جنوب السودان «على شفا الانزلاق مجدداً إلى حرب أهلية»
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
جوبا: «الشرق الأوسط» تسبّبت المواجهات الدائرة في شمال شرقي دولة جنوب السودان في نزوح نحو 50 ألف شخص، فيما عرضت سفارات غربية عدّة الاضطلاع بدور الوساطة لتفادي تدهور الوضع، على ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)» في تقرير لها.
وقال نيكولاس هايسوم، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى جنوب السودان، إن البلد «على شفا الانزلاق مجدّداً إلى حرب أهلية» تهدّد بنسف سنوات من الجهود المبذولة لصون سلام هشّ.
ومنذ نهاية فبراير (شباط) الماضي، أدّت أعمال العنف إلى نزوح 50 ألف شخص، منهم 10 آلاف عبروا الحدود باتجاه إثيوبيا، وفقاً لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)» في جنوب السودان.
وتشهد مقاطعة الناصر في ولاية أعالي النيل معارك بين قوات موالية للرئيس سلفا كير ومجموعة «الجيش الأبيض» التابعة لنائبه الأول رياك مشار؛ مما يهدّد بتقويض اتفاق تقاسم السلطة الهشّ.
وأشارت «الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)»، وهي كتلة من دول شرق أفريقية، إلى أنّه في 4 مارس (آذار) الحالي، تمكّن «نحو 6 آلاف مقاتل من (الجيش الأبيض)» من الاستيلاء على معسكر لجيش جنوب السودان في هذه المقاطعة. وفي ليل الأحد - الاثنين، «نفّذ جيش جنوب السودان ضربات جوية على مواقع للمتمرّدين في مقاطعة الناصر؛ ما أدى إلى مقتل 20 شخصاً، غالبيتهم من النساء والأطفال»، وفق ما أفاد به المفوّض الإداري بالمقاطعة جيمس غوتلواك .
ومساء الاثنين، أعلن حزب مشار «تعليق مشاركته» في بعض الهيئات الأمنية المنشأة بموجب «اتفاق السلام» لعام 2018، وذلك حتى إطلاق سراح مسؤولين سياسيين وعسكريين ينتمون إلى صفوفه أُوقفوا مؤخراً. وكتب نائب الحزب، أويت نتنائيل بييرينو، على «فيسبوك»، أن «أيّ مشاركة للأعضاء في ما تعرف بـ(الآليات الأمنية والسياسية) تُعلَّق بمفعول فوري»، مشيراً إلى أن عمليات التوقيف «تهدّد جوهر» اتفاق السلام.
وعرضت سفارات غربية عدّة في جوبا، منها سفارات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا، الثلاثاء، التوسّط بين سلفا كير ورياك مشار لتنظيم «لقاء بينهما وإطلاق حوار مباشر لعودة السلام وصونه».
وقالت نائبة الممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة لدى السودان وجنوب السودان، أنيتا كيكي غيبو، إنّ «أعمال العنف تزيد من تعريض المجتمعات الضعيفة للخطر، وتجبر على تعليق الخدمات الحيوية». وحضّت «جميع الأطراف على السماح للعاملين في المجال الإنساني بالوصول بأمان إلى المحتاجين، خصوصاً النساء والأطفال وكبار السن».
وفي ظلّ أعمال العنف الدائرة بالبلد، اضطر عاملون في مجال الإغاثة الإنسانية إلى المغادرة، وأُغلقت وحدة لمعالجة الكوليرا في الناصر، في حين يتفشّى المرض بسرعة في البلد، كما في السودان المجاور وإثيوبيا.
وكشفت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، عن أن العنف في جنوب السودان «يفاقم الوباء. وقد اضطرّ آلاف الأشخاص إلى النزوح، وباتوا عاجزين عن الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية ومياه الشرب، وهي عوامل أساسية (لمنع) الانتشار السريع للكوليرا».
ومنذ استقلاله عن السودان في عام 2011، يواجه جنوب السودان أعمال عنف تحول دون وضع حد للحرب الأهلية الدامية بين الرئيس سلفا كير ونائبه رياك مشار. وأدى هذا الصراع إلى مقتل نحو 400 ألف شخص ونزوح 4 ملايين بين عامي 2013 و2018 عام توقيع اتفاق سلام تتهدّده الاشتباكات الجديدة في الشمال الشرقي.
