سد النهضة.. إعلان سياسي إثيوبي يهدد بتأجيج التوتر مع مصر والسودان
تاريخ النشر: 25th, April 2025 GMT
أديس أبابا – الشرق/ يهدد إعلان إثيوبيا، قبل أيام قليلة، بشأن قرب افتتاح سد النهضة، مع اكتمال بناء 98% منه، بتأجيج التوتر مع دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، في ظل الجمود الذي خيم على المفاوضات الثلاثية خلال الأشهر الأخيرة، الإعلان الإثيوبي لا يُعد مجرد تقدم إنشائي، بل هو إشارة سياسية واضحة إلى أن ساعة التشغيل الكامل للسد باتت وشيكة، وهو ما يثير حفيظة القاهرة والخرطوم، بشأن التداعيات المحتملة على أمنهما المائي، ويفتح المجال لتجديد الضغوط على أديس أبابا من أطراف إقليمية ودولية.
منذ وضعت إثيوبيا حجر الأساس لسد النهضة، في أبريل 2011، مرّ المشروع بمراحل إنشائية متسارعة وأخرى شابها التوتر السياسي، وتعثُّر متكرر في المفاوضات، لتؤكد أديس أبابا أن المشروع شارف على الاكتمال، ما يعكس إصرارها على استكمال ما تعتبره "مشروعاً سيادياً وتنموياً".
وفي مؤتمر صحافي للمتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، نبيات جيتاتشو، الخميس، أكد أن بلاده على أعتاب الانتهاء من سد النهضة وقص شريط الافتتاح قريباً، منوهاً إلى تصريحات رئيس الوزراء، آبي أحمد، أمام برلمان بلاده، إذ أعلن افتتاح المشروع قريباً.
وأضاف جيتاتشو، أن السياسة الخارجية لبلاده، تقوم على بناء علاقات جوار بنّاءة ترتكز على المنافع المتبادلة وتصفير الصراعات.
وبشأن المفاوضات الثلاثية المتعثرة، مع مصر والسودان، حول سد النهضة، أوضح أنه لا يوجد جديد في هذا الشأن، مشدداً على أن أديس أبابا تعمل على مفاوضات "يكون فيها الكل رابحاً".
تعهدات إثيوبية ومطالب مصرية
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، أعلن في مارس الماضي أمام برلمان بلاده، أنه سيتم افتتاح سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة، مع مطلع العام الإثيوبي، الذي يوافق شهر سبتمبر من كل عام.
وأشار آبي أحمد، إلى "انتهاء عملية إنشاء وملء بحيرة السد بشكل كامل، مع وصول السعة التخزينية للمياه إلى 74 مليار متر مكعب".
وقال إنه أبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن "عملية ملء السد لن تتسبب في فقدان مصر لأي كمية من المياه"، فيما لم يصدر بيان من الجانب المصري في هذا الصدد.
ونوَّه آبي أحمد إلى أن "مخاوف القاهرة بشأن الجفاف والأمن المائي حاضرة في النقاشات"، مؤكداً أهمية التعاون بين البلدين.
وأردف بالقول: "لا نرى مبرراً للصراع، أو إهدار الموارد في النزاعات، بل ندعو للعمل المشترك من أجل التقدم".
ومع دخول المشروع مرحلته النهائية، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان سيؤدي ذلك إلى إعادة طرح الملف أمام مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الإفريقي، أو إمكانية تأثيره على الموقف الأميركي أو الأوروبي من الملف.
ويرى وزير الري المصري السابق محمد نصر الدين علام، ضرورة التوقيع على اتفاقية قانونية مسجلة ومعتمدة تحافظ على حقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل.
وقال علام في تصريحات لـ"الشرق"، إن مثل هذه الاتفاقية يجب أن تحافظ على التدفق الطبيعي للنيل الأزرق بما لا يسبب أضراراً لدولتَي المصب مصر والسودان، وتحقق لإثيوبيا أهدافها من توليد الكهرباء للاستهلاك المحلي، أو بيعها للخارج.
