البلاد – عدن
في تحوّل لافت في الاستراتيجية الأمريكية تجاه الميليشيا الحوثية، باتت الغارات الجوية تتركز على مراكز القيادة والتحكّم ومنشآت الاتصالات التي تربط قيادات الجماعة بوحداتها الميدانية، محدثة خلخلة في قدرة الميليشيا على التواصل وإدارة العمليات. هذا النهج الجديد لا يعكس فقط رغبة واشنطن في إضعاف القدرات الهجومية للحوثيين، بل يشير إلى تصميم واضح على إحداث شلل عسكري داخلي، ربما على غرار تفجير إسرائيل لشبكة “بيجرات” حزب الله، وسط جدل واسع حول استخدام الحوثيين للبنية المدنية في الأغراض العسكرية، ما يفتح الباب أمام استهدافها كمواقع عسكرية، رغم ما ينجم عن ذلك من آثار سلبية على المدنيين.


في ساعة متأخرة من مساء الجمعة الماضية، دمّرت مقاتلات أمريكية محطة اتصالات استراتيجية تابعة لميليشيا الحوثيين شرق محافظة الحديدة، في ضربة وُصفت بأنها جزء من تحوّل نوعي في الاستراتيجية الأمريكية، التي لم تعد تكتفي بتحييد الصواريخ والطائرات المسيّرة، بل انتقلت لاستهداف مراكز القيادة والسيطرة وشبكات التواصل العملياتي، وهي الأعصاب الحيوية لأي مؤسسة عسكرية أو تنظيم مسلح.
ومنذ أواخر مارس، تضاعفت الضربات الأمريكية ضد منشآت الاتصالات في محافظات صنعاء، وعمران، وصعدة، وإب، والحديدة. ويرى محللون عسكريون أن هذا النهج يستهدف شلّ قدرة الميليشيا على اتخاذ القرار العسكري وتنفيذه، عبر ضرب الحلقات التي تربط القيادة بالميدان، وهي مقاربة أكثر تعقيدًا وفعالية من استهداف المخازن والأسلحة فقط.
وبحسب خبراء في الاتصالات، فإن الحوثيين حوّلوا القطاع إلى أداة عسكرية وأمنية منذ 2015، مستخدمين البنية التحتية في التجسس، وتوجيه الطائرات المسيّرة، والتواصل بين قادتهم الميدانيين، وحتى في الحرب الإعلامية. والضربة الأخيرة استهدفت محطة شرقي مديرية المراوعة، تضم محطات تشويش وبُنى بثّ، ما يجعلها عنصرًا حساسًا في منظومة القيادة.
وأيضًا، الغارات الأمريكية الأخيرة دمّرت ما لا يقل عن 8 محطات اتصالات، وفق رصد متخصص، ما أدى إلى تدهور ملموس في خدمات الإنترنت والاتصالات في الشمال اليمني، وأثار شكاوى شعبية. وفيما تدين ميليشيا الحوثي الغارات بحجة المساس بالخدمات المدنية، يقول مختصون إن الجماعة عطّلت الطابع المدني لمنشآت الاتصالات بتحويلها لأهداف عسكرية، ما يبرّر استهدافها قانونيًا.
اللافت أن هذا النمط من الضربات يعيد للأذهان عمليات إسرائيلية سابقة، مثل تفجير أجهزة “بيجرات” لعناصر حزب الله، عبر اختراق أنظمة الاتصال. وربما تحاول الولايات المتحدة إحداث تأثير مماثل لهذه العملية، مما سيفقد الحوثيين القدرة على التنسيق الداخلي والخارجي، خصوصًا مع تواجد قياداتهم في مواقع سرية خارج نطاق العمليات المباشرة
وفي ظل تآكل منظومتي الاتصال العسكريتين، الأرضية والرادارية، قد تجد الميليشيا نفسها مضطرة لاستخدام شبكات الاتصال الرسمية، ما يعرضها للاختراق. ورغم امتلاك الحوثيين بعض البدائل، كالأجهزة اللاسلكية المحمولة والاتصال بالأقمار الصناعية، إلا أن استمرار هذا النمط من الضربات يضيّق هوامش الحركة، ويؤسس لمرحلة من الانكشاف الأمني والتقني، تنذر بانهيار تدريجي في قدراتهم التنظيمية والعسكرية.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

غارات مركزة واغتيالات محتملة.. إسرائيل تخترق الحوثي وتدخل خط تصفية القيادات

شن الجيش الإسرائيلي غارات في اليمن، مساء السبت، في محاولة لـ"استهداف مسؤولين عسكريين كبار" من جماعة الحوثي، بحسب ما ذكرت "إذاعة الجيش الإسرائيلي"، فيما قالت مصادر عسكرية أن الغارات الجوية كانت تستهدف اغتيال رئيس هيئة أركان الحوثيين محمد الغماري".

Read also :فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيين

وقالت مصادر محلية في صنعاء أن ضربات جوية إسرائيلية استهدفت ثلاثة مبانٍ سكنية في صنعاء، أحدها قرب مدرسة اليمنية الحديثة وجامعة الرشيد، مشيرة إلى أن الموقع كان يستخدم كغرفة عمليات مغلقة لعناصر قيادية بارزة في الجماعة، وأن الغارات جرى تنفيذها لحظة عقد اجتماع لما يسمى المجلس العسكري الأعلى للميليشيات الحوثية المرتبط بالحرس الثوري الإيراني.

وأشارت مصادر إلى أن هناك ترجيحات بمقتل رئيس هيئة الأركان العامة للحوثي، اللواء محمد عبدالحكيم الغماري، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية الأخرى. في حين لم تعلن الميليشيات الحوثية إية تفاصيل حول موقع الاستهداف أو الضحايا الذين لقوا مصرعهم في الغارات. إلا أن الميليشيات فرضت طوقًا أمنيًا مشددًا حول مكان الغارات ورفض السماح للمواطنين بالاقتراب أو حتى التصوير.

ووفق مصادر طبية وأمنية تحدثت لوسائل إعلام محلية فقد نُقل عشرات المصابين وجثث متفحمة إلى مستشفيي 48 والقدس بصنعاء، في أعقاب انفجار عنيف دوّى جنوب العاصمة، حيث يقع المبنى المستهدف.

ويعد رئيس أركان الجماعة محمد عبدالكريم الغماري، أحد أخطر المطلوبين لدى التحالف العربي، والمصنف كحلقة الوصل العسكرية بين الحوثيين وإيران. وفي حال صدقت عملية اغتيال القيادي تصبح ميليشيا الحوثي مخترقة من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد"، وهو ما يرجح تنفيذ عمليات تصفية أخرى لقيادات بارزة في الفترة القادمة.

وتؤكد المصادر أن الضربة المركزة على المبنى تؤكد حقيقة تمكن "الموساد" من اختراق أمني حاد داخل بنية الجماعة الحوثية، وربما عبر شبكة تجسس عميقة مقربة من الدائرة العسكرية الحوثية وتعمل من داخل اليمن. أو عبر طائرة تجسس من دون طيار. ما حدث في صنعاء أعاد إلى الأذهان سيناريو اغتيالات "الموساد" داخل إيران قبل أيام حيث تمكنت إسرائيل من تصفية أبرز قيادات الجيش والحرس الثوري الإيراني إلى جانب علماء بارزين في الملف النووي.

تطور لافت ومقلق بين صفوف قيادات الميليشيات الحوثية التي أصبحت في دائرة الاستهداف الإسرائيلي. حيث نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، تزامنًا مع الغارات صورة تظهر أسماء وصور 12 من كبار قادة جماعة الحوثي، من بينهم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، والمتحدث العسكري يحيى سريع، إلى جانب قادة بارزين مثل محمد عبد الكريم الغماري، محمد علي الحوثي، أبو علي الحاكم والناطق الرسمي محمد عبد السلام.

وتأتي تطورات صنعاء في ظل تصعيد متواصل بين إسرائيل وإيران، وامتداد المواجهة إلى ساحات متعددة، بينها اليمن, حيث شنت الميليشيات هجمات صاروخية على مدن إسرائيلية خلال اليومين الماضيين، وهو ما استدعى ردًا إسرائيليًا على تلك الهجمات.

وتشير المعلومات إلى أن الجماعة تحاول التستر على هذه الهواجس المتصاعدة، من خلال ضخ أخبار دعائية تتحدث عن "الرد الإيراني" على إسرائيل، وذلك في محاولة يائسة لرفع معنويات أتباعها، في حين أن الواقع الأمني داخل الجماعة يوصف بـ"الهش"، وسط خشية من عمليات تصفية أو اختراق مماثلة في الداخل اليمني.

وقالت مصادر محلية في صنعاء إن جماعة الحوثي نقلت عشرات المركبات المموهة، من صنعاء باتجاه محافظة عمران، مع تشديد إجراءات الدخول والخروج من محافظة صعدة، معقل الجماعة الأساسي، حيث يعتقد بتواجد قادتها، وذلك وسط تأهب عسكري أميركي في المنطقة. وجاءت هذه الإجراءات تحسباً لتصعيد عسكري محتمل من القوات الأميركية والإسرائيلية.

وكانت جماعة الحوثي قامت، قبل أشهر، بإخلاء منازل قادتها في صنعاء ونقلتهم إلى مناطق جبلية شديدة التحصين، يرجح في صعدة، مع قطع وسائل اتصالهم، تحسباً لاختراق إسرائيلي مشابه لما حدث لكوادر إيران وقيادات "حزب الله" اللبناني.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلن شنها غارات واسعة النطاق على مواقع عسكرية في إيران
  • كمائن “الطحين” الأمريكية!
  • غارات مركزة واغتيالات محتملة.. إسرائيل تخترق الحوثي وتدخل خط تصفية القيادات
  • وزارة الاتصالات تعلن إطلاق ‏مشروع “برق نت” لتوسيع ‏تغطية الإنترنت عبر الألياف الضوئية في سوريا
  • الاتصالات تعلن تمديد موعد إغلاق طلب المعلومات الخاص بمشروع “سيلك لينك”
  • “القسام” تقنص سائق جرافة عسكرية شرق حي “الشجاعية” بمدينة غزة
  • اندلاع حريق في كبينة اتصالات يتلف 700 خط هاتف أرضي وإنترنت في أبين
  • اتصالات ولقاءات مكثفة.. المملكة تقود جهودا دبلوماسية لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل
  • اتصالات مكثّفة بين وزير الخارجية ونظرائه في الدول الشقيقة والصديقة
  • اتصالاتٌ مكثّفةٌ بين وزير الخارجية ونظرائه في الدول الشقيقة والصديقة