تحقيق حصري- تمردات وصراع نفوذ.. فشل الهيكلة يشلّ مؤسسات صنعاء
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التحقيقات/ خاص:
أُصيبت معظم مؤسسات الدولة الخاضعة للحوثيين في صنعاء بالشلل مع فشل خطط دمج المؤسسات والهيئات رغم مرور 7 أشهر على إعلان زعيم الحركة عن “التغيّرات الجذرية” في أغسطس/آب الماضي لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة. ما يثير تساؤلات حول مدى تصاعد الصراع بين قادة الحوثيين.
تحدث في هذا التحقيق لـ”يمن مونيتور” أكثر من 15 مسؤولاً في عديد من مؤسسات الدولة الخاضعة للحوثيين في صنعاء، أكدوا فشل خطط الدمج، حيث ما تزال اللجان المشكلة على مستوى كل مؤسسة، ووزارة تضع خطط جديدة للدمج مع فشل التوقعات السابقة بسهولة الانتقال للمرحلة الجديدة.
وحسب المسؤولين الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم خشية الانتقام فقد اضطر الحوثيون “لتشكيل لجان دمج بما يتناسب مع كل مؤسسة ووزارة على حِده، مع حدوث تمردات ورفض من بعض الهيئات خاصة المؤسسات الإيرادية”.
رواتب تحت نيران الحرب.. تحليل تأثيرات برنامج حكومة الحوثيين الجديدة على اليمنيين “استنزاف”.. مقاومة مسلحة غير منظمة تتشكل في مناطق الحوثيين حصري- الحوثيون يخططون لشن “حرب استباقية” على مأربوالأسبوع الماضي وافقت مصلحة الجمارك على تشكيل فريقها للدمج مع مصلحة الضرائب. بعد أن أعلنت قيادة الحوثيين السياسية تعيين رئيس جديد للمصلحة، ثم تراجعت لاحقاً مع خضوع رئيس المصلحة عادل مرغم لتشكيل لجنة دمج مصلحتي الجمارك والضرائب المسؤولتين عن أكبر عائدات الحوثيين المالية.
وقال مسؤول مرتبط بالجنة إنها مكونة من 6 فرق قانونية وبشرية ومالية وتقنية وفنية والمرتبطة بالوثائق، وتم تشكيل هذه الفرق الأسبوع الماضي؛ بعد أن كانت لجنة الدمج تحتوي فقط على أعضاء من وزارة المالية ومصلحة الضرائب.
وأضاف أن كل الرؤى تتصادم حول دمج المصلحتين، وهو ما تسبب في تصاعد الخلافات رغم تشديد “مكتب السيد” على سرعة الدمج.
ويشير المسؤولون في صنعاء لمكتب زعيم الحركة “عبدالملك الحوثي” بـ”مكتب السيد” وهو المكتب الذي حضر عملية الهيكلة وقراراتها دون تدخل من مسؤولين وخبراء قانونيين ودستوريين. ويعتبر المكتب سلطة مستحدثة تشبه المرشد الأعلى في إيران، وهي أعلى من رئاسة الجمهورية والحكومة.
وقال مسؤول في وزارة مالية الحوثيين: “كان متوقعاً أن تتم الهيكلة بسهولة ويسر- كما أبلغونا- لكن الآن ستدخل المصلحتين في نزاعات قانونية ولوائح داخلية معقدة تحتاج وقتاً للدمج”.
وأضاف المسؤول “كان يفترض دمج هيئة الزكاة أيضاً -باعتباره مؤسسة إيرادية أيضاً- لكن حدثت ضغوط كبيرة لتبقى تابعة لرئاسة الجمهورية وليس للحكومة أي سلطة أو رقابة عليها”.
ما يعني بقاء هيئة الزكاة تحت إدارة مباشرة من مكتب رئاسة الجمهورية “أحمد حامد” فيما دُفعت مصلحة الجمارك -التي يفترض أنها تحت سلطته- إلى الهيكلة.
