مفتي الجمهورية: العلاقة بين العلم والدين "علاقة تعاضد وتكامل "والتعارض بين العلم والوحي وهمٌ
تاريخ النشر: 23rd, April 2025 GMT
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في ندوة بجامعة الزقازيق تحت عنوان «العلاقة بين الدين والعلم»، أن العلاقة بين الدين والعلم ليست ساحة خصومة أو ميدان صراع، بل هي علاقة تكامل وتعاضد، يتساندان فيها لا يتنازعان، ويهدي كلٌّ منهما الآخر إلى سواء السبيل، مشيرًا إلى أن ما يُتصوَّر أحيانًا من تعارض بين الوحي والعقل أو بين الدين والعلم، إنما هو وَهْمٌ أنتجته العقول القاصرة التي أساءت الفهم عن الله وعن مقاصد الشرع، وظلمت العلم حينما قصرته على الماديات، وظلمت الدين حينما حاصرته في الغيبيات، موضحًا أن الخلل – حين يقع – لا يعود إلى جوهر الدين أو حقيقة العلم، بل إلى فهم بعض المنتسبين إليهما، ممن لم يدركوا مجالات كلٍّ منهما وحدوده، ولا دوائر اختصاصه واستقلاله أو اشتراكه.
وبيّن المفتي، أن كثيرًا من اللبس الحاصل في هذا الباب مردُّه إلى عدم إدراك طبيعة العلاقة بين النقل والعقل، فلكلٍّ منهما مجاله الخاص، ولكلٍّ منهما مساحته التي يتحرك فيها باستقلال أو تداخل، غير أن المصدر في نهاية المطاف واحد، هو الله تبارك وتعالى، فالوحي هداية إلهية، والعقل نفحة ربانية، والدين والعقل معًا يتكاملان لتحقيق غاية واحدة هي سعادة الإنسان في الدارين، وعمارته للأرض بما وهبه الله من أدوات التفكير والتدبر، ولهذا فإن استحضار العقل في فهم الوحي ليس خصمًا منه، بل هو شرط من شروط الاهتداء به، كما أن تعطيل العقل يقود إلى الجمود، وتعطيل الدين يفضي إلى التيه، واجتماعهما معًا يهدي إلى التكامل، ومن بدائع ما قيل: لله رسولان، أحدهما ظاهر وهو النبي، والآخر باطن وهو العقل، ولا يُنتفع برسالة الظاهر إلا بعد أن يُصغي الإنسان لصوت الباطن، إذ العقل هو الدليل الأول إلى الله، وبه يُدرك صدق الرسل وصحة الرسالات.
وأوضح نظير عياد، إلى ضرورة التمييز بين جوانب العلم الطبيعي وجوانب الدين الإلهي، فالعلم – وإن تقدَّم وتوسَّع – لا يمكنه أن يُحيط بكل شيء، وما زالت بعض الحقائق الكبرى، كحقيقة الروح، عصية على أدواته ومناهجه. أما الدين فله آفاقه الممتدة في الوجدان والمعنى والمقصد، والعجب كل العجب ممن يظن أن الدين يعارض العلم، وهو الذي كان سابقًا إليه في كثير من مبادئه وأخلاقياته
واختتم المفتي بالتنبيه إلى خطأ منهجي شائع، يتمثل في إخضاع النصوص الدينية للنظريات العلمية، ناسيًا أن الحقيقة العلمية تختلف عن النظرية العلمية، فالحقيقة ثابتة مستقرة، أما النظرية فمحل نقاش وتطور، ومن ثم فلا ينبغي أن يكون الدين رهينًا لفروض لم تُقطع بعدُ بيقين، بل يبقى الدين هو الميزان، والعقل هو الأداة، والعلم هو المعين، وكلها معًا سبيلٌ إلى الهداية والفهم والعمران.
من جانبه، أعرب المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، عن بالغ تقديره للمفتي الجمهورية، مشيدًا بأهمية هذه الندوة التي جاءت تحت عنوان "العلاقة بين العلم والدين"، لما تحمله من دلالات عميقة في مسيرة بناء الإنسان وتقدم المجتمعات. وأكد أن العلم والدين يمثلان جناحي النهضة، فبالعلم تُبنى الحضارات، وبالدين تُصان القيم وتُهذَّب السلوكيات، مشيرًا إلى أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وأن الأوطان لا تنهض إلا بسواعد المفكرين وأصحاب الوعي والمعرفة. وأوضح أن دار الإفتاء المصرية، بمناهجها المستنيرة المستمدة من وسطية الأزهر الشريف، تضطلع بدور رائد في نشر الوعي، ومجابهة الفكر المتطرف، بما يتكامل مع جهود الدولة في تنفيذ المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، التي تستهدف بناء الإنسان المصري فكرًا ودينًا وثقافةً وسلوكًا؛ للحفاظ على الهوية الوطنية وتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة.
بدوره، ثمّن الدكتور خالد الدرندلي، رئيس جامعة الزقازيق، مشاركة فضيلة المفتي في فعاليات الجامعة، معبرًا عن تقديره البالغ لجهوده الوطنية والعلمية في نشر الوعي الرشيد وتعزيز قيم التسامح والوسطية. وأكد أن هذا اللقاء يمثل فرصة ثمينة أمام طلاب الجامعة للالتقاء بأهل العلم والدين، والاستفادة من رؤاهم المضيئة في زمن تتعدد فيه التحديات. كما شدد على أهمية التكامل بين المؤسسات الدينية والتعليمية لبناء وعي متماسك قادر على مجابهة التحديات، معربًا عن اعتزازه بالتعاون البنّاء بين دار الإفتاء ووزارة التعليم العالي في سبيل بناء جيل مثقف، منتمٍ، واعٍ، ومحبٍّ لوطنه، قادرٍ على الإسهام في نهضته وتقدمه.
حضر اللقاء المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، والدكتور،خالد الدرندلي رئيس جامعة الزقازيق، والدكتور إيهاب الببلاوي، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والأستاذة الدكتورة، جيهان يسري، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والأستاذ الدكتور، هلال عفيفي، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب والسادة عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الأمانة العامة العلماء الدراسات خدمة المجتمع طلاب الجامعة رئيس الأمانة العامة الدكتور نظير محمد عياد محافظ الشرق جامعة الزقازيق الفكر المتطرف العلم والدین العلاقة بین
إقرأ أيضاً:
إيران أم إسرائيل.. من منهما لديها مخاوف التهديد الوجودي؟
يرى محللون، أن إيران وإسرائيل تتبادلان الشعور بمخاطر وجودية من بعضهما بعضا، لكن إسرائيل لديها الهواجس الأكبر، وأنها تشعر أن امتلاك إيران أو غيرها من دول المنطقة السلاح النووي يمكن أن يهدد وجودها وينهيه.
وحسب الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، فإن إسرائيل تدعي أن حربها مع إيران حرب وجودية، لكن إيران لم يكن لديها هذا الهاجس في البداية والآن فقط بدأت تستشعر أن هذه الحرب تتحول إلى حرب وجودية.
وتتصور إسرائيل، أن امتلاك إيران أو أي دولة أخرى في المنطقة السلاح النووي، هو تهديد وجودي لها، ولديها هذا الهاجس لأنها طارئة على المنطقة ويمكن أن تنتهي بطريقة سريعة، بخلاف إيران التي هي دولة عميقة وعريقة في المنطقة، وشعبها الذي تمتد جذوره إلى آلاف السنين سيورث الأرض لأجيال قادمة، وفقا لمكي.
ومن جهته، يقول الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، إن إسرائيل اعتبرت في البداية أن السلاح النووي الإيراني يهدد وجودها، ثم زعمت لاحقا، أن القدرات الصاروخية لإيران تهدد وجودها أيضا، وبعدها أصبحت ترى أن النظام الإيراني يهدد وجودها، ثم بدأت في السنوات الأخيرة تربط بين بقاء هذا النظام وبين المشروع النووي الإيراني.
إعلانوحتى لو تمكنت إسرائيل من تدمير المشروع النووي وأبقت النظام الإيراني بتوجهاته الأيديولوجية والسياسية، فستظل إسرائيل ترى في إيران تهديدا وجوديا لها، لأن نظامها سيعيد بناء مشروع نووي جديد.
وعلى ضوء التفكير الإسرائيلي، يضيف مصطفى، فإن العملية العسكرية التي شنتها تل أبيب على إيران تهدف لإسقاط نظامها.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب لـ المحكمة الجنائية الدولية) قد قال -في مقابلة لشبكة فوكس نيوز الأميركية- "بدأت الهجوم على إيران لأننا كنا نواجه تهديدا وشيكا.. كنا نواجه تهديدا وجوديا، يشمل تسريع صُنع قنابل ذرية وزيادة الترسانة الباليستية".
أوراق القوةمن جانبها ترى الباحثة الأولى في مركز الجزيرة للدراسات الدكتورة فاطمة الصمادي، أن الشعور بالخطر الوجودي متبادل بين الطرفين، ففي الرؤية الإيرانية أيضا يوجد استشعار بالخطر، ومنذ نشأة الجمهورية الإسلامية وإلى اليوم، لا تعتبر إيران في تصوراتها أن لإسرائيل مكانا في المنطقة، ورغم تأكيدها دوما بعدم السعي إلى الحرب، لكن في سلوكها العسكري راكمت المزيد من القوة لعلمها أن المواجهة مع إسرائيل حتمية.
وتحاول إيران التي طورت برنامجها الصاروخي ومشروعها النووي والمسيّرات، أن تعزز من أوراق قوتها في المواجهة الحالية مع إسرائيل، وبحسب الصمادي فإنه حتى لو توقفت هذه المواجهة فإن طهران تدرك، أن مواجهة أخرى سوف تندلع.
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة، هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، سمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة، واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
في المقابل بدأت إيران مساء اليوم ذاته، بالرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، مما أسفر عن قتلى وعشرات المصابين، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.
إعلان