تحت شعار «الواقع أصدق من المحاكاة».. إعلانات رمضان بين «دفء» العائلة و«برود» الذكاء الاصطناعي!
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
تتقافز الأيام سريعاً، ويجري بنا الشهر الكريم، وينتصف، كعادة "الأيام الحلوة" ما نكاد ندركها حتى تنفلت من بين أيدينا، ومازالت سيول "الإعلانات" تنهمر، ويبحر صناعها، عبر أمواج المشاهدات، أملاً في الحصول على "قضمة" من التورتة، وبعد أن كانت الإعلانات مقصورة في رمضان على "أبواب الخير وأصناف الحلويات"، أصبحت فتارين للحياة المرفهة في "الكومباوندات" والبيوت الذكية، ومنافذ لعروض شركات الاتصالات، باعتبار أن "رمضان" شهر المكالمات الهاتفية للاتفاق على مواعيد وأماكن التجمعات، ويأتي بآخر عربة للقطار، إعلان أو اثنان تذكرة للجمهور بفضائل أعمال الخير.
ومن آخر عربة مشاهدة، انطلق إعلان المؤسسة التي يتطوع كبار النجوم، لترويج خدماتها: مستشفى د.مجدي يعقوب، وانساب هذا العام، صوتان من أهم أصوات مصر: أنغام وويجز، في أغنية عنوانها "قلب أمة"، مع مشاهد تمثيلية مؤثرة، وكان لكل منهما وجود آخر في إعلانات رمضان، فالأخير شارك في إعلان أحد البنوك، بصحبة المطرب محمد حماقي، بلقطات مبهرة مصنوعة بالذكاء الاصطناعي، باستخدام تقنية "Deep Fake" أظهرت مشاهير راحلين كالموسيقار محمد عبد الوهاب والسندريلا سعاد حسني، بينما وقفت أنغام، على خشبة مسرح، في إعلان مجموعة شركات استثمارية، بجوار المطرب أحمد سعد، وظهور خاص للفنانين دينا الشربيني ومحمد لطفي وأحمد مالك وكريم فهمي.
وظهر النجم أمير كرارة بـ"لوك" جديد لإعلان شركة أغذية، وورثت ياسمين صبري إعلان "سيراميك" بنفس هيئة النجمة يسرا منذ سنوات.
والطريف أن المطرب أحمد سعد أطلق عليه الجمهور لقب "بيومي فؤاد الإعلانات"، بحكم إطلالاته المتعددة في رمضان: منها بنك الطعام، وإعلان أحد البنوك بصحبة الإعلامية لميس الحديدي، والنجوم آسر ياسين، ودرة، وكندة علوش، وأحمد داوود وزوجته علا رشدي، ونجوم الكرة المعتزلين أحمد حسن وحازم إمام، كما ظهر أحمد سعد، أيضاً، في إعلان شركة تطوير عقاري، رقص فيه بصحبة شقراوات، في مشهد يكاد يطابق تصوير أغنيته الشهيرة "اختياراتي مدمرة حياتي"، وشارك "سعد" مع الفنانة مي عمر، في إعلان عن "آيس كريم"، اتهمه فريق "الصاباوي" الغنائي، باقتباس أغنية قديمة للفريق بعنوان "سيب الـ هاه"!
ولأن "الواقع ربما يكون أصدق من المحاكاة"، قرر عدد من صناع الإعلانات، الاستعانة بالمشاهير مع "عائلاتهم"، لـ"تأدية أدوارهم الحقيقية"، حيث اختارت إحدى شركات الاتصالات، المطربة شيرين عبد الوهاب للغناء، والظهور مع ابنتها "هنا" في إعلان ضم عدداً من "العائلات": منهم مصطفى شوبير حارس مرمى الأهلي ووالدته، والفنان ماجد الكدواني مع ابنيه يوسف وساندرا، كما ظهر "الكدواني" في إعلان خفيف الظل، لأحد المنتجعات بصحبة المطرب محمود العسيلي، بينما سيطرت فكرة الأجواء العائلية، على عدد من الإعلانات، منها شركة للاتصالات، اختارت المطربة اللبنانية نانسي عجرم مع ابنتها، واللاعب محمد صلاح، نجم ليفربول مع ابنته، واستعانت شركة استثمار سياحي بالفنان أحمد زاهر للظهور مع عائلته بالكامل، زوجته وبناته الأربعة، واختارت شركة استثمار عقاري الجمع بين الثنائيات حسين فهمي وميرفت أمين، والسورية كندة علوش وزوجها عمرو يوسف، والفنانة ليلى زاهر وخطيبها المطرب هشام جمال، ينساب بينهم صوت الإماراتي حسين الجسمي لدغدغة مشاعر الجمهور، وهو نفس الصوت الذي اختارته إحدى شركات الاتصالات ليكون خلفية لمة الأحباب، مع باقة من النجوم، على هيئة ثنائيات عائلية: أحمد داوود وسلوى محمد علي، علي قاسم وجيهان الشماشرجي، شيرين وميمي جمال، ريهام عبد الغفور ورنا رئيس، وظهور خاص للنجم أحمد عز، فيما استعاد الجمهور نوستالجيا فيلم "أبو علي"، بظهور الثنائي كريم عبد العزيز ومنى زكي، معاً، في إعلان شركة استثمار عقاري، وظهر النجم أمير كرارة بـ"لوك" جديد لإعلان أحد البنوك، واجتمع الفنان القدير سيد رجب، مع النجم الشاب طه دسوقي، بـ"دويتو إعلاني" لشركة تكييفات، ووقف الفنان أكرم حسني على منصة "اعتذار" في إعلان طريف لشركة حلويات، ردد رواد السوشيال ميديا، أن فكرته "مقتبسة" من حملة إعلانية قديمة.