(حصري)… تغييرات حوثية واسعة في اللوائح والإدارات وموظفي الدولة والمحافظات (انفراد) صراع الحلفاء المتشاكسين… هل يسقط مؤتمر صنعاء “مهدي المشاط” من رئاسة المجلس الأعلى؟يذهب التمرد أيضاً إلى هيئات أخرى، حيث لا يزال المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي (سكمشا) يعمل ويحتفظ بمقراته في جميع المحافظات الخاضعة للحوثيين ويعمل جميع موظفيه. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي أبلغت حكومة الحوثيين الأمم المتحدة إلغاء (سكمشا) ونقل صلاحيات التعاون الدولي إلى وزارة خارجية الجماعة.
مع ذلك يقول عمال إغاثة ومسؤولون في وزارة خارجية الحوثيين إن سكمشا ما يزال يعمل بذات الصلاحيات، ويمنح التصاريح -كما في السابق- عن أي أنشطة إغاثة في مناطق الجماعة. ولا تزال حسابات المجلس الرسمية في شبكات التواصل تعمل حتى مطلع مارس/آذار الجاري.
وعمل “سكمشا” -الذي أسسه الحوثيون في 2019- على “تقويض العمل الإنساني، وفرض على الأمم المتحدة سداد ميزانيته التي تصل سنوياً إلى 52 مليون دولار، وقام بممارسات -وصفها عمال الإغاثة بالفظيعة- لابتزاز منظمات الإغاثة المحلية والدولية العاملة في مناطق الجماعة، ووصم العاملين فيها بالتجسس”.
المصالح الخاصة
ويضيف مسؤول في رئاسة وزراء الحوثيين أن هذا شأن معظم الوزارات والمؤسسات. وأجرى الحوثيون خلال الفترة الماضية تغييرات واسعة في قيادة الإدارات بالوزارات والهيئات معظمها بسبب تمردات، ورفض للهيكلة والدمج واعتباره “غير قانوني ومنطقي”.
ويقول المسؤول في رئاسة وزراء الحوثيين “هناك رفض للهيكلة أو العمل في المنشآت الجديدة، كما يبدو أن هناك صراع غامض آخر حول التعيينات والمصالح خاصة في المؤسسات الإيرادية”.
في وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي- دمج التعليم العالي مع والتربية والتعليم ووزارة التعليم المهني والتدريب الفني- ما تزال حالة الارتباك وعدم معرفة الصلاحيات لكل المسؤولين دون حل.
وقال ثلاثة مسؤولين لـ”يمن مونيتور”: لا نعرف ما الذي حدث وكيف يحدث الدمج والهيكلة وما هي صلاحيات كل الأقسام في الوزارات الثلاث.
مسؤول في جامعة صنعاء قال إن “هناك صراع صلاحيات ودرجات الموظفين والأكاديميين في جامعة صنعاء والوزارة الجديدة، ويتم التعامل مع الجامعة منذ أغسطس (آب) وكأنها مدرسة حكومية”!
الأمر ذاته في وزارتي الطرق والأشغال العامة، والزراعة والثروة السمكية والموارد المائية. ويقول مسؤول في لجنة الدمج بوزارة الطرق “ما تزال الأوضاع سيئة ولا يمكن تحقيق تقدم لأسباب عديدة”. ورغم رفضه الكشف عن الأسباب إلا أنه أشار إلى خلافات مسؤولين، ومحاولات تهرب من المسح الذي يجري.
في وزارة الإدارة المحلية والتنمية الريفية، قال مسؤول إن عمل الوزارة واسع وكبير حيث تنقسم إلى الوحدات الإدارية في المحافظات. ولفت إلى فشل لجنة الدمج والهيكلة “حيث تعتزم ضم هيئات من وزارات أخرى، واحداث تغيير كبير في الوحدات الإدارية في المحافظات (الخاضعة للحوثيين) لتكون نموذج لبقية الإدارات”.
وأضاف: حتى الآن لم يتم إنشاء منظومات وهياكل جديدة لاستيعاب الرؤية والمهام الجديدة للوزارة التي أضيفت لها التنمية والريف.
