فرص نجاح تركيا بلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا مجددا
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
أنقرة – تعيد تركيا طرح نفسها كوسيط رئيسي بين روسيا وأوكرانيا، مجددة عرضها للعب دور حاسم في إنهاء واحدة من أكثر الأزمات تعقيدا في العصر الحديث، مستندة إلى دبلوماسيتها المتوازنة وعلاقاتها مع طرفي النزاع، في محاولة لتعزيز دورها كلاعب رئيسي في إنهاء الحرب.
ورغم تجربتها السابقة في الوساطة، والتي أسهمت في إبرام اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود عام 2022، تأتي تحركاتها وسط مشهد دولي معقد، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية، مما يطرح تساؤلات حول فرص نجاحها ومدى تجاوب الأطراف المعنية مع مبادرتها.
في فبراير/شباط الماضي شهدت أنقرة لقاء دبلوماسيا مهما بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان، ناقشا فيه تطورات الحرب الروسية الأوكرانية والمبادرة الأميركية الرامية إلى إنهاء الصراع.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك، أكد فيدان استعداد بلاده لاستضافة محادثات سلام تجمع موسكو وكييف. وتطرق لافروف إلى محادثات إسطنبول السابقة بين روسيا وأوكرانيا، قائلا إن الجانبين كانا قريبين من التوصل إلى اتفاق، لكنه اتهم قوى غربية بإفشال المفاوضات.
واستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الوزير الروسي في القصر الرئاسي بالعاصمة، في خطوة جاءت بعد أيام من لقاء مماثل جمعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وتزامنت زيارته مع انعقاد محادثات أميركية روسية بالرياض.
إعلانكما رحبت أنقرة بالمبادرة الأميركية لإنهاء الحرب، غير أن هذه المبادرة تعثرت لاحقا بعد مواجهة كلامية حادة بين الرئيسين الأوكراني والأميركي خلال لقائهما في واشنطن، وذلك ما ألقى بظلال من الشك على فرص تحقيق اختراق دبلوماسي قريب.
والتقى الوزير التركي فيدان، الأحد، زعماء أوروبيين في لندن، حيث ناقش تطورات الحرب الروسية الأوكرانية والدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في جهود السلام.
وكانت وكالة "رويترز" نقلت، السبت، عن مصدر تركي مطلع أن فيدان سيكرر خلال الاجتماع عرض بلاده استضافة محادثات سلام بين موسكو وكييف.
تحديات الوساطة
رغم تحركات أنقرة المتواصلة لتعزيز دورها كوسيط بين موسكو وكييف، فإن نجاح هذه الجهود لا يزال مرهونا بعوامل معقدة تتجاوز قدرتها على المناورة الدبلوماسية.
ويرى الباحث السياسي التركي مصطفى يتيم أن تبنّي إدارة دونالد ترامب نهجا متقاربا مع روسيا، وطرحه سيناريوهات قد تصل إلى احتلال أوكرانيا بالكامل، أثر بشكل كبير على الصراع، وأضعف الموقف الأوكراني في ظل انقسامات أوروبية تحول دون تدخل قوي. ويضيف أن نجاح الوساطة التركية سيعتمد إلى حد كبير على التفاهمات بين موسكو وواشنطن ومدى تجاوب كييف معها.
ويشير يتيم في حديث للجزيرة نت إلى أن تركيا، رغم محدودية تأثيرها على روسيا والولايات المتحدة، تعد أحد أبرز المدافعين عن الحقوق الأوكرانية في المفاوضات، وهو ما قد يكون له انعكاسات على الأرض. لكنه يرى أن التحدي الأبرز أمام أنقرة هو تنسيق جهودها مع أوروبا لإقناع واشنطن بالعمل نحو تسوية أكثر عدلا واستقرارا.
أما العقبة الأكبر أمام تركيا، وفقا له، فهي إصرار روسيا على فرض سيطرتها بالقوة على أوكرانيا، مما يضع أنقرة أمام معضلة تتعلق بأمن البحر الأسود، والتوسع الروسي المحتمل في أوروبا، ومستقبل الناتو.
إعلان
موقف الأطراف
رغم التحديات التي تواجه الوساطة التركية، فإن تجاوزها لا يعني بالضرورة نجاح أنقرة في لعب دور حاسم، إذ يبقى العامل الأهم هو مدى استعداد الأطراف المتنازعة للتجاوب مع هذه الوساطة، لا سيما مع دخول الولايات المتحدة على خط الجهود الدبلوماسية.
وفي السياق، ترى الباحثة في السياسة الخارجية زينب أوزبينار أن روسيا قد تكون أكثر انفتاحا على الوساطة التركية مقارنة بالمبادرات الغربية. لكنها تؤكد أن قبول موسكو بأي وساطة تركية سيظل مشروطا بمدى تماهي أنقرة مع المصالح الروسية، لا سيما في ما يتعلق بالاعتراف بسيطرة موسكو على بعض المناطق الأوكرانية.
وتضيف أوزبينار، في حديث للجزيرة نت، أن أوكرانيا ترحب بأي جهود دبلوماسية من دول لا تصطف مع روسيا، مما يجعل تركيا خيارا مقبولا، خاصة أنها قدمت دعما عسكريا لكييف وأكدت مرارا التزامها بوحدة الأراضي الأوكرانية. لكنها تشير إلى وجود مخاوف أوكرانية من أن تعتمد أنقرة نهجا متوازنا أكثر مما ترغب فيه كييف التي تصرّ على ضرورة الانسحاب الروسي بالكامل.
