لجريدة عمان:
2025-05-22@18:17:31 GMT

العيد.. وعلاقتنا بالزمن والحياة

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

يأتي العيد كحدث استثنائي يبتهج له الجميع، حدث يجعلنا ننسى لبرهة معنى الحياة السريعة بكدحها وكدها وآلامها، فهو فرصة لالتقاط الأنفاس وفرصة لأن ننظر إلى أنفسنا فـي مرآة الذات والمصير؛ لا لأجل المنظر وحده. يمثل العيد بالنسبة إلي مشهدا سورياليا بديعا، فلا تجتمع البلاد فـي بهجة غامرة عامة وبترقب وإشراق كما تفعل فـي العيد، فهو برهة من الزمن نعم، لكنه ليس كأي زمن، لطالما رددنا «مرت السنين!» فـي دهشة وذهول ونحن نتحدث عن حدث مر وانقضى قبل سنوات فنبعثه ونستحضره من الذاكرة، ولكن؛ لماذا نظن بأننا بمنأى عن تلك اللحظة التي نقول فـيها «مرت السنين.

.» بشيء غير قليل من الشجو والشجون؟ ولماذا لا نستشعر السبب الذي يجعلنا نقولها؟. أدركت مؤخرا حين ودعت عاما آخر من حياتي معنى تلك العبارة والدهشة المصاحبة لها، فلو أن أحدا طلب مني أن ألخص حياتي لما استطعت إلى الإمساك بها سبيلا، فهي كما السراب المنفلت بسرعة البرق، أو هي أسرع.

يذكرني هذا ببعض الكتب التي قرأتها فـي الطفولة، وهي كتب الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، التي كانت فـيما يشبه السيرة الذاتية له. «أنا»، «خلاصة اليومية والشذور» و«حياة قلم»، وهي ككتب العقاد الأخرى؛ طافحة بالفكر القوي المحض الذي يُلبسه لبوس الأدب اللذيذ. فهو يخبرك عن حياته وحالته بصدقٍ يرى فـيه البعض جفاء وغلظة، بينما اختار صاحب العبقريات أن يكون على سجيته فـي كتابته كما فـي حياته. ولا أذكر نص كلامه فـي إحدى هذه السير التي كتبها، ولكنه يقول فـيما معناه بأن المرء يتغير بتغير عمره والزمان الذي مضى منه. فمن كان فـي الخمسين يخجل من أن يرد من يجيئه بغير موعد وفـي غير مناسبة، وقد لا يفعل ذلك فـي الستين من عمره؛ حتى إذا بلغ السبعين، واستوت عنده التجارب وذاق من الدهر حالتيه، لم يجد حرجا فـي القبول والرفض، والرضا والسخط وإبداء ذلك كله فـي أدب وفـي غير شطط. ومرد ذلك إلى حالته المزاجية وقدرته الجسمانية التي لم تكن كما كانت بالأمس، وعلمه بأن لحظة الغروب آتية عن قريب، فهو يختار ما يريحه ويبهجه ويسعده فـي عمره الباقي وأيامه المعدودة.

العقاد شأنه شأن المتنبي وطه حسين والتوحيدي وغيرهم؛ ولا يجمع هؤلاء سلك ناظم امتازوا به دون سائر الناس، بل إن ما يجمعهم هو ما شغلوا به الناس فـي أمرهم، والحقَّ أن الناس هم من اشتغلوا بأمر هؤلاء وتنازعوا فـي شأنهم وحالهم ومآلهم وقالوا فـيهم فأكثروا القول فـي غير تثبت وبغير ميزان. ولكننا جميعا دون استثناء، المحب والشانئ على السواء؛ لا نستطيع إطلاقا أن ننكر أثرهم فـي تاريخنا وحياتنا، بوعي منا أو بغيره.