وقال المسؤول في رئاسة وزراء الحوثيين حول ذلك إن لجنة “مسح وحصر” تابعة لمجلس الوزراء -غير المعترف به- أكلمت حتى منتصف فبراير/شباط المرحلة الأولى من عملية المسح التي شملت أكثر من 100 وحدة خدمة عامة ومن المبكر الحديث عن الانتهاء من “رسم الخرائد والهياكل التنظيمية واللوائح لهيئات الدمج”.
وأضاف المسؤول “في مكتب رئاسة الوزراء هناك اختلالات وظيفية واسعة وكبيرة لم يتم حلها متعلقة بعمليات الدمج والهيكلة، والفشل في حلها كل هذه المُدة يكشف حجم الخلل الذي يحدث وسيحدث إذا ما فُرضت هياكل وأنظمة جديدة دون وعي”.
وحسب المصادر فإن هناك مقاومة واسعة في معظم مؤسسات الدولة لعملية الهيكلة. لذلك شرع الحوثيون قانوناً لتسليم رواتب الموظفين التي رفضوا تسليمها منذ 2016م، وهو ما تسبب بركود هائل في الاقتصاد بمناطق الجماعة، وبدأوا بالفعل منذ مطلع العام بتسليم الرواتب وفق ما أسموها “آلية استثنائية”. تشترط الاعتماد على الموظفين الذين سيبقون في أعمالهم بعد عملية الدمج والتغيير التي يقوم بها الحوثيون منذ منتصف العام الجاري.
وتم تقسيم الموظفين إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى تستلم كامل مرتباتها شهريا، والفئة الثانية نصف مرتب شهريا، والفئة الثالثة: نصف مرتب كل ثلاثة أشهر فقط. هناك طبقة رابعة لن يسلم الحوثيون مرتباتهم. وفق آخر عملية صرف لنصف مرتب حسب كشوف النظام الموحد الذي اعتمده الحوثي قبل سنوات.
ويهدف الحوثيون من ذلك القانون إلى إجراء عملية طرد واسعة من الوظيفة العامة وتوظيف آخرين. وستشمل على سبيل المثال فصل خمسة آلاف موظف من هيئة النقل العام من وظائفهم وفق “علي الزنم” عضو مجلس النواب التابع للحوثيين (البرلمان في صنعاء غير المعترف به دولياً).
ووفق تقديرات الحوثي فإن 80% من الموظفين مستحقون للتقاعد، ونالوا أحد الأجلين: خدمة 34 سنة، أو تجاوز سنهم 64 سنة. وهو ما يفتح صراعاً بين مراكز النفوذ داخل جماعة الحوثي لوضع الموالين في الوظيفة العامة.
من يحصل على راتبه؟.. الفائزون والخاسرون في قانون رواتب الحوثيين حصري- أبو علي الحاكم.. ذراع “استراتيجي” لأشد عمليات الحوثيين سرية!على الأوراق يتكون الحكم في صنعاء من تحالف حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان موالياً للرئيس السابق على عبدالله صالح، وجماعة الحوثي. لكن بعد مقتل صالح في 2017 على يد الحوثيين جرى اقصاء أعضاء الحزب من مواقع المسؤولية في الحكومة تدريجياً. وعقب الإعلان عن “التغيّرات الجذرية” وإعلان حكومة دون موافقة حزب المؤتمر الذي يقوده صادق أمين أبو راس فإن كثير من قادة الحزب يقولون إن قادة الجماعة سيتقاسمون الوظيفة العامة بين أنصارهم ومواليهم وإخراج الحزب بشكل كامل من الحكومة.
لكن يتوقع مسؤولان اثنان مطلعين على تفاصيل صراع أوسع على النفوذ داخل جماعة الحوثي أن تشهد المراحل القادمة زيادة في حدة الصراع بين مجموعتين تتصارعان على النفوذ داخل الحركة ومصادر الإيرادات. ويدور الصراع بين طرفين رئيسيين يمثل الأول “أحمد حامد” (ابومحفوظ) مدير مكتب مهدي المشاط (رئيس المجلس السياسي الأعلى)، والطرف الثاني محمد على الحوثي (أبو أحمد) عضو المجلس السياسي الأعلى وقائد اللجنة الثورية العليا -سابقاً-.
وخلال السنوات القليلة الماضية ركز (أبو محفوظ) المؤسسات الإيرادية والوظيفة العامة بين يديه وصناعة المراكز المالية للجماعة؛ وتبلغ إيرادات مصلحة الجمارك وحدها 1.8 مليار دولار سنويا. فيما يمتلك طرف (أبو أحمد) نفوذاً أقل بكثير في مؤسسات الدولة، ويتحكم عبر تابعين ببعض المنافذ الإيرادية والمراكز المالية الجديدة. وعمل الأول على تجفيف مؤسسات الدولة من الموالين للطرف الثاني الذي كان يتحكم بالمؤسسات عبر النظام الإشرافي الذين تعينهم الجماعة، حيث يعمل المشرفون على إقامة علاقة هيمنة مع الوزراء والمحافظين وغيرهم من المسؤولين، ويتولون بشكل فعال أدوارهم في صنع قرار تلك المؤسسات والموافقة عليها.
“الحوثي” يستفرد بالسلطة كليا في صنعاء ويعلن عن تغييرات لا تشمل شركائه من المؤتمر (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟لن تؤدي التغيّرات الجذرية إلى حوكمة فعلية، إذ تستمر “القوى الخفيّة” في تسيير الأمور. وحتى في حال نجاح “الحوثي” في حل الصراع على الثروة والسلطة بين الطرفين المتنافسين داخل الجماعة، إلا أن من الصعب نجاح وضع توليفة إرضاء لأنصار وأبناء الحركة لإدماجهم في الوظيفة العامة. إذ أن ذلك يثقل كاهل الجهاز الإداري للدولة ويستبدل الكادر المؤهل بموظفين غير قادرين. ما يؤدي إلى استمرار حالة التذمر والسخط من المواطنين والكيانات السياسية بما في ذلك مؤتمر صنعاء، مع اقتصاد غير فعال.
لا يستطيع الحوثيون إدارة دولة ويعرفون أن الشعب اليمني الذي عاش سنوات الحرب لا يثق بهم وبمرور الوقت ستصبح التغيّرات الجذرية من حلّ إلى مشكلة يعاني منها الحوثيون باعتبارها حامل “بذور الفناء” لهيمنة الجماعة المسلحة.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الرواتب الموظفين الحكوميين حكومة صنعاء الخاضعة للحوثیین الوظیفة العامة مؤسسات الدولة یمن مونیتور فی صنعاء مسؤول فی فی وزارة
إقرأ أيضاً:
حضرموت.. خريطة التشكيلات العسكرية والثروة وصراع النفوذ
تقع محافظة حضرموت شرقي اليمن، وتعد أبرز محافظة يمنية في صراع النفوذ، لكونها المحافظة اليمنية الأكبر من حيث المسافة (تمثل مساحتها 36% من مساحة البلاد)، وتحتوي على ثروات هائلة، إذ تنتج 80% من النفط اليمني، وتنتج الغاز وثروات أخرى، بالإضافة إلى امتلاكها لشريط ساحلي على البحر العربي يمتد لمسافة 360 كيلومتراً.
ويتجاوز عدد سكان حضرموت 1.8 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 193,032 كيلومتراً مربعاً، ويحدها من الشمال المملكة العربية السعودية، ويحدها من الجنوب بحر العرب، ومن الشرق محافظة المهرة الحدودية مع عمان، ومن الشمال الغربي محافظتا مأرب والجوف، ومن الغرب محافظة شبوة التي تعد مركزاً رئيسياً لإنتاج الغاز في اليمن.
أضف إلى ذلك أن المحافظة تتكون من حضرموت الساحل، وعاصمتها المكلا، وحضرموت الوادي، وعاصمتها سيئون. وفي حضرموت الوادي تقع الثروة النفطية للمحافظة، ومن أبرز الحقول النفطية فيها حوض المسيلة قطاع (14) الذي اكتُشف في عام 1993. ويعتبر قطاع المسيلة النفطي في حضرموت من أكبر الحقول النفطية في اليمن، إذ يمثل أكثر من 39% من إجمالي الإنتاج النفطي، ويحتل المركز الأول بين القطاعات النفطية في البلاد بطاقة إنتاجية قدّرتها وزارة النفط اليمنية في عام 2006 بحوالى 51.7 مليون برميل.
