أثرت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على العديد من الصناعات، إلا أن التأثير لم يقتصر على الصناعات الثقيلة أو التكنولوجية الكبرى، بل وصلت إلى قطاعات هامشية ولكنها تدر مليارات الدولارات سنويًا، من بينها سوق الألعاب الجنسية الذي أصبح من ضحايا "الحمائية الاقتصادية" التي اعتمدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.



في إطار حملة الرسوم الجمركية التي أطلقها ترامب، ارتفعت الضرائب على واردات معينة من الصين إلى 125 بالمئة، بعد أن رفعت بكين بدورها الرسوم على السلع الأميركية إلى 84 بالمئة، ورغم أن تلك القرارات لم تُشر بشكل مباشر إلى الألعاب الجنسية، إلا أن إدراج المنتجات البلاستيكية والإلكترونية ضمن قائمة الضرائب جعل هذه الفئة تحت مرمى النيران التجارية.

قطاع خفي يُدرّ المليارات
يقدر حجم سوق الألعاب الجنسية عالميًا بـ 37.35 مليار دولار عام 2024، وفق تقرير مؤسسة Straits Research الهندية، ويتوقع أن يتضاعف ليصل إلى 83.85 مليار دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 9.4 بالمئة، أما عن الدعارة المنظمة – والتي تُعد من القطاعات المرتبطة بصناعة المتعة – فقد بلغت إيراداتها عالميا نحو 186 مليار دولار عام 2024، حسب تقدير مؤسسة غلوبال نيوز فيو.


وتصنّع الصين ما بين 70 إلى 80 بالمئة من الألعاب الجنسية المستخدمة في العالم، وفق تقارير اقتصادية، وتعتمد على شبكة تصدير واسعة تمتد من آسيا إلى أميركا وأوروبا وحتى بعض الدول العربية التي تُدار فيها هذه التجارة بطرق غير رسمية.

رسوم ترامب تُلهب الأسعار
مع تطبيق الرسوم الجمركية المرتفعة، قفزت أسعار الألعاب الجنسية المستوردة من الصين بنسبة وصلت إلى 150 بالمئة في بعض الحالات، ما انعكس مباشرة على أسعار الخدمات في الأسواق التي تعتمد على هذه المنتجات، مثل الدعارة القانونية في ألمانيا وهولندا وبعض ولايات نيفادا الأمريكية.

ونتيجة لرفع الأسعار ومع ضعف التصنيع الأمريكي في هذا القطاع، باتت الأسعار الباهظة عبئًا على المستهلك، مما يخسر الصين مليارات الدولارات.

الصين تبحث عن مخرج
في محاولة للرد على الضغوط الأمريكية، بدأت الصين تنوّع أسواق تصديرها نحو أوروبا، أمريكا اللاتينية، الشرق الأوسط وأفريقيا، وتوجّهت بعض الشركات لإنشاء مصانع في دول مثل فيتنام، ماليزيا وتايلاند لتجاوز ملصق "صنع في الصين" وتفادي الرسوم.

كما باتت منصات مثل AliExpress وShein وTemu أدوات فعّالة في البيع المباشر للمستهلكين الأميركيين دون المرور عبر سلاسل التوريد التقليدية التي تخضع لرقابة جمركية صارمة.


واقترحت تقارير تقنية – بالاستعانة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT – تصنيف بعض المنتجات الجنسية تحت بند "معدات طبية" أو "أجهزة تدليك"، لتجاوز الفئة الجمركية المحظورة، إضافة إلى التعاون مع علامات تجارية أميركية أو أوروبية لتسويق المنتجات تحت أسماء محلية.

تحولات ثقافية تغذي السوق
تُشير توقعات مؤسسة Markets and Data إلى نمو سوق الألعاب الجنسية في الصين من 12.5 مليار دولار في 2024 إلى 21.5 مليار دولار بحلول 2032، مدفوعًا بتغيرات ثقافية خاصة بين جيل الشباب، وتزايد تقبّل الحديث عن الصحة الجنسية باعتبارها جزءًا من الرفاهية العامة، ما يغذي الطلب محليًا ويزيد فرص التصدير خارجيًا رغم العقبات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الرسوم الجمركية الصين امريكا الصين الرسوم الجمركية الالعاب الجنسية المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الألعاب الجنسیة ملیار دولار التی ت

إقرأ أيضاً:

الصين تكسب الحرب التجارية

ترجمة: قاسم مكي -

في يناير أعلن الرئيس دونالد ترامب حربا تجارية على الصين. لا يسعدني القول: إن الصين - عدو أمريكا - تكسبها، لكن لا مهرب من الأدلة التي تؤكد ذلك.

يمكنكم أن ترونها في الأرقام الاقتصادية؛ فاقتصاد الصين حقق في المتوسط نموا بنسبة 5.3% في النصف الأول من هذا العام واقتصاد أمريكا 1.25%، ويمكنكم أن ترونها أيضا في فشل ترامب في انتزاع تنازلات مهمة من بكين. فعلى الرغم من إذعان معظم البلدان للتنمُّر التجاري الأمريكي لم تفعل الصين ذلك.

