لجريدة عمان:
2025-06-11@01:57:01 GMT

ماضي الاسترليني ومستقبل الدولار

تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT

في أبريل من عام 1925، قبل مائة عام، اتخذ ونستون تشرشل، بصفته وزيرا للخزانة، القرار المصيري بإعادة الجنيه الاسترليني إلى معيار الذهب بسعر الصرف المعمول به قبل الحرب العالمية الثانية.

كان تشرشل آنذاك، مثله كمثل وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت الآن، حائرا بين هدفين. فمن ناحية، كان يريد الحِـفاظ على وضع الجنيه الاسترليني بصفته العملة الرئيسية التي يدور حولها النظام النقدي الدولي، وصيانة مكانة لندن باعتبارها المركز المالي الدولي الرائد.

ومن ناحية أخرى، كان تشرشل، أو على الأقل الأصوات المؤثرة من حوله، يرى ميزة في سعر صرف أكثر تنافسية -بمعنى «خفض قيمة الجنيه الاسترليني»- والذي قد يعزز التصنيع والصادرات البريطانية. لا أحد يستطيع أن يُـجزِم لماذا اختار تشرشل المسار الأول. كان ثِـقَـل التاريخ -التفوق الاقتصادي البريطاني في ظل معيار الذهب قبل الحرب العالمية الأولى- يشير إلى استعادة الوضع النقدي السابق. وكانت مدينة لندن، أي القطاع المالي هناك، تمارس الضغوط لفرض العودة إلى سعر صرف ما قبل الحرب مقابل الذهب والدولار. ولم يكن أكثر المعارضين وضوحا، جون ماينارد كينز، مُـوَفَّـقا عندما أتيحت له الفرصة لعرض حُـجّـته على وزير الخزانة. جاءت التأثيرات متفقة إلى حد كبير مع التوقعات. فقد استعاد الجنيه الاسترليني وضعه كعملة دولية رئيسية، واستعادت المدينة مكانتها كمركز مالي. ولكن عند تلك اللحظة بات لزاما على الاسترليني ومدينة لندن مُـغالَبة نيويورك والدولار الذي اكتسب أهمية بسبب الارتباكات التي شهدتها أوروبا نتيجة للحرب وإنشاء نظام الاحتياطي الفيدرالي لدعم الأسواق المالية الأمريكية. وكما كان متوقعًا أيضا، رَكَـدَت الصادرات البريطانية. فبالأسعار الجارية آنذاك، كانت الصادرات في الفترة 1928-1929 أقل مما كانت عليه في الفترة 1924-1925، عندما اتُّـخِـذ قرار تثبيت سعر الصرف. وهنا، من الواضح أن قوة الجنيه الاسترليني وأسعار الفائدة المرتفعة المطلوبة للدفاع عن سعر صرفه لم تكن مفيدة. ولكن من قبيل التسرع إلى الاستنتاج أن نعزو أداء الاقتصاد البريطاني الضعيف بالكامل إلى سعر الصرف.

فمن ناحية، أصبحت صناعات التصدير التي اعتمدت عليها بريطانيا تقليديا -المنسوجات، والصلب، وبناء السفن- خاضعة لمنافسة شديدة من جانب الدول التي انتهجت التصنيع بعد بريطانيا والتي كانت تمتلك منشآت أكثر حداثة، بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان. لم يكن الوضع مختلفا عن المنافسة التي يستشعرها قطاع التصنيع الأمريكي حاليا من جانب الصين وغيرها من الأسواق الناشئة. في ذلك الوقت كما هي الحال الآن، لم يكن من الواضح أن سعر الصرف الأضعف قد يُـحدث فارقا كبيرا، نظرا لظهور هذه القوى الصاعدة. كما أن التعريفات الجمركية التي فرضتها المملكة المتحدة في ثلاثينيات القرن العشرين لم تنجح في إنعاش صناعاتها القديمة.

علاوة على ذلك، واجهت بريطانيا صعوبة في تطوير الصناعات الجديدة التي شكلت الحدود التكنولوجية آنذاك -الهندسة الكهربائية، والمركبات ذات المحرك، والسلع الاستهلاكية المنزلية المعمرة- حتى بعد خفض قيمة الجنيه الاسترليني في عام 1931. وكانت الولايات المتحدة وبلدان أخرى أسرع في تبني التكنولوجيات وأساليب الإنتاج الجديدة، مثل خط التجميع. وتسبب التشدد النقابي في تثبيط الاستثمار. وكان المعروض من العمال من ذوي المهارات وأخلاقيات العمل المطلوبة منقوصا. ومرة أخرى، لا تختلف هذه الشكاوى عن تلك التي نسمعها اليوم من مشغلي مصنع أشباه الموصلات الجديد التابع لشركة TSMC في أريزونا أو مصانع سامسونج لصناعة الرقائق الإلكترونية في تكساس. وبطبيعة الحال، لم يكن من المفيد أن ثلاثينيات القرن العشرين تميزت بالحروب التجارية والكساد الذي دام عقدا من الزمن. على الرغم من هذه المشكلات، صمد وضع الجنيه الاسترليني كعملة دولية خلال الثلاثينيات. الواقع أن الجنيه الاسترليني استعاد بعضا من مكانته كعملة احتياطية وعملة مدفوعات والتي خسرها لصالح الدولار في العقود السابقة. في حين نجحت بريطانيا على نطاق واسع في صيانة الاستقرار المصرفي والمالي، عانت الولايات المتحدة من ثلاث أزمات مصرفية ومالية منهكة. وحافظت المملكة المتحدة على علاقات تجارية مستقرة مع دول الكومنولث والإمبراطورية في ظل نظام تفضيل إمبراطوري أبطل تأثيرات التعريفات الجمركية التقييدية. وظلت على علاقات طيبة مع الشركاء التجاريين والحلفاء السياسيين خارج نطاق الكومنولث والإمبراطورية، بما في ذلك في الدول الإسكندنافية، والشرق الأوسط، ودول البلطيق، حيث واصلت السلطات النقدية ربط عملات بلدانها بالجنيه الاسترليني. الدروس التي يجب أن يستوعبها أولئك الذين يسعون إلى الحفاظ على مكانة الدولار كعملة عالمية واضحة. تجنّب زعزعة الاستقرار المالي، وهذا يعني في السياق الحالي عدم السماح للمشكلات في مجال العملات الرقمية بالامتداد إلى بقية النظام المصرفي والمالي. الحد من اللجوء إلى التعريفات الجمركية، لأن استخدام الدولار الواسع الانتشار على المستوى الدولي مستمد في جزء كبير منه من علاقات أمريكا التجارية مع بقية العالم. والحفاظ على تحالفات أمريكا الجيوسياسية، خاصة وأن شركاء أمريكا في التحالف هم الذين من المرجح أن ينظروا إلى الولايات المتحدة باعتبارها راعية جديرة بالثقة لأصولهم الأجنبية وأن يحتفظوا بعملتها كدليل على حسن النية.