وقدمت المطربة اللبنانية إليسا، أغنية جديدة لصالح شركة استثمار عقاري، مع إطلالة الفنانين محمد فراج وأسماء جلال وأحمد السعدني، واختار المطرب تامر حسني الظهور بـ"نموذجين" مختلفين، أولهما يعتمد على الجانب الإنساني ومشاعر الدفء الأسري لإعلان إحدى شركات الاتصالات، والثاني اعتمد على صور ولقطات ذكاء اصطناعي لاهثة، بإعلان أحد البنوك، بينما اختار "بنك" آخر، "تامر" آخر، هو المطرب تامر عاشور، ليخوض تجربة الإعلانات لأول مرة، بصحبة الإعلامي خالد عليش، معتمدين على فكرة "التحفيز"، وبعد سنوات من الغياب، يعود فريق "واما" الغنائي، للقاء مفعم بحنين الذكريات في إعلان شركة تطوير عقاري، تجمعهم الفنانة الكبيرة إسعاد يونس، واختار المطربان بهاء سلطان، وأمير عيد، أغنية عن "سحر الأماكن" للإعلان عن "كمباوند"، أما المطرب "دياب" فظهر تمثيلاً وغناءً بإعلان طريف لشركة "مراتب"، وانطلقت شراكة روبي ونيللي كريم من مسلسل "اخواتي" المعروض حالياً، لـ"شراكة" في الظهور بإعلان أجهزة كهربائية، وبعيداً عن المشاهير، اختارت شركة أجهزة منزلية، مجموعة من "البلوجرز"، لبطولة إعلان تدور فكرته حول "الأم"، كـ"جندي مجهول" في رمضان"، و"بطلة" تفاصيل الحياة اليومية في الشهر الكريم، أما الإعلان الأغرب، فهو ظهور "لافت"، للسنة الثانية على التوالي، ضمن حملة إعلانات "منتجع سكني"، لعارضة الأزياء "جورجينا رودريجز"، زوجة اللاعب كريستيانو رونالدو، وهي تتحدث بلغتها البرتغالية، دون أن يفهمها أحد!!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: محمد صلاح الذكاء الاصطناعي إعلانات رمضان ماجد الكداوني شرکات الاتصالات شرکة استثمار إعلان شرکة فی إعلان
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في التحكيم الرياضي بين الدقة والتحديات
شهدت الرياضة تحولا جذريا خلال السنوات الأخيرة بفضل التطورات التكنولوجية، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويعد تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية التي قد تغير نتائج المباريات أحد أكثر المجالات تأثرا.
ومع ظهور تقنيات، مثل "حكم الفيديو المساعد" (VAR)، أصبحت القرارات التحكيمية أكثر دقة، ولكنها أثارت أيضا نقاشات حول مدى موثوقيتها وتأثيرها في روح اللعبة.
وفي هذا الموضوع، نستعرض دور الذكاء الاصطناعي في تحسين التحكيم الرياضي، مع استعراض أمثلة عملية، والتحديات التي تواجه هذه التقنيات في تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والعنصر البشري.
لطالما كان الحكم الرياضي هو السلطة العليا في الملعب، يتخذ قراراته في أجزاء من الثانية وسط ضغوط اللاعبين والجمهور وسرعة الإيقاع.
