“نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير مخاوف من انتشارها عالميا.. تفاصيل تجارب مرعبة
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
غزة – كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن لجوء إسرائيل إلى اختبار واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة في قطاع غزة.
وذكرت في تحقيق موسع أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها إسرائيل في حرب الإبادة على غزة تشمل أنظمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي، وذلك خلال الحرب التي اندلعت أواخر عام 2023.
وتقول إن هذه الاختبارات شملت استخدام أدوات لم تجرب سابقا في ساحات القتال، ما أثار جدلا أخلاقيا واسعا في العالم.
ووفقا لثلاثة مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين مطلعين، كانت نقطة البداية هي محاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم بياري، حيث فشلت الاستخبارات الإسرائيلية في تعقبه داخل شبكة أنفاق غزة. عندها، لجأت إسرائيل إلى أداة صوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي طورها مهندسو الوحدة 8200، سمحت بتحديد موقعه التقريبي استنادا إلى تحليلات صوتية لمكالماته.
وفي 31 أكتوبر، نفذت غارة جوية أدت إلى مقتله، لكن الهجوم أسفر أيضا عن مقتل أكثر من 125 مدنيا، بحسب منظمة “إيروورز” البريطانية المتخصصة برصد ضحايا الصراعات.
وخلال الأشهر التالية، واصلت إسرائيل تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها العسكرية. من بين التقنيات التي طورتها برامج التعرف على الوجوه المتضررة أو غير الواضحة، وأداة لاختيار أهداف الغارات الجوية تلقائيا، ونموذج لغوي ضخم باللغة العربية يُشغّل روبوت دردشة قادرًا على تحليل المنشورات والمراسلات الإلكترونية بمختلف اللهجات. كما طورت نظام مراقبة بصري متطور يستخدم على الحواجز بين شمال وجنوب غزة لمسح وجوه الفلسطينيين.
وأكد مسؤولون أن العديد من هذه الابتكارات تم تطويرها في مركز يعرف باسم “الاستوديو”، وهو بيئة مشتركة تجمع خبراء الوحدة 8200 بجنود احتياط يعملون في شركات تقنية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.
مخاوف أخلاقية
رغم النجاح التقني، أثارت التجارب مخاوف أخلاقية جدية. وقال ضباط إسرائيليون إن أدوات الذكاء الاصطناعي أخطأت أحيانا في تحديد الأهداف، ما أدى إلى اعتقالات خاطئة وضحايا مدنيين. فيما حذرت هاداس لوربر، الخبيرة في الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، من مخاطر هذه التقنيات قائلة: “لقد غيرت الذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة في الميدان، لكن دون ضوابط صارمة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة”.
وفي تعليقه، أكد أفيف شابيرا، مؤسس شركة XTEND المتخصصة بالطائرات المسيرة، أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على تتبع الأشخاص والأهداف المتحركة بدقة عالية، قائلا إن “قدرات التوجيه تطورت من الاعتماد على صورة الهدف إلى التعرف على الكيان نفسه”. لكنه شدد على ضرورة الموازنة بين الفاعلية والاعتبارات الأخلاقية.
من أبرز المشاريع كان تطوير نموذج لغوي ضخم يحلل اللهجات العربية المختلفة لفهم المزاج العام في العالم العربي. وبحسب ضباط في المخابرات الإسرائيلية، ساعدت هذه التقنية في تحليل ردود الأفعال الشعبية بعد اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله في سبتمبر 2024، من خلال تمييز التعابير المحلية في لبنان وتقييم احتمالات الرد.
لكن هذه التكنولوجيا لم تكن خالية من العيوب، إذ أخفق الروبوت أحيانا في فهم المصطلحات العامية أو أعاد صورا غير دقيقة مثل “أنابيب” بدلا من “بنادق”. ومع ذلك، وصفها الضباط بأنها وفرت وقتا ثمينا وسرعت التحليل مقارنة بالطرق التقليدية.
ورفضت كل من ميتا ومايكروسوفت التعليق على التقارير. أما غوغل فأوضحت أن موظفيها الذين يخدمون كجنود احتياط في بلدانهم “لا يؤدون مهام مرتبطة بالشركة خلال خدمتهم العسكرية”.
من جهتها، امتنعت الناطقة باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على تفاصيل البرامج “نظرا لطبيعتها السرية”، مشيرة إلى أن الجيش يلتزم بالاستخدام “القانوني والمسؤول” لتكنولوجيا البيانات، وأنه يجري تحقيقا في غارة اغتيال البياري دون الكشف عن موعد انتهاءه.
وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل الصراع كحقل تجارب لتقنياتها؛ إذ سبق أن طورت أنظمة مثل القبة الحديدية وطائرات مسيرة هجومية خلال الحروب السابقة في غزة ولبنان. لكن مسؤولين غربيين شددوا على أن حجم الاستخدام المتسارع للذكاء الاصطناعي في حرب 2023-2024 لا سابق له.
وحذر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون من أن ما يجري في غزة قد يشكل نموذجا أوليا لحروب المستقبل، التي تعتمد على خوارزميات يمكن أن تخطئ أو تساء إدارتها، ما يضع حياة المدنيين وشرعية العمليات العسكرية على المحك.
