لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم المرزم، وهو ثالث نجم من حيث اللمعان في كوكبة الجبار، وهو يعتبر من الأنواء التي كانت العرب تستدل به في المواسم وعند ظهور هذا النجم فإنه يعتبر آخر فترة لشدة الحر في شبه الجزيرة العربية، وأما عن حضور هذا النجم في الثقافة العربية القديمة فقد ذكر الكاتب جواد علي في كتابه كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام أن «بعض قبائل ربيعة عبدوا «المرزم»
وقد أوضحت الدراسات الحديثة أن هذا النجم يبعد عن الأرض حوالي 240 سنة ضوئية، ويبلغ قطره نحو 5 أضعاف قطر الشمس، وتبلغ درجة حرارة سطحه حوالي 21,500 كلفن، مما يجعله أسخن بكثير من الشمس، كما أن ضوءه يفوق ضياء الشمس نحو 4000 مرة.
ولم يكن هذا النجم بمعزل عن الأشعار العمانية فنجد أن الملاح العماني أحمد بن ماجد قد ذكر هذا النجم في منظومته الفلكية فقال:
والـدَّبَرَانُ شـَامُ والمِـرزم يَمَـن
قاسـُوهُمَا مِن قبلِنا أُولو الفِطَن يَحســَبُهُم خــابِرُ هــذا الفــنِّ
كلاهمــــا إلاَّ بفــــردِ خَــــنِّ
كَمَثـلِ مـا المِـرزَمُ ثـمَّ النَّاجِد
قَـد كَنَفَـا الجوزاءَ في القَوَاعِد
وإذا أتينا إلى شاعر الفخر العماني سليمان النبهاني فنجده أورد هذا النجم في معرض فخره بنفسه فهو يقول إن همته تعلو على نجم المرزم فيقول:
وذكــري يطـوفُ بـأفقِ البلادِ
وفضــليَ يسـري إلـى النُّـوم
ولــي همَّـةٌ تنطـح النَّيَرْيـنِ
وتسـمو رُقيّـاً علـى المِـرزم
وأما في الشعر الجاهلي فلأنهم يسامرون النجوم ويستخدمونها دليلا لهم في رحلاتهم وتنقلاتهم في الصحراء فنجد الشاعر الجاهلي الجُمَيحُ الأَسَديُّ.
جُبْـهٍ إِذا ابْتَـدُّوا قَنـابِلَهُ
كَنَشـاصِ نَـوْءِ الْمِرْزَمِ السَّجْمِ
صـَجْرٍ يَغَـصُّ بِـهِ الْفَضـاءُ لَهُ
ســَلَفٌ يَمُــورُ عَجـاجُهُ فَخْـمِ
وإذا أتينا إلى الشعر الأموي فنجد الشاعر الكُمَيْتُ بنُ زيدٍ الأسدي يذكر هذا النجم وأنه هو الذي يجلب الرياح الحارة فيقول:
وَالْحِيَــاضَ الْمُمَلْآتِ مِـنَ الشـَّرْبِ
إِذَا الْمِرْزَمُ اسْتَهَبَّ الْحَرُورَا
ومن أشهر الشعراء في العصر الأموي الذين ذكروا هذا النجم في أشعارهم نجد الشاعر جرير يقول:
حَــيِّ الـدِيارَ بِعاقِـلٍ فَـالأَنعُمِ
كَـالوَحيِ في رَقِّ الكِتابِ المُعجَمِ
طَلَـلٌ تَجُـرُّ بِـهِ الرِياحُ سَوارِياً
وَالمُـدجِناتُ مِنَ السِماكِ المِرزَمِ
وأما الشاعر الأموي عمر بن لجأ التيمي فقد قرن هذا النجم بالجوزاء فيقول:
أَراقِــبُ مِـرزَمَ الجَـوزاءِ حَتّـى
تَضــَمَّنَهُ مِــن الأُفــقِ السـُجودُ
وَعــارضَ بَعــدَ مَســقَطِهِ سـُهَيلٌ
يَلـــوحُ كَــأَنَّهُ بِــدَمٍ طَريــدُ
ولو عرجنا على الشعر في العصر العباسي فنجد أبو هفان المهزمي يمدح أحدهم بنوء المرزم فيقول:
لو كنتَ نوءاً كنت نوء المِرزَمِ
أو كنتَ ماءً كنتَ ماءَ الزمزمِ
كما في ديوان «سقط الزند» للشاعر العباسي أبو العلاء المعري ذكر لهذا النجم فيقول:
وكيــف لا يَطْمَـعُ فـي مَغْنَـمٍ
مَـن الثرَيّـا بعـضُ ما يَغْنَم
وكيـف يَخفـى نَفَـلٌ بعضُه ال
مِرّيـخُ والجـوْزاءُ والمِـرْزَمُ
ومن الشعراء العباسيين المشهورين نرى الشريف الرضي يقرن هذا النجم بنجم السها فيقول:
فَعَلـى مـا يَطلُـبُ غـايَتي مُتَسَرِّعاً
غُلُـقُ الجَنـانِ أَقـولُ مـا لا يَفهَمِ
هَيهــاتَ أَقعَـدَكَ الحَضـيضُ مُـؤَخِّراً
عَنّـي وَجـاوَرَني السـُها وَالمِـرزَمُ
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا النجم فی
إقرأ أيضاً:
أحمد حسن راؤول يكشف لـ "الفجر الفني" عن تعاون جديد يجمعه بنوال الزغبي في أغنيتين من ألبومها المقبل
يواصل الشاعر الغنائي أحمد حسن راؤول تألقه في الساحة الفنية، ويثبت مرة بعد أخرى قدرته على ملامسة مشاعر الجمهور بكلماته التي تجمع بين الرقي والواقعية. وبعد نجاحات عديدة جمعته بكبار نجوم الوطن العربي، يعود مجددًا بتعاون جديد ومميز مع النجمة الذهبية نوال الزغبي.
وفي حوار خاص لـ "الفجر الفني"، كشف "راؤول" عن كواليس أحدث أعماله المنتظرة مع نوال، مؤكدًا أنه يشارك في ألبومها المقبل بأغنيتين جديدتين من كلماته، وقال: "بقدّم معاها غنوتين في الألبوم من كلماتي، وألحان أحمد زعيم، وتوزيع عمرو عبد الفتاح، والأغنيتين مختلفتين تمامًا في الشكل والمضمون، وإن شاء الله يعجبوا الناس."
وأشار راؤول إلى أن إحدى الأغنيتين تحمل عنوان "ماضي وفات"، وهي من الأعمال التي يُراهن عليها بقوة، خاصة وأنها تُقدَّم بإحساس نوال الزغبي المختلف، وبتوزيع موسيقي حديث يناسب روح الألبوم.
وعن تاريخ التعاون الفني بينهما، قال الشاعر: "دي تقريبًا رابع مرة أشتغل فيها مع نوال، بعد عكس الطبيعة، وارقص، وعقلي وقف. وسعيد جدًا إننا مستمرين سوا، لأنها فنانة مميزة وبتفهم الكلمة كويس، وبتعرف تختار دايمًا اللي يليق بيها وبجمهورها."
يُذكر أن الشاعر أحمد حسن راؤول قد أصبح اسمًا لامعًا في المشهد الغنائي العربي، ويُعد من أكثر الشعراء تعاونًا مع كبار النجوم، بأعمال تتنوع بين الرومانسية والدرامية والشبابية، وهو ما جعله من الأسماء المطلوبة دائمًا في الألبومات الغنائية الكبرى.