ولكن التحكيم الرياضي شهد تطورا جذريا خلال العقود الماضية استجابة للحاجة الملحة لتقليل الأخطاء التحكيمية.
وانتقل التحكيم الرياضي من الاعتماد الكامل على الحكم البشري إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي الذي ساعد في اتخاذ قرارات دقيقة وعادلة.
وأظهرت الدراسات أن الأخطاء التحكيمية تظل حاضرة في بعض الرياضات الجماعية، حتى مع التدريب والخبرة.
ويقدم الذكاء الاصطناعي حلولا مبتكرة من خلال قدرته على المساعدة في اتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية موضوعية، بدلا من الاعتماد على التقدير الشخصي وحده، كما يسهم في تحسين أداء الحكام.
وتتبع الأنظمة الذكية قرارات الحكام وتحلل دقتها، مما يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف في الأداء وتوجيههم نحو التحسين.
وتشمل هذه التحليلات متابعة أنماط القرارات، وتحديد الأخطاء المتكررة، وقياس الاتساق في التحكيم. كما تساعد في إعداد برامج تدريبية مخصصة للحكام بناء على احتياجاتهم الفردية.
إعلانوتشكل أنظمة الذكاء الاصطناعي دعامة رقمية لتحسين جودة التحكيم، إذ ظهر نظام الرؤية الحاسوبية "هوك آي لايف" (Hawk-Eye Live) لأول مرة في رياضة التنس عام 2003 لأغراض البث.
ولكن حصل على الموافقة عام 2005 بعد مباراة في بطولة أميركا المفتوحة للتنس عام 2004 تعرضت خلالها لاعبة لعدة قرارات خاطئة وخسرت المباراة.
وجرى توسيع نطاق استخدام "هوك آي لايف" خلال جائحة فيروس كورونا، حيث أقيمت بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس لعام 2020 بدون حكام خطوط في جميع الملاعب الرئيسية باستثناء ملعبين.
ومنذ بدء استخدام "هوك آي لايف"، استغنى اتحاد التنس الأميركي عن ما بين 190 و200 حكم، حسب مرحلة البطولة.
وتوضح ورقة بحثية صادرة عام 2024 أن السلوك البشري يتغير عند استخدام التكنولوجيا، إذ تحسنت دقة الحكام، وانخفض معدل الأخطاء الإجمالي بنسبة 8% بعد استخدام "هوك آي لايف".
من التنس إلى كرة القدم والجمبازفي عام 2009، ساعدت لمسة يد غير ملحوظة فرنسا على إقصاء أيرلندا من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010، في حين كان هدف فرانك لامبارد الشهير ضد ألمانيا نقطة التحول.
وبالرغم من عبور الكرة خط المرمى، أخطأ الحكم في تقدير الموقف، مما دفع إلى تبني التقنية الجديدة.
وفي عام 2012، أنشأ مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم عملية اعتماد لضمان جودة أنظمة تقنية "خط المرمى" (Goal-Line Technology) المستخدمة في المباريات الرسمية.
بينما ظهرت "تقنية التسلل شبه الآلية" (SAOT) لأول مرة في كأس العالم لكرة القدم عام 2022 في قطر، حيث ترسل الكرة تنبيها إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد" كلما كانت في وضع التسلل.
كما تضمنت الكرة وحدة "قياس بالقصور الذاتي" (IMU) تكتشف المواقف غير القانونية وترسل البيانات بمعدل 500 مرة في الثانية إلى غرفة "حكم الفيديو المساعد".
كما وصلت "تقنية التسلل شبه الآلية" إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2025، من أجل توفير تحديد سريع وثابت لخط التسلل الافتراضي، استنادا إلى تتبع اللاعبين بصريا.
أما في رياضة الجمباز، فقد طورت "فوجيتسو" (Fujitsu) تقنية "نظام دعم التحكيم" (JSS) بالتعاون مع الاتحاد الدولي للجمباز، لتحويل الحركات البشرية المعقدة إلى بيانات رقمية، مما قلل من التحيز وساعد في توحيد المعايير.
واستخدم "نظام دعم التحكيم" في مسابقات بطولة العالم للجمباز لعام 2019، كما استخدمت هذه التقنية لأول مرة في بطولة العالم للجمباز الفني في بلجيكا عام 2023، للتحكيم على جميع الأجهزة.
البيانات تتحدث في لعبة الجولف والملاكمةبفضل نظام "شوت لينك" (ShotLink) المعزز بمعلومات لوجستية وبيانات إحصائية وأجهزة الاستشعار المدمجة في أرضية ملعب الجولف، يمكن تتبع موقع كل ضربة قبل أن تلامس الأرض.
