مفتاح البقاء في عالم مُتغير
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
د. أحمد بن موسى البلوشي
الابتكار، ذلك المفهوم السحري الذي يحمل في طياته مفاتيح التقدم والتطور، وهو ليس مجرد فكرة عابرة أو ومضة إبداعية أو كلمة نتداولها، بل هو عملية مستمرة ومنهجية تهدف إلى تحويل الأفكار الجديدة إلى واقع ملموس يحقق قيمة مضافة، وفي عالم يتسارع فيه التقدم وتتغير فيه المعطيات بشكل مستمر، لم يعد الابتكار خيارًا ترفيًّا، بل أصبح ضرورة حتمية لمواكبة التغيرات المتسارعة في مختلف جوانب الحياة، وهو لا يقتصر على مجال معين، بل يشمل جميع جوانب الحياة ومجالاتها؛ فأغلب الدول والمؤسسات التي تتبنى الابتكار وتستثمر فيه تتمتع بميزة تنافسية، وتحقق نموًا اقتصاديًا مستدامًا، والأفراد الذين لا يسعون إلى تطوير أفكار جديدة لحياتهم وتعاملاتهم وحلول مبتكرة للتحديات التي يواجهونها، يواجهون خطر التخلف عن الركب أمام موجة التقدم.
لطالما كان الابتكار محركًا رئيسيًا للنجاح، فالتاريخ يشهد أن الحضارات التي تفوقت كانت تلك التي احتضنت الإبداع وسعت إلى التطوير المستمر، والتفكير خارج الصندوق، والأهم من ذلك، يتطلب الابتكار ثقافة مجتمعية تقدر الإبداع وتحترمه. اليوم، نرى كيف أن الدول التي تستثمر في البحث والتطوير تحقق تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا ملحوظًا، في حين تتراجع الدول التي تفتقر إلى بيئة مشجعة للابتكار.
الابتكار يتجلى في صور وأشكال متعددة، فقد يكون ابتكارًا في المنتجات أو الخدمات، أو ابتكارًا في العمليات والأساليب، أو حتى ابتكارًا في نماذج الأعمال، أو حتى في أساليب العيش والحياة، والهدف الأساسي منه هو إيجاد حلول جديدة ومبتكرة للتحديات، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق النمو المستدام. فمثلًا الشركات التي تقاعست عن التطوير والابتكار لما وصل له العالم من تقدم خرجت من السوق، مثل ما حدث مع شركة "نوكيا" و"كوداك"، والأمر لا يقتصر على الشركات فقط، فحتى الدول التي لا تستثمر في الابتكار تجد نفسها تعاني من تراجع اقتصادي وتدهور في مستويات المعيشة، وكذلك الإنسان إذا لم يجد طرقاً مبتكرة لطريقة حياته يصبح أسيرًا للروتين والتكرار، ويفقد شغفه بالحياة. الابتكار في طريقة العيش لا يعني فقط الإبداع في العمل أو المشاريع، بل يشمل أسلوب التفكير، والتعامل مع التحديات، وحتى العادات اليومية. كلما اكتشف الإنسان طرقًا جديدة للنظر إلى الأشياء، زادت قدرته على التطور والتأقلم، مما يجعل حياته أكثر متعة ومعنى.
ويُعد ترسيخ ثقافة الابتكار أمرًا بالغ الأهمية لضمان التطور المستدام، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع البحث والتطوير عبر توفير بيئات محفزة تدعم الإبداع على مستوى الأفراد والمؤسسات، إلى جانب تعزيز التعليم القائم على الإبداع بحيث يركز على تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات. كما أن دعم رواد الأعمال والمبتكرين من خلال تقديم التسهيلات والتمويلات للمشاريع الناشئة يعد عنصرًا أساسيًا في بناء بيئة ابتكارية ناجحة. وأخيرًا، فإن تبني المرونة والاستعداد للتكيف مع المتغيرات يُعد ضروريًا لضمان القدرة على التطور والاستمرار في عالم سريع التغير.
