هل يجب إعادة الوضوء بعد النوم الخفيف؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي
تاريخ النشر: 11th, April 2025 GMT
أجاب دار الإفتاء المصرية، عن تساؤل يتردد كثيرا لدى المسلمين حول هل النوم اليسير يستوجب إعادة الوضوء؟ موضحة أن النوم اليسير أو النُّعَاس لا يَنْقُض الوضوء ولا تبْطُل به الصلاة باتفاق الفقهاء.
وأشارت دار الإفتاء، في فتواها على موقعها الإلكتروني، إلى أن الذي يَنْقُض الوضوء ويُبْطِل الصلاة هو النوم المستغرق الذي يصل إلى القَلْب ولا يَبْقى معه إدراك، بحيث لا يَشْعُر المصلِّي بمَنْ حوله؛ لأنَّه في هذه الحالة يكون مظنة وقوع الحدث الذي ينقض الوضوء.
حكم الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل.. الإفتاء توضح
هل تجوز صلاة الجنازة على الميت أكثر من مرة؟.. الإفتاء ترد
حكم إجهاض الجنين في الشهر السادس بناء على تقرير طبي.. الإفتاء توضح
حكم صيام المرأة الست من شوال دون إذن زوجها.. الإفتاء توضح
النُّعَاسُ -كما يُعرِّفه أهل اللغة-: فتورٌ يصيبُ الجسم، وهو أول درجات النوم؛ فيُسَمّى الشعور بالنوم والرغبة فيه نُعَاسًا، ولكنه لا يصل إلى القلب، بخلاف النوم؛ فإنَّ فيه استرخاء البدن، والغَلَبة على العقل، وسقوط الحواس. انظر: "فقه اللغة وسر العربية" للثعالبي (ص: 125، ط. إحياء التراث العربي).
جاء في "المعجم الوسيط" (2/ 934، ط. دار الدعوة): [فترت حواسه فقارب النوم فهو ناعس.. (النُّعَاسُ) فتور في الحواس، والوسن من غير نوم، وأول النوم] اهـ.
تأثير النعاس على الوضوء والصلاةالنوم اليسير أو النُّعَاس لا يَنْقُض الوضوء ولا يُبْطِل الصلاة باتفاق الفقهاء؛ وإنما الذي يَنْقُض الوضوء ويُبْطِل الصلاة هو النوم الذي فيه الغَلَبَة على العقل بحيث لا يَشْعُر المصلِّي بمَنْ حوله؛ قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 143، ط. دار الفكر) نَقْلًا عن "فتاوى قاضي خان": [النُّعَاسُ لا يَنْقُض الوضوء، وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال عنده] اهـ.
وقال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 31، ط. دار الكتب العلمية): عند الكلام عن نواقض الوضوء [(ومنها): النوم مضطجعًا في الصلاة أو في غيرها بلا خلاف بين الفقهاء.. والدليل عليه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نام في صلاته حتى غط ونفخ، ثم قال: «لَا وضُوءَ عَلَى مَن نَامَ قَائِمًا، أو قَاعِدًا، أو رَاكِعًا، أو سَاجِدًا، إنَّمَا الوضُوء عَلَى مَن نَامَ مُضطَّجِعًا، فإنَّهُ إذَا نَامَ مُضطَّجِعًا استَرْخَت مَفَاصِلُهُ». نص على الحكم، وعَلَّل باسترخاء المفاصل.. فأَمَّا النوم في غير هاتين الحالتين.. فإن كان في الصلاة لا يكون حدثًا سواء غَلَبه النوم، أو تَعمَّد في "ظاهر الرواية". وروي عن أبي يوسف أنَّه قال سألت أبا حنيفة عن النوم في الصلاة فقال لا ينقض الوضوء، ولا أدري أسألته عن العمد، أو الغلبة] اهـ.
قال الشيخ الخرشي عند شرحه لقول الشيخ خليل في "مختصره" (1/ 154، ط. دار الفكر): [(ص) وبسببه، وهو زوال عَقْلٍ، وإن بنومٍ ثَقُل، ولو قَصُر، لا خَفَّ]؛ قال: [وإن كان استتاره بنَومٍ ثقيل، ولو كان قصيرًا على المشهور، وعلامة النوم الثقيل: سقوط شيء مِن يده، أو انحلال حَبْوته، أو سيلان ريقه، أو بُعْده عن الأصوات المتصلة به، لا إنَّ خَفَّ النوم، فلا ينقض؛ لانتفاء مظنة الحدث ولو طال] اهـ.
وقال الإمام النووي في "الروضة" (1/ 74، ط. المكتب الإسلامي): [وليس في معناه النُّعَاسُ، وحديث النَّفْس، فإنهما لا ينقضان بحال] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 129، ط. مكتبة القاهرة): [ومَن لم يغلب على عقله فلا وضوء عليه.. وإن شك هل نام أم لا، أو خطر بباله شيء لا يدري أرؤيا أو حديث نفس؛ فلا وضوء عليه] اهـ.
الدليل على أن النعاس لا يؤثر على الوضوء والصلاةاستدل الفقهاء في هذه المسألة بعدة أدلة؛ منها: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أَنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا نَعَسَ أَحَدُكُم وَهُو يُصَلِّى فَلْيَرْقُد حَتَّى يَذهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فإنَّ أَحَدَكُم إذَا صَلَّى وهو نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّه يستَغفِر فَيَسُبَّ نَفْسَهُ».
فالحديث دليلٌ على أَنَّ الوضوء والصلاة لا ينتقضان بالنُّعَاس أو الغَفْوَة؛ قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (2/ 86، ط. دار الكتب العلمية): [يُستدل من هذا الحديث بأن النُّعَاس وهو النوم اليسير لا ينقض الصلاة، وإذا لم ينقض الصلاة لم ينقض الوضوء] اهـ.
ودلالة الحديث على عدم انتقاض الوضوء مع أَنَّ فيه الأمر بالرقود جاءت من دلالة المفهوم؛ حيث جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرقاد عند غلبة النوم، هو ما ينتقض به الوضوء، أما النُّعَاس والنوم القليل فلا ينقض؛ قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (3/ 111، ط. دار إحياء التراث العربي): [بيان استنباط الأحكام: الأول: أن فيه الأمر بقطع الصلاة عند غلبة النوم عليه، وأن وضوءه ينتقض حينئذ. الثاني: أنَّ النعاس إذا كان أقل من ذلك يعفى عنه، فلا ينتقض وضوؤه] اهـ.
وجاء في "شرح صحيح البخاري لابن بطال" (1/ 319، ط. مكتبة الرشد): [لا ينبغي للمصلى أن يقرب الصلاة مع شاغل له عنها، أو حائل بينه وبينها، لتكون همّه لا همّ له غيرها، وأن مَن استثقل نومه فعليه الوضوء، وهذا يدل أن النوم اليسير بخلاف ذلك] اهـ.
ويُؤكِّد ذلك ما وردت به روايات أخرى للحديث بزيادة: «فَلْيَنَمْ»؛ قال العلامة القَسْطَلَّاني في "إرشاد الساري" (1/ 285، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [وفي رواية الأصيلي وابن عساكر إذا نعس أحدكم في الصلاة (فلينم) أي: فليتجوز في الصلاة ويتمّها وينم (حتى يعلم ما يقرأ) أي: الذين يقرؤه] اهـ.
وقد حكى بعضهم الإجماع في ذلك؛ قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 314، ط. دار المعرفة): [وقد أجمعوا على أَنَّ النوم القليل لا ينقض الوضوء] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إعادة الوضوء الوضوء دار الإفتاء المصرية الإفتاء المزيد ی ن ق ض الوضوء ینقض الوضوء قال الإمام فی الصلاة الذی ی
إقرأ أيضاً:
حكم الإفطار يوم عرفة وهل له كفارة؟ .. دار الإفتاء توضح
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا من سيدة، قالت فيه أنها مريضة ولا تقوى على صيام رمضان، وتُخرج كفارة بدلاً عن الصيام، وسألت عن حكم إفطارها في يوم عرفة، وهل يجب عليها إخراج كفارة إذا لم تصمه؟.
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، موضحًا أن صيام يوم عرفة سنة مستحبة، وليس فريضة، فلا إثم في تركه، خاصة إذا كان هناك عذر كمرض أو ضعف.
وأكد أن هذا اليوم ليس من الأيام الواجبة الصيام، بل هو مستحب فقط لغير الحاج من القادرين المقيمين. أما الحاج فلا يُندب له الصيام في هذا اليوم.
وأشار الشيخ إلى الحديث النبوي: "صيام يوم عرفة يكفّر السنة الماضية والباقية"، في إشارة إلى عظيم فضل هذا اليوم، لكنه أوضح أن من لم يصمه لا يحمل إثمًا، وإنما يفوته الأجر الكبير الذي رتبه الشرع عليه.
وتابع أمين الفتوى قائلاً إن من يعاني من مرض يمنعه من الصوم، سواء في رمضان أو في صيام التطوع، فإنه معذور شرعًا، ولا يُطلب منه إلا ما فرضه الله عز وجل، وفي حالة رمضان يكون عليه القضاء أو إخراج الكفارة إن كان المرض مزمنًا ، أما بالنسبة لصيام التطوع، مثل يوم عرفة، فلا قضاء فيه ولا كفارة، لكونه من النوافل، وليس من الفروض.
وأضاف أن صيام الأيام المباركة، ومن بينها يوم عرفة والعشر الأوائل من ذي الحجة، من أفضل الأعمال، إلا أن التكليف فيها لا يقع إلا على من يستطيع، مشيرًا إلى قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}، وأكد أن المريض إذا نوى الصيام لكنه عجز عنه، فإنه يؤجر بنيته ولا شيء عليه بإجماع العلماء.
حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام عرفة
وفي سياق متصل، ورد سؤال آخر عن حكم من أكل أو شرب ناسيًا أثناء صيام التطوع، فأجاب الشيخ عبد الحميد الأطرش، رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، أن من أكل أو شرب ناسيًا لا قضاء عليه ولا كفارة، وصيامه صحيح، سواء كان في الفريضة أو في التطوع، مثل يوم عرفة أو عاشوراء.
واستشهد الأطرش بقول الله تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه رجل وقال: "يا رسول الله، إني أكلت وشربت ناسيًا وأنا صائم"، فقال له: "أطعمك الله وسقاك".
وأشار إلى أن من تذكّر أثناء الأكل أو الشرب أنه صائم، وجب عليه التوقف فورًا ولفظ ما في فمه، لأن العذر قد زال، وصيامه يظل صحيحًا ما دام لم يتعمد الإفطار.