كما يتضمن النظام رادارا من المستوى العسكري يوفر بيانات حول كل ضربة، إلى جانب وجود 12 كاميرا ومجموعة من الأشخاص الذي يراقبون الضربات التي تخرج عن حدود الملعب.
وتوفر أجهزة الاستشعار والكاميرات البيانات للتنبؤ بموقع الضربة قبل أن تصطدم بالأرض، ويستخدم الذكاء الاصطناعي من أجل تزويد الحكام بأدوات تساعدهم في أداء عملهم.
إعلانأما في رياضة الملاكمة، فإن نظام "ديب سترايك" (DeepStrike) يجمع بيانات مكثفة عن المباريات في 50 مقياسا رئيسيا لكل لاعب، مما يتيح الكشف عن السلوكيات غير المشروعة، وبالتالي مكافحة الغش في النزالات.
يتمتع الذكاء الاصطناعي بمزايا مقارنة بالحكام البشر، في ما يتعلق ببعض التحيزات المحتملة، كتلك التي قد تستند إلى جنسية الرياضي، كما أن له ميزة على القيود الجسدية للحكم البشري، مثل ضعف البصر، وسرعة الإدراك، والتعب بعد يوم طويل من التحكيم.
ومن المفترض أن أنظمة الذكاء الاصطناعي محايدة، ومع ذلك، فإن قرارات الذكاء الاصطناعي تعتمد على كيفية تدريبه ومن تدرب عليه.
ولا تزال قرارات الذكاء الاصطناعي مبنية على قواعد يبرمجها البشر، باستخدام بيانات تجمعها آلات يمكنها أن تغفل عن بعض التفاصيل أو تفسرها بشكل خطأ.
وقد يصلح الذكاء الاصطناعي بعض المشاكل، لكنه يدخل مشاكل أخرى، كما أنه يثير قضايا المسؤولية، حيث واجهت عملية اتخاذ القرار بمساعدة الذكاء الاصطناعي في الرياضة انتكاسات.
وشهدت مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2020 بين شيفيلد يونايتد وأستون فيلا إلغاء هدف واضح بسبب عطل في تقنية "خط المرمى"، وليس بسبب خطأ بشري.
واعترفت الشركة المطورة لتقنية "هوك آي لايف" لاحقا بالخطأ، واصفة إياه بالشذوذ بعد أكثر من 9 آلاف مباراة دون أي حوادث.
ونشأ جدل مماثل في المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم 2022، عندما ألغت "تقنية التسلل شبه الآلية" هدفا للاعب الإكوادور إينر فالنسيا.
وأثار القرار جدلا حول إذا كانت دقة النظام، التي تقدر بمستوى السنتيمتر، صارمة للغاية بالنسبة لطبيعة اللعبة السريعة.
وبينما يتفوق الذكاء الاصطناعي في القرارات الموضوعية، فإنه يعاني في القرارات الذاتية، وهو مجال لا يزال فيه الحكم البشري حاسما.
المستقبل الهجينلا يزال من الصعب تصور ملاعب رياضية بدون حكام بشريين، إذ إن المجتمع الرياضي لم يتهيأ بعد لتقبل حكم روبوت.
كما أن الذكاء الاصطناعي لا يسعى في الوقت الحالي إلى إلغاء العنصر البشري، بل دعمه بمنظومة ذكية تقلل من احتمالات الخطأ، وتعزز الشفافية، وتضمن تكافؤ الفرص.
ونتيجة لذلك، فإن التوجه هو تطوير نموذج هجين، يجمع بين الذكاء الاصطناعي والحدس البشري، حيث يتولى الذكاء الاصطناعي القرارات الموضوعية، في حين يحتفظ الحكم البشري بالقرارات التقديرية التي تتطلب فهم السياق والنية.
ختاما، في عالم تقاس فيه الانتصارات بأجزاء من الثانية، لم تعد الأخطاء التحكيمية مجرد حوادث عرضية بل أصبحت قضايا رأي عام، تتصدر العناوين وتؤثر في ثقة الجمهور بالبطولات.
في حين أن الذكاء الاصطناعي يؤدي دورا حيويا في تحسين أداء الحكام الرياضيين وتقليل الأخطاء البشرية، بيد أنه ليس معصوما عن الخطأ، ولا بديلا عن الإنسان في السياقات التي تتطلب تقديرا سياقيا.
نتيجة لذلك، فإن التحكيم الرياضي العادل يحتاج إلى مزيج من الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري.