العقل الطفولي والعقل الراشد
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
العقل الطفولي والعقل الراشد
خالد فضل
العقل الراشد، يشكّ في الوقائع والفرضيات شكّا معقولا، لا يذعن لها كمسلمات . بينما العقل الطفولي، صِدّيق ؛ يتلقى ما يقال له أو يقرأه دون تدبّر، يصدر حكمه بالموافقة أو الرفض وفق العاطفة الوقتية، ويتبنى الفرضيات كمسلمات . إنّه يتبع غيره وليس له استقلالية تتيح له التأمل والتحليل والإستنباط .
في سرديات حرب السودان ، تتضح الهوة بين العقلين، الراشدون نظروا للمسألة من زاوية تستند إلى الحيثيات، استدركوا التجارب الماثلة وكنز الخبرات التي عاشوها وخبروها في يوميات الحروب التي ما انطفأ لها رصاص منذ الإستقلال . فقالوا إنّ الحرب شرّ مطلق، وطريق مغلق بالضحايا والركام والأنقاض المادية منها والمعنوية . فلا فلاح إلا في وقفها فورا قبل أن تلتهب بوقود جديد كلما مرّ عليها يوم . وهي إلى إتساع مكانا وزمانا واضرارا مبنى ومعنى . أصحاب الألباب الهشّة ،والعقول الطفولية ، افترضوا الفرضيات وصدقوها كنتائج ترقى لحكم المسلمات . لن تستغرق سوى سويعات . ولن تحدث أي خسائر أو أضرار ، فقط ستقضي قضاءا مبرما على حاجة اسمها الدعم السريع ، وسيرتاح البلد من عبء الجنجويد إلى يوم الدين . أ ليس هذا مطلب الثائرين، ونحن لعهدهم من الحافظين . إنها لعبة الإستغماية التي يمارسها الأطفال بمتعة . حسنا، فقد كانوا إذن جاهزين ومعبأين وحاضرين متوشحين بلامة الحرب مشمرين لها بتنضيد السلاح وتمتين السواتر وتقوية أوتاد المواقع وحواجز المدن والبلدات , وفوق هذا تأمين المرافق والمعيات، وتهيئة المشافي و وقود الإسعافات، وغيرها من أوجه الإستعداد ؛ هذه أبجديات أي عمل يقدم عليه الشخص الرشيد، فمن يستزرع الأراضي في نواحي الصعيد البعيد أو مشاريع القضارف والمزموم، يكمل التجهيز قبل النهوض للمشوار البعيد و ذاك عين الرشد . فما بالك بمن يود الخوض في الغمرات، مستبسلا من أجل الزود عن الشعب والوطن، فتلك مهنته التي أختار ولم يك من المجبرين، يوم تدرّج فيها مبتهجا مسرورا تتبعه يوم التخرّج الزغاريد . فلماذا كانت الساعات الست التي قيل إنها كافية للحسم وتأديب المارقين قد تحولت إلى ستة ملايين نازح وهارب من مدينته الخرطوم ؟ أ ليس هذا مجال للتحري والتحقيق وكشف أسباب الغياب لكل مظهر من مؤسسات الدولة التي باسمها يحاربون . ست ساعات ولا حرب ستدوم . هكذا قيل، ولكن تمدد الشظى ليلحق بالآمنين في قراهم مابين النهرين حتى تخوم الدمازين، وليتمدد الإنتهاك الوحشي حتى ملامسة الحدود في الجنينة القصيّة وفرقان كردفان، لتبدأ مسيرة إستعادة الزمام بعد خراب مادي ومعنوي مهول، دون أنْ يسأل العقل الطفولي عن مفهوم البطولة والخيانة، ومتقابلات الواجب والتقصير، المهنة والراتب، الحضور والغياب . لا وقت للتساؤل فيما يبدو . المهم الكشف عن حجم الإنتهاكات وفظائع الأوباش وفضح المتآمرين والكفلاء الإقليمين، ذاك أدعى لضخ الألاعيب في العقل الطفولي الساذج الذي لا يتوقف للبحث والتنقيب . يسمع ما يقال ويقرأ ما يكتبه الناطقون الرسميون والمخفيون فتمرر فيه الأجندة المكشوفة، يغلفها العقل الطفولي بوهم الخفاء في لعبته المفضلة الاستعماية، لأنّ البصر الحديد يكشف عمّا لا يريد . و رئيس دائرة الإستخبارات الإسرائيلية يستقيل متحملا وزر الفشل في قراءة نوايا حماس واستعدادها لغزوة 7أكتوبر 2023م في خاصرة بلده . ومديرة وحدة حماية المرشحين للرئاسة الأمريكية تستقيل لأنها مسؤولة عن الإخفاق في حماية المرشح ترامب في مهرجان خطابي فيصاب برصاصة . تلك هي مستويات الدولة ومهام أجهزتها،وليس تعقّب المشتبه فيهم متعاونين . أو تصنيف طيف سياسي واسع بأنهم ذراع سياسي للمتمردين، أو استصدار الفتاوى بدك قرى ومدن من يدمغون بأنهم أهالي المليشياويين،نعم إنّهم أهلهم وهل يقطعون معهم الأرحام .
وبتواتر الخراب وشمول الإنتهاكات وتعددها، وتنامي الآثام من قتل وتشريد وبطش وتنكيل وقصف جوي وتدوين وخطف وترويع وجوع ومرض وحصار وبلاء شديد، ما يزال أصحاب العقول الراشدة ينبهون وينوهون ويسعون لهدنة إنسانية ويستحلبون المساعدات ويجتهدو في سبل توصيلها للمحتاجين وعددهم عشرات الملايين، فيما العقل الطفولي العنيد ينسج على منوال غفلته الأقاويل . يفرح مع كيكل مرتين . يغفل تحشيد التنظيم، وهيمنة قادته على المقود به يسيرون إلى الوجهة التي يريدون ومحط النظر وخاتمة الخراب نعيقهم فوق التلة المحترقة أن ها نحن عائدون، والعود أحمد فقد عاد لنا البريق !! الوسومالعقل الطفولي بطش تشريد خالد فضل قتل كردفان
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: بطش تشريد خالد فضل قتل كردفان
إقرأ أيضاً:
خريطة تفاعلية للمناطق المستهدفة بالقصف بين الهند وباكستان
تظهر الخريطة التفاعلية التي عرضتها قناة الجزيرة تفاصيل جغرافية عن المناطق المستهدفة في القصف المتبادل بين الهند وباكستان، والذي أسفر عن سقوط ضحايا من الجانبين.
ويتركز الصراع بين البلدين في إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه، والذي تسيطر الهند على نحو 55% منه، وباكستان على نحو 30%. كما تسيطر الصين على نحو 15% منه.
وبدأ النزاع الأخير بعد هجمات نفذها مسلحون في منتجع سياحي بمنطقة بهلغام في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من إقليم جامو وكشمير، مما أدى لمقتل 26 شخصا. واتهمت الهندُ باكستان بالوقوف وراء الهجوم، وتُصعد بقصفٍ يستهدف مناطق من كشمير تسيطر عليها باكستان، وخاصة مظفر آباد وكوتلي، كما استهدف منطقة بهاولبور في إقليم البنجاب، وقالت باكستان إن الهند استهدفت مسجدين في منطقة بهاولبور.
وبينما قالت الهند إنها استهدفت "9 مواقع"، أكدت باكستان أنها "6 مواقع".
وأعلنت الهند أن القصف الذي قامت به يأتي ردا على ما وصفتها بالهجمات الإرهابية في كشمير الخاضعة لسيطرتها، وأنها تفادت استهداف مواقع عسكرية.
وفي المقابل، ردت إسلام آباد على نيودلهي بقصف مواقع في كشمير الخاضعة للهند منها بونش وراجوري، وقالت باكستان إنها دمرت كتيبة للمشاة في هذه المواقع التي قالت إنها عسكرية.
إعلانوتتحدث القوات الباكستانية -كما جاء في الخريطة التفاعلية التي قدمها محمود الكن- عن إسقاط 5 طائرات مقاتلة هندية وطائرة مسيّرة. وكان مصدر هندي أعلن أن 3 طائرات مقاتلة هندية سقطت لأسباب مجهولة.
وبينما تتواصل الاشتباكات بين قوات البلدين الجارين في حدود إقليم كشمير، أعلنت باكستان أنها أوقفت العمل في مطاري سيالكوت ولاهور. وبدورها أوقفت الهند العمل في عدة مطارات في شمال البلاد.
وعن حصيلة الضحايا في الصراع الحالي، أعلن المتحدث باسم الجيش الباكستاني اليوم الأربعاء مقتل 26 مدنيا على الأقل وإصابة 46 في ضربات الجيش الهندي وفي تبادل لإطلاق النار بين الجيشين في منطقة كشمير. كما نقلت رويترز عن مسؤول هندي أن 10 قتلوا وأصيب 48 في القصف الباكستاني.