وتوضح الباحثة أن تركيا اليوم تسعى إلى تعزيز دورها الدبلوماسي بشكل أكبر مقارنة بوساطتها في اتفاق الحبوب، مستفيدة من تراجع الدور الأوروبي والتغيرات في الموقف الأميركي تجاه الحرب.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
روسيا وأوكرانيا تتفقان على تبادل ألف أسير وشروط إنهاء الحرب
إسطنبـول، موسكو، كييف (الاتحاد، وكالات)
أخبار ذات صلةاختتم وفدا روسيا وأوكرانيا محادثاتهما في إسطنبول، أمس، والتي استمرت قرابة ساعتين، وسط جهود دبلوماسية مكثفة وضغوط أميركية لتضييق الفجوة بين الجانبين، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب المستمرة من أكثر من 3 سنوات.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على منصة «إكس»، إن «اليوم كان مهماً للسلام العالمي، نتيجة للجهود المكثفة عقد الوفدان الروسي والأوكراني اجتماعاً في إسطنبول بوساطة تركية»، موضحاً أن «نتيجة لهذا الاجتماع، اتفقنا على تبادل ألف أسير من كل بلد كإجراء لبناء الثقة».
وأفاد فيدان بأن الطرفين اتفقا مبدئياً على اللقاء مجدداً، لافتاً إلى أن تركيا ستواصل بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام الدائم بين روسيا وأوكرانيا.
وترأس الوفد الروسي في المحادثات فلاديمير ميدينسكي، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي أشار إلى أن موسكو راضية عن نتائج المحادثات، بينما قاد وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف وفد كييف، حيث قال إن الجانبين اتفقا على تبادل ألف أسير حرب من كل جانب في ختام المحادثات.
واعتبر عمروف أن «الأولوية في محادثات إسطنبول هي ضمان إطلاق سراح أسرى الحرب، والثانية ضمان وقف إطلاق النار»، مضيفاً أن «الخطوة التالية يجب أن تكون محادثات على مستوى القادة».
وأشار عمروف على منصة «إكس»، عقب إجرائه محادثات أخرى مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والمبعوث الأميركي الخاص كيث كيلوج، ووزير الخارجية التركي، ورئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، إلى أن «روسيا أظهرت مجدداً عدم اهتمامها بالسلام، ويتجلى ذلك في غيابها عن المحادثات بمستوى تمثيل مناسب، وتجاهلها للمبادرات الدولية، ورفضها إنهاء العدوان».
وقال: إن كييف تعتقد أن الخطوة المقبلة هي عقد اجتماع بين رئيسي البلدين.
وأكد أوميروف للصحفيين أن الأولوية الرئيسة في المحادثات التي جرت اليوم الجمعة في إسطنبول كانت ضمان إطلاق سراح أسرى الحرب، يليها التوصل لوقف لإطلاق النار، مضيفاً أن الخطوة المقبلة في المحادثات لابد أن تكون عقد محادثات على مستوى زعيمي البلدين.
كما أعرب نائب وزير الخارجية الأوكراني سيرجي كيسليتسيا، عن أمله في أن يلتقي رئيسا البلدين عاجلاً وليس آجلاً.
من جهته، أعرب فلاديمير ميدينسكي، رئيس الوفد الروسي في المحادثات، عن رضا موسكو عن النتائج، واستعدادها لمواصلة الحوار مع كييف.
وأوضح ميدينسكي، في أعقاب المفاوضات، أن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تبادل ألف أسير حرب لكل منهما خلال الأيام المقبلة، في واحدة من أكبر عمليات التبادل من نوعها منذ بداية الصراع.
وأضاف: «بشكل عام، نحن راضون عن النتيجة، ومستعدون لاستمرار التواصل. في الأيام المقبلة، سيكون هناك تبادل ضخم للأسرى بمعدل ألف مقابل ألف»، لافتاً إلى أن «الجانب الأوكراني طلب إجراء محادثات مباشرة بين رئيسي الدولتين، وسجلنا هذا الطلب لدينا».
كما أشار إلى أن «كل طرف يقدم رؤيته لوقف إطلاق نار مستقبلي محتمل، ويشرحها بالتفصيل. وبعد عرض هذه الرؤية، نعتقد أنه من المناسب، كما اتفقنا أيضاً، مواصلة مفاوضاتنا».
ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن مصدر مطلع قوله: «لا يوجد سقف زمني واضح ومحدد بشأن تبادل الخطط بين موسكو وكييف بشأن اتفاق وقف النار»، ولكنه أشار إلى «التوصل إلى اتفاق مبدئي لتبادلها»، فيما ذكر مصدر أوكراني أنه «سرعان ما اتضحت الهوة بين الجانبين، وأن مطالب روسيا منفصلة عن الواقع، وتتجاوز أي شيء نوقش سابقاً».
وأضاف المصدر الأوكراني، مشترطاً عدم الكشف عن هويته، أن «هذه المطالب تضمنت وضع مهلة نهائية لأوكرانيا للانسحاب من أجزاء من أراضيها في سبيل تنفيذ وقف لإطلاق النار وغيرها من الشروط المستحيلة وغير البناءة».