واعتبر أن ذلك "يفتح باب التعاون بين مصر وإثيوبيا، ليس فقط في مجال الأمن المائي، ولكن في المجالات كافة بما يعود بالخير على القارة الإفريقية".
وأردف بالقول: "نرحب بأي تصريحات إيجابية صادرة عن الجانب الإثيوبي، لكن يبقى التنفيذ على أرض الواقع هو المعيار الحقيقي للتقييم".
تدويل الملف
في المقابل، يرى الكاتب والباحث الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد، في تصريحات لـ"الشرق"، أن تعاطي القاهرة خلال الفترة المقبلة مع ملف سد النهضة سيتغير بحكم الواقع على الأرض، بعدما تجاوزت أديس ابابا مرحلة بناء السد وجعلته أمراً واقعاً. ورأى أن هناك قناعة بعدم جدوى التصعيد الخلاف وحصره في أضيق نطاق واستخدام دبلوماسية أكثر هدوءاً بدلاً من حالة الشد والجذب التي صاحبت الأعوام السابقة.
واستبعد عبد الصمد إعادة طرح ملف السد في المحافل الدولية، مشيراً إلى أن الفترة الماضية شهدت تصعيداً وتدويلاً للملف، لكن تمت، في النهاية، إعادته الى الاتحاد الأفريقي، بسبب قيود عملية المفاوضات، التي تعثرت بسبب مواقف، وصفها بأنها كانت "غير مرنة للجانب المصري "، مضيفاً أن "مجلس الأمن والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية أصبحت على قناعة أن هذا الملف يجب أن يكون تحت رعاية الاتحاد الإفريقي"، على حد وصفه.
وفي هذا السياق، اعتبر الباحث السوداني في الشؤون الدولية ومنطقة القرن الإفريقي، فؤاد عثمان، أن غياب ردود الفعل التصعيدية من كل من القاهرة والخرطوم، أمر لافت، وقال، في تصريحات لـ"الشرق"، إن ذلك "ليس تراجعاً أو قبولاً بالأمر الواقع، وإنما مؤشر على تحوّل في المقاربة الاستراتيجية، خاصة من الجانب المصري".
ووفق عثمان، فإنه خلال العامين الماضيين، "كثّفت مصر من حضورها في الدوائر المحيطة بإثيوبيا في القرن الأفريقي، حوض النيل، والبحر الأحمر، عبر سلسلة من التحركات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، ما يوحي بمحاولة لإعادة هندسة توازنات القوى الإقليمية، وبناء شبكات نفوذ تمكّنها من إدارة تداعيات السد من موقع قوة، لا من موقع رد الفعل".
ويرى عثمان، أن "هذا التمدد لم يكن معزولاً عن حسابات سد النهضة، بل شكّل امتداداً لمعادلة الردع الناعمة في ظل إدراك القاهرة أن أدوات الضغط المباشر قد استُنفدت دون نتائج ملموسة".
وعن الموقف السوداني، يرى عثمان أن "السودان، وانشغاله بالحرب الداخلية وفقدانه لوحدة القرار السيادي والدبلوماسي، أضعف من قدرته على التأثير في الملف، رغم أنه الطرف الأكثر تضرراً من حيث غياب المعلومات وتضارب المصالح".
وفي مناسبات عديدة، تؤكد مصر تمسكها بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد، ويضمن حقوق دول المصب، خاصة في فترات الجفاف. كما تشدد على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول الثلاث المعنية، مصر، والسودان، وإثيوبيا، لتفادي أي توتر قد ينجم عن الإجراءات الأحادية.
كما تؤكد مصر، قدرتها على حماية حقوقها المائية في مياه النيل، في إطار القانون الدولي لحماية هذه الحقوق.