الواقع أن الولايات المتحدة -كما تشير كل المظاهر- تسير في الطريق المعاكس، حيث تخاطر بالاستقرار المالي، وتفرض الرسوم الجمركية طوعا أو كرها، وتستعدي شركاءها في التحالف. وكل ما تحقق على مدى فترة طويلة بات من الممكن هدمه في غمضة عين ـ أو بجرة قلم رئيس. كان تشرشل مدركا للمخاطر. وعلى حد تعبيره: «قد يكون البناء مهمة بطيئة وشاقة تمتد لسنوات. أما التدمير فربما يكون فعلا طائشا لا يستغرق أكثر من يوم واحد».

باري آيكينجرين .. أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، ومستشارٌ سياسيٌّ سابقٌ في صندوق النقد الدولي. ألّف العديد من الكتب، منها كتاب «في الدفاع عن الدين العام».

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجنیه الاسترلینی الولایات المتحدة سعر الصرف لم یکن

إقرأ أيضاً:

بكام في المركزي؟.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 9-6-2025

سجل سعر الدولار مقابل الجنيه المصري حالة من الاستقرار الملحوظ منتصف تعاملات اليوم الإثنين 9 يونيو 2025، رابع أيام عيد الأضحى المبارك بالبنوك الخاصة والحكومية العاملة بمصر، ليبلغ سعره في المركزي نحو 49.57 جنيه للشراء 49.71 جنيه للبيع.

ما سبب استقرار الدولار خلال أيام عيد الأضحى؟

يأتي الاستقرار في سعر الدولار تزامنا مع عطلة عيد الأضحى 2025، حيث توقفت التعاملات الرسمية بالبنوك من يوم الخميس الماضي وحتى نهاية الإجازة، على أن تستأنف البنوك عملها وفقًا لمواعيد العمل الرسمية بعد انتهاء عطلة العيد.

دولار سعر الدولار

يستعرض موقع «الأسبوع» لمتابعيه وزواره، خلال السطور التالية، آخرَ تحديث لسعر الدولار منتصف تعاملات اليوم في البنوك الخاصة والحكومية العاملة بمصر، وذلك ضمن خدمة مستمرة يحرص الموقع على تقديمها لزواره.

سعر الدولار مقابل الجنيه منتصف تعاملات اليوم الإثنين 9 يونيو 2025 سعر الدولار في البنك المركزي المصري

سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في البنك المركزي: 49.57 جنيه للشراء 49.71 جنيه للبيع

سعر الدولار في البنك الأهلي المصري

سعر الدولار أمام الجنيه المصري في البنك الأهلي المصري: 49.59 جنيه للشراء و49.69 جنيه للبيع.

سعر الدولار في بنك مصر

سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في بنك مصر: 49.59 جنيه للشراء و49.69 جنيه للبيع.

سعر الدولار اليوم سعر الدولار في قناة السويس

سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في بنك قناة السويس: و49.69 جنيه للشراء، و49.69 جنيه للبيع.

سعر الدولار في البنك التجاري الدولي

سعر الدولار في البنك التجاري الدولي مقابل الجنيه المصري: و49.69 جنيه للشراء، و49.69 جنيه للبيع.

سعر الدولار اليوم
سعر الدولار في بنك الإسكندرية

سعر الدولار في بنك الإسكندرية مقابل الجنيه المصري: و49.69 جنيه للشراء، و49.69 جنيه للبيع.

سعر الدولار في بنك العربي الأفريقي

سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في بنك العربي الأفريقي: و49.59 جنيه للشراء، و49.69 جنيه للبيع.

اقرأ أيضاًالأخضر بكام في البنوك؟.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 9 يونيو 2025

بكام النهاردة؟.. أسعار الدولار في مصر اليوم الاثنين 9-6-2025

مقالات مشابهة

  • ارتفاع سعر الجنيه مقابل الدولار اليوم في البنوك
  • سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري «آخر تحديث»
  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 10-6-2025
  • سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الاثنين 9 يونيو
  • بكام في المركزي؟.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 9-6-2025
  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في نهاية تعاملات اليوم الأحد
  • سعر الدولار أمام الجنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد 8 يونيو 2025
  • رسميا الآن.. سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك
  • سعر الدولار اليوم أمام الجنيه وفقا لآخر تحديث في البنوك
  • سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم.. بكام في البنك الأهلي وبنك مصر؟