الاقتصاد نيوز - متابعة

يسعى تجار النفط الصينيون إلى تحقيق مكاسب من أحد الآثار قصيرة الأجل للحرب التجارية مع الولايات المتحدة، متجاهلين القلق بشأن الأضرار الاقتصادية طويلة الأمد: انخفاض أسعار النفط الخام.

فقد قفزت واردات الصين من النفط الخام في مارس آذار، واستمرت في التسارع خلال أبريل نيسان، وفقاً لمحللين، بينما تسعى البلاد إلى إعادة بناء مخزوناتها رغم التوقعات بأن يؤدي ضعف الاقتصاد العالمي إلى تراجع الطلب.

وأفادت شركة «كبلر» المتخصصة في تتبع حركة ناقلات النفط المتجهة إلى الصين، بأن البلاد تستورد حالياً نحو 11 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى لها منذ 18 شهراً، مقارنةً مع 8.9 ملايين برميل يومياً في يناير كانون الثاني، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.

وما بدأ كموجة شراء للنفط الإيراني، خوفاً من فرض مزيد من العقوبات الأميركية، تطور إلى حملة أوسع لتخزين النفط الخام، بعدما تسببت إعلانات الرئيس دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية، إلى جانب زيادة الإنتاج من قبل منظمة «أوبك»، في دفع الأسعار نحو أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات.

ارتفع خام برنت القياسي لاحقاً ليتداول فوق 65 دولاراً للبرميل يوم الجمعة. وتعتقد «مورغان ستانلي» أن الأسعار ستظل تحت ضغط، متوقعةً أن ينخفض متوسط السعر إلى 62.50 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من العام.

وقال جيوفاني ستاونوفو، محلل أسواق النفط لدى بنك «يو بي إس» السويسري: «لطالما كانت الصين شديدة الحساسية تجاه الأسعار. فعندما تكون الأسعار منخفضة، تقوم بتخزين النفط، ثم تقلل مشترياتها عندما ترتفع الأسعار. وأتوقع أن تكون بيانات هذا الشهر أعلى من الشهر الماضي نتيجة لهذا الشراء الاستراتيجي».

الطلب على النفط

وأشار يوهانس راوبال، من شركة «كبلر»، إلى أن مخزونات النفط الصينية منخفضة، متوقعاً استمرار مستويات الواردات الحالية خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع استغلال المشترين لانخفاض الأسعار لإعادة بناء مخزوناتهم.

وقال راوبال: «من الممكن أن نشهد ارتفاعاً في الواردات حتى وإن لم يتحسن الطلب على النفط بقوة».

ويعتقد معظم المحللين أن التأثير الاقتصادي للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين سيبدأ في خفض الطلب على النفط في النصف الثاني من هذا العام، مع بدء تباطؤ الاقتصاد.

لكن يبدو أن هذا الاضطراب لم يؤثر بعد بشكل جدي على شهية الصين لوقود الطرق أو الطيران، وقد أرجأت بعض المصافي صيانتها السنوية من أجل الاستمرار في إنتاج البنزين والديزل ووقود الطائرات بينما أسعار النفط الخام منخفضة والهوامش الصحية، كما قالت إيما لي، محللة مقرها سنغافورة في شركة بيانات السوق فورتيكسا.

وأضافت: "لا أحد يعرف ما سيحدث في الأشهر المقبلة، وخاصة النصف الثاني. لكن الطلب يبدو صحياً تماماً لذا لا أتوقع انخفاضاً كبيراً للغاية."

تعد الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، والسوق الرئيسي للنفط الذي أُجبر على الخروج من أسواق أخرى، بما في ذلك الخام الروسي والإيراني والفنزويلي.

قلص المشترون الصينيون مشترياتهم من النفط الإيراني منذ بداية أبريل نيسان، عندما فرضت الولايات المتحدة للمرة الأولى عقوبات على مصفاة في مقاطعة شاندونغ الشرقية، موطن العديد من المصافي الصينية الخاصة. وبعد استيراد رقم قياسي بلغ 1.8 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني في مارس آذار، انخفضت المشتريات إلى 1.2 مليون برميل يومياً في أبريل نيسان، حسبما ذكرت شركة كبلر.