تفاهمات فنية "غير ملزمة"
في المقابل، يرجح الباحث في العلاقات الدولية، إبراهيم عبد الرحمن، أن مصر تسعى إلى الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة مع إثيوبيا، خاصة في ظل غياب دعم دولي حاسم لأي تحرك تصعيدي، ويضيف في حديثه لـ"الشرق"، أنه يتوقع أن تتجه كل من مصر وإثيوبيا نحو "تفاهمات فنية غير ملزمة"، على غرار تبادل البيانات أو تنسيق جزئي في تشغيل السدد، دون توقيع اتفاق نهائي، مما يخلق حالة "هدوء حذر" تبقي الخلافات قائمة، ولكن تحت السيطرة.
وقال إبراهيم، إن مصر "قد تلجأ إلى خطوات تصعيدية غير تقليدية، مثل تدويل الملف مجدداً، أو استخدام أدوات ضغط اقتصادية أو دبلوماسية على إثيوبيا، سواء عبر دول الجوار أو الشركاء الدوليين، ورهن ذلك في حال استمرار الإصرار الإثيوبي على عدم تقديم تنازلات أو شفافية فنية"، معتبراً أن ذلك قد يعود بالعلاقات إلى حالة الجمود.
ومنذ الإعلان الإثيوبي عن مشروع سد النهضة في عام 2011، عبرت كل من مصر والسودان عن مواقف متباينة في التفاصيل، لكنها تلتقي في نقطة مركزية تشدد على ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد ويضمن مصالح دول المصب.
وتعتبر القاهرة، أن السد يشكل تهديداً مباشراً لأمنها المائي، وتؤكد أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم قبل المضي في أي خطوات تشغيلية إضافية، محذّرة من أي إجراء أحادي قد يعرّض مصالحها المائية للخطر.
أما السودان، فيخشى من أن يؤدي عدم تبادل البيانات الفنية أو التنسيق المُسبق إلى مخاطر مباشرة على منشآته المائية، مثل سد الروصيرص القريب من الحدود الإثيوبية، ولذلك تُطالب الخرطوم أيضاً، باتفاق قانوني مُلزم، يضمن التشغيل الآمن والمنسق بين السدود، ويمنع حدوث أي مفاجآت فنية قد تهدد استقراره المائي.
وشهد سد النهضة، جولات تفاوضية متعددة برعاية الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، دون أن تفضي إلى اتفاق نهائي، وفي أكثر من مناسبة، تحمل مصر والسودان، إثيوبيا، مسؤولية فشل المفاوضات بسبب ما يصفانه بـ"الإجراءات الأحادية"، في حين تؤكد أديس أبابا حقها السيادي في استخدام مواردها المائية من دون تأثير لدول المصب.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مصر والسودان اتفاق قانونی أدیس أبابا سد النهضة إلى اتفاق
إقرأ أيضاً:
القومي في ذكرى أنطون سعاده: مسيرة النهضة مستمرّة
شدد عميد الإذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي إيلي الياس في بيان في ذكرى أنطون سعاده، على أن "فجر الثامن من تموز لم يكن فجراً عادياً، بل انعطافة جذريّة في وجدان الأمة ووعيها الفكريّ والسياسيّ، فمحاكمة أنطون سعاده واستشهاده لم يكونا محاكمة رجل عاديّ أو مؤسس حزب بل كانت – في عمقها الرمزي وبُعدها العمليّ – محاولة لإنهاء فكره القومي، وسحق إجابته على سؤال "مَن جلب على أمتي هذا الويل"، فكان الاغتيال ترجمةً لمسارٍ طويل من الصراع بين مشروع نهضوي سيادي أراده سعاده لأمته، وبين مشاريع التبعية والتجزئة التي أرادها أعداء الداخل والخارج واقعاً دائماً لهذه الأمة".
وقال: "لقد آمن سعاده بأن لا مكان للجمود في هذه العقيدة، فنحن حركة صراع، فالفعل المؤيَّد بصحة العقيدة هو معيار القيمة الحقيقيّة لنكون أبناء الحياة، مُقدِّمين في طريق عزة الأمة وحياتها كل ما نملك. ومن هنا حدّد سعاده المعيار الحقيقيّ لعظمة الحياة وقيمتها ليس بعدد السنوات، بل بوقفات العز التي نحيا بها، ونخطو بها هذه السنين بفعلٍ يرتقي لمستوى الانتماء، وقفةٌ جَسَدها قبل الاستشهاد: "أنا لا يهمّني كيف أموت بل من أجل ماذا أموت، لا أعدّ السنين التي عشتُها بل الأعمال التي نفّذتها". وهكذا كان القدوة والعبرة، أقرن القول بالفعل، هذه العبارة تعكس رؤية فلسفيّة قوميّة تتجاوز الذات الفرديّة، وتؤكد ضرورة العطاء والتضحية في سبيل القضية القوميّة التي تعاقدنا معه من أجلها وفي سبيل المبادئ القوميّة الاجتماعيّة التي تعني حياتنا الجديدة، عطاءٌ يعكس عمق الانتماء والوعي الكامل لحقيقة وجودنا "نحن"، عطاء يُسقط الغاية الفرديّة الذاتيّة في سبيل بناء نهضة الأمة لتكون أمة عظيمة في مصاف الأمم المتقدّمة".
أضاف: "ما بين الثامن من تموز 1949 وما بين الحاضر فإننا اليوم وبعد مرور حوالي ستة وسبعين عاماً، لا تزال الأسباب التي أدّت إلى اغتيال سعاده قائمة في أشكال متعدّدة من الطائفيّة وضياع الهويّة والتشرذُم القوميّ، إلى التبعيّة الاقتصاديّة وفقدان السيادة، والاحتلالات المباشرة وغير المباشرة، كما لا تزال الأمة تواجه التحدّيات الوجوديّة فيما مشاريع الهيمنة تجدُ لها وكلاء في الداخل والخارج. وإن ما يحدث في فلسطين ولبنان والشام والعراق، يجعلنا ندرك أن أزمة الكيانات المصطنعة التي حذّر منها سعاده لم تنته بل تفاقمت، فبين سايكس – بيكو الأمس وخرائط التطبيع والتحالفات المستجدّة اليوم يتأكد بأن المشاريع الاستعماريّة مستمرّة لم تتوقف بل تغيّرت أدواتُها، فبدلاً من الانتداب هناك السيطرة الاقتصاديّة والتبعيّة السياسيّة، وبدلاً من الاحتلال العسكريّ هناك الاختراق الثقافيّ والتطويع الإعلاميّ، والتفتيت الطائفيّ والمذهبيّ الذي يضرب وحدة المجتمع ويعيق دورة الحياة الطبيعيّة".
وتابع: "لقد بيَّن سعاده مشكلة التجزئة الاجتماعيّة بأشكالها المختلفة، قبليّة وعنصريّة وطائفيّة... في زمن مبكر، ولقد تفاقمت هذه المشكلة وتناقضاتها لدرجة التفسّخ في مجتمعنا واهتزاز مفهوم هويّتنا الوطنيّة القوميّة لصالح الهويّات المتنافرة والمتناقضة، وجعلت من الاستعمار الذي أفرزها وغزاها ورسخها والذي طرح حينها الحمايات الأجنبيّة للأقليّات ذريعة للاستعمار، جعلته يعود اليوم ليطرح مخططاً قديماً جديداً قائماً ليس على إلغاء ساكس – بيكو فقط كترجمة للتجزئة السياسية، بل للانتقال إلى تجزئة المجزأ وتفتيت المفتّت وتمزيق أواصر الوحدة الاجتماعية بين أبناء الأمة الواحدة تمهيداً لفنائها، وأساساً لتمزيق الكيان الى كيانات طائفية ومذهبية وعرقية، في ظل استمرار الحرب الإرهابيّة التي تمارَس على شعبنا في فلسطين وفي غزة خاصة، حرب استئصاليّة تهدّد هوية الأمة، ومحاولات فرض واقع جديد يرافق تقدم هذا العدو الوجوديّ لاحتلال مساحات جديدة في الشام، إلى التوسّع التركيّ في الشمال السوريّ.
