعطل بتغير هؤلاء البشر ولكن المبادئ الأخلاقية التي تربينا عليها ليست سوى جزء أساسي من حياتنا اليومية وعليه يجب علينا التحلي بها، أن أكون قائدا أو معلما أو إداريا أو دكتورا أو مهندسا أو موظفا هذا أمر وأن أكون أخا وأبا وابنا وأختا أمر آخر ويجب عليَّ ألا أجعل متغيرات الحياة تُغيرني على أهلي وناسي وجماعتي، ويجب ألا اغتر واتكبر مهما بلغت من درجات عُليا فمن تَواضع لله رفعه ومن بقي كما عهدناه فهذا ينم عن طيب أصله وصدق مَعدنِه وصفاء روحه وعذب مشاعره.
إنَّ جوهر التسامح والعفو والغفران ليس مقتصرًا على الرب فقط لكننا نحن بشر نصر ونعاند ولا نسامح وقد نكون كلنا أخطاء فكيف لنا أن نطلب الغفران من رب السماء ونحن غير قادرين على العفو عن الآخرين والصفح عنهم.
الحياة أصبحت مُخيفة في ظل وجود هكذا عينات أخذتها الشهرة وحب المال والصيت وجمع الأموال والبعد كل البعد عن الله فمن كان قريباً من الله لن يستطيع أن يفعل ذلك أو حتى يتكبر فالكبر بطر الحق وغمط النَّاس وحاشا لله أن نكون من هذه الفئة أو أن نتكبر على ذوينا مهما وصلنا من مراتب علمية وعملية ومالية.
فلنتسامح ولنكن طيبين؛ فالله يحب الطيبين، ونحن أيضا تلاحقنا الأخطاء، ولن نعيَّ جوهر التسامح ما دامت القلوب سوداء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فارسين أغابكيان.. أول امرأة تقود الدبلوماسية الفلسطينية
فارسين أغابكيان، دبلوماسية فلسطينية وُلدت عام 1958، وشغلت مناصب أكاديمية وسياسية عدة، حتى أصبحت أول امرأة تسمى وزيرة للخارجية والمغتربين في السلطة الوطنية الفلسطينية، في تاريخ البلاد.
عُرفت بشخصيتها القيادية ونفوذها الكبير في المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية، فضلا عن تشجيعها للنساء للدفاع عن حقوقهن في وجه الانتهاكات التي يتعرضن لها.
المولد والنشأةوُلدت فارسين أوهانس فارتان أغابكيان عام 1958 في العاصمة الأردنية عمّان، من أسرة مسيحية أرمينية تعود أصولها إلى مدينة القدس المحتلة، واضطرت إلى الهجرة منها بسبب انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين.
الدراسة والتكوين العلميتلقت أغابكيان تعليمها الابتدائي والإعدادي في مدارس أردنية، وحصلت على شهادة الثانوية العامة من مدرسة المطران في العاصمة الأردنية عمّان.
سافرت بعد ذلك إلى الولايات المتحدة لإكمال دراستها الجامعية، ونالت الماجستير في إدارة التمريض من جامعة بيردو بولاية إنديانا، ثم حصلت على الدكتوراه في الدراسات الإدارية والسياسات التربوية من جامعة بيتسبرغ عام 1988.
بعد أن أنهت دراستها الجامعية، عادت أغابكيان إلى فلسطين، وعملت أستاذة بجامعة القدس، ثم أصبحت عميدة كلية المهن الصحية بين عامي 1995 و1998.
تقلدت بعد ذلك عمادة كلية الدراسات العليا حتى عام 2000، وأثناء عملها في الجامعة أشرفت على تأسيس كليات عدة، وطورت العديد من البرامج التعليمية.
عملت مع السياسي البارز فيصل الحسيني في مؤسسة بيت الشرق، وكذلك في وحدة تطوير الموارد البشرية بالمجلس الصحي الفلسطيني، وأيضا مشروع البناء المؤسسي في مكتب رئيس السلطة الفلسطينية.
وفي عام 2003، ترأست أغابكيان إدارة البحث والتخطيط في مؤسسة التعاون الفلسطينية، ثم شغلت عام 2009 منصب المدير التنفيذي لمشروع "القدس عاصمة الثقافة العربية".
وبين عامي 2016 و2018، شغلت منصب المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وأثناء هذه الفترة، أصبحت عضوا في لجنة ترميم كنيسة المهد في بيت لحم، وتولت إدارة العمليات في وحدة دعم المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.
إعلانعملت عام 2021 محاضرة في جامعة دار الكلمة في مدينة بيت لحم، وكلفت أثناء ذلك بالعمل نائبة لرئيس الجامعة للشؤون الإستراتيجية، وأصبحت عضوا في مجلس أمنائها.
وفي عام 2022، أصبحت عضوا في اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين.
أصبحت أواخر مارس/آذار 2024 وزيرة للدولة لشؤون الخارجية والمغتربين في حكومة محمد مصطفى، ثم أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعيينها عضوا في مجلس إدارة المؤسسة الوطنية لتوثيق تاريخ فلسطين.
وفي 23 يونيو/حزيران من العام نفسه، تقلدت منصب نائب رئيس مجلس الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي، وظلت بمنصبها حتى عينها الرئيس عباس العام التالي وزيرة للخارجية والمغتربين، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد.
أبدت أغابكيان اهتماما بواقع المسيحيين الأرمن في فلسطين لا سيما في ظل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، وألّفت في سبيل ذلك العديد من الدراسات التي تناولت أوضاعهم لاسيما فترة الانتداب البريطاني ونكبة عام 1948، إضافة إلى دور الاحتلال في تهجيرهم.
كما اهتمت أغابكيان بقضايا حقـوق المرأة، وعملت على فضح انتهاكات الاحتلال بحق المرأة الفلسطينية، وهي تعمل على تشجيع النساء الفلسطينيات على الدفاع عن حقوقهن في وجه الانتهاكات التي يتعرضن لها.
المؤلفاتنشرت أغابكيان مؤلفات عدة، من أهمها:
"هجرة المسيحيين من فلسطين". "الإصلاح وحقوق المرأة". "تحديات التخطيط في القدس". "فلسطينية أرمينية… ملح الأرض". "ملحمة البقاء: الفلسطينيون الأرمن والانتداب البريطاني والنكبة".