وفي بداية مارس الماضي، تعرّضت مروحية للأمم المتحدة لإطلاق نار أدى إلى مقتل قائدها وجنرال في جيش جنوب السودان. ومؤخراً، أكدت رئيسة «لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان» في جنوب السودان، أنّ البلاد دخلت «في انحدار مثير للقلق من شأنه أن يمحو سنوات من التقدّم نحو السلام».
وقال طبيب يعمل في المنطقة من «اتحاد الإغاثة الدولية»، وهو منظمة غير حكومية مهددة باقتطاعات الموارد الأميركية التي أقرّتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب: «لا أمل بتاتاً للنازحين واللاجئين العائدين».
وقال إن «السودان المجاور؛ حيث نزح نحو 11 مليون شخص بسبب الحرب الدائرة، هو خير مثال للسرعة التي يمكن بها لدولة أن تغرق في حرب كارثية»، داعياً كلّ الأطراف إلى تهدئة التوتّرات «قبل فوات الأوان».
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأمم المتحدة جنوب السودان
إقرأ أيضاً:
رغم اتفاق وقف إطلاق النار.. غارات على جنوب لبنان واستهداف مجمع تدريب لحزب الله شمال الليطاني
بيروت (لبنان) " ف ب": استهدفت غارات اسرائيلية بعد منتصف ليل أمس مناطق واسعة في جنوب لبنان، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، وقال الجيش الاسرائيلي إنه قصف مجمع تدريب لحزب الله شمال نهر الليطاني، أي خارج المنطقة المحدّدة في اتفاق وقف إطلاق النار لانسحاب الحزب.
وتواصل اسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف الى منع حزب الله من إعادة بناء قدراته بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين التي استغرقت أكثر من عام قبل وقف هشّ لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2024.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بعد منتصف الليل بأن "الطيران الحربي الاسرائيلي شنّ سلسلة غارات استهدفت إقليم التفاح"، بينها غارات على وادٍ ممتد بين بلدات عزة ورومين وأطراف بلدة جباع، وهي مناطق جبلية تقع على بعد أكثر من 40 كلم عن الحدود مع إسرائيل وشمال نهر الليطاني.
وأشارت كذلك إلى "تضرر عدد من المنازل" في جباع.
وأفاد الجيش الإسرائيلي من جهته عن غارات على "بنى تحتية تابعة لمنظمة حزب الله الإرهابية في مناطق عدة في جنوب لبنان".
وأوضح أن العملية استهدفت "مجمع تدريب تستخدمه قوة الرضوان التابعة لحزب الله"، بالإضافة إلى "منشآت عسكرية وموقع إطلاق (صواريخ) تابع لحزب الله".
واعتبر أن الأهداف "والتدريب العسكري الذي كان يجري استعدادا لتنفيذ هجمات ضد "دولة" إسرائيل تشكل خرقا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان وتهديدا لدولة إسرائيل".
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية وانسحاب حزب الله الى شمال الليطاني، وصولا الى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم اليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تبقي على خمسة مواقع استراتيجية داخل لاأراضي اللبنانية، بينما يرفض حزب الله نزع سلاحه، مشيرا الى أن الاتفاق يلحظ فقط منطقة شمال الليطاني الحدودية.
ونفذت إسرائيل الأسبوع الماضي غارات واسعة بعيد مشاركة مندوبين مدنيين، لبناني واسرائيلي، في اجتماع اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار في مقرّ قوة الأمم المتحدة (يونيفيل) في جنوب لبنان، في أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ عقود.
وأقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح حزب الله تطبيقا للاتفاق بدأ الجيش تنفيذها. لكن واشنطن وإسرائيل تضغطان لتسريع العملية التي تواجه تحديات جمة أبرزها الانقسامات الداخلية العميقة حول الموضوع.
ورفض الرئيس اللبناني جوزاف عون في لقاء مع الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي يزور لبنان الاثنين، "الاتهامات التي تدّعي عدم قيام الجيش اللبناني بدوره كاملا جنوب الليطاني".
وأضاف أن لبنان "يؤيد أي تدقيق تقوم به لجنة" مراقبة وقف إطلاق النار "في الإجراءات المطبّقة في جنوب الليطاني".
وستعقد اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار جلسات جديدة بحضور المندوبين المدنيين اللبناني والإسرائيلي بدءا من 19 الجاري، وفق ما أبلغ عون مجلس الوزراء الأسبوع الماضي.