وقال: "إن هذا التاريخ، ليس مجرد محطة زمنيّة، بل هو مفصل نضاليّ يُعيد تأكيد ثبات المشروع القوميّ الاجتماعيّ في مواجهة كل محاولات إجهاضه أو تشويهه، وإن كل هذه التحديات، لا تثبت صوابية فكر المؤسس سعاده فقط، بل تجزم بأن هذا الفكر حاجة قوميّة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى لإعادة صياغة مفهوم المصلحة القوميّة العليا، مصلحة لا يكون فيها الصراع العقائديّ وتحالفاتنا على حساب المصلحة القوميّة العليا، مصلحة يكون فيها صراع المبادئ لإقامة النظام الجديد الذي يكفل أعظم مقدار للمجتمع من "الفلاح الروحيّ – الماديّ. والفداء الذي جسّده الزعيم لم يكن وليد لحظة انفعال عابر، بل ذروة الوعي القوميّ، المتجسّد في عقيدة راسخة وضعها وآمن بها خلاصاً للأمة، ونهجاً لمستقبل يليق بها، فكانت الرسالة: "هذه الليلة سيُعدمونني، أما أبناء عقيدتي فسينتصرون، وسيجيء انتصارهم انتقاماً لموتي"، تأكيداً على أن النهضة التي بدأت بفكر سعاده مستمرّة وتعبيراً عن ثقته بأبناء عقيدته بأنهم سيقودون مسيرة الصراع والفداء التي ابتدأها وبأنهم سوف ينتصرون لهذه العقيدة وغايتها".
وتابع: "رغم كل التحدّيات البنيوية في أمتنا اليوم، حيث تُستباح السيادة وتدجَّن العقول وتهندس الطوائف، ورغم المشاكل الداخلية، بقي الحزب السوري القومي الاجتماعي ثابتاً، حاملاً إرث المعلم سعاده، متقدّماً حركة الصراع في جميع المجالات، مؤكداً أن سعاده كان وما زال، رمزاً للعقل الواعي الحر، والالتزام القوميّ، والموت الذي يصنع الحياة. فحين أُطلقتِ الرصاصاتُ لم تنته القصة، بل استمرّت في وجدان الأمة، وفي نفوس أبنائها ووعيهم وعملهم بقي سعاده حياً يُنادى، بكل مفصلٍ وجوديّ في صراعهم وفكرهم وحركتهم، يستحضرون قيم التضحية التي لا تزال حاضرة في وجدانهم، وفي السياق الأعمق لم يكن أنطون سعاده هو مَن يُحاكَم، بل كان هو مَن يُحاكِم التاريخَ بفكره وعطائه ودمائه، ويصارع الواقع بمشروعه، والشدائد بصلابة إيمانه، فبكلامه ومواقفه أثناء محاكمته وبعبارته التي أطلقها قبل استشهاده: "يا خجل هذه الليلة من التاريخ"، كان ينطق بحكمه على الأمر المفعول المفروض على أمتنا".
وقال: "أنطون سعاده لم يتنازل لا في محاكمته ولا قبلها، عاد من المنفى وهو يعلم تماماً ما ينتظره، يعلمُ بأنهُ لن يُعطى فرصة الدفاع عن نفسه لأنهم لم يعتبروه فرداً بل حركة لنهضة الحياة، لقد أرادوا اغتياله بسرعة لأنه كان يُربك بطول حياته مشروعهم القصير، لكنه لم يجزع للهروب من المواجهة بل تقدّم بثبات، رافعاً جبينه لا بوجه القضاة فقط، بل باتجاه الأجيال القادمة، وهكذا تحوّلت المحكمة التي حاكمته الى مسرح للجريمة حيث يُحاكَم الرجل، لأن فكرته شكلت الوعي لمشروع يَنقض واقع التجزئة".
أضاف: "إننا في الحزب السوري القومي الاجتماعي ونحن نحيي هذه الذكرى لا نقف عند حدودها الزمنيّة، بل نزداد يقينا بأن النهضة التي دفع سعاده حياته في سبيلها، ستبقى مشروع خلاص الأمة، وأن الدماء التي روت دروبها، هي أمانة في أعناق القوميين الاجتماعيين، ولنؤكد بأن مسيرة النهضة مستمرّة وأن التحدّيات التي واجهها سعاده والتي ما زالت ماثلة أمامنا سوف نواجهها نحن، لأننا تلاميذ سعاده، لأننا أبناء الحياة، أبناء مدرسة الفداء التي آمن بها حين بشَر قبل استشهاده: "أنا أموت أما حزبي فباقٍ".
وختم: "اليوم ونحن نقف في حضرة الخلود، كونوا كما أرادكم الزعيم، مؤمنين بعقيدة الحق والخير والجمال. كونوا أبناء إرادة لا تلين، وعزيمةٌ لا تنكسر. استنهضوا إرادته فينا، وجدّدوا قسمكم على نهضته انتماءً وحياةً ومصيراً، فنحن لسنا طارئي الحضور في التاريخ، نحن صنّاعه، لأن فينا القوة التي فعلت وغيّرت وجه التاريخ، وستظل فاعلة لأننا أمناء على هذا الفكر، أمناء على مشروع حياةٍ لأمةٍ بأكملها، أمناء على هذا الفداء، أمناء على مؤسسة الحزب التي أسّسها وأرادها المجسِّد الفعليّ لوحدة العقيدة ووحدة الحركة ووحدة الصراع، تتوحّد من ضمنها إرادتنا القوميّة بحركة نظاميّة مؤيّدة بصحة العقيدة لا تعرف التردّد ولا تُهزم أمام الصعاب، نتجاوز فيها ذواتنا في سبيل مصلحة الأمة، لنكون على قدر المثل العليا للحزب في الحرية، والواجب، والنظام، والقوة". مواضيع ذات صلة القومي في عيد التحرير: المقاومة مستمرة Lebanon 24 القومي في عيد التحرير: المقاومة مستمرة 07/07/2025 11:43:40 07/07/2025 11:43:40 Lebanon 24 Lebanon 24 سعادة على لوائح "القوات"؟ Lebanon 24 سعادة على لوائح "القوات"؟ 07/07/2025 11:43:40 07/07/2025 11:43:40 Lebanon 24 Lebanon 24 أورتاغوس في زيارة أخيرة الى لبنان ولاحقاً قد تصبح "سعادة السفيرة" Lebanon 24 أورتاغوس في زيارة أخيرة الى لبنان ولاحقاً قد تصبح "سعادة السفيرة" 07/07/2025 11:43:40 07/07/2025 11:43:40 Lebanon 24 Lebanon 24 مداهمة منزل الصحافي وسام سعادة.. اليكم ما جرى Lebanon 24 مداهمة منزل الصحافي وسام سعادة.. اليكم ما جرى 07/07/2025 11:43:40 07/07/2025 11:43:40 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً عائلات مسلحة.. أمن غير رسمي في لبنان؟ Lebanon 24 عائلات مسلحة.. أمن غير رسمي في لبنان؟ 04:30 | 2025-07-07 07/07/2025 04:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان من حزب الله بشأن اعتقال إسرائيل مدير مدير مكتب قناة الميادين ناصر اللحام Lebanon 24 بيان من حزب الله بشأن اعتقال إسرائيل مدير مدير مكتب قناة الميادين ناصر اللحام 04:40 | 2025-07-07 07/07/2025 04:40:35 Lebanon 24 Lebanon 24 لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية: أي قمع لصوت المغتربين يمثل فساداً وانهياراً مؤسساتياً Lebanon 24 لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية: أي قمع لصوت المغتربين يمثل فساداً وانهياراً مؤسساتياً 04:29 | 2025-07-07 07/07/2025 04:29:24 Lebanon 24 Lebanon 24 القصيفي زار رئيس رابطة مختاري قضاء جبيل Lebanon 24 القصيفي زار رئيس رابطة مختاري قضاء جبيل 04:23 | 2025-07-07 07/07/2025 04:23:40 Lebanon 24 Lebanon 24 درجات الحرارة ستتخطى معدلاتها.. هكذا سيكون طقس الأيام المقبلة Lebanon 24 درجات الحرارة ستتخطى معدلاتها.. هكذا سيكون طقس الأيام المقبلة 04:14 | 2025-07-07 07/07/2025 04:14:27 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة اعتباراً من الغد ولمدة 10 أيام.. المرور من هذا الطريق ممنوع Lebanon 24 اعتباراً من الغد ولمدة 10 أيام.. المرور من هذا الطريق ممنوع 09:08 | 2025-07-06 06/07/2025 09:08:18 Lebanon 24 Lebanon 24 "علي" ينضم الى فريق العمل في القصر الجمهوري.. هذا ما أعلنته السيدة الاولى Lebanon 24 "علي" ينضم الى فريق العمل في القصر الجمهوري.. هذا ما أعلنته السيدة الاولى 13:58 | 2025-07-06 06/07/2025 01:58:57 Lebanon 24 Lebanon 24 إشارات الحرب تسبق الرد: واشنطن تتشدد و"الحزب" في تأهب Lebanon 24 إشارات الحرب تسبق الرد: واشنطن تتشدد و"الحزب" في تأهب 03:00 | 2025-07-07 07/07/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 قصفٌ مباشر... الصواريخ الإيرانية أصابت 5 قواعد عسكرية إسرائيليّة مهمّة Lebanon 24 قصفٌ مباشر... الصواريخ الإيرانية أصابت 5 قواعد عسكرية إسرائيليّة مهمّة 06:00 | 2025-07-06 06/07/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الظهور المسّلح في بيروت... رسالة إلى الداخل Lebanon 24 الظهور المسّلح في بيروت... رسالة إلى الداخل 09:00 | 2025-07-06 06/07/2025 09:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 04:30 | 2025-07-07 عائلات مسلحة.. أمن غير رسمي في لبنان؟ 04:40 | 2025-07-07 بيان من حزب الله بشأن اعتقال إسرائيل مدير مدير مكتب قناة الميادين ناصر اللحام 04:29 | 2025-07-07 لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية: أي قمع لصوت المغتربين يمثل فساداً وانهياراً مؤسساتياً 04:23 | 2025-07-07 القصيفي زار رئيس رابطة مختاري قضاء جبيل 04:14 | 2025-07-07 درجات الحرارة ستتخطى معدلاتها.. هكذا سيكون طقس الأيام المقبلة 04:00 | 2025-07-07 الرئيس عون يلتقي باراك فيديو فنان شهير يكشف عن إصابته بالسرطان بسبب إبر التخسيس.. هذا ما حصل معه (فيديو) Lebanon 24 فنان شهير يكشف عن إصابته بالسرطان بسبب إبر التخسيس.. هذا ما حصل معه (فيديو) 03:11 | 2025-07-07 07/07/2025 11:43:40 Lebanon 24 Lebanon 24 لأول مرة أحمد السقا يتحدث عن أزمة طلاقه.. هذا ما قاله (فيديو) Lebanon 24 لأول مرة أحمد السقا يتحدث عن أزمة طلاقه.. هذا ما قاله (فيديو) 23:37 | 2025-07-06 07/07/2025 11:43:40 Lebanon 24 Lebanon 24 فنانة شهيرة تُثير الجدل بتصريحاتها عن الرجال.. شاهدوا ماذا قالت (فيديو) Lebanon 24 فنانة شهيرة تُثير الجدل بتصريحاتها عن الرجال.. شاهدوا ماذا قالت (فيديو) 04:00 | 2025-07-04 07/07/2025 11:43:40 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24