التقى الدكتور علي راشد النعيمي رئيس مجموعة الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي في الاتحاد البرلماني الدولي، كلاً على حدة، نور الدين جان إسماعيلوف رئيس المجلس التشريعي في جمهورية أوزبكستان، وأوليكساندر كورنيينكو رئيس وفد المجلس الأعلى الأوكراني في جمهورية أوكرانيا، وجوليا كرونليد رئيس وفد البرلمان السويدي «ريكسداغ» في مملكة السويد، وكلاوديو سامبايو رئيس وفد المجلس الوطني البرازيلي في جمهورية البرازيل الاتحادية، وحميد رضا حاجي بابائي نائب رئيس مجلس الشورى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.


وجرى خلال اللقاءات، التي عقدت على هامش المشاركة في اجتماعات الجمعية 150 للاتحاد المنعقدة في طشقند بجمهورية أوزبكستان، بحث سبل تعزيز علاقات التعاون البرلماني، وتأكيد أهمية تعزيز التواصل والتشاور حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يواكب علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية القائمة بين دولة الإمارات وهذه الدول. وتناولت اللقاءات، دور الدبلوماسية البرلمانية في دعم توجهات الدول والحكومات، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. حضر اللقاءات كل من ميرة سلطان السويدي، والدكتور مروان عبيد المهيري، والدكتورة موزة محمد الشحي، والدكتورة سدرة راشد المنصوري، أعضاء المجلس الوطني الاتحادي.
كما شارك الدكتور علي راشد النعيمي، في ورشة عمل «الدبلوماسية البرلمانية والوساطة»، التي نظمت على هامش اجتماع الجمعية ال150 للاتحاد البرلماني الدولي، المنعقدة في طشقند.
وترأس النعيمي إدارة الجلسة، وأكد في مداخلة له، أهمية توظيف الدبلوماسية البرلمانية كأداة فعالة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، مشيراً إلى أن البرلمانيين قادرون بما يمثلونه من تنوع وشرعية شعبية، على بناء جسور من التواصل والتفاهم بين الأطراف المختلفة، خاصة في النزاعات ذات البعد السياسي أو الثقافي أو الديني.
وشدّد على ضرورة ممارسة الدبلوماسية البرلمانية بروح من الاحترام المتبادل والانفتاح على الآخر، بما يسهم في تهيئة بيئة حوارية آمنة ومستدامة تدعم مسارات الوساطة وتحقق السلام.
حضر الورشة الدكتور مروان عبيد المنصوري، عضو المجلس الوطني الاتحادي.(وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات المجلس الوطني الاتحادي الإمارات أوزبكستان الدبلوماسیة البرلمانیة

إقرأ أيضاً:

التنظيم أم الهيمنة؟ قراءة دستورية ومقارنة دولية في مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بالمغرب

مدخل:
في يوليو 2025 صادق مجلس النواب في قراءته الأولى على مشروع قانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بعدما أثار هذا المشروع أسئلة جوهرية حول مدى احترامه للدستور المغربي والتزاماته الدولية فيما يخص حرية الصحافة والتعبير والتنظيم المهني. في هذه الورقة سنقدم تحليلًا معمقًا لمضامين المشروع على ضوء الدستور (الفصول 28 و25 و12 و1)، ونقارنها بالمعايير الدولية (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإعلان ويندهوك، وقرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة). كما نستعرض مدى توافق المشروع مع أفضل الممارسات الدولية في تنظيم الصحافة (نماذج فرنسا وبريطانيا وألمانيا). مع ايلاء اهتمامًا خاصًا لمسألتي الاستقلالية والصلاحيات الزجرية في هيكلة المجلس وصلاحياته، قبل أن نختم بتوصيات عملية لضمان مواءمة المشروع مع الدستور والمعايير الدولية.