المصدر: نيويورك تايمز
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی نیویورک تایمز
إقرأ أيضاً:
العراق ضمن “عمالقة الموارد” والسادس عالميا وشعبه فقير بسبب الفشل والفساد والخيانة
آخر تحديث: 14 دجنبر 2025 - 10:32 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- ظهر تصنيف أن العراق ضمن قائمة “عمالقة الموارد”وفي المرتبة السادسة عالميا وفق بيانات “Visual Capitalist” بلغت “الثروة المتاحة لكل فرد في العراق نحو 340,000 دولار، مع تقدير “قيمة الموارد الطبيعية” بنحو 16 تريليون دولار، وبعدد سكان يقارب 47.0 مليون نسمة.هذا التصنيف لا يتحدث عن دخل فعلي يحصل عليه المواطن، ولا عن أموال جاهزة في الخزينة، بل عن “قيمة تقديرية” للموارد الطبيعية مقارنة بعدد السكان، أي أنه يقيس حجم الإمكانات الكامنة: ما يملكه البلد من ثروة تحت الأرض وفوقها، وكيف تبدو حصة الفرد منها إذا جرى توزيع هذه القيمة نظريا على السكان. لذلك، فإن الرقم المرتفع قد يكون في الوقت نفسه “وعدا اقتصاديا” و”سؤالا مؤلما”: لماذا لا تتحول هذه الوفرة إلى حياة أكثر استقرارا وخدمات أمتن وفرص عمل أوسع؟في ترتيب القائمة، تصدرت السعودية المشهد بحصة فردية تقارب 984,000 دولار، تلتها كندا 822,000 ثم أستراليا 727,000، وجاءت روسيا رابعا، وفنزويلا خامسا، ثم العراق سادسا، تليه إيران سابعا، فالولايات المتحدة ثامنا، ثم البرازيل تاسعا، والصين عاشرا. الفكرة هنا أن العراق، قياسا بعدد سكانه، يقف ضمن مجموعة دول تملك “رصيدا طبيعيا” كبيرا جدا، حتى إن فارق مرتبة أو مرتبتين في هذا النوع من التصنيفات يرتبط عادة بتغيرين حاسمين: حجم الموارد المقدرة، وحجم السكان. لكن تحويل “ثروة الموارد” إلى “ثروة مجتمع” لا يحدث تلقائيا. الفارق بين بلد غني بالموارد وبلد غني فعليا، تصنعه الإدارة والحوكمة والقدرة على بناء اقتصاد يعمل خارج موسم الأسعار. فالثروة الطبيعية قد تمنح الدولة قدرة على التمويل، لكنها لا تضمن وحدها تنمية مستدامة إذا بقيت الإيرادات رهينة سلعة واحدة، أو إذا تآكلت العوائد عبر الهدر وضعف التخطيط وتباطؤ الاستثمار المنتج. لهذا السبب، يظهر العراق في مثل هذه الجداول بصورة دولة تملك إمكانات كبيرة، بينما يبقى السؤال الأهم داخليا: ما مقدار ما يتم تحويله من هذه الإمكانات إلى بنى تحتية، وصناعة، وزراعة، وتعليم، وصحة، وخلق وظائف؟ ومع أن التصنيف يسلط الضوء على “الحصة الفردية” بوصفها مؤشرا صادما، فإن قراءته الأكثر واقعية تتم عبر زاوية مختلفة: العراق يمتلك قاعدة موارد تمنحه فرصة نادرة لإعادة ترتيب الاقتصاد إذا جرى التعامل معها كرافعة لبناء قطاعات غير ريعية، وليس كضمانة دائمة. أي أن الرسالة التي يحملها الرقم ليست التفاخر بقدر ما هي إنذار: امتلاك الثروة لا يكفي، لأن الأهم هو “كيف تُدار” وكيف تتحول من قيمة تقديرية إلى إنتاج حقيقي، ومن ريع سريع إلى أصول طويلة الأمد. بالنسبة للمواطن، معنى هذا التصنيف بسيط ومباشر: البلد الذي تظهره البيانات بهذه المكانة يمتلك القدرة، نظريا، على تمويل مشاريع كبرى وتحسين الخدمات وخلق وظائف إذا تم توجيه العوائد ضمن مسار واضح، وعلى بناء قدرة مالية تمتص صدمات السوق حين تهبط الأسعار. وفي المقابل، فإن استمرار الفجوة بين “قيمة الموارد” و”واقع المعيشة” يعني أن الثروة تبقى في خانة الإمكانات، وأن الاقتصاد يبقى مكشوفا أمام تقلبات الخارج، مهما كانت الأرقام لامعة على الورق.الخلاصة أن مرتبة العراق في هذا التصنيف العالمي تعيد فتح سؤال قديم بصيغة جديدة: حين تكون البلاد في نادي “عمالقة الموارد”، لماذا يبدو العائد الاجتماعي أقل مما توحي به الأرقام؟ الجواب ليس في الموارد نفسها، بل في المسار الذي يحولها من ثروة خام إلى دولة قادرة على الاستثمار، ومن عائدات قصيرة العمر إلى تنمية تقاس بما يلمسه الناس يوميا.