ويوجد قطاع 14 النفطي في محافظة حضرموت ضمن أحواض المسيلة بسيئون، ومساحته تقدر بحوالى 1,257 كيلومتراً مربعاً، حيث تشكل قطاعات المسيلة – وبخاصة القطاعات 14، 10، 51، 32، 53 – العمود الفقري لإنتاج الخام، فيما تعتبر شركة بترومسيلة الوطنية الشركة المشغلة لهذا القطاع بعد أن تسلمته من المشغل السابق، شركة كنديات نكسن الكندية في عام 2011، إذ كانت خطة الشركة تهدف إلى حفر عدد من الآبار التطويرية وحفر بئرين استكشافيتين، إضافة إلى إجراء صيانة لعدد من الآبار والقيام بمسوحات جاذبية ومغناطيسية.
وتملك حضرموت مطارين جويين، هما مطار الريان في المكلا، ومطار سيئون في حضرموت الوادي، وعدداً من الموانئ البحرية، هي: ميناء المكلا، وميناء الشحر، وميناء الضبة النفطي. وتملك أيضاً منفذاً برياً مع السعودية، هو منفذ الوديعة البري الذي عبره ينتقل المسافرون وتُنقَل البضائع والمواد الغذائية من السعودية وإليها، ويعد واحداً من أبرز الأوعية الإيرادية للبلاد، ولكونه أهم منفذ بري بين اليمن والسعودية، فإن ذلك يجعل حضرموت ضمن أولويات الاهتمام السعودي باليمن.
حضرموت... خريطة النفوذ العسكري
هناك المنطقة العسكرية الأولى، وهي إحدى المناطق العسكرية اليمنية السبع، ويقع مركز قيادتها في مدينة سيئون، وتتكون من سبع وحدات قتالية موزعة بين قوات برية وحرس حدود. بينما المنطقة العسكرية الثانية تتخذ من المكلا مقراً لها وتشمل أيضاً محافظة المهرة الواقعة على الحدود مع عمان، والتي تعد ثاني أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة، وقد نجح الانتقالي الجنوبي بالسيطرة على المكلا وأصبحت المنطقة الثانية حليفة عسكرية له، بينما ظلت المنطقة العسكرية الأولى حجر عثرة أمام استكمال سيطرته الكاملة على كامل محافظة حضرموت، بما فيها حقول النفط الواقعة في حضرموت الوادي.
وتتكون محافظة حضرموت التي تنقسم إلى جزأين، من 28 مديرية، ومدينة المكلا عاصمة لها. يتكون الجزء الأول من ساحل وهضبة حضرموت وينقسم إلى 12 مديرية تسيطر عليها قوات النخبة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والمدعومة من الإمارات، والتي تسيطر على قيادة المنطقة العسكرية الثانية المكونة من الأجزاء الجنوبية لحضرموت ومحافظتي المهرة وسقطرى، كذلك تسيطر على مواقع مهمة أبرزها مطار الريان الدولي في المكلا. أما الجزء الثاني من محافظة حضرموت، فهو مديريات الوادي والصحراء التي تتكون من 16 مديرية وعاصمتها مدينة سيئون، وكانت إلى ما قبل بداية الأسبوع الحالي تقع تحت نفوذ قوات الحكومة المعترف بها دولياً المدعومة من السعودية، وتسيطر على مطار سيئون الدولي.
وبدعم من السعودية، تشكل في عام 2013 حلف قبائل حضرموت، ويرأسه الشيخ عمرو بن حبريش وكيل أول محافظة حضرموت، ويضم الحلف قبائل حضرموت وعشائرها، ويملك تشكيلاً عسكرياً وأمنياً واسع الانتشار في وادي حضرموت تحت اسم "قوات حماية حضرموت" ومقرها منطقة الهضبة في الوادي، حيث تتركز آبار النفط، ومن أبرز مطالب الحلف التي ينادي بها الحكم الذاتي لحضرموت، والحصول على حصة من المخزون النفطي في المحافظة، وتحسين البنية التحتية والخدمات العامة.
