تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن تصعيدًا خطيرًا في استهداف العاملين في المجال الإنساني، حيث تزايدت حالات الاعتقال والوفيات أثناء الاحتجاز، في ظل تراجع الاستجابة الدولية لحماية موظفي الإغاثة وضمان استقلالية العمل الإنساني.

وأثار اعتقال ووفاة هشام الحكيمي، مدير الأمن والسلامة في منظمة "أنقذوا الأطفال"، في سبتمبر 2023، تساؤلات حول التدخلات الحوثية المتزايدة في العمل الإنساني.

ولم تصدر أي جهة رسمية تفسيرًا واضحًا لملابسات اعتقاله ووفاته أثناء الاحتجاز، فيما كشفت تحقيقات داخلية عن إخفاقات في آليات الحماية والمساءلة داخل المنظمة، مما جعل مكتبها في اليمن أكثر عرضة لتدخلات الجماعة المسلحة.

ومنذ حادثة الحكيمي، صعّد الحوثيون حملتهم ضد العاملين في المجال الإنساني والمجتمع المدني. ففي يونيو 2024، نفذت الجماعة حملة اعتقالات طالت أكثر من 50 شخصًا، بينهم 13 موظفًا في الأمم المتحدة، ثم أوقفت ثمانية آخرين من موظفي الأمم المتحدة في يناير 2025. ولم يُعرف حتى الآن مصير العديد من المعتقلين، فيما توفي أحد موظفي الأمم المتحدة في فبراير أثناء احتجازه، ما زاد من المخاوف بشأن سوء المعاملة داخل سجون الحوثيين.

الاعتقالات وتحويل المساعدات

ووثّقت منظمات حقوقية يمنية مئات حالات الاعتقال التعسفي منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014، حيث استهدفوا الصحفيين والناشطين والمعارضين السياسيين، إضافة إلى العاملين في المجال الإنساني. وتُتهم الجماعة باستخدام بعض المحتجزين كأوراق مساومة في عمليات تبادل الأسرى، أو لابتزاز المنظمات الإنسانية للحصول على امتيازات.

كما كشفت تقارير عن تورط الحوثيين في تحويل المساعدات الإنسانية إلى قنوات خاصة، حيث فرضوا قيودًا على تنقل وكالات الإغاثة، ومنعوا تقييمات مستقلة للاحتياجات، كما ضغطوا على المنظمات لاستخدام الوزارات التابعة لهم كشركاء منفذين. وتشير شهادات موظفين إغاثيين إلى أن الحوثيين يفرضون رقابة مشددة على عمليات توزيع المساعدات، ويحولون جزءًا منها لصالح مقاتليهم أو يبيعونها في السوق السوداء.

وقالت نيكو جفارنيا، الباحثة في هيومن رايتس ووتش، إن المنظمات الإنسانية لا تمارس ضغوطًا كافية على الحوثيين، مشيرة إلى أن استمرار هذه الانتهاكات دون رد فعل دولي قوي يعرض المزيد من الموظفين للخطر.

مخاوف من تصاعد القمع

يتزامن تزايد الانتهاكات بحق العاملين الإنسانيين مع توسع الحوثيين في فرض سيطرتهم على قطاعات حيوية، مثل الاتصالات والتعليم والصناعات الدوائية، مستغلين الدعم الإقليمي الذي حصلوا عليه مؤخرًا بعد استهدافهم للملاحة في البحر الأحمر بذريعة الرد على الحرب في غزة.

ويحذر خبراء من أن التغاضي عن انتهاكات الحوثيين ضد العاملين في المجال الإنساني قد يؤدي إلى فقدان استقلالية المساعدات الدولية، ويزيد من تعرض المنظمات لضغوط سياسية. كما يطالب أقارب المحتجزين المنظمات الإنسانية باتخاذ مواقف أكثر صرامة لحماية موظفيها، والضغط دوليًا للإفراج عن المعتقلين وإنهاء التدخلات الحوثية في عمليات الإغاثة.

ومع استمرار الأزمة الإنسانية في اليمن وتراجع تمويل المساعدات، يخشى مراقبون أن يؤدي غياب الاستجابة الدولية الحازمة إلى تفاقم معاناة المدنيين الذين يعتمدون بشكل أساسي على الدعم الإغاثي، في ظل استمرار الحرب وتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: العاملین فی المجال الإنسانی

إقرأ أيضاً:

«الوطنية لحقوق الإنسان» تحمل «داخلية الدبيبة» مسؤولية الانتهاكات التي ارتكبها «العمو»

رصد قسم تقصي الحقائق والرصد والتوثيق بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، ببالغ القلق الصور والمشاهد الفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الإجتماعي، والذي أظهر فتاة مكبّلة تُستجوَب بطريقة غير إنسانية.

وأضافت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، في بيان لها، «بدّت الفتاة مُقيّدة بالسلاسل وتخضع لاستجواب قسري على يد أحد قادة الميليشيات المسلحة في منطقة الساحل الغربي، أحمد الدباشي، الملقب بـ«العمو» والمتورط في إرتكاب العديد من الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بحق عدداً كبيراً من المواطنين والمهاجرين في أوكار تهريب المهاجرين التي يُديرها، بالإضافة إلى ممارسة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر في مدينة صبراتة.

وأوضحت أن المشاهد الفتاة في حالة غير إنسانيّة ولا تليق بكرامة الإنسان وآدميته، وأن هذا الفعل المشين يُعدّ تجاوزًا خطيرًا لكل الأعراف القانونية والدستورية، ويمثل اعتداءً مباشرًا على المؤسسات السيادية، وعلى مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات.

وتطالب المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، النائب العام والسُّلطات القضائيّة والأمنية المختصة، بإجراء تحقيقاً شامل وشفاف في ملابسات وظروف في جميع الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي إرتكبها أحمد الدباشي، الملقب العمو، وضمان سرعة ملاحقته وتقديمه إلى العدالة وإنزال أشد العقوبات القانونية المقررة في شأن الجرائم التي ارتكبها.

وحملت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وزير الداخلية المكلف ورئيس الحكومة المُؤقتة الدبيبة، كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية حيال الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها هذه المجرم بحق ضحاياه من المواطنين.

مقالات مشابهة

  • غزة.. مقتل 40 فلسطينيا في يوم واحد معظمهم قرب نقطة توزيع مساعدات غذائية
  • الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات المتكررة
  • الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف "الانتهاكات الصهيونية "بحق دول المنطقة
  • إيكونوميست: هل مؤسسة غزة الإنسانية مؤامرة وأداة إسرائيلية؟
  • تحالف دولي مع مصر لإعلان 30%؜ من كوكب الأرض مناطق محمية بحلول 2030 .. تفاصيل مهمة
  • تنديد أممي بفشل مؤسسة غزة الإنسانية واتهام للاحتلال بعسكرة المساعدات
  • "لقمة مغمسة بالدماء"... فلسطينيون يروون معاناتهم في الحصول على المساعدات من مؤسسة "غزة الإنسانية"
  • «الوطنية لحقوق الإنسان» تحمل «داخلية الدبيبة» مسؤولية الانتهاكات التي ارتكبها «العمو»
  • أستاذ قانون دولي يكشف لـعربي21 تفاصيل تحركات جديدة لتحالف أسطول الحرية
  • القضارف: تغطية واسعة في توزيع الاضاحي هذا العام بمشاركة المنظمات المحلية والإقليمية