إنَّ الاختيار بين الابتكار والاندثار ليس مجرد قرار؛ بل هو مسار يحدد مستقبل الأفراد والمجتمعات، وفي عالم اليوم، من لا يبتكر، يندثر. لذا، لا بُد أن يكون الابتكار ثقافة ونهج حياة، لضمان الاستمرارية والتقدم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اجتماع بمأرب يناقش سير تنفيذ مشروع تطوير سلسلة القيمة لمحصول السمسم
شمسان بوست / سبأنت:
ناقش اجتماع موسّع بمحافظة مأرب، اليوم، برئاسة وكيل المحافظة الدكتور عبدربه مفتاح، سير تنفيذ مشروع تطوير سلسلة القيمة لمحصول السمسم في مديريّتَي مدينة مأرب والوادي، الذي يُنفّذه ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية، بدعم من الاتحاد الأوروبي عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
واستعرض الاجتماع، الذي ضم مدراء عموم المكاتب والجهات الحكومية ذات العلاقة وفريق المشروع وممثلي الجهات المنفّذة، أهداف المشروع ومراحل تنفيذه، وأبرز التدخلات والأنشطة المنجزة، بالإضافة إلى الصعوبات والتحديات التي تواجه سير العمل وسبل معالجتها، في إطار تطوير سلاسل الإنتاج والتسويق والتصنيع وتحديثها.
وأكّد الوكيل مفتاح، أهمية المشروع في دعم مزارعي محصول السمسم بالمدخلات الزراعية التي تساعدهم على رفع قدراتهم الفنية والإنتاجية، إلى جانب دعم المشاريع الزراعية والتجارية الصغيرة والمتوسطة في المحافظة..مُشيراً إلى أن المشروع سيسهم في تحفيز النشاط الزراعي والتجاري، وسينعكس أثره على تنمية الاقتصاد المحلي، وتعزيز الأمن الغذائي، ورفع كفاءة سلاسل القيمة الزراعية.
وأوضح وكيل المحافظة، أن مأرب تمتلك مقومات زراعية كبيرة تؤهّلها لتكون رافدًا زراعياً واقتصادياً مهمّاً على المستوى الوطني، لما تتميّز به من تنوّع مناخي وخصوبة في أراضيها الزراعية، ما يجعلها بيئة واعدة للاستثمار الزراعي وتطوير الصناعات المرتبطة به، خاصة في قطاع السمسم، إذا ما توفرت له البنية التحتية والدعم المؤسسي الكافي.
وشدد مفتاح على ضرورة مضاعفة الجهود، وتعزيز التعاون والتنسيق بين كافة الجهات المعنيّة بالمشروع، والعمل على توسيع نطاقه، ورفع نسبة المستفيدين منه، والاستفادة القصوى من إمكانياته المتاحة، لتحقيق الأثر التنموي المطلوب، وضمان استدامة هذه التدخلات وتوسيع أثرها الإيجابي.
فيما استعرض فريق المشروع، تقريراً عن ما تم إنجازه من أنشطة وتدخلات منفّذة، أهمها إنشاء صندوق دوّار للتنمية الاقتصادية المحلية لدعم المشاريع الزراعية والتجارية في المحافظة، بمبلغ مليون دولار أمريكي، بتمويل مشترك بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبنك الأمل للتمويل الأصغر..موضحا أنه تم تأسيس مركزي تدريب متخصصَين في المحافظة، هما: مركز “النافذة الأولى لريادة الأعمال” (FSS) ومقره في مبنى المجلس المحلي بمديرية المدينة، ومركز “الأعمال الزراعية” (ABC)، ومقره في محطة البحوث الزراعية.
وأشار إلى أن الفريق يعمل حالياً على تجهيز البوابة الإلكترونية للنافذة الواحدة (OSS)، لتكون منصة شاملة تُسهّل الوصول إلى خدمات الدعم الفني والمالي للمستفيدين من المشروع من المزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة، ومن المتوقع عرضها قبل نهاية المشروع.