تكتيكات يمنية تكسر الطغيان الأمريكي
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
يمانيون – تقارير – يحيى الربيعي
بينما يقف العالم مذهولاً أمام تحولات غير مسبوقة في ميزان القوى، يظهر اليمن بقيادة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي كنموذج حي لإرادة لا تعرف المستحيل. على الساحة الإقليمية والدولية، يتجلى هذا البلد الصغير بحجم جغرافيته وكبير بمعاني مقاومته، حيث يقف اليمنيون في الصفوف الأمامية، ليس فقط كداعمين للقضية الفلسطينية بل كجزء لا يتجزأ من أرض فلسطين.
تحت راية الجهاد، يؤكد الشعب اليمني من خلال أفعاله أن التضامن ليس مجرد كلمات، بل أفعال تُرجمت في حظر الملاحة الإسرائيلية والأمريكية واستهداف نقاط استراتيجية داخل العمق الصهيوني.
في البحر الأحمر، الساحة التي باتت علامة فارقة في المعارك الاستراتيجية، أظهرت القوات المسلحة اليمنية تكتيكات متطورة أثبتت قدرتها على كسر هيبة القوى الاستكبارية. لقد زعزعت هذه العمليات الثقة في قدرات أمريكا والكيان الإسرائيلي على حماية مصالحهما، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبلهما في المنطقة.
لم يكن الموقف اليمني مجرد رد فعل مؤقت، بل هو تجسيد لرؤية واضحة واستراتيجية مستدامة قائمة على التضحية من أجل الحق. في كل خطوة، تتصاعد الفعالية اليمنية، مُؤسسة لمرحلة جديدة من الصراع مع الكيان الصهيوني المزروع في جسد الأمة.
دروس في الإرادة والتكتيك
تبرز قصة البحر الأحمر كساحة شهدت هزائم غير متوقعة لأكبر القوى العالمية. على صفحة متموجة من المياه المالحة، تدور أحداث معركة حقيقية، بطلها اليمن، ذلك البلد الذي اعتادت القوى الكبرى تقليله، فإذا به يقلب الطاولة بكل ثبات وعزيمة.
على امتداد البحر الأحمر، كانت السفن الحربية الأمريكية تتحرك، مدججة بأحدث تقنيات الدفاع والهجوم. كل شيء بدا في عيونهم أشبه بمهمة روتينية. قادة البحرية على متن حاملة الطائرات “هاري إس ترومان”، جلسوا في غرفة عمليات مليئة بالشاشات وأضواء تومض لتحليل الأهداف، يتوقعون انسيابية وهدوءً كما اعتادوا. لكن، بعيداً عن هذا المشهد، كانت الصواريخ الباليستية اليمنية تستعد للإطلاق في نقطة ما، من خلف التنوع الطبوغرافي لجبال وأدوية وسهول اليمن.
هنا بدأت فصول القصة. في لحظة اختراقٍ غير مسبوقة، أُطلقت الصواريخ اليمنية بدقة، متحدية كل أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية. ليس ذلك فقط، بل كانت الهجمات مدروسة بأسلوب يرعب الخصم. تتحرك الصواريخ بسرعة البرق، مدعومة بطائرات مسيرة تكاد تسمع صوت أجنحتها قبل أن تضرب أهدافها. ولأول مرة منذ عقود، شعرت القوة الأكبر في العالم بارتباك أمام تهديدٍ لم يكن له سابقٌ في أذهانهم.
في تلك الأثناء، صدرت الأوامر داخل غرفة عمليات البحرية الأمريكية؛ “استخدموا أنظمة فالانكس”. سلاحهم الدفاعي الأشد سرعة وجهوزية بدأ عمله في إسقاط الصواريخ، لكن كان من الواضح أن تلك الأنظمة التي طالما تغنوا بها تقف عاجزةً أمام التكتيكات اليمنية المتطورة. ضوء الانفجارات انعكس على البحر، كاشفاً عن وجه آخر من الحقيقة؛ اليمن ليس مجرد خصم، بل هو معلم جديد في اللعبة العسكرية.
حظر الملاحة وتغيير مسارات التجارة
على الضفة الأخرى من المشهد، كان العالم يتابع، بترقب. التقارير التي صدرت عن مراكز الأبحاث وصحف العالم تسرد الحقائق بذهول: “اليمنيون غيروا مسار الملاحة التجارية العالمية!”، “تكاليف اقتصادية ضخمة تتحملها القوى العظمى”، “نقص خطير في جاهزية البحرية الأمريكية”. في كل سطر من تلك التقارير، كانت الحقيقة تتكرر؛ الشعب الذي وقف خلف قيادته، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أظهر للعالم درساً في الصمود.
وفي مشهد موازٍ، يتحدث أحد قادة البحرية الأمريكية المتقاعدين، الجنرال بروس ستوبس، قائلاً بحدة في تقرير نُشر حديثاً: “لا يمكننا أن نستمر في تجاهل الدروس اليمنية. فشلنا هنا ليس مجرد فشل عسكري، بل تحدٍ لهيبتنا على المسرح العالمي”. صوته يتردد في أروقة التحليلات العسكرية، لكنه يبدو ضعيفاً أمام حجم الإهانة التي تلقتها القوة الأكبر في العالم.
وفي البحر الأبيض المتوسط، حيث كان “الكيان” يظن نفسه في مأمن، اهتزت صورة الأمن عند إطلاق الجيش اليمني صواريخه التي ضربت في العمق الإسرائيلي، لتصل رسالتها بوضوح: “لم نعد مجرد صوت سياسي داعم، نحن على الأرض، في قلب المعركة”. التحذيرات التي أُرسلت إلى شركات الطيران الكبرى عن خطر السفر إلى “تل أبيب” كانت كافية لتحوّل سماء فلسطين المحتلة إلى منطقة شك وخوف.
تختتم القصة بمشهد أخير، تتداخل فيه مشاعر الفخر بالقدرة اليمنية، والاستغراب أمام عجز القوى الاستعمارية، والتساؤل الذي يطرق أذهان المحللين: “هل يمكن لأمة تملك هذا العزم وهذه الإرادة أن تُهزم؟”. لقد أثبت اليمن، بسرديته الاستثنائية التي صُنعت بالصبر والإيمان، أن الحروب ليست فقط مسألة عتاد، بل هي قصة إرادة تتفوق على كل شيء.
نقاط ضعف تُعيد رسم مستقبل الهيمنة الدولية
مع اهتزاز أمواج البحر الأحمر، جاءت السفينة “USNS Big Horn” لتكون عنواناً جديداً لتحولات استراتيجية لها وقعها العميق. في مشهد يشبه صفحات الروايات العسكرية، خرجت القوات المسلحة اليمنية بمفاجأة جديدة، ضاربة عرض الحائط بالتوقعات الأمريكية ومستهدفة إحدى سفن الإمداد الحاسمة في الأسطول الأمريكي. لم تكن الضربة مجرد عمل تكتيكي عابر، بل رسالة مشفرة تحمل في طياتها إشارات واضحة لعصر جديد من التحديات.
كانت “USNS Big Horn” على رأس مهامها اللوجستية، داعمة حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” في عملياتها، عندما تعرضت لأضرار قرب سواحل عمان في سبتمبر 2024. تلك الحادثة، التي ربما أرادت القيادة البحرية الأمريكية التعتيم عليها، أظهرت أن البحرية الأقوى عالمياً ليست بمنأى عن الهجمات اليمنية، التي بدت وكأنها تخترق المفهوم التقليدي للحرب البحرية.
مع صدى هذه الضربة، أُطلقت التكهنات والتحليلات التي تشير إلى أن التقدم اليمني ليس مجرد صدفة عسكرية، بل يعكس إرادة استراتيجية واضحة تهدف لتغيير قواعد اللعبة الإقليمية. لقد تجاوز اليمن حدود التصدي الدفاعي ليصبح لاعباً مؤثراً قادراً على استخدام تكتيكات معقدة تتحدى المنظومات العسكرية التقليدية. فحسب خبراء عسكريين، يتطلب استهداف سفينة بهذا الحجم والتنظيم ستة صواريخ كروز مدعومة بصاروخ باليستي مضاد للسفن. ومع ذلك، نجحت القوات المسلحة اليمنية، وأثبتت مرة أخرى أنها تفوق التحديات في ساحة مواجهة غير متكافئة.
لكن ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لأمريكا؟ تشير التحليلات إلى أن حادثة “USNS Big Horn” ليست معزولة. التقرير الذي نشرته “ديفينس نيوز” في مارس 2025 سلط الضوء على ضعف الإمدادات البحرية ونقص الطواقم الذي يعاني منه الأسطول اللوجستي الأمريكي. بينما تنشغل الإدارة الأمريكية بتقديم خطاب القوة للعالم، تظهر هذه الأحداث هشاشة غير مسبوقة في قدراتها على الأرض.
إن هذا الواقع، الذي استفاد منه اليمن بذكاء وشجاعة، يشكل تحدياً كبيراً ليس فقط للهيمنة الأمريكية في المنطقة، بل للاستراتيجية العالمية التي تعتمدها واشنطن في تحركاتها. فاللوجستيات، التي طالما اعتبرت العمود الفقري لأي قوة عظمى، أصبحت اليوم نقطة ضعف واضحة، تفتح الباب أمام الصين وغيرها من القوى للاستفادة من هذه الفجوات.
وفي عالم تسوده التحولات السريعة، يبرز اليمن كنموذج مختلف، متمسكاً بإرادة الدفاع عن حقوقه وتحدي أقوى الجيوش في العالم، مع استغلال نقاط ضعفهم بأبسط الوسائل. إنه انتصار الإرادة والعقل أمام القوة المادية، ورسالة واضحة بأن التوازن الإقليمي لم يعد حكراً على القوة التقليدية، بل هو انعكاس لاستراتيجيات ذكية ورؤى تتخطى الحدود المعتادة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحریة الأمریکیة البحر الأحمر لیس مجرد
إقرأ أيضاً:
الجماهير تكسر صمت العالم ضد إبادة غزة وتبتكر أدوات مواجهة للعدوان.. دراسة
أصدرت منصة "نقف إلى جانب غزة" دليلاميدانيا تحت عنوان "يقظة الجماهير ضد الإبادة والتجويع"، ترصد فيها موجة الغضب الشعبي العالمي المناهض للعدوان، وتقترح أدوات ضغط مدنية مبتكرة تهدف إلى تعطيل ماكينة الإبادة وكسر التواطؤ الدولي مع الاحتلال.
الدليل، الذي تداولته أوساط الحراك التضامني مع فلسطين في أوروبا وأمريكا اللاتينية، يعتبر أن الجماهير باتت "اللاعب الأكثر يقظة وتأثيرًا في معركة كسر الصمت العالمي"، مشيرا إلى أن استدامة التظاهر وتنوع أشكاله أصبح ضرورة استراتيجية لمواجهة الانحدار الإنساني المستمر في غزة.
من الصمت إلى الفعل.. الجماهير تصعد
يستعرض الدليل نماذج متعددة من أشكال التظاهر النوعي، مثل: مظاهرات "الجلوس والارتماء" في الأماكن العامة كناية عن الضحايا، تظاهرات "بلا متظاهرين"، باستخدام مقتنيات تمثل الشهداء كالأحذية والدمى والكوفيات، محاكاة رمزية لحصار غزة أمام برلمانات أوروبا، كما فعلت منظمة أوكسفام، قرع الآنية وتعتيم الأضواء والوقوف الصامت في أماكن عامة.
ويشير الدليل إلى أن هذه الوسائل تمنح الجماهير صوتًا مؤثرًا دون الحاجة إلى صدام مباشر، وتحوّل التظاهر إلى أداة إبداعية تتجاوز القيود الرسمية والرقابية.
تحويل التضامن إلى تكلفة على الاحتلال وداعميه
يدعو الدليل إلى توسيع دائرة الضغط الشعبي ضد الجهات التي تدعم الاحتلال أو تتواطأ معه سياسيًا أو اقتصاديًا، ويشدد على أن التظاهر وحده لا يكفي ما لم يرتبط بمطالب واضحة.
ومن أبرز ما يقترحه: مطالبة بوقف تصدير السلاح لدولة الاحتلال، ملاحقة مزدوجي الجنسية ممّن خدموا في جيش الاحتلال، الضغط الشعبي لإنهاء اتفاقيات الشراكة والتعاون مع إسرائيل، حملات مقاطعة اقتصادية وإعلامية ضد المؤسسات والشركات المتواطئة.
نماذج ملهمة من الفعل الجماهيري
يرصد الدليل أحداثًا رمزية حملت تأثيرًا عالميًا، مثل: فعالية "الخط الأحمر" أمام محكمة لاهاي، تظاهرات الباسك في إسبانيا التي استدعت مأساة "غرنيكا" لمحاكاة إبادة غزة، حملة "حياة الفلسطينيين مهمة" في بروكسل، التي جمعت 4500 زوج من الأحذية لتمثيل شهداء فلسطين.
كما تثني الورقة على جهود ناشطات عالميات، من بينهن غريتا تونبرغ، التي ربطت قضايا العدالة البيئية بقضية الإبادة في غزة، رغم التضييق السياسي والإعلامي الذي واجهته.
الدعوة إلى تجاوز الرتابة والانخراط الميداني
يخلص الدليل إلى أن مواجهة العدوان الحالي تستدعي كسر أنماط الاعتياد والتظاهر الروتيني، والانتقال إلى احتجاجات نوعية تصعّد الضغط وتمنح الجماهير القدرة على التأثير، وتزيد كلفة الاحتلال على من يوفر له الغطاء والدعم.
وتشدد الورقة على أن "السكوت لم يعد حيادًا، بل مشاركة في التواطؤ"، وتدعو إلى استعادة الشارع كمساحة أخلاقية وسياسية للرفض والمساءلة، وتوسيع شبكة التأثير الجماهيري عالميًا.