وأمام أطماع التوسع والسيطرة على محافظة حضرموت بالكامل، عمل الانتقالي الجنوبي على إنشاء تشكيلات عسكرية مثل (النخبة) و(قوات الدعم الأمني) حيث يهدف الانتقالي من خلال هذه التشكيلات العسكرية إلى السيطرة على وادي حضرموت، والسيطرة على حقول النفط فيه التي يسيطر عليها حلف قبائل حضرموت، بالإضافة إلى السيطرة على المنطقة العسكرية الأولى التي يتهمها بأنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) وأنها تتخادم مع الحوثيين، وعبرها يُهرَّب السلاح للحوثيين.
ونهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي قراراً باجتياح حضرموت عسكرياً، وعمل بالتزامن مع إقامة عرض عسكري للقوات الجنوبية في عدن هو الأول منذ عام 1989 على التحشيد العسكري من المحافظات التي يسيطر عليها، فحشد آلاف المسلحين ومئات العربات والمدرعات العسكرية من محافظات عدن وأبين والضالع ولحج وشبوة إلى حضرموت الوادي.
وكان حلف قبائل حضرموت قد أعلن الأسبوع الماضي أن وحدات من قوات "حماية حضرموت" قامت بتأمين منشآت حقول نفط المسيلة"، مؤكداً أن تأمين حقول النفط جاء لغرض "تعزيز الأمن فيها والدفاع عن الثروات الوطنية من أي اعتداء أو تدخل خارجي، باعتبارها ثروة شعب وتحت غطاء الدولة الشرعية الرسمية".
والأربعاء سيطرت قوات الانتقالي على مدينة سيئون بالكامل، بعد أن قامت المنطقة العسكرية الأولى بتسليمها بشكل متسارع كلاً من مقر المنطقة والمعسكرات التابعة لها، والقصر الجمهوري، ومطار سيئون، ومجمع المكاتب الإدارية وغيرها من المقرات الأمنية والمدنية، وفي اليوم نفسه سلمت محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان بشكل كامل، مع محور الغيضة العسكري، والمنافذ الحدودية والموانئ، وجميع المقرات الحكومية في المحافظة.
كذلك تمكنت قوات الانتقالي بالسيطرة الخميس، على حقول النفط، وأعادت انتشارها في محيط الشركات النفطية في هضبة حضرموت شمال شرقي اليمن، وبسطت سيطرتها على جميع النقاط والمواقع، وذلك عقب هجوم شنته على قوات حماية حضرموت التابعة لحلف قبائل حضرموت.
وقالت قناة عدن المستقلة التابعة للانتقالي الجنوبي، إن قوات "النخبة الحضرمية"، استعادت مواقعها لحماية الشركات النفطية وبسطت سيطرتها على جميع النقاط، مبررة الهجوم على قوات الحلف، بأنه جاء على خلفية "خلافات داخلية" بين قادة قوات حماية حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش والعوبثاني وبن حريز، بشأن تنفيذ اتفاق التهدئة بين السلطة المحلية وحلف قبائل حضرموت برعاية سعودية.
وقالت قوات النخبة الحضرمية إنها فرضت سيطرتها الكاملة على مواقع الشركات النفطية في منطقة المسيلة بمحافظة حضرموت، عقب عملية عسكرية واسعة بدأت مع ساعات الفجر الأولى. وأضافت القوات أن وحداتها نفذت انتشاراً شاملاً في القطاعات النفطية، شمل محيط الشركات وطرق الإمداد الحيوية، ما أدى إلى انسحاب مجاميع تابعة للشيخ عمرو بن حبريش من مواقعها بعد اشتباكات محدودة في بعض النقاط.
وبهذه السيطرة يكون المجلس الانتقالي الجنوبي قد سيطر بشكل كامل على محافظتي حضرموت والمهرة اللتين تمثلان نصف مساحة اليمن، وهو يسيطر بشكل شبه كامل على بقية المحافظات الجنوبية، وهي المساحة الجغرافية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي يقول إنه يهدف إلى استعادتها، وتحقيق مطلب الانفصال.