الحرب.. تدمير كنوز السودان الثقافية
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
بسبب احتدام القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية دُمِّرَت ممتلكات ثقافية مهمة في السودان: من مكتبات لا تُقدَّرُ بثمن وحتى المومياوات. استعلام فيليب يديكه.
تسبّبت شهورُ القتالِ في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في كارثة إنسانية. ومنذ بدء النزاعِ في نيسان/أبريل 2023، قُتِل الآلاف وجُرِحَ الآلاف، وفقاً لتأكيدات أممية.
ويؤكد رضوان نويصر، خبير الأمم المتحدة بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان وجود حالات نهب وقتل واغتصاب كل يوم. ويفرُّ مئات الآلافِ من الناس من الهجمات العنيفةِ للجنود.
قال نويصر في بيان أدلى به: “هذا تدميرٌ لبلدٍ بطريقةٍ مهينة للناس. وما يحدث هو أسوأ من أي شيء رأيته في مناطق الصراعات على مدار مسيرتي المهنية الطويلة. إنه أمر مرعب ومأساوي ووحشي وغير ضروري تماماً”.
وفقاً للأممِ المتحدةِ، فشل طرفا النزاعِ بشكل فظيع في الوفاء بالتزاماتهما تجاه القانونِ الإنساني الدولي. وفي الوقتِ ذاته يفتقرُ الأطباءُ والمستشفيات إلى كل شيء؛ فالفوضى عارمةٌ على الحدودِ والجثثُ مُتناثرةٌ في الشوارعٍ. كما يتعرّضُ الناس لخطر إطلاق النار عليهم عند محاولتهم انتشال الموتى.
والكنوز الثقافية للبلاد في خطر كبير. إذ دمّرت قوات الدعم السريع بالفعل مواقع مهمة. كما ذكرت مجلة ذا كونتينِتْ The Continent أنّ “الحرب في السودان لا تُدمِّرُ مستقبلَ البلاد فحسب، بل تُدمِّرُ ماضي البلاد كذلك”.
قارن مراقبون الدمارَ الذي لحق بالمكتبات والمتاحف ودور العبادة بتدمير طالبان للكنوز الثقافية في أفغانستان.
ووفقاً للتقرير في مجلة ذا كونتينِتْ حُرِقت مواقع تاريخية مهمة مثل سوق أم درمان القديم بسبب القتال في مدينة أم درمان التي تقع على ضفة نهر النيل. كما دُمِّرت مكتبة مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية في جامعة أم درمان الأهلية. وبكل بساطة لم تعد المخطوطات المكتوبة بخط اليد والمؤلفات النادرة موجودة.
وأوضح عضو اتحاد الكتّاب السودانيين، الشاعر حميد بخيت، أهمية مركز محمد بشير للدراسات المُدمَّر: “كان واحداً من أهم مصادر التراث المكتوب لاحتوائه على مراجع مهمة في تاريخ السودان”.
بقايا بشرية مُحنّطة في قائمة المسروقات
اقتُحِم أيضاً متحف السودان القومي في الخرطوم، وتعرّضت المعروضات، بما فيها مومياوات قديمة، للتدميرِ أو التلفِ.
وبحسب تقرير ذا كونتينِتْ يوجد مقطع فيديو لأحد مقاتلي قوات الدعم السريع يعرضُ مومياوات عمرها آلاف السنين بوصفها ضحايا للدكتاتور السوداني السابق عمر البشير، الذي أُطيح به في عام 2019، ويتعهّدُ بالانتقامِ لمقتلها.
كما تحدّث حميد بخيت عن تدمير معروضاتٍ مهمةٍ، مثل أنواعٍ حيوانيةٍ نادرةٍ محفوظة في متحف التاريخ الطبيعي، إضافة إلى الهجمات على المكتبات والناشرين، مثل دار مدارك للنشر، ودار الكنداكة للطباعة والنشر والتوزيع و”مجمّع بائعي الكتب” في ميدان الخليفة.
ولكن لماذا تُدمِّرُ قوات الدعم السريع تراث بلادها؟ كثيراً ما يُتَّهَمُ المقاتلون بالجهل، بيد أنّ بخيت يعتقدُ أنّ “الدمار يحدثُ عن عمد، في محاولة لطمسِ الحقائقِ التاريخية. يريدون خلق حقبة جديدة تبدأ معهم”.
يتابعُ: “وإضافة إلى ذلك، هناك كراهية. كراهية للتعليم والمتعلّمين بشكل عام. يبدو وكأنّهم يريدون إعادة تشكيلِ المجتمع إلى مجتمعٍ جاهلٍ من دون ذاكرة”.
ووفقاً لبخيت، فإنّ حماية ما تبقّى من كنوز السودان الثقافية أمر في غاية الصعوبةِ، إن لم يكن مستحيلاً، لأنّ الجنود لا يحترمون أية أعراف. “لعلّه يمكن للمثقفين إطلاق حملة لجمع المراجع والكتب التاريخية النادرة، لاستعادة المكتوب من هذه الذاكرة، أما بالنسبة لمحتويات المتاحف، فلا سبيل لاستعادتها، وهنا تكمنُ الكارثة”.
موقع قنطرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يستهدف تجمعات لقوات الدعم السريع في كردفان
أشارت مصادر سودانية إلى أن الجيش السوداني يستهدف حالياً تجمعات لقوات الدعم السريع غربي مدينة العباسية بولاية جنوب كردفان.
وقال برنامج الأغذية العالمي، اليوم الأحد، إن ملايين السودانيين على شفا كارثة.
وأضاف البرنامج :"السودان يواجه إحدى أسوأ أزمات الجوع في العالم".
اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا
وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم شبكة أطباء السودان أن فرق المنظمة الميدانية منتشرة في جميع أنحاء البلاد لتقديم تقارير دقيقة حول الأوضاع الإنسانية، مع التركيز على توفير الرعاية الصحية الأولية للنازحين.
وشدد على أهمية تقديم الدعم النفسي للأطفال الذين يعانون من آثار الحرب وسوء التغذية، مشيراً إلى أن عدد كبير من النازحين يتكدسون في مدينة الفاشر.
وأفاد المتحدث باسم شبكة أطباء السودان بأن ميليشيا الدعم السريع حولت بعض المستشفيات إلى ثكنات عسكرية وجعلتها أهدافاً عسكرية، في انتهاك للقوانين الإنسانية الدولية.
وأضاف في تصريحات لشبكة القاهرة الإخبارية أن مدينة الفاشر شهدت حصاراً مطبقاً وقصفاً ممنهجاً من قبل ميليشيا الدعم السريع، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة.
وقالت وزيرة التنمية الهولندية، في وقتٍ سابق، إن أكثر من 21 مليون شخص في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأضافت :" السودان يشهد أسوأ أزمة إنسانية عالميا والمجاعة ثبت وقوعها في بعض المناطق".
وقالت دينيس براون، المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية بالسودان، إن المساعدات التي قدمناها للناجين بالفاشر بعيدة عن تلبية احتياجات السكان.
وأضافت :"لا نملك الغذاء الكافي وعلى المجتمع الدولي التحرك".
وتابعت قائلةً :"قدرتنا على الاستجابة محدودة والتمويل يغطي 28% فقط".
وقالت مديرة الاتصال في منظمة "أنقذوا الأطفال"، إن السودان يشهد واحدة من أكبر أزمات النزوح الداخلي في العالم، حيث وصل عدد النازحين إلى 10 ملايين شخص منذ اندلاع الصراع.
وأكدت في تصريحات لشبكة القاهرة الإخبارية أن النساء والأطفال يعيشون ظروفاً إنسانية شديدة القسوة في مناطق النزاع، في ظل افتقار حاد للخدمات الأساسية.
وأضافت أن المنظمة تواجه تحديات كبيرة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، مشددة على ضرورة توفير ممرات آمنة لضمان وصول الإغاثة، إلى جانب حماية النساء والأطفال الذين يتعرضون لمخاطر متزايدة نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية.
وقال رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، في وقتٍ سابق، إن الحرب في البلاد ستنتهي بانتصار الجيش الوطني.
وأضاف إدريس :"ما حدث في دارفور جرائم غير مسبوقة، والمجرمون لن يفلتوا من العقاب".
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، في وقتٍ سابق، إن أكثر من 800 شخص نزحوا من قرى بمحليتي أبوكرشولا والعباسية في جنوب كردفان بسبب تفاقم انعدام الأمن.
وقالت حاجة لحبيب، المفوضة الأوروبية للمساواة والاستعداد وإدارة الأزمات، إن مصر تبذل جهودا حثيثة في مساعدة واستضافة اللاجئين السودانيين.
وأضافت قائلة :"قوات الدعم السريع تنفذ مذبحة في الفاشر".وأكملت بالقول :"ما يحدث في السودان كارثة إنسانية".
وفي وقت سابق، قال عبد القتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إنهم عازمون على القضاء على المليشيا المتمردة.
وأضاف: "عازمون على تطهير كل شبر من أرض السودان".