في حواره مع "الفجر".. أشرف بهجات: الذكاء الاصطناعي استثمار استراتيجي لبناء تعليم ذكي ومعلم حديث
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بات تطوير نظم التعليم وإعادة هيكلة مكوناته الأكاديمية والبحثية ضرورة استراتيجية تفرضها متطلبات العصر الرقمي.
وفي إطار سعي المؤسسات التعليمية في مصر لمواكبة هذه التغيرات وتسليط الضوء على مستقبل التعليم في ضوء هذه التقنيات الحديثة، نظمت كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة مؤتمرها الدولي العاشر، بالتعاون مع الجمعية العربية للدراسات المتقدمة في مناهج العلوم.
جاء المؤتمر تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي ودوره في الاستثمار بالتعليم وتحسين جودة الإنتاج البحثي"، برعاية من الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، الدكتورة غادة أحمد عبد الباري، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، الدكتورة إيمان أحمد هريدي، عميدة كلية الدراسات العليا للتربية، الدكتورة وفاء مصطفى كفافي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية للدراسات المتقدمة.
المؤتمر، الذي شهد حضورًا علميًا واسعًا من أساتذة وباحثين ومتخصصين من مصر والدول العربية، سعى إلى مناقشة سبل توظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة العملية التعليمية والبحثية، وكيفية التغلب على التحديات المرتبطة به، واستثمار فرصه الواعدة في تطوير أداء المعلمين، وتحديث المناهج، وتحسين جودة التقييم، بما يعزز من كفاءة النظم التعليمية.
وفي هذا الإطار، أجرت "الفجر" حوارًا موسعًا مع الدكتور أشرف بهجات، وكيل كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، للوقوف على أبرز مخرجات المؤتمر، ورؤيته حول الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في دعم تطوير التعليم وإعادة بناء القدرات المهنية للمعلمين، واستشراف مستقبل المؤسسة التعليمية في ضوء التحولات الرقمية المتسارعة.
"الفجر" التقت الدكتور أشرف بهجات، وكيل كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، للحديث عن المؤتمر، مخرجاته، والتحديات المستقبلية، وخاصة ما يتعلق بتوظيف الذكاء الاصطناعي في دعم المنظومة التعليمية وبناء القدرات البشرية.
بدايةً.. ما أهمية هذا المؤتمر في ظل هذه المرحلة الدقيقة من تطور التعليم؟المؤتمر يمثل محطة مهمة في مسار تطوير التعليم والبحث العلمي، وقد سعدت بالمشاركة في التحضير له حتى فبراير الماضي. نحن الآن أمام لحظة فاصلة، تتطلب منّا جميعًا – كصناع قرار، وباحثين، وممارسين في حقل التعليم – أن نتعامل مع تحديات العصر الجديد بقدر من المسؤولية والتخطيط المدروس. المؤتمر ركز على هدفين استراتيجيين في غاية الأهمية: الأول هو رفع مستوى الإنتاجية البحثية داخل المؤسسات التعليمية والبحثية في الوطن العربي، والثاني هو تعزيز الاستثمار في العنصر البشري، وهو في رأيي الاستثمار الأكثر ربحًا على المدى الطويل، لأنه يرتبط بجودة المخرجات التعليمية والبحثية.
أشرتم إلى تحديات العصر.. ما طبيعة هذه التحديات تحديدًا؟أبرز هذه التحديات هو الذكاء الاصطناعي، الذي أراه "الغول القادم". وصف قد يبدو صادمًا للبعض، لكنه يعكس إدراكي العميق لحجم التغيرات التي سيُحدثها هذا الكيان غير المرئي. الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو منظومة فكرية وإدارية وعملية قادرة على إعادة تشكيل ملامح التعليم كليًا، من طريقة إعداد المعلم إلى أساليب التدريس والتقييم، بل وحتى إلى كيفية التفكير في المحتوى ذاته.
وكيف تعامل المؤتمر مع هذا "الغول القادم" كما وصفتموه؟المؤتمر سعى لإيجاد إجابات على عدد من الأسئلة الجوهرية: كيف نواكب هذا التحول الجذري؟ ما أدواتنا للتكيف؟ كيف نستثمر الذكاء الاصطناعي بشكل يضمن لنا فرصًا تنموية حقيقية، ويقلل من مخاطره المحتملة؟ وقد استعرض المؤتمر تجارب متنوعة من مصر ودول عربية أخرى، كما ناقش آليات دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة التعليم المختلفة، بدءًا من التعليم الأساسي وحتى الجامعي.
ما أبرز أوجه الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية؟هناك مكاسب عديدة إذا تم استغلال الذكاء الاصطناعي بشكل واعٍ. من أبرزها تطوير المناهج التعليمية وتحديثها بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل، وتحقيق مستويات أعلى من التفاعل داخل الفصول الدراسية عبر أدوات تعليمية ذكية تساعد المعلم على إيصال المعلومة بطرق أكثر جذبًا للطلاب. أيضًا هناك جانب التقييم، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير أدوات تقييم إلكترونية دقيقة وشاملة، سواء للامتحانات الحضورية أو عبر الإنترنت، بما يضمن الموضوعية والشفافية ويعزز العدالة بين الطلاب.
هل ترى أن هناك جانبًا أكثر إلحاحًا من غيره في تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟بلا شك، تنمية المعلم وتطويره المهني تأتي على رأس الأولويات. أنا أرى أن المعلم هو الركيزة الأساسية في أي منظومة تعليمية ناجحة، ومهما تطورت التكنولوجيا، فإن دور المعلم سيظل محوريًا. ومن هنا، فإن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُوظف في إعداد برامج تدريبية متطورة للمعلمين، تساعدهم على تنمية مهاراتهم التدريسية والمعرفية والتقنية.
لكن في مصر لدينا أعداد كبيرة من المعلمين.. كيف يمكن تدريبهم جميعًا بفعالية؟هذا ما يجعل الذكاء الاصطناعي ضرورة وليس رفاهية. يمكن من خلاله تحليل الاحتياجات التدريبية لكل معلم بشكل فردي، وتصميم برامج تدريب إلكترونية مخصصة وفقًا لهذه الاحتياجات. كما يمكن للمنصات الذكية أن توفر التدريب في أي وقت وأي مكان، مما يسهل الوصول إلى المعلمين في المناطق النائية دون الحاجة إلى التجمعات الكبيرة أو تعطيل الجدول الدراسي.
هل هناك خطوات عملية بدأت في هذا الاتجاه؟نعم، ابتداءً من العام المالي الجديد في يوليو، سيتم تطبيق منظومة جديدة لتدريب المعلمين تعتمد على تقديم برامج تدريبية بشكل سنوي، بدلًا من النظام التقليدي الذي كان يقتصر على دورة واحدة كل خمس سنوات. هذه البرامج ستكون متنوعة، تشمل الجوانب التربوية، والمهنية، والتخصصية، بالإضافة إلى تنمية المهارات الحياتية. وسيتم دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في تصميم وتنفيذ هذه البرامج، لضمان أعلى جودة ممكنة وتحقيق أكبر استفادة للمعلمين.
وكيف يمكن للمعلم أن يستفيد فعليًا من هذه البرامج الذكية؟سيجد المعلم نفسه أمام برامج تفاعلية تراعي مستواه ومجاله وتخصصه واحتياجاته، وتزوده بتغذية راجعة فورية، وتقترح عليه سبلًا للتطور المهني المستمر. الذكاء الاصطناعي سيتيح أيضًا تقييم الأداء التدريبي للمعلم بدقة، وتقديم توصيات مستقبلية لتحسين الأداء داخل الفصل.
في الختام، ما رؤيتكم لمستقبل التعليم في ظل هذه التحولات الكبرى؟أنا متفائل جدًا، لكن بشرط أن نتحرك بسرعة وبخطى ثابتة. لدينا العقول والإرادة، وما ينقصنا فقط هو التنظيم والرؤية الاستراتيجية الشاملة. إذا استطعنا تسخير الذكاء الاصطناعي في خدمة التعليم وليس العكس، فسوف نحقق طفرة حقيقية، وننقل نظامنا التعليمي إلى آفاق جديدة تليق بتاريخ مصر وريادتها.
شكرًا جزيلًا دكتور أشرف على هذا اللقاء المهم.الشكر لكم ولصحيفة "الفجر" على تسليط الضوء على قضايا التعليم، ودعمكم المستمر للنقاش العلمي البنّاء.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: رئيس جامعة القاهرة الدراسات العليا والبحوث كلية الدراسات العليا خدمة المجتمع وتنمية البيئة جامعة القاهرة کلیة الدراسات العلیا للتربیة الذکاء الاصطناعی فی
إقرأ أيضاً:
أشرف العربي: الابتكار قضية محورية تعتمد على زيادة الإنفاق في البحث العلمي
قال الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي، إن المؤتمر الدولي السنوي للمعهد يهدف إلى مناقشة قضية الابتكار والتنمية المستدامة، مشيراً إلى أنها تمثل أحد أبرز أهداف الشراكات الاستراتيجية، وفي مقدمتها الشراكة مع كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا.
وأشار العربي، خلال كلمته في المؤتمر، إلى أن الابتكار يمثل قضية محورية تعتمد على زيادة الإنفاق في مجال البحث العلمي، وتوفير بيئة مواتية للابتكار بشكل مستدام، مؤكداً أن ذلك يعد أساساً لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
كما أوضح أن الابتكار بات يشكل قيمة متعاظمة في الاقتصاد، وهي الرسالة التي تتبناها الدولة من أجل دعم الابتكار بشكل مستمر، لافتاً إلى أن المشاركات الدولية تهدف إلى تطوير جميع آليات الابتكار والتنمية المستدامة بمفهومها الشامل.
انطلقت صباح اليوم فعاليات اليوم الأول للمؤتمر الدولي السنوي الذي ينظمه معهد التخطيط القومي تحت عنوان " الابتكار والتنمية المستدامة" بالتعاون مع كلية الشؤون الدولية والعامة – جامعة كولومبيا، ويقام المؤتمر على مدار يومي٢٤_ ٢٥ يونيو الجاري بالقاهرة.
جاء ذلك بمشاركة معالي الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ورئيس مجلس إدارة المعهد، وحضور نخبة رفيعة المستوى من متخذي القرار وصانعي السياسات، والشخصيات العامة، وعدد من الخبراء المتخصصين والأكاديميين من مختلف الوزرات والهيئات والجامعات المصرية، وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالابتكار والبحث العلمي