في أبريل رفع ترامب معدل الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 145%. ردت الصين برسوم بلغت نسبتها 125% على السلع الأمريكية. ثم صعَّد الرئيس شي جينبينج الضغط بتقييد صادرات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة، وهو ما يهدد بوقف إنتاج السيارات، والطائرات المقاتلة، ومنتجات أخرى.

كان لزاما على ترامب التراجع، والقبول بخفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 30% فيما خفضت الصين رسومها على السلع الأمريكية إلى 10%. ولا زالت الرسوم مجمدة عند هذه المستويات على الرغم من جولات المفاوضات العديدة بين واشنطن وبكين.

حاول ترامب تسويق هذه الاتفاقية باعتبارها «انتصارا تجاريا تاريخيا»، لكنها كانت ببساطة هدنة؛ فهي لم تفعل شيئا تجاه الشكاوى الأمريكية المتطاولة حول إغراق الصين سوق العالم بمنتجاتها، وسرقة الملكية الفكرية، ومخالفات أخرى.

الرسوم الجمركية غير المتكافئة على الواردات الصينية قد لا تبدو سيئة إلى أن تدركوا أنها ستعني ارتفاع الأسعار للمستهلكين الأمريكيين، لكن من الواضح أن إدارة ترامب -كجزء من الاتفاقية التي لم يُكشَف أبدا عن تفاصيلها- جمَّدت القيود المفروضة على تصدير تقنية حساسة للصين.

في يوليو صادقت الإدارة الأمريكية على بيع شركة «أنفيديا» رقائق «أتش 20» المتقدمة للصين والتي لديها تطبيقات عسكرية إلى جانب استخداماتها المدنية. ووقعت جماعة من صقور الأمن القومي الجمهوريين والديمقراطيين -من بينهم المسؤولان السابقان في إدارة ترامب مات بوتينجر، وديفيد فايث- خطابا عبرت فيه عن غضبها. جاء في الخطاب «نحن نعتقد أن هذه الخطوة زلَّة استراتيجية، وتعرِّض للخطر التفوق الاقتصادي والعسكري للولايات المتحدة في الذكاء الاصطناعي. إنه مجال يعتبر باطراد حاسما في قيادة العالم في القرن الحادي والعشرين». بيع رقائق أنفيديا أحدث مؤشر على تراجع ترامب عن مواجهته مع الصين. كما حالت الإدارة الأمريكية أيضا دون زيارة رئيسة تايوان ورئيس وزرائها للولايات المتحدة بعد اعتراض بكين.

وفي حين يسعى ترامب إلى استرضاء بكين ظل يعكر صفو العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادي الآسيوية بتهديداته المتقلبة بفرض الرسوم الجمركية على صادراتها.

آخر البلدان المتضررة هي الهند الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في مواجهة الصين؛ فقد أعلن ترامب يوم الأربعاء 30 يوليو أنه سيفرض رسوما بنسبة 25% على الهند تعقبها عقوبات إضافية؛ لمعاقبتها على شراء النفط والغاز من روسيا. (رفع ترامب نسبة الرسوم على الهند إلى 50% بعد إضافة 25% أخرى يوم الأربعاء 6 أغسطس- المترجم.)

من المعقول الضغط على الهند؛ لتقليص علاقتها الاقتصادية مع روسيا، لكن هذه الرسوم الجمركية الخرقاء تهدد بالقضاء على جهود بذلت على مدى عقود بواسطة الإدارات الأمريكية المتعاقبة بما في ذلك إدارة ترامب الأولى؛ لجذب الهند إلى مدار الولايات المتحدة. والآن هنالك مؤشرات على مصالحة بين نيودلهي وبكين.

عقد ترامب اتفاقيات مع شركاء رئيسيين آخرين للولايات المتحدة في المنطقة؛ لفرض رسوم على صادراتها بمعدلات أقل من الرسوم التي هدد بها في أبريل. لكنها تظل أعلى كثيرا من تلك التي كانت قائمة في بداية العام؛ فقد فرض ترامب رسوما بنسبة 20% على فيتنام وتايوان و19% على إندونيسيا وماليزيا وتايلاند والفلبين، و15% على اليابان وكوريا الجنوبية.

أستراليا وهي أحد أوثق حلفاء أمريكا تحصل على رسم جمركي أساسي بنسبة 10%، لكن ترتفع النسبة إلى 50% على الصلب والنحاس والألمونيوم، وإلى 25% على مركبات معينة. وكجزء من مفاوضاته التجارية انتزع ترامب وعودا غامضة من اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي باستثمار مئات البلايين من الدولارات في الولايات المتحدة.

البلدان التي أبرمت اتفاقيات تجارية مع ترامب يمكنها تنفس الصعداء؛ فهي تعلم أن وضعها ربما سيكون أسوأ، لكن تنمّر ترامب يخلِّف وراءه مشاعر مريرة. لقد وصف مسؤول تجاري ياباني سابق الاتفاقية الأمريكية بالمذلة، وقال عنها اقتصادي ياباني: «إنها غير مقبولة تماما لليابان»، فتلك طريقة غريبة للتعامل مع حلفاء تحتاج إليهم الولايات المتحدة لاحتواء الصين.

بشكل عام؛ ترامب يساعد الصين بتخفيضاته، وتقليصاته في الدبلوماسية الأمريكية، والعون الأجنبي، والاستثمار في البحث العلمي. بل مضى وزير الخارجية ماركو روبيو حتى إلى إقالة موظفي الوزارة الذين ينسقون الرد الدبلوماسي على اعتداءات الصين في بحر الصين الجنوبي.

إلى ذلك؛ محاولات ترامب إغلاق هيئة البث الدولية «صوت أمريكا» هدية أخرى لبكين؛ فمن إندونيسيا إلى نيجيريا تملأ وسائل الإعلام الصينية الفراغ الذي يخلفه صوت أمريكا وراءه. كما فتح قرار ترامب بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية واليونسكو الباب واسعا للصين لزيادة نفوذها في هذه المنظمات الدولية.

ثم هنالك خطط ترامب لخفض الدعم الفيدرالي للبحث العلمي بأكثر من 30% ووضْعِ العراقيل أمام الطلاب الأجانب للدراسة بالجامعات في الولايات المتحدة. يحدث هذا فيما تضخ الصين بلايين إضافية في أحدث أنشطة البحث والتطوير؛ فالصين تتقدم على الولايات المتحدة في معظم التقنيات الرائدة بما في ذلك البطاريات، والألواح الكهروضوئية، والسيارات الكهربائية، والطائرات المسيرة، وأنظمة الاتصالات البصرية المتقدمة، وتعلم الآلات والحواسيب عالية الأداء.

رسوم ترامب لن تفعل أي شيء لوقف هذه التطورات، وليس من شأن تخفيضاته للإنفاق على البحث والتطوير، وقيوده على الطلاب الأجانب سوى تسريعها.

«كعب أخيل» الصين منذ مدة طويلة هو الخوف الذي تثيره بسلوكها، وعدم تقديرها للبلدان الأخرى. أمريكا الآن تشبه كثيرا الصين في تصرفاتها، وتدفع الثمن في موقف الرأي العام العالمي منها. لقد وجد استطلاع أجراه مركز «بيو» للأبحاث مؤخرا في 24 بلدا أن «الآراء عن الولايات أصبحت أكثر سلبية بشكل ملحوظ خلال العام الماضي فيما أصبحت أكثر إيجابية بقدر طفيف تجاه الصين»، وفي بلدان الدخل المرتفع التي شملها الاستطلاع 32% من الآراء الآن محبذة للصين مقارنة بحوالي 35% لأمريكا. هذا التقارب في النظرة إلى البلدين صادم بالنسبة لنا نحن الذين اعتدنا على الاعتقاد بأن أمريكا هي «البلد الطيب» .من الجيِّد أن ترامب يتراجع الآن على الأقل عن حربه التجارية باهظة التكلفة مع الصين وقبل أن تُلحِق ضررا بالغا باقتصاد الولايات المتحدة. وما يُحسَب له أنه يواصل التعاون العسكري، بل يعززه مع حلفاء الولايات المتحدة في آسيا.

لكن هدنة الحرب التجارية تَحِدّ فقط من ضرر سياسات ترامب؛ فهي لا تتحدى النفوذ المتنامي للصين، أو تعزز تنافسية الولايات المتحدة. واقع الحال أن قفزات رسوم ترامب، وتخفيضاته في الموازنة، وقيودُه على الهجرة تُضعِف أمريكا، وتُقَوِّى دون قصد منافستَها الرئيسية.

ماكس بوت زميل أول بمجلس العلاقات الخارجية. أحدث كتبه بعنوان «ريجان: حياته وأسطورته»

الترجمة عن «واشنطن بوست».

مقالات مشابهة

  • أمريكا والصين تمددان هدنة الرسوم الجمركية
  • العراق يتوقع إيرادات بقيمة 543 مليار دولار في 5 سنوات
  • ترامب يمدد تعليق رسوم جمركية على الصين
  • الشركات الأمريكية الصغيرة تواجه خسائر سنوية 202 مليار دولار بسبب رسوم ترامب
  • الهند: أكثر من نصف صادراتنا لأميركا ستتأثر برسوم ترامب
  • غسل 5 تريليونات دولار سنويا.. خسائر أفريقيا 90 مليار دولار بسبب التدفقات المالية غير المشروعة
  • الصين تكسب الحرب التجارية
  • «جولدمان ساكس» يتوقع عدم فرض رسوم جمركية على الذهب
  • «آي صاغة»: رسوم الذهب الأمريكية تفجر اضطرابًا في الأسواق العالمية… واستقرار حذر محليًا
  • العراق يتوقع إيرادات بقيمة 543 مليار دولار ضمن خطته التنموية