ومن سخرية القدر أنني كنت أود الحديث عن قصيدة المتنبي التي أسر بها مصر فغدت رهينة لحزن قصيدته «عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ»، فلا يأتي العيد إلا ويتذكر من يستحضرها آلامه وهمومه، حتى لكأن القصيدة نوع من بكائه الداخلي ورثائه لنفسه، فلا يرى فـيها قصيدة لشاعر مات قبل ألف سنة؛ بل يبكي روحَه وحياتَه هُوَ. رغم أنه ينسى أمرا فـي غاية الأهمية؛ وهو أنه لم يكن ليقرأ القصيدة لو كان ميتا!، فكيف ينسى المرء أنه حي؟ ولماذا يتعامل مع حياته وكأنه فاقد للحيلة مسلوب الإرادة؟. ما يجعلنا لا نشعر بقيمة الزمن، أننا نتعامل معه تعاملا ماديا؛ فنحن نقيس الزمان وجودته بالإنجازات التي حققناها، وهي فـي حقيقة كثير منها ليست سوى إرضاء لحاجتنا الداخلية للإحساس بالقيمة. بينما نستشعر القيمة الحقيقية للزمن، فقط حين نخسر ما خسرناه ولا يعود للندم عائد أو فائدة.

يأتي العيد مذكرا لنا بأن عاما كاملا انقضى فـي السعي الدؤوب، وأن الوقت حان لنتنفس قليلا هواء العائلة والبلاد، دون ضجيج السيارات وتنازع لقمة العيش والمنغصات اليومية. يأتي ليذكرنا الكرسي الفارغ بمكان عزيز علينا رحل تاركا أثره الذي يشبه نسائم البحر الصباحية، وحفـيف سعف النخيل السامقة فـي عصرية ربيعية منعشة. يذكرنا بأن نتريث قليلا، وننظر فـي اليوم، اليوم الذي قتلناه وتجاهلناه لكثرة ما تحدثنا وترقبنا وانتظرنا الغد، المستقبل، الآتي!. إنه يذكرنا بأن الماضي كان مستقبلا فـي لحظة ما، وبأن ما نفقده كان بحوزتنا وبين أعيننا، وبأن التاج الذي نتحسس رأسنا كلما تذكرناه، انتقل إلى رأس آخر علّه كان أكثر حكمة منا فـي استغلال وجوده. فالصحة والعائلة والطمأنينة والأمان كنوز وتيجان لا يشبهها شيء البتة؛ فهل ننتظر الصيف لنبكي على اللبن المسكوب؟، أم سيكون هذا العيد بداية لتدارك ما أسقطته الأيام، وغبّره الزمان.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

توزع كسوة العيد وسلال غذائية لنزلاء دار الأيتام في المحويت

الثورة نت/..

دشنت مؤسسة اليتيم التنموية اليوم، بمحافظة المحويت مشروع توزيع كسوة عيد الأضحى، وسلال غذائية على نزلاء دار رعاية الأيتام في المحافظة، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

وأكد نائب المدير التنفيذي للمؤسسة المهندس عبدالكريم الصلول ومدير فرع جهاز الأمن والمخابرات العميد محمد الوجيه، ومدير مكتب الشؤون الاجتماعية الدكتور يحيى الطياري أهمية المشروع في تخفيف معاناة الأيتام وإدخال الفرحة إلى نفوسهم.

وأشاروا إلى أن المبادرة تأتي ضمن الأنشطة والمشاريع التي تنفذها المؤسسة، لخدمة الأيتام وتوفير احتياجاتهم.. لافتين إلى أن الاهتمام بالأيتام والفقراء والمحتاجين واجب ديني وإنساني ويسهم في تعزيز التكافل الاجتماعي.

مقالات مشابهة

  • أجمل عبارات تهنئة عن العيد الوطني في اليمن
  • لقجع: استضافة المغرب لـ"مونديال 2030" يأتي في إطار مسار تنموي بدأناه منذ أكثر من 25 عاما
  • قبل زحمة العيد.. خطوات حجز تذاكر القطارات وطرق الدفع
  • محافظ الإسكندرية: ملف التصالح في مخالفات البناء يأتي على رأس أولويات العمل خلال المرحلة الراهنة
  • الإعدام لقاتل زوجين بالدريوش يوم العيد
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • توزع كسوة العيد وسلال غذائية لنزلاء دار الأيتام في المحويت
  • التوازن بين العمل والحياة الشخصية
  • الخميس إجازة رسمية بمناسبة العيد الوطني للجمهورية اليمنية ٢٢ مايو
  • «العيد قرب».. شروط وأسعار الأضاحي في 2025