وقال روبال: "هناك بعض الحذر داخل المصافي الخاصة وكانت هناك بعض العقبات اللوجستية مع فرض عقوبات على بعض الناقلات"، مضيفاً أن كمية الخام الإيراني الموجودة في ناقلات في البحر ارتفعت بسرعة. وقال: "نشاهد حالياً 40 مليون برميل في 36 سفينة. 18 مليون برميل في سنغافورة، و10 ملايين في البحر الأصفر وحوالي 4 ملايين في بحر الصين الجنوبي."

وأضاف أن المصافي الخاصة من المرجح أن تستمر في استيراد النفط الخام الإيراني بسبب سعره المخفض.

وقال روبال: "هوامش أرباحهم ضئيلة، وليس لديهم بديل. إما أن يستوردوا من إيران أو يعلنوا إفلاسهم. الكثير منهم غير مرتبطين بالنظام المالي الأميركي، لذا فإن العواقب أقل حتى لو تضرروا."


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار النفط الخام ملیون برمیل برمیل یومیا

إقرأ أيضاً:

ما الذي يُخبرنا به التاريخ عن تأثير صدمات أسعار النفط؟

تؤثر الصدمات الجيوسياسية على أسعار النفط بشكل كبير، وسط ارتفاع الأسعار بعد ضربات "إسرائيل" لإيران، ما عكس مخاوف من تصعيد قد يُهدد إمدادات النفط العالمية، خاصة عبر مضيق هرمز.

وجاء في تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز"، أن المخاوف الجيوسياسية كانت تتصدر استطلاعات المستثمرين منذ سنة؛ حيث كانت تشير في الآونة الأخيرة إلى السياسات الأمريكية غير المتوقعة بشأن التعريفات، مضيفة أن "الخطر الجيوسياسي الذي يتجسد هو تهديد الصراع المستمر في الشرق الأوسط الذي يعرض إمدادات النفط العالمية للخطر".

وذكر التقرير أن أسعار النفط ارتفعت بنسبة 12 بالمئة بعد الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، وتصاعد النزاع مع استهداف "إسرائيل" محطة نفطية في طهران، مشيرًا إلى أن إيران تنتج 3.3 ملايين برميل يوميًا، يتم تصدير 2 مليون برميل منها. 

وأضاف أنه "نظرًا لأن الطلب العالمي على النفط يقدر بـ 103.9 مليون برميل يوميًا وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وأن السعودية والإمارات قادرتان على زيادة الإنتاج بسرعة بأكثر من 3.5 ملايين برميل يوميًا، فمن المرجح أن يكون من الممكن التعامل مع أي انقطاع حاد في الإنتاج الإيراني. ومع ذلك، أثار التصعيد مخاوف من أن تحاول طهران إغلاق مضيق هرمز أو مهاجمة منشآت النفط المجاورة".

وقالت إن "أبحاث البنك المركزي الأوروبي المنشورة في 2023 تشير إلى أن العلاقة بين الجيوسياسة وأسعار النفط والاقتصاد الكلي معقدة. فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 5 بالمائة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر بسبب مخاوف من حرب في الشرق الأوسط، ثم انخفضت 25 بالمئة بعد 14 يومًا بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي. وفي سنة 2022، ارتفعت أسعار برنت 30 بالمائة بعد غزو روسيا لأوكرانيا، لكنها عادت إلى مستويات ما قبل الغزو بعد 8 أسابيع".

وتشير أبحاث البنك المركزي الأوروبي إلى أن الصدمات الجيوسياسية تؤثر على الاقتصاد العالمي من خلال قناتين، فعلى المدى القصير، تؤدي المخاطر إلى زيادة في أسعار النفط بسبب ارتفاع قيمة عقود النفط. أما في المدى الطويل، فتؤثر التوترات الجيوسياسية سلبًا على الطلب العالمي بسبب عدم اليقين الذي يؤثر على الاستثمارات والاستهلاك، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط وأسعارها. وبالتالي، تكون ضغوط أسعار النفط الناتجة عن الصدمات الجيوسياسية عادة قصيرة الأمد.


وأكد التقرير أن صدمات أسعار النفط في سنتي 1973 و1979 تسببت في ركود اقتصادي بالولايات المتحدة، مما أثار القلق بشأن تأثير الارتفاع الجيوسياسي المفاجئ في أسعار النفط على الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، أظهر بحث حديث من بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس أن المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بأسعار النفط لا تؤدي إلى تأثيرات ركودية كبيرة. وحتى الزيادة الكبيرة في مخاطر نقص الإنتاج، كما في 1973 أو 1979، لن تؤدي إلا إلى انخفاض الناتج الاقتصادي بنسبة 0.12 بالمائة.

وأفاد بأن حالة عدم اليقين بشأن إمدادات النفط قد ترفع أسعار الخام على المدى القصير، لكن التأثيرات الاقتصادية العالمية ستكون محدودة ما لم تتحقق هذه المخاطر. ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي؛ فإن الأحداث الجيوسياسية الخطيرة التي وقعت منذ الحرب العالمية الثانية كانت عادة ما ترتبط بانخفاض طفيف في أسعار الأسهم على المدى القصير، دون تأثير طويل الأمد. ففي النهاية، تجاهلت أسواق الأسهم العالمية غزو العراق للكويت سنة 1990 وغزو روسيا لأوكرانيا 2022، بينما تظل سنة 1973 استثناءً بسبب تأثير الحظر النفطي الذي تسبب في انخفاض حاد للأسواق بعد 12 شهرًا.

وبين التقرير أنه سيعتمد الكثير على مدة تصاعد الصراع بين "إسرائيل" وإيران وكيفية تطوره. ويجدر الإشارة إلى أنه حتى خلال "حرب الناقلات" في الثمانينات، استقرت أسعار النفط بعد الارتفاع الأولي رغم الهجمات على أكثر من 200 ناقلة كانت تمر مضيق هرمز. ومن المحتمل أن تظل آثار أي اضطراب في إنتاج النفط في الشرق الأوسط محدودة ما لم يكن اضطرابًا كبيرًا.

لماذا لا ترتفع أسعار النفط؟
وفي تقرير آخر للصحيفة، جرى الإشارة إلى أن هجوم "إسرائيل" على المنشآت النووية الإيرانية تسبب في تصعيد الهجمات الصاروخية، مما دفع الأسواق للتركيز على أسعار النفط. ورغم احتمالية ارتفاع الأسعار، إلا أن خطر زيادة كبيرة يظل منخفضًا. 


وقال روري جونستون، مؤسس كومودِتي كونتِكست: "مع احتمال ارتفاع الأسعار، يبيع معظم المستثمرين في حالات الارتفاعات الكبيرة مثل مخاطر إغلاق مضيق هرمز".

وأرجع التقرير الأسباب التي تدعو للاعتقاد بأن "الصراع سيظل محدودًا إلى عدة عوامل معروفة جيدًا: إيران في وضع ضعيف، وإسرائيل تحظى بدعم ضمني من الولايات المتحدة، وغيرها. كما توفر تاريخ أسعار النفط الحديث سياقًا مفيدًا لهذا التحليل، فباستثناء غزو روسيا لأوكرانيا، كانت التقلبات الكبيرة والمستدامة في أسعار النفط منذ بداية الألفية مدفوعة باتجاهات جيو اقتصادية أوسع، وليس الجيوسياسية".

لماذا لا يشبه هذا الصراع حرب أوكرانيا؟
أجاب التقرير عن ذلك "لأن روسيا منتج للنفط والغاز أكبر بكثير من إيران، ولأن اعتماد أوروبا على الإمدادات الروسية استدعى إعادة ترتيب سلاسل التوريد. كما أن الاقتصاد العالمي كان يكتسب زخمًا في ذلك الوقت، مما رفع الطلب على النفط، بينما يُتوقع تباطؤ الاقتصاد حاليًا".

وأوضح "مع ذلك، فإن الأحداث الجيوسياسية غالبًا ما تتسبب في تقلبات قصيرة الأمد في أسعار النفط، رغم أن التغيير قد يكون غير متوقع أحيانًا. كما أشار هانتر كورنفايند من رابيدان إينرجي، فإن غزو الولايات المتحدة للعراق في آذار/ مارس 2003 أدى إلى انخفاض مؤقت في أسعار النفط، قبل أن ترتفع مجددًا بعد ذلك".

وأكد أنه "بشكل عام، تؤدي الأحداث غير المستقرة في الشرق الأوسط، خاصة تلك التي تؤثر على إنتاج النفط أو صادراته، إلى زيادة الأسعار. وكان من أبرز التحركات في التاريخ الحديث هجوم الطائرات المسيرة الإيرانية على منشآت النفط في السعودية 2019، مما أدى إلى توقفها لعدة أيام وأثر على الإمدادات العالمية".


واعتبر أنه "في سنة 2023، عندما هاجمت حماس جنوب إسرائيل، ارتفع السعر بسبب مخاوف من تصعيد إقليمي شامل، لكن لم يتحقق شيء من ذلك، ومنذ ