وصية معمّر من أهل صحار في القرن الثالث الهجري
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
لعل ما يُعرَف بالجوابات والنوازل الفقهية، وكذا الوثائق المبثوثة في التراث الفقهي مكنزٌ لأخبار الناس وحركة المجتمع وأحواله في مختلف العصور التي دُوِّنت فيه تلك الجوابات والنوازل، ولعل ما بلغَنا من ذلك مما يرجع إلى القرون الإسلامية الأولى مصدر مهم للبحث التاريخي في ظل شح المدونات التاريخية أو المصادر الأخرى المعينة على إعادة كتابة التاريخ.
جاء في أول جواب محمد بن محبوب: «وسألتَ عن رجل يقال له معمّر من أهل صحار، وأنّه مات فيها، وأنّه كان أوصى بوصيّة عند خروجه إلى البصرة، وفي وصيّته جَوارٍ له وشَذا. أوّل الوصيّة: إن حدث به موت فحمدونة جاريته حُرَّة، ولها خمسمائة درهم من ماله، وما ادّعت حمدونة من متاع البيت بيت معمّر الذي الشهود يعرفونه أنّه لها فإنّها صادقة لا سبيل ولا تَنازُع في شيء منه. وأشهدهم معمّر أنّ أمّ ولده مؤنسة حُرَّة لوجه الله، ولها جاريته تفاحة وهندية عدل بحقّ عرفه لها، ولها نصف متاع البيت، وأمّ ولده التي يقال لها: زين حُرَّة، ولها خمسمائة درهم من ماله، وغلامه فرج الهندي إذا بلغ عيال معمّر البصرة، فهو حُرٌّ هكذا. فلمّا حضر معمّرًا الموت بالبصرة، أشهد أنّه قد رجع عن كلّ وصيّة كان أوصاها إلا الوصيّة التي كان أوصى بها عند موته، فذكرت أنّ فرج يطلب يحمل عيال معمّر إلى البصرة وفيهم يتيم».
وفي الشق الثاني من الجواب أبان أبو عبدالله محمد بن محبوب عن رأيه وفَصّل الأحكام في كل جزء فقال: «فقد نظرتُ في ذلك، فأمّا الجواري حمدونة ومؤنسة وأمّ ولده زين فقد عُتِقن؛ لأنّه تدبير، والتدبير قد ثبت فيهنّ عند وصيّته الأولى؛ لأنّه ليس له أن يرجع في تدبيرهنّ، وأمّا ما قال لحمدونة خمسمائة درهم، وما جعل له من التصديق في متاع البيت، والذي جعل لجاريته مؤنسة، وما جعل أيضًا لجاريته زين، فإنّ ذلك لا يثبت لهنّ؛ لأنّ رجعته عن وصيّته الأولى تنقض ذلك كلّه، وأمّا غلامه فرج الهندي فإن بلغ عيال معمّر البصرة، فهو حر كما قال، وليس له أن يرجع فيه ولو كان حيّا، فإن لم يبلغهم وكره ذلك الوصي أو غيره، أو عيال معمّر أن يبلغهم البصرة، فهو عبد حتّى يبلغهم إلى البصرة كما قال السيّد. إلا أنّي لا أرى لهم بيعه ما دام عيال معمّر أحياء كلّهم إلا أن يموت منهم أحد، فإن مات أحد منهم، لم أر ببيعه بأسًا؛ لأنّه إذا مات أحد منهم لم يصل إلى العتق. وكذلك إن بلغ عيال معمّر وكرهوا أن يبلغهم إلى البصرة لم يكن لهم بيعه؛ لأنّهم عسى أن يفعلوا ذلك فيوصلهم فيعتق. وأمّا قوله: جاريته مؤنسة حرّة ولها جاريته تفاحة وهنديته، عدل بحقّ عرفه لها فهو لها ثابت بقوله بحقّ عرفه لها، وللورثة الخيار إن شاءوا أن يتمّوا لها ذلك، فذلك إليهم، وإن شاءوا أن يأخذوها ويعطوها قيمتها، فذلك لهم. وأمّا الجواري كلّهنّ فإنّهنّ يُعتَقن من رأسماله. وفّقنا الله وإيّاك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته».
مما يستوقفنا في نص الوصية أن الموصي معمّرًا هذا جاء في أول الجواب أنه «من أهل صحار، وأنه مات فيها»، ثم في موضع آخر بعد ذلك: «فلمّا حضر معمّرًا الموت بالبصرة»، وعلى هذا ففي العبارتين تناقض ولست أدري كيف يُجمَع بينهما. في المقابل ليس عجيبًا أن نقرأ في هذه الوثيقة انتقال أو سفر الموصي إلى البصرة مع العلم بهجرة العديد من الأعلام لا سيما من الباطنة وشمال عمان كشأن هجرة عدد من الأعلام أو آبائهم من قبل مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت:175هـ)، والربيع بن حبيب الفراهيدي (ت:170-175هـ) ومحمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت:321هـ) وغيرهم. ونتوقف أيضًا عند عبارة: «وفي وصيّته جَوارٍ له وشَذا»، فالجواري جاء ذكرهن بعد ذلك وهن: حمدونة، ومؤنسة، وزَين، وتفاحة، وهندية، لكن «الشّذا» لم يُذكَر بعد ذلك، ولعل ذلك يوحي بأنه ليس كل ما فيه الوصية مشمول في نص السؤال أو في الجواب أو في كليهما. و«الشذا» كما جاء في كتب الفقه وفي سير بعض الأئمة: صنف من المراكب البحرية. ويظهر أن قصة هذا الموصي من خلال وصيته هذه تدور حول ركوب البحر والتنقل بين عمان والبصرة، والصلة أيضًا بالهند، إذ غلامه «فرج الهندي» المشروط عتقه بأن يبلّغ أولاد الموصي البصرة حال موته هو الآخر مما يضاف ذكره إلى المعلومات التاريخية في الوثيقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إلى البصرة معم ر ا جاء فی
إقرأ أيضاً:
بالونة ولا صفقة القرن.. خالد الغندور يثير الجدل برسالة لجمهور الأهلي
أثار الإعلامي خالد الغندور، حالة من الجدل برسالة لجماهير النادي الأهلي، بعد انضمام اللاعب أحمد مصطفى زيزو لصفوف الفريق.
وكتب الغندور عبر فيسبوك: "طبيعي يكون رأيك واحد في مستوي اي لاعب لكن انك تقول علي لاعب بالونة وتقول عليه لاعب مش دولي بتاع تمثيل ضربات جزاء كل اهدافه ضربات جزاء وتفرح لما يخسر أحسن لاعب في افريقيا في المغرب ويا خسارة البدلة ودلوقتي شايفه عالمي وصفقة القرن ده اسمه ايه ممكن نفهم".
وحقق الفريق الكروي بالنادي الأهلي فوزًا كبيرًا بخماسية دون رد على نظيره البنزرتي التونسي في المباراة الودية التي جمعت بين الفريقين في معسكر الفريق التحضيري في تونس، مساء أمس الجمعة.
وكان قد رد خوسيه ريبيرو، المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي، على تأثير انتقادات الجماهير ومطالبتهم بالفوز بكل البطولات، على الجهاز الفني واللاعبين.
وقال ريبيرو في تصريحات عقب المباراة على قناة الأهلي: "سعيد بفترة المعسكر كانت فترة إيجابية، وكان الهدف منها تحقيق الأهداف والخطط التكتيكية التي أرغب في تطبيقها خلال الفترة القادمة".
وتابع: "أرى أننا نقترب من طريقة اللعب المطلوبة، وأرى أهمية الزيادة في خط الهجوم، اللاعبين كان لديهم حماس كبير جدا لتسجيل الأهداف، ودا شيء إيجابي".
وأضاف: "انتقادات الجماهير ومطالبتها لا تسبب لنا أي ضغوطات، الضغط سيمكنا من تحقيق الأهداف، والجماهير تعرف قيمة فريقها جدا، ومن الطبيعي أن يطالبونا بالأفضل، وبدون هذا لن يفعل الفريق شيء، لكننا ليس لدينا وقت ودائما هنكون مضغوطين".