أولًا: مدى احترام المشروع لفصول الدستور المغربي ذات الصلة

الفصل 28 من الدستور: يكفل الفصل 28 حرية الصحافة ويحظر الرقابة القبلية عليها. كما ينص بوضوح على حق الجميع في التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء بحرية، دون تقييد إلا بمقتضى قانون واضح. الأهم أنه يوجب على السلطات العمومية تشجيع تنظيم قطاع الصحافة بشكل مستقل وعلى أسس ديمقراطية، ووضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به. هذا يعني أن القانون ينبغي أن يدعم التنظيم الذاتي الديمقراطي والمستقل لمهنة الصحافة. وبمقارنة ذلك مع مشروع قانون 26.25، يبرز تناقض جوهري أشار إليه العديد من المهنيين: فالمشروع يُغيّر طريقة تشكيل المجلس عبر مزيج من الانتخاب والتعيين. فبينما يتم انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين بالاقتراع السري، يتم انتداب (تعيين) الناشرين وفق معايير حددها المشروع (مثل حجم المؤسسة الإعلامية من حيث عدد العاملين ورقم معاملاتها). وقد اعتُبر هذا التحول إخلالًا بالطابع الديمقراطي لتنظيم القطاع. حيث أن الآلية الجديدة تتناقض بوضوح مع الفصل 28 من الدستور الذي يدعو السلطات إلى تشجيع الصحافيين على تنظيم أنفسهم بشكل ديمقراطي ومستقل. وعليه فان الانتخاب هو التعبير الأسمى عن الاستقلالية . و أن الأصل هو الانتخاب المباشر لكل مكونات المجلس، وأن الانزياح الى اختيار جزء من الأعضاء بالتعيين يمثل نكوصًا عن فلسفة التنظيم الذاتي الديمقراطي. كما ان اعتماد معايير انتداب الناشرين حسب القوة المالية (رقم المعاملات) يضع المشروع امام اتهام بأنه يفصَّل على مقاس المؤسسات الإعلامية الكبرى ويقصي الأصوات الصغرى، مما يخالف روح التعددية التي يُفترض بالدستور حمايتها. وبالتالي يمكن القول ان المشروع لم يحترم بشكل كافٍ مقتضيات الفصل 28 فيما يتعلق بضمان استقلالية المجلس وطبيعته الديمقراطية.
الفصل 25 من الدستور: يضمن حرية الفكر والرأي والتعبير بكل أشكالها. هذا المبدأ العام يقتضي ألا يفرض القانون قيودًا غير مبررة على حرية التعبير، بما في ذلك حرية الصحافيين والإعلاميين في نشر الآراء والمعلومات. وعلى عكس ذلكً فان مشروع القانون 26.25 أثار مخاوف بشأن تراجعه عن ضمانات حرية التعبير: فقد تضمن في صيغته الأصلية عقوبات زجرية صارمة مثل إمكانية توقيف صحيفة أو موقع إلكتروني عن الصدور لمدة تصل إلى 30 يومًا في بعض الحالات. مثل هذا الإجراء يُعتبر مساسًا خطيرًا بحرية التعبير والصحافة، بل شكلًا من أشكال الرقابة اللاحقة التي يمكن أن تؤدي إلى رقابة ذاتية لدى الإعلاميين. مما يدفع إلى وصفه كتهديدًا مباشرًا لحرية التعبير. وعليه تم حذف عقوبة توقيف الصحف من المشروع أثناء مناقشته في مجلس النواب. ورغم ذلك، استُبدلت بعقوبة مالية ثقيلة (غرامة بين 300 ألف و500 ألف درهم) في حالات المخالفات المهنية الجسيمة. إن فرض غرامات ضخمة كهذه على مؤسسات إعلامية قد يُشكل أيضًا قيدًا على حرية التعبير إذا استُخدم بطريقة تعسفية، لأنه قد يهدد استمرار وسائل إعلام صغيرة أو مستقلة. وبالتالي ينبغي تقييم مدى تناسب هذه العقوبات مع متطلبات الفصل 25؛ فالدستور لا يمنع تنظيم حرية التعبير بقانون، لكنه يشترط ألا يؤدي التنظيم إلى إفراغ الحق من مضمونه. إن أي عقوبة زجرية تؤثر على ممارسة الصحافة يجب أن تخضع لاختبار الضرورة والتناسب احترامًا للفصل 25. وفي الصيغة الحالية للمشروع، ورغم إزالة عقوبة الإيقاف، ما زال هناك تخوف من الغرامات الثقيلة وسحب بطائق الصحافة كأدوات قد تُستخدم للضغط على الأصوات الناقدة، مما يستدعي ضمانات صارمة عند التطبيق.
الفصل 12 من الدستور: ينص هذا الفصل على حرية تأسيس الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وممارسة أنشطتها بحرية في نطاق القانون، ولا يمكن حلّها أو إيقافها من طرف السلطات إلا بحكم قضائي. كما يُوجب أن يكون تنظيم وتسيير الجمعيات مطابقًا للمبادئ الديمقراطية. ورغم أن المجلس الوطني للصحافة ليس جمعية مدنية بالمعنى التقليدي (بل هيئة مهنية مؤسسة بقانون)، إلا أنه يمثل تنظيمًا ذاتيًا لمهنة ويضم في عضويته منظمات مهنية (نقابات الصحافيين وجمعيات الناشرين). من هذا المنطلق، روح الفصل 12 تقتضي ضمان استقلالية هذا التنظيم المهني عن السلطة التنفيذية واحترام ديمقراطية تسييره. إن تدخل الحكومة بحلّ المجلس السابق (بعد انتهاء ولايته) بموجب مرسوم قانوني وإنشاء لجنة مؤقتة لإدارة شؤون الصحافة لمدة سنتين يطرح إشكالًا دستوريا يتعلق بمبدأ عدم حلّ المنظمات الحرة إلا عبر القضاء. وهو ما يمكن وصفه ب“إجهاض” لتجربة المجلس المنتخب واستبدالها بلجنة معينة إداريًا، مما ينتقص من حق الصحافيين في تنظيم أنفسهم بحرية. وفي مشروع القانون الجديد 26.25، ورغم أنه يعيد إنشاء المجلس عبر انتخابات جزئية، فإنه يكرّس آلية الانتداب غير الديمقراطية لفئة الناشرين ويمنح السلطة التنفيذية موطئ قدم في تركيبة المجلس (مثل حضور ممثل عن الحكومة بصفة ملاحظ أو غيره). هذا يتعارض مع اشتراط الفصل 12 ديمقراطية التنظيم الداخلي. إضافة لذلك، فان طريقة الاختيار المختلطة المقترحة يمكن تأويلها باعتبارها ترسّخ التمييز بين المهنيين وتقوض مبدأ تكافؤ الفرص داخل التنظيم المهني. بناءً عليه، يمكن القول إن المشروع لم يرتقِ كليًا إلى معايير الفصل 12 فيما يخص حرية التنظيم المهني وديمقراطيته، لأن يد السلطة التنفيذية ظلت حاضرة في تشكيل المجلس وقواعد اشتغاله، بدل أن يترك الأمر برمته لخيارات المهنيين أنفسهم.
الفصل 1 من الدستور: يُقر الفصل الأول أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. يعني ذلك أن أي مؤسسة عامة أو هيئة تتمتع بسلطات يجب أن تخضع للمساءلة وألا تُترك صلاحياتها من دون ضوابط. وفي سياق المجلس الوطني للصحافة، يثير المشروع نقطتين على صلة بهذا الفصل: مساءلة المجلس نفسه ومساءلة السلطة التنفيذية في علاقتها بالمجلس. فمن جهة أولى، يمنح المشروع المجلسَ صلاحيات زجرية وتأديبية (مثل إصدار عقوبات تأديبية ضد صحافيين وناشرين، وسحب بطائق الصحافة، وفرض غرامات) مما يجعل منه هيئة تتمتع بـسلطة شبه قضائية على أهل المهنة. كي يتوافق هذا مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، يفترض أن تخضع قرارات المجلس التأديبية إلى مراجعة أو طعن أمام جهة مستقلة (القضاء) لضمان عدم التعسف. حاليًا، لم يتضح في المشروع آلية الاستئناف أو الطعن في قرارات المجلس التأديبية؛ وهذا نقص ينبغي معالجته لضمان محاسبة المجلس عن قراراته. فحق التقاضي مكفول دستوريًا (الفصل 118 والفصل 120 يكفلان حق كل شخص في محاكمة عادلة وفي صدور حكم داخل أجل معقول)؛ وبالتالي أي قرار تأديبي يمس حقوق الصحافي أو المؤسسة الإعلامية يجب أن يكون قابلًا للطعن قضائيًا. من جهة ثانية، مساءلة السلطة التنفيذية: لقد تولت الحكومة سابقًا حلّ المجلس المنتخب واستبدلته بلجنة معينة، ثم جاءت بالمشروع الحالي لإعادة هيكلته. هذا التدخل يستدعي انتقادا مباشرا مفاده كون الحكومة تسعى للسيطرة على التنظيم الذاتي للصحافة، وهو ما يستدعي فحص مشروعية هذه الخطوات في ضوء مبدأ المحاسبة. إذا كان المشروع الجديد يهدف حقًا إلى تعزيز استقلالية المجلس وتحسين أدائه كما تدعي الحكومة، فعليها أن تبرهن على ذلك بتدابير ملموسة للشفافية وإشراك المهنيين، وإلا فإن ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي محاسبة الحكومة نفسها على أي قانون يُضعف حرية الصحافة. وباختصار، يتطلب الفصل 1 بناء آليات شفافة وخاضعة للمساءلة في تشكيل المجلس وممارسة صلاحياته. وإلى أن يتحقق ذلك بشكل مقنع في نص المشروع، تبقى مدى ملاءمته للفصل 1 محل شك.

ثانيًا: مدى توافق المشروع مع التزامات المغرب الدولية

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادتان 19 و22)

المادة 19 من العهد الدولي: تكفل هذه المادة حق كل إنسان في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي حرية التعبير بجميع الوسائل، مع السماح فقط بالقيود التي ينص عليها القانون لأغراض ضرورية ومشروعة مثل احترام حقوق الآخرين أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة والأخلاق العامة. يتعين أن يكون أي تقييد ضروريًا ومتناسبًا مع الهدف المشروع. إن مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة يثير تساؤلات في ضوء هذه المعايير. فمثلاً، منح المجلس سلطة معاقبة الصحف بالإيقاف (في صيغته الأصلية) أو فرض غرامات ثقيلة يطرح الشكوك حول مدى ضرورة وتناسب هذه التدابير. وقد اعتُبرت عقوبة إيقاف صحيفة إجراءً خطيرًا وغير ضروري يمكن أن يتم بسهولة إساءة استخدامه لقمع أصوات ناقدة، مما يجعلها غير متوافقة مع المادة 19. لكن الصيغة الحالية بعد القراءة الاولى تم فيها تدارك هذا الأمر بحذفها، أما العقوبات المالية الكبيرة التي أضيفت بدلًا منها، فهي وإن كانت أقل انتهاكًا صارخًا من الإيقاف، إلا أنها قد تشكل رادعًا مبالغًا فيه يهدد تنوع وسائل الإعلام، وخاصة إذا فُرضت على مؤسسات صغيرة ذات موارد محدودة. إن المعايير الدولية تطالب بأن تكون أي عقوبة مرتبطة بحرية التعبير منصوصًا عليها بوضوح في القانون ولها هدف مشروع وضرورية ديمقراطيًا؛ ومن ثم فإن تجريم مخالفات أخلاقية مهنية بغرامات باهظة ضمن هيئة تنظيمية ذاتية أمر غير معتاد دوليًا. عادةً، المخالفات الجسيمة (مثل التشهير أو التحريض على العنف) تُعالج عبر القضاء مع توفير كل ضمانات المحاكمة العادلة، فيما تكتفي هيئات التنظيم الذاتي بعقوبات معنوية أو تأديبية خفيفة. لذلك ينبغي إعادة النظر في ثقل العقوبات المالية في المشروع لضمان التناسب مع متطلبات المادة 19 ICCPR وعدم تحولها إلى أداة إسكات مبطنة.
المادة 22 من العهد الدولي: تقر هذه المادة بحق كل فرد في حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، ولا تسمح بتقييد هذا الحق إلا في حدود ضيقة جدًا (ضرورية في مجتمع ديمقراطي ولمصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم). في الحالة المغربية، يعد المجلس الوطني للصحافة كيانًا يمثل تجمعًا مهنيًا يضم صحافيين وناشرين. ومن هذا المنطلق، يجب احترام حق هؤلاء المهنيين في تنظيم أنفسهم بحرية. تدخلات الحكومة التشريعية والإدارية في تشكيل المجلس قد تلامس نطاق المادة 22. فقيام السلطات بتمديد ولاية المجلس السابق استثنائيًا ثم حله واستبداله بلجنة معينة، وأخيرًا فرض تركيبة جديدة خليط من معينين ومنتخبين، كلها إجراءات تحد من استقلالية التنظيم المهني للصحافيين. إذا نظرنا للمسألة من زاوية حرية تكوين الجمعيات، يمكن القول إن الدولة قيدت فعليًا حق الصحافيين في إدارة شؤونهم المهنية عبر هيئتهم المنتخبة عندما حلتها قبل الأوان دون حكم قضائي، وهذا لا ينسجم مع المادة 22 التي لا تجيز حل أو تقييد تنظيمات حرة إلا في حالات قصوى ومبررة. حتى مشروع القانون 26.25 في صيغته الحالية، بتضمينه تعيينات وإقصاء لبعض المكونات المنتخبة سابقًا، قد يكون فيه انتقاص من حق التنظيم الحر. وبالتالي فهو يقوض نظام التنظيم الذاتي القائم منذ 2018 والذي ساهم في قدر من استقلالية الصحافة. وهو ما حذرت اليه مجموعة من المنظمات الحقوقية من أن هذه الأنواع من القوانين كثيرًا ما تُستغل من قبل الحكومات كأدوات للسيطرة على الإعلام بدل حمايته. بناءً عليه، قد يُعتبر المشروع خرقًا لالتزامات المغرب بموجب المادة 22 ما لم يثبت أنه لا غنى عن هذه التدخلات لضمان المصلحة العامة الديمقراطية. والطريقة الأفضل لضمان احترام المادة 22 هي إعادة أكبر قدر من الصلاحية للمهنيين لاختيار ممثليهم وإدارة شؤون مجلسهم، مع الحد من الوصاية الحكومية إلا فيما تقتضيه ضرورة قانونية واضحة.

إعلان ويندهوك حول استقلالية الإعلام (1991)
(هو وثيقة تاريخية صادرة في 3 مايو 1991 خلال ندوة لليونسكو عقدت في ويندهوك، ناميبيا، ويُعد حجر الأساس لحرية الصحافة في إفريقيا والعالم)
يُعد إعلان ويندهوك مرجعية دولية مهمة لتعزيز صحافة حرة مستقلة وتعددية. وقد أقر هذا الإعلان، الصادر في سياق أفريقي برعاية اليونسكو، جملة مبادئ تنطبق عالميًا. المبدأ الأول فيه يؤكد أن إنشاء صحافة مستقلة وتعددية وحرة هو أمر جوهري للديمقراطية والتنمية. ويُعرّف الإعلان الصحافة المستقلة بأنها تلك الحرة من السيطرة الحكومية أو السياسية أو الاقتصادية. على ضوء ذلك، يثير مشروع قانون 26.25 علامة استفهام: هل سيجعل المجلس الوطني للصحافة مستقلًا حقًا عن الحكومة والسلطة السياسية؟ المسؤولون الحكوميون يدّعون أن النص الجديد يهدف إلى تعزيز استقلالية المجلس، لكن واقع مضامينه من تدخل في تشكيل الأعضاء وتضمين ممثلين عن مجالس دستورية معينة بل وحضور مندوب حكومي يوحي بعكس ذلك. إعلان ويندهوك يحث على عدم هيمنة الحكومة على وسائل الإعلام أو أجهزة تنظيمها، بل تركها للمهنة نفسها. إن وجود قاضٍ معين وممثلين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي باعتبارهم من مؤسسات الحكامة ضمن تركيبة المجلس يعني أن الدولة ومؤسساتها حاضرة في هيئة من المفترض أنها للتنظيم الذاتي. هذا النموذج أقرب إلى الصحافة الموجهة منه إلى الصحافة المستقلة بمعايير ويندهوك، خاصة إذا ما قارناه بتوصيات الإعلان.
كذلك شدد إعلان ويندهوك على ضرورة إنهاء أشكال الاحتكار في الصحافة وضمان التعددية. غير أن المشروع المغربي باعتماده معيار رقم المعاملات (المعيار المالي) لتمثيلية الناشرين قد يؤدي إلى هيمنة المؤسسات الإعلامية الكبرى وإقصاء الأصغر صوتًا، مما يهدد التعددية في المشهد الإعلامي. وهذا يتنافى مع روح إعلان ويندهوك الداعية إلى أوسع تعددية وآراء ممكنة وعدم السماح بسيطرة فئة قليلة ذات نفوذ مالي على الإعلام. وقد حذر خبراء إعلاميون من أن تفضيل رأس المال الإعلامي الكبير يضرب مبدأ التنوع ويُضعف استقلالية الصحافة بجعلها تحت رحمة المال.
كما يدعو إعلان ويندهوك الدولَ إلى دعم تأسيس جمعيات ونقابات صحفية مستقلة تمثل الصحافيين والناشرين. في المغرب، كان إنشاء المجلس الوطني للصحافة عام 2018 خطوة في هذا الاتجاه – أي إيجاد هيئة يقودها الصحافيون والناشرون أنفسهم لتنظيم شؤونهم المهنية. لكن المشروع الجديد عرّض هذه التجربة للخطر عبر تحجيم استقلالية تلك الهيئة. ويمكن القول إن أفضل تطبيق لمبادئ ويندهوك في الحالة المغربية هو السماح للمهنيين الصحافيين وناشري الصحف بإدارة شؤون تنظيمهم المهني بحرية مع توفير الإطار القانوني الداعم فقط، دون تدخل في تركيبة المجلس أو تجاوز لصلاحياته. أي خروج عن هذا الإطار – كتمكين المجلس من منع الصحف أو فرض قيود غير قضائية على الإعلام – يعتبر نكوصًا عن التزامات المغرب بموجب إعلان ويندهوك.

قرارات مجلس حقوق الإنسان الأممي ذات الصلة
لقد أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدة قرارات تؤكد على حماية حرية التعبير وحرية الصحافة. هذه القرارات – والتي تحظى بتوافق ومكانة دوليين – تشدد على أن حرية التعبير هي حجر أساس في المجتمعات الديمقراطية، وعلى الدول اتخاذ التدابير لحمايتها وتعزيزها. كما تكرر التأكيد على أن أي قيود على حرية الإعلام يجب أن تلتزم بالقانون الدولي ولا تُستغل لخنق الأصوات المعارضة. في سياق مشروع قانون مجلس الصحافة المغربي، هناك مؤشرات قلق دولية تم التعبير عنها. فعلى سبيل المثال، في المراجعة الدورية الشاملة (UPR) لمجلس حقوق الإنسان، قُدمت للمغرب توصيات بخصوص وقف ملاحقة الصحافيين جنائيًا وضمان بيئة عمل حرة لهم. أي قانون محلي مناقض لهذا التوجه قد يتعارض مع التزامات المغرب الدولية في مجلس حقوق الإنسان.
ومن أهم القضايا التي تناولتها قرارات المجلس الأممي سلامة الصحافيين وضرورة عدم إفلات منتهكي حقوقهم من العقاب (مثل القرار 33/2 لعام 2016 والقرار 45/18 لعام 2020 بشأن سلامة الصحافيين). هذه القرارات تدعو الدول أيضًا إلى تهيئة بيئة قانونية ومؤسسية تُمكّن الإعلاميين من أداء عملهم بحرية. إن استقلالية هيئات التنظيم الذاتي للصحافة تعد جزءًا من هذه البيئة الآمنة، لأن هيمنة السلطة على تلك الهيئات قد تجعل منها أداة لقمع الصحافيين بدل حمايتهم. وقد أبدت المنظمات المهنية والحقوقية تخوفها من أن مشروع القانون 26.25 سيمكّن الحكومة من استخدام المجلس كأداة لمعاقبة الصحافة المستقلة، وهو ما يتعارض مع روح قرارات مجلس حقوق الإنسان الداعية إلى تمكين الإعلام لا تقييده.

جدير بالذكر أن مجلس حقوق الإنسان اعتمد عام 2012 قرارًا هامًا حول حرية الإنترنت (HRC20/L.13) أكد فيه أن الحقوق نفسها المحمية offline يجب أن تحمى online، وندد بحجب المواقع.
بشكل عام، الاتجاه العام في قرارات الأمم المتحدة هو حث الدول على دعم آليات التنظيم الذاتي المستقلة للصحافة باعتبارها تعبيرًا عن حرية التنظيم والتعبير، بدل فرض وصاية رسمية عليها. كما تُشدد على ضمان المحاكمة العادلة لأي إجراءات ضد الصحافيين أو المؤسسات الإعلامية. وفي هذا الإطار، غياب نص صريح في المشروع حول حق الطعن القضائي في قرارات المجلس، أو وجود ممثل حكومي فيه، قد يضع المغرب في موضع مساءلة دولية إن اعتُبر ذلك خرقًا لضمانات المحاكمة العادلة أو إخلالًا بمبدأ استقلال الإعلام الذي دعت إليه قرارات مجلس حقوق الإنسان.

ثالثًا: مقارنات مع أفضل الممارسات الدولية في تنظيم الصحافة

يمكن هنا ان تشمل المقارنة نماذج فرنسا وبريطانيا وألمانيا كنماذج رائدة للتنظيم الذاتي للصحافة. فيما يلي نستعرض باختصار كل نموذج، ونقارن وضع المجلس الوطني للصحافة – بموجب المشروع 26.25 – بهذه الممارسات الدولية:
النموذج الفرنسي (مجلس الصحافة – CDJM): في فرنسا ظهرت حديثًا (2019) هيئة للتنظيم الذاتي تسمى المجلس الفرنسي للأخلاقيات الصحفية والوساطة (CDJM). هذا المجلس تأسس على شكل جمعية مستقلة (وفق قانون الجمعيات 1901) بمبادرة مشتركة من نقابات الصحافيين وبعض دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني. الدولة الفرنسية لم تنشئه بقانون بل جاء باجتهاد ذاتي من المهنيين استجابة للحاجة إلى معالجة شكاوى الجمهور وتعزيز أخلاقيات المهنة. يتميز هذا المجلس بأنه ثلاثي التركيبة؛ أي يضم بالتساوي ممثلين عن الصحافيين وعن ناشري وسائل الإعلام وعن الجمهور (المجتمع المدني). الغاية من إشراك ممثلي الجمهور هي ضمان الشفافية والمصداقية وأن القرارات لا تخدم مصالح المهنة الضيقة فقط. لا يوجد أي ممثل للحكومة أو السلطة العامة في تركيبته أو هيكلته. يتولى المجلس الفرنسي النظر في شكاوى تتعلق بأخلاقيات العمل الصحفي أو دقة المعلومات، ثم يُصدر قرارات عبارة عن آراء أو لوم علني. صلاحياته تأديبية معنوية فقط؛ فلا يملك سلطة منع صحيفة أو معاقبة صحافي ماليًا أو إدارياً. أقصى ما يمكن أن يفعله هو إلزام الوسيلة المعنية بنشر قرار اللوم أو التصحيح إذا ثبت انتهاكها لميثاق الأخلاقيات. هذه الآلية تعتبر تصحيحية وتوجيهية أكثر منها عقابية. وفي حال المخالفات الجسيمة (كخطاب الكراهية أو القذف)، يبقى اللجوء للقضاء الجنائي أو المدني خيارًا قائمًا خارج نطاق المجلس. نلاحظ إذن أن جوهر النموذج الفرنسي هو التنظيم الذاتي المستقل تمامًا عن الدولة مع عقوبات معنوية فقط. بالمقارنة، المجلس الوطني للصحافة في المغرب – وفق المشروع الجديد – يختلف في عدة نقاط: إنشاؤه وتحديد صلاحياته يأتيان بقانون رسمي وليس بمبادرة ذاتية حرة، وتركيبته ليست ثلاثية بالتساوي (فالجمهور غير ممثل والناشرون ممثلون بقوة أكبر عددًا من الصحافيين)، وكذلك تتواجد الدولة ضمنيًا من خلال تعيين قاضٍ وممثلي مؤسسات رسمية ووجود مندوب حكومي. كما أن صلاحياته العقابية واسعة جدًا مقارنة بالنموذج الفرنسي (منح أو سحب بطاقة الصحافة، فرض غرامات، إحالة ملفات للقضاء…). على صعيد التمويل، المجلس الفرنسي قد يحصل على دعم مالي من الدولة بشكل غير مباشر أو مساهمات، لكن مع الحذر الشديد للحفاظ على استقلاله؛ أما المجلس المغربي فيُموّل كليًا من ميزانية الدولة (وزارة الاتصال)، مما قد يطرح تساؤلًا حول استقلال قراره. باختصار، النموذج الفرنسي يركز على الاستقلالية الكاملة والتأثير المعنوي، بينما النموذج المغربي (بموجب المشروع) يتجه نحو هيمنة القانون والسلطة على الهيئة ومنحها صلاحيات عقابية قوية.
النموذج البريطاني (منظمة IPSO): في بريطانيا، بعد أزمة أخلاقيات الصحافة عام 2011 (فضيحة التنصت)، تم حل “لجنة شكاوى الصحافة” القديمة واستُحدث نظام جديد للتنظيم الذاتي. الأغلبية العظمى من الصحف البريطانية اختارت الانضمام إلى هيئة مستقلة اسمها المنظمة المستقلة لمعايير الصحافة (IPSO) التي بدأت عملها عام 2014. IPSO كيان مستقل عن الحكومة؛ فهو ليس هيئة رسمية مُنشأة بتشريع برلماني، بل منظمة طوعية تشترك فيها المؤسسات الإعلامية (حوالي 90% من الصحف والمجلات انضمت إليها). تدير IPSO ميثاق شرف صحفي (مدونة المحررين) وتستقبل الشكاوى من الجمهور ضد وسائل الإعلام الأعضاء. تركيبة مجلس IPSO تحتوي على غالبية من خارج الوسط الصحفي (شخصيات مستقلة من المجتمع) إلى جانب عدد من ممثلي الصحافة، لضمان الحياد. لا يوجد أي تمثيل حكومي أو حزبي بها. تتمتع IPSO بصلاحية إلزام الصحف بنشر اعتذارات أو تصحيحات بصورة بارزة إذا ثبت خرقها للمدونة الأخلاقية. كما أن لديها سلطة فرض غرامات مالية قد تصل إلى مليون جنيه إسترليني على المؤسسة الإعلامية في حال الانتهاكات الجسيمة المتكررة – لكن هذه الصلاحية نادرًا ما استُخدمت وتبقى محكومة باتفاق تعاقدي بين IPSO والمؤسسات (وليست بقوة القانون العام). الأهم، ليس لهيئة IPSO أي سلطة لمنع صحيفة من الصدور أو معاقبة صحافي بمنعه من الكتابة. فهيئة التنظيم الذاتي البريطانية لا تتدخل في تراخيص الصحافيين (لأنه لا نظام بطاقات إلزامي هناك)، ولا تملك قائمة سوداء. أي خروقات قانونية (كالتحريض على الكراهية أو التشهير) مكانها المحاكم الاعتيادية. وُجد أيضًا في بريطانيا هيئة أخرى أصغر (IMPRESS) تعترف بها الدولة وفق مخرجات تحقيق ليفيسون، لكنها طوعية كذلك ولم تنضم إليها إلا قلة من المواقع الصغيرة. إذن سمة النموذج البريطاني هي التعددية والاستقلال عن الدولة، مع الاعتماد على الضغط المعنوي والمالي المحدود لضبط الأداء الإعلامي. مقارنةً مع المشروع المغربي: المجلس الوطني للصحافة هيئة واحدة مُلزِمة لجميع الصحافيين بحكم القانون، ما يعني طابعًا إلزاميًا أقرب لهيئة ترخيص. بينما في بريطانيا توجد تعددية في هيئات التنظيم الذاتي والمنافسة بينها، ولا إلزام قانوني للصحف بالانضمام (مع أن الأغلب فعل ذلك اختياريا لتجنب تدخل الدولة). أيضًا، نظام البطاقة المهنية المغربي الإلزامي (الممنوح والمراقب من المجلس) لا نظير له في بريطانيا حيث الصحافي يعمل بحرية دون حاجة لتسجيل رسمي. هذا يوضح أن النموذج المغربي أكثر تقنينًا وسيطرة مقارنة بالنموذج البريطاني المرن.
النموذج الألماني (مجلس الصحافة – Presserat): ألمانيا لديها مجلس صحافة عريق تأسس منذ 1956 (المجلس الألماني للصحافة). هو جهاز مشترك للتنظيم الذاتي شاركت في تأسيسه اتحادات الناشرين ونقابات الصحافيين الألمانية، كرد فعل لانتهاكات النازية لحرية الصحافة ورغبةً في منع تدخل الدولة بتاتًا في شؤون الإعلام بعد الحرب. المجلس الألماني هيئة طوعية؛ الصحف والمجلات تشارك فيها طوعًا ويلتزمون بمدونة أخلاقيات الصحافة (تُعرف بـ”الميثاق الصحفي”). يتلقى المجلس شكاوى الجمهور ويحقق فيها عبر لجان مختصة. تشكيلته تضم صحافيين وناشرين وعدد محدود من العامة أو الخبراء، وغالبًا ما يرأسه أحد الناشرين أو الصحافيين الكبار دوريًا. لا يوجد تدخل حكومي في تشكيله أو قراراته، وإن كانت الدولة تدعمه معنويًا كبديل عن إنشاء هيئة رسمية رقابية. في الحقيقة، الدولة الألمانية تمتنع عن أي رقابة مسبقة أو ترخيص للصحف (فهي لا تتطلب ترخيصًا حكوميًا لإطلاق صحيفة)، انطلاقًا من الحساسية التاريخية. مجلس الصحافة الألماني يعتمد على التمويل الذاتي من المنظمات المشاركة وبعض الدعم من الحكومة الفيدرالية لضمان استمرار عمله، لكن هذا التمويل لا يفسد استقلاله حيث أنه مضمون بطريقة توافقية (مثلاً عبر المنحة السنوية) وليس مشروطًا. العقوبات التي يصدرها المجلس الألماني ليست قانونية ملزمة، بل أخلاقية الطابع: أهمها نشر “توبيخ علني” في المجلة/الصحيفة المخالفة إذا ثبت انتهاكها لمدونة السلوك. وحين يصدر المجلس “توبيخًا عامًا” كهذا، غالبية الوسائل تلتزم بنشره احتراما للتقاليد المهنية، رغم أنه لا توجد وسيلة قانونية لإجبارها سوى الضغط المعنوي من الزملاء والجمهور. ليس لدى المجلس أي صلاحية لمنع صحافي من العمل أو تغريم صحيفة ماليًا؛ فهذه إجراءات تبت فيها المحاكم إذا كان هناك خرق للقانون. بالتالي، النموذج الألماني قائم على المسؤولية الذاتية للصحافة واحترام الجمهور بدلًا من الإكراه القانوني. وعلاوة على ذلك، يُنظر للمجلس الألماني على أنه حارس لأخلاقيات المهنة وليس شرطيًا أو قاضيًا. هذا النموذج يختلف جذريًا عن الوضع المقترح في المغرب، حيث المجلس الوطني للصحافة سيكون مخولًا قانونًا فرض عقوبات مثل تعليق البطاقة المهنية أو فرض غرامات. كما أن المجلس المغربي – بموجب المشروع – يضم قاضيًا ممثلاً عن السلطة القضائية بحكم القانون، في حين أن المجلس الألماني لا يضم أي قاضٍ أو ممثل حكومي. حضور قاضٍ في المجلس المغربي قد يكون بهدف ضمان اطلاع قانوني، لكنه أيضًا يدخِل منطق السلطة القضائية في كيان من المفترض أنه مهني صرف.

نستنتج اذن من هذه المقارنة أن أفضل الممارسات الدولية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا وغيرها في أوروبا) تشترك في جوهر واحد: ترك التنظيم الأخلاقي للصحافة للصحافيين والإعلاميين أنفسهم في إطار مستقل عن الدولة، واعتماد آليات المساءلة المعنوية أساسًا. أيضًا غالبًا ما تكون هذه المجالس متعددة الأطراف (صحافيون + ناشرون + ممثلون عن الجمهور/المجتمع المدني) لضمان التوازن. لا توجد دولة ديمقراطية حديثة تجعل غالبية أو كل أعضاء مجلس الصحافة بالتعيين الحكومي أو تضع ممثلين حكوميين فيه بصلاحيات تقريرية. النموذج المغربي الحالي بعيد عن تلك المعايير: فتركيبته غير مستقلة تمامًا (بحضور قاضي وممثلي مؤسسات رسمية ومندوب حكومي)، وليست فيه مشاركة للمجتمع المدني، وتعطي ثقلًا أكبر للناشرين الكبار. كذلك صلاحياته العقابية تتجاوز ما هو معتاد دوليًا في التنظيم الذاتي. لقد حذّر المختصون في أخلاقيات الإعلام من نماذج مجالس صحافة زائفة تُنشئها بعض الحكومات لإحكام السيطرة على الإعلام من الداخل، كما حصل في بعض البلدان غير الديمقراطية. تلك المجالس الحكومية القناع تؤدي إلى تحويل التنظيم الذاتي إلى رقابة ذاتية مُملاة بالخوف، وهذا ما يجب على المغرب تفاديه تمامًا. للأسف، يسير مشروع 26.25 في اتجاه قد يجعل المجلس الوطني للصحافة مجرد ذراع ضبط شبه حكومي للإعلام بدل أن يكون بيتًا مستقلاً لأهل المهنة.

رابعا: توصيات مواءمة المشروع مع الدستور والمعايير الدولية

في ضوء التقييمات أعلاه، يتبين أن مشروع القانون 26.25 بحاجة إلى تعديلات وضمانات مهمة ليكون متوافقًا مع الدستور المغربي وروحه التحررية، ومع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان وحرية الإعلام. فيما يلي توصيات مقترحة وقابلة للتنفيذ لتحقيق هذه المواءمة:

1- تعزيز ديمقراطية تشكيل المجلس: يجب تعديل المشروع لضمان أن جميع أعضاء المجلس أو أغلبيتهم الساحقة منتخبون ديمقراطيًا من طرف الجسم الصحافي نفسه. يُوصى بالعودة إلى مبدأ الانتخاب المباشر لكل من ممثلي الصحافيين وممثلي الناشرين معًا، بدل أسلوب الانتداب الحالي. يمكن اعتماد انتخابات منفصلة للناشرين (بحيث تختار كل مؤسسة إعلامية ممثلًا يصوت، أو عبر تصويت أعضاء منظمات الناشرين) لضمان تمثيل متوازن. المهم هو تكريس الانتخاب كقاعدة تطبيقًا للفصل 28 من الدستور الذي يجعل التنظيم ديمقراطيًا واجبًا . وإذا تعذر الانتخاب الكامل، فيجب على الأقل تقليص نسبة المعينين وزيادة نسبة المنتخبين لضمان شرعية المجلس أمام الجسم الصحافي.
2- إلغاء أي حضور رسمي (حكومي أو سياسي) في المجلس: لضمان استقلالية حقيقية، يُوصى بحذف مقتضى حضور ممثل الحكومة في تركيبة المجلس أو في اجتماعاته. ينبغي أن يعمل المجلس من دون مشاركة السلطة التنفيذية مباشرًة. كما يُستحسن إعادة النظر في عضوية ممثلي المؤسسات الدستورية (حقوق الإنسان، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي) بحيث يُستبدلون بشخصيات مستقلة تمامًا (مثلاً أساتذة إعلام، قضاة متقاعدون مشهود لهم، ناشطون حقوقيون) يتم اختيارهم بتوافق مهني داخلي وليس بالتعيين الرسمي. هكذا نضمن وجود أصوات محايدة دون تبعية إدارية. وإذا تعذر الإلغاء الكامل لممثلي المجالس الدستورية بسبب اعتبارات قانونية، فيجب تقييد تصويتهم في القضايا التأديبية -ربما جعلهم مراقبين بدون حق تصويت – لضمان أن قرارات العقاب خصوصًا تصدر فقط عن زملاء المهنة المستقلين.
3- إعادة إدماج المجتمع المدني في تركيبة المجلس: مواءمةً مع الممارسات الدولية الفضلى، يُوصى بمنح عدد من المقاعد (مثلاً 2 إلى 4 مقاعد) في المجلس لشخصيات من المجتمع المدني معروفة باهتمامها بحرية الصحافة وحقوق الإنسان (مثل ممثل عن جمعية حقوقية، ممثل عن محامي الصحافة، أكاديمي مختص بالإعلام، …). يتم اختيار هؤلاء عبر آلية شفافة (ربما تصويت داخل الجمعيات المعنية أو بمشاورة بين نقابة الصحافيين والنقابات الأخرى). وجود هؤلاء سيساهم في تكريس التعددية والتوازن داخل المجلس كما أكدته التجارب الدولية، ويعطي المجلس مصداقية أكبر أمام الرأي العام.
4- ضمان الاستقلال المالي والإداري للمجلس: يجب اتخاذ خطوات لتحرير المجلس من الاعتماد الكلي على وزارة الاتصال. يمكن إنشاء صندوق خاص لتمويل المجلس تغذيه مصادر متعددة: مساهمة سنوية من الدولة (مضمونة بالقانون لتفادي الضغط)، رسوم اعتماد رمزية على بطائق الصحافة تدفعها المؤسسات الإعلامية، مساعدات من منظمات دولية داعمة لحرية الإعلام، وغيرها. كما ينبغي تمكين المجلس من إدارة ميزانيته وموارده البشرية بشكل مستقل (ضمن قواعد المحاسبة العمومية طبعًا ولكن دون تدخل وزارة الوصاية في التوظيف والتسيير اليومي). ولضمان ربط المسؤولية بالمحاسبة في إدارة المجلس، يُقترح إخضاع حساباته لرقابة المجلس الأعلى للحسابات دورياً ونشر تقرير مالي سنوي للعموم. بهذه الطريقة، نحقق استقلالية مالية تقلل نفوذ السلطة التنفيذية، ونفعّل في نفس الوقت مبدأ المحاسبة والشفافية.
5- حصر صلاحيات المجلس التأديبية ضمن الحدود الأخلاقية والمهنية فقط: ينبغي إعادة النظر في لائحة العقوبات التي يملكها المجلس. يُوصى بالإلغاء التام لأي صلاحية لمنع أو إيقاف إصدار الصحف أو المواقع (وقد تحقق هذا جزئيًا بالحذف في القراءة الاولى). كما يُوصى بعدم منح المجلس صلاحية فرض غرامات مالية كبيرة، وترك أمر الغرامات والتعويضات للقضاء المدني عند اقتضاء الأمر. يمكن الاكتفاء بأن يصدر المجلس قرارات إدانة علنية يلتزم الناشرون بنشرها، وفي حال الامتناع يمكن إحالة الأمر للقضاء الإداري لتغريم الوسيلة مبلغًا معقولًا. بالنسبة لعقوبة سحب بطاقة الصحافي المهني، يُستحسن تقييدها لتُستخدم فقط في حالات فردية خطيرة للغاية (مثلاً انتحال الصفة أو خرق جسيم لأخلاقيات النشر يقره القضاء) وبقرار قضائي أو تحكيمي مستقل. وربما الأصلح إلغاؤها من صلاحيات المجلس، لأن البطاقة حق مهني يجب ألا يُسحب إلا بضمانات قضائية كاملة نظرًا لارتباطها بحرية العمل. البديل أن يكتفي المجلس بـتعليق عضوية المخالف في المجلس أو تعليق اعتماده لدى المؤسسات العمومية مؤقتًا، دون منعه كليًا من العمل الصحافي.
6- تضمين إجراءات المحاكمة العادلة وحق الطعن صراحةً في القانون: لضمان اتساق المشروع مع الفصل 120 الدستوري والتزامات المغرب الدولية، لا بد من إضافة مواد أو بنود تنص على حقوق الدفاع لمن تُرفع عليه شكوى أمام المجلس. مثلاً مادة تنص: “يتمتع الصحافي أو المؤسسة المعنية بأي إجراء تأديبي بالحقوق التالية: إبلاغها كتابة بفحوى الشكاية أو المخالفة، منحها أجلًا كافيًا لإعداد مذكرة جوابية، حق حضور جلسات المناقشة والاستعانة بمن يمثلها، حق الاطلاع على كل الأدلة…”. وكذلك مادة: “تكون قرارات المجلس في المجال التأديبي معللة ويمكن الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية المختصة خلال أجل X يومًا من التبليغ”. مثل هذا التنصيص يكسب القانون مصداقية بأنه لا ينتهك ضمانات المحاكمة العادلة، ويُطمئن الصحافيين أن حقوقهم مصونة. كما يُفوّت الفرصة على أي استغلال سياسي للعقوبات لأن المتضرر قادر على اللجوء للقضاء المستقل.
7- اعتماد مدونة أخلاقيات واضحة بمشاركة المهنيين: من المستحسن أن يتضمن المشروع إلزام المجلس بوضع أو تحيين ميثاق أخلاقيات الصحافة بالتشاور مع جميع الأطراف (نقابات، ناشرون، خبراء، مجتمع مدني) خلال أجل محدد. هذه المدونة ينبغي نشرها بوضوح وتكون مرجعًا موحدًا لتقييم المخالفات. ويفضل الإشارة إلى أن القواعد الأخلاقية مكملة للقانون ولا تحل محله، وأن حرية الصحافة هي الأصل والانضباط الأخلاقي يأتي لحماية المهنة ومصداقيتها لا لقمعها. بهذه الخطوة، نربط ممارسة المجلس بمعايير موضوعية معلنة سلفًا (مثلاً: الدقة، النزاهة، احترام الحياة الخاصة، عدم خطاب الكراهية…)، ما يحول دون مزاجية القرارات ويضمن الشفافية. كما يمكن تضمين بند يوجب نشر القرارات التأديبية مشفوعة بالمبررات الأخلاقية المستندة إلى المدونة، لاطلاع الرأي العام.
8- تعزيز مبدأ التعددية وعدم الاحتكار ضمن المجلس وفي المشهد الإعلامي: في ظل الانتقادات التي تقول إن المشروع “مفصّل على مقاس المؤسسات الإعلامية الكبرى ويهدد التعددية”، يُوصى باتخاذ تدابير تضمن صوتًا للمؤسسات الصغرى. مثلاً، يمكن تقسيم فئة الناشرين إلى شُعب حسب حجم المطبوعة أو الموقع (كبيرة، متوسطة، صغيرة) ويُنتخب عن كل فئة ممثل/ان بحيث لا تسيطر الفئة الكبرى وحدها على كل المقاعد. أو يُمنح تحفيز لتمثيل الصحافة الجهوية والمحلية. الهدف هو ألا يصبح المجلس ناديًا حصريًا للكبار بل صورة مصغرة حقيقية عن قطاع الصحافة بكل تنوعه. أيضًا، ربما إدراج نص في القانون أو الديباجة يذكّر بالتزام المغرب بحماية تعددية الإعلام وألا يُستخدم أي تنظيم مهني للإضرار بالتنوع. مثل هذا النص يضع أمام أعين المجلس مستقبلًا واجبًا باعتبار التعددية في قراراته (فلا يبالغ في معاقبة الأصوات المختلفة مثلاً).
9- التوعية والتكوين بدلًا من العقاب عند الإمكان: كجزء من نهج حديث في تنظيم المهن، يُنصح بأن يركز المجلس كثيرًا على برامج تكوين للصحافيين في أخلاقيات المهنة ومواثيقها، وعلى المساعي الحميدة والوساطة لحل النزاعات قبل تفاقمها. يمكن إدراج بند في القانون يشجع المجلس على تبني العقوبات البديلة، مثل إلزام مؤسسة بنشر قرار تأديبي وتقديم اعتذار علني عوض تغريمها ماليًا، أو فرض دورة تدريبية على صحافي أخطأ بدل إيقافه عن العمل. هذا التوجه الإصلاحي ينسجم مع فلسفة التقويم الذاتي بدلاً من العقاب الزجري، وهو أيضًا أقرب لمقاصد الدستور في ربط المسؤولية بالمحاسبة بشكل بنّاء وليس انتقامي. كما أن قرارات مجلس حقوق الإنسان تنصح بتبني مقاربات غير زجرية في تنظيم الإعلام حفاظًا على حيويته واستقلاله.
10- المتابعة والتقييم الدوري للقانون بعد صدوره: كإجراء لضمان الحكم الرشيد، يمكن تضمين مادة تلزم بإجراء تقييم بعدي لتطبيق هذا القانون مثلاً بعد مرور 3 سنوات على تنفيذه، عبر لجنة مستقلة (تشمل قضاة وصحافيين وخبراء دوليين) تقدم تقريرًا للبرلمان عن مدى تحقيق القانون لأهدافه (تعزيز الاستقلالية، الرفع من أخلاقيات المهنة، إلخ). بناءً على التقرير، يمكن إدخال التعديلات اللازمة. مثل هذه المرونة التشريعية تجنبنا الجمود إن ظهر أن بعض المواد عمليًا تضر بحرية الصحافة أو لم تحقق الغاية. هذا النهج يتماشى أيضًا مع التزامات المغرب الدولية في التطوير المستمر للأطر القانونية لضمان أعلى معايير الحقوق والحريات.

باتباع هذه التوصيات وغيرها من المقترحات التفصيلية التي قدمتها مختلف الهيئات (249 تعديلاً قُدمت على المشروع كما ذُكر)، يمكن جعل قانون المجلس الوطني للصحافة نموذجًا إيجابيًا يحتذى به في المنطقة، بدل أن يكون مادة للانتقاد. الأهم هو إعادة التوازن للمشروع: بين دور الدولة ودور الصحافيين، وبين المساءلة وحرية المبادرة، وبين العقاب والتقويم. هذا التوازن هو ما يحققه الدستور المغربي 2011 الذي مزج بين الحقوق والمسؤوليات، وهو ما تطالب به المواثيق الدولية التي تجمع بين حرية الإعلام وأخلاقياته في معادلة واحدة.

خلاصة
شكل مشروع قانون 26.25 لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة محطة فاصلة في مسار التنظيم الذاتي للإعلام بالمغرب. فمن جهة، جاء المشروع لسد فراغ ناجم عن انتهاء ولاية المجلس السابق وتعثر تجديده، حاملاً وعودًا بتعزيز استقلالية المجلس وتأهيل قطاع الصحافة. لكنه من جهة أخرى أثار مخاوف جدية بالتراجع عن مكاسب حرية الصحافة والتنظيم الديمقراطي للمهنة. ومن خلال التحليل الدستوري والدولي أعلاه، اتضح أن المشروع في صيغته كما صادق عليها مجلس النواب في يوليو 2025 لا يخلو من شبهات عدم الدستورية في شق الديمقراطية الداخلية والاستقلالية، كما يتعارض في بعض جوانبه مع التزامات المغرب الحقوقية الدولية الداعمة لحرية التعبير والتنظيم الحر.
ورغم إدخال البرلمان لتعديلات إيجابية (كحذف عقوبة توقيف الصحف التي اعتُبرت مخالفة صارخة لحرية التعبير)، إلا أن المطلوب لتحقيق المواءمة التامة أكبر من ذلك. المجلس الوطني للصحافة يجب أن يظل بيتًا للصحافيين وجسمًا ينظم نفسه بنفسه، كما أراده الفصل 28 من الدستور، وليس هيئة ضبط تفرضها السلطة بسلطاتها. لقد شهد المغرب خلال العقد الماضي تقدّمًا في الاعتراف القانوني بحرية الصحافة (كإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قانون الصحافة والنشر)، ولا ينبغي لقانون المجلس أن يتراجع عن هذا النهج الإصلاحي.
إن تبني التوصيات المقدمة – حول دعم الديمقراطية الداخلية، وضمان الاستقلال المالي والبشري، ووضع الضوابط على العقوبات مع فتح باب الطعن القضائي، وتمثيل كافة أطياف الوسط الإعلامي والجمهور – من شأنه تحويل مشروع قانون 26.25 إلى فرصة لتعزيز حكامة قطاع الصحافة. سيكون المجلس حينها قادرًا على محاسبة الصحافة ذاتيًا بأفضل المعايير، دون المس بحرية الصحافي في الاستقصاء والنقد. هذا التوازن الدقيق هو ضمانة أساسية لديمقراطية المغرب ولمصداقية التزاماته الدولية. وفي النهاية، الصحافة الحرة والمسؤولة هي ركن ركين في البناء الديمقراطي، وأي قانون ينظمها يجب أن يُصاغ بيد أصحاب المهنة ولمصلحتهم ومصلحة المجتمع، لا كأداة رقابية فوقية. بذلك فقط نحقق مرامي الدستور في حرية الإعلام ونلتزم بروح إعلانات وقرارات الأمم المتحدة التي ترى حرية الصحافة مؤشرًا رئيسيًا على احترام باقي الحقوق.

 

مقالات مشابهة

  • كولومبيا.. المجلس الوطني للسلامة يفوز بجائزة دولية في مؤتمر منظمة orp
  • الدكتور عمرو المصري قائماً بأعمال رئيس جامعة مطروح
  • حزب الميثاق الوطني يعيد تشكيل مكتبه السياسي
  • التنظيم أم الهيمنة؟ قراءة دستورية ومقارنة دولية في مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بالمغرب
  • المجلس الوطني: ما يجري في غزة مأساة إنسانية وكارثة لا يتخيلها العقل
  • العيسوي ودور الديوان الملكي في ترسيخ الوعي الوطني عبر اللقاءات المجتمعية
  • “الوطني الاتحادي” يلتقي عددا من الوفود البرلمانية في مؤتمر رؤساء البرلمانات بجنيف
  • القومي لحقوق الإنسان يعقد أول اللقاءات التشاورية مع النشطاء والمنظمات
  • الوطني الاتحادي يلتقي عدداً من الوفود البرلمانية بمؤتمر رؤساء البرلمانات في جنيف
  • المجلس الوطني: هجوم المستوطنين على سلواد هدفه الترهيب والتطهير العرقي