أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في ندوة بجامعة الزقازيق تحت عنوان «العلاقة بين الدين والعلم»، أن العلاقة بين الدين والعلم ليست ساحة خصومة أو ميدان صراع، بل هي علاقة تكامل وتعاضد، يتساندان فيها لا يتنازعان، ويهدي كلٌّ منهما الآخر إلى سواء السبيل.

وأشار إلى أن ما يُتصوَّر أحيانًا من تعارض بين الوحي والعقل أو بين الدين والعلم، إنما هو وَهْمٌ أنتجته العقول القاصرة التي أساءت الفهم عن الله وعن مقاصد الشرع، وظلمت العلم حينما قصرته على الماديات، وظلمت الدين حينما حاصرته في الغيبيات، موضحًا أن الخلل - حين يقع - لا يعود إلى جوهر الدين أو حقيقة العلم، بل إلى فهم بعض المنتسبين إليهما، ممن لم يدركوا مجالات كلٍّ منهما وحدوده، ولا دوائر اختصاصه واستقلاله أو اشتراكه.

https://www.elaosboa.com/wp-admin/post.php?post=2193134&action=edit&_wpnonce=1e5ba0eac9&get-post-lock=1

وبيّن المفتي، أن كثيرًا من اللبس الحاصل في هذا الباب مردُّه إلى عدم إدراك طبيعة العلاقة بين النقل والعقل، فلكلٍّ منهما مجاله الخاص، ولكلٍّ منهما مساحته التي يتحرك فيها باستقلال أو تداخل، غير أن المصدر في نهاية المطاف واحد، هو الله تبارك وتعالى، فالوحي هداية إلهية، والعقل نفحة ربانية، والدين والعقل معًا يتكاملان لتحقيق غاية واحدة هي سعادة الإنسان في الدارين، وعمارته للأرض بما وهبه الله من أدوات التفكير والتدبر، ولهذا فإن استحضار العقل في فهم الوحي ليس خصمًا منه، بل هو شرط من شروط الاهتداء به، كما أن تعطيل العقل يقود إلى الجمود، وتعطيل الدين يفضي إلى التيه، واجتماعهما معًا يهدي إلى التكامل، ومن بدائع ما قيل: لله رسولان، أحدهما ظاهر وهو النبي، والآخر باطن وهو العقل، ولا يُنتفع برسالة الظاهر إلا بعد أن يُصغي الإنسان لصوت الباطن، إذ العقل هو الدليل الأول إلى الله، وبه يُدرك صدق الرسل وصحة الرسالات.

وأوضح المفتي، إلى ضرورة التمييز بين جوانب العلم الطبيعي وجوانب الدين الإلهي، فالعلم - وإن تقدَّم وتوسَّع - لا يمكنه أن يُحيط بكل شيء، وما زالت بعض الحقائق الكبرى، كحقيقة الروح، عصية على أدواته ومناهجه. أما الدين فله آفاقه الممتدة في الوجدان والمعنى والمقصد، والعجب كل العجب ممن يظن أن الدين يعارض العلم، وهو الذي كان سابقًا إليه في كثير من مبادئه وأخلاقياته

واختتم فضيلته، بالتنبيه إلى خطأ منهجي شائع، يتمثل في إخضاع النصوص الدينية للنظريات العلمية، ناسيًا أن الحقيقة العلمية تختلف عن النظرية العلمية، فالحقيقة ثابتة مستقرة، أما النظرية فمحل نقاش وتطور، ومن ثم فلا ينبغي أن يكون الدين رهينًا لفروض لم تُقطع بعدُ بيقين، بل يبقى الدين هو الميزان، والعقل هو الأداة، والعلم هو المعين، وكلها معًا سبيلٌ إلى الهداية والفهم والعمران.

من جانبه، أعرب المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، عن بالغ تقديره لفضيلة مفتي الجمهورية، مشيدًا بأهمية هذه الندوة التي جاءت تحت عنوان «العلاقة بين العلم والدين»، لما تحمله من دلالات عميقة في مسيرة بناء الإنسان وتقدم المجتمعات. وأكد أن العلم والدين يمثلان جناحي النهضة، فبالعلم تُبنى الحضارات، وبالدين تُصان القيم وتُهذَّب السلوكيات.

وأشار إلى أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وأن الأوطان لا تنهض إلا بسواعد المفكرين وأصحاب الوعي والمعرفة. وأوضح أن دار الإفتاء المصرية، بمناهجها المستنيرة المستمدة من وسطية الأزهر الشريف، تضطلع بدور رائد في نشر الوعي، ومجابهة الفكر المتطرف، بما يتكامل مع جهود الدولة في تنفيذ المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، التي تستهدف بناء الإنسان المصري فكرًا ودينًا وثقافةً وسلوكًا، للحفاظ على الهوية الوطنية وتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة.

بدوره، ثمّن الأستاذ الدكتور خالد الدرندلي، رئيس جامعة الزقازيق، مشاركة فضيلة المفتي في فعاليات الجامعة، معبرًا عن تقديره البالغ لجهوده الوطنية والعلمية في نشر الوعي الرشيد وتعزيز قيم التسامح والوسطية. وأكد أن هذا اللقاء يمثل فرصة ثمينة أمام طلاب الجامعة للالتقاء بأهل العلم والدين، والاستفادة من رؤاهم المضيئة في زمن تتعدد فيه التحديات.

وشدد على أهمية التكامل بين المؤسسات الدينية والتعليمية لبناء وعي متماسك قادر على مجابهة التحديات، معربًا عن اعتزازه بالتعاون البنّاء بين دار الإفتاء ووزارة التعليم العالي في سبيل بناء جيل مثقف، منتمٍ، واعٍ، ومحبٍّ لوطنه، قادرٍ على الإسهام في نهضته وتقدمه.

حضر اللقاء المهندس حازم الأشموني، محافظ الشرقية، والدكتور خالد الدرندلي رئيس جامعة الزقازيق، والدكتور إيهاب الببلاوي، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتورة، جيهان يسري، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور، هلال عفيفي، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة.

اقرأ أيضاًالمفتي عن بابا الفاتيكان: شخصية إنسانية كرست حياتها لترسيخ ثقافة السلام

مفتي الجمهورية يهنئ البابا تواضروس الثاني وكافة الطوائف المسيحية بعيد القيامة

بدر عبد العاطي يصل تونس.. وفي استقباله وزير الخارجية ومفتي الديار

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: التعليم العلماء التنمية الإسلام مفتي الجمهورية الدراسات العليا المجتمع البحث العلمي النهضة العقل التربية الدينية جامعة الزقازيق الدين الحضارة الإسلامية الشرع العلم الشريعة بناء الإنسان الوسطية نشر الوعي الحضارة القيم الإسلامية العلم والدين التكامل التفكير الوحي الفهم الدين والعقل تطوير الفكر الدين الإلهي العلم الطبيعي فهم النصوص التفكير العقلاني العلم المستنير التقدم التحضر مفتی الجمهوریة العلاقة بین

إقرأ أيضاً:

إنجاز علمي جديد لجامعة أسيوط: باحث يفوز بجائزة «الفنجري» المرموقة

أعلن الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط، عن فوز الدكتور محمد سامي عدلي القاضي، مدرس العمارة الإسلامية بقسم الآثار بكلية الآداب، بجائزة هيئة قضايا الدولة التشجيعية عن وقف المستشار الدكتور محمد شوقي الفنجري لصالح خدمة الدعوة والفقه الإسلامي لعام 2024/2025، عن بحثه المعنون: "دور رجال الأعمال في النهوض بالمجتمعات من خلال الاستثمار في بناء الإنسان".

وأكد رئيس الجامعة أن هذا الإنجاز العلمي يعكس تميز الجامعة وريادتها في مختلف مجالات البحث والمعرفة، مشيرًا إلى أن الجامعة تحرص على دعم الباحثين المتميزين وتعزيز قدراتهم العلمية بما يخدم قضايا المجتمع ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

ووجّه رئيس الجامعة التهنئة للباحث الدكتور محمد سامي القاضي، مثمنًا جهوده البحثية واختياره لموضوع بالغ الأهمية يعكس وعيًا بقيمة الإنسان كمحور رئيسي لنهضة المجتمعات، مشيداً بجهود رجال الأعمال في المساهمة الفاعلة في التنمية من خلال الاستثمار في بناء الإنسان، مؤكدًا أن هذا التوجه يتماشى مع أولويات الدولة المصرية في تعزيز رأس المال البشري.

وأشار رئيس جامعة أسيوط أننا نضع ضمن أولوياتنا دعم مختلف التخصصات والمعارف القائمة على البحث العلمي الجاد، وتوفير بيئة محفزة للباحثين لإنتاج دراسات رصينة ذات تأثير مجتمعي حقيقي، بما يعزز من مكانة الجامعة محليًا ودوليًا، ويربط بين الريادة الأكاديمية ومتطلبات التنمية الوطنية.

وكانت اللجنة العليا للوقف قد أعلنت فوز الدكتور القاضي خلال احتفالية نظمتها هيئة قضايا الدولة لتكريم الفائزين، وترأس اللجنة المستشار عبد الرزاق شعيب، رئيس هيئة قضايا الدولة وناظر الوقف، وضمت في عضويتها نخبة من الشخصيات الدينية والأكاديمية، من بينهم: فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، والدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور أحمد فؤاد باشا نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، والدكتور عبد الله عبد الفتاح التطاوي نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، والدكتور محمد محمود أبو هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر، والمستشار أحمد ثابت نائب رئيس الهيئة والأمين العام، والمستشار سامح سيد نائب رئيس الهيئة ومقرر اللجنة العليا للوقف.

من جهته، أوضح الباحث أن موضوعه تناول عدة محاور من أبرزها: مفهوم الاستثمار في بناء الإنسان وأبعاده المختلفة، والمسؤولية المجتمعية لرجال الأعمال، بالإضافة إلى عرض نماذج ناجحة لمبادرات استثمارية في هذا المجال، كما قدّم عددًا من التوصيات المهمة، من أبرزها تشجيع الدولة لرجال الأعمال على إنشاء المؤسسات الخيرية والخدمية التي تستهدف خدمة المجتمع من خلال الاستثمار في بناء الإنسان، وتشجيعهم على المساهمة في تنمية الموارد البشرية، من خلال توفير برامج التدريب والتأهيل والتطوير المناسبة.

ومن الجدير بالذكر أن الدكتور محمد سامي القاضي حصل على درجة الدكتوراه في العمارة الإسلامية من كلية الآداب بجامعة أسيوط عام 2020، كما نال عددًا من الجوائز العلمية والأدبية، من أبرزها: جائزة الشارقة الدولية للأدب المكتبي من سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 2015، وجائزة الاستحقاق من مؤسسة ناجي نعمان الأدبية الدولية للثقافة في لبنان في العام نفسه، وجائزة جامعة القاهرة - المستشار الدكتور محمد شوقي الفنجري التشجيعية لأفضل الدراسات والبحوث النظرية والتطبيقية لخدمة مصر عام 2017، إلى جانب اختياره شخصية مجلة كاسل الحضارة والتراث في نوفمبر 2020.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يلتقي وزير الشئون الدينية الجزائري لبحث تعزيز التعاون.. صور
  • المفتي يزور جامع الجزائر الكبير..ويؤكد: الدين دعوة لاتباع الحق على بصيرة
  • مفتي الجمهورية يصل الجزائر للمشاركة في مؤتمر المجلس الإسلامي الأعلى
  • عن الحرب في لبنان.. تصريحٌ حاسم من رئيس الجمهورية
  • مهرجان كناوة بالصويرة يهين رموز المملكة بتغييب صورة جلالة الملك والعلم الوطني
  • حاكم مصرف لبنان يستأذن رئيس الجمهورية للسفر إلى واشنطن
  • إنجاز علمي جديد لجامعة أسيوط: باحث يفوز بجائزة «الفنجري» المرموقة
  • شيخ الأزهر: الحضارة الغربية ليست كلها خيرًا.. وبعضها دمار للإنسانية
  • شيخ الأزهر لوفد طلابي من جامعتي جورج واشنطن والجامعة الأمريكيَّة بالقاهرة: العلم بلا إطار أخلاقي خطر على الإنسانية
  • مفتي الجمهورية: الإفتاء فنٌّ ومسؤوليةٌ تتطلب إعدادًا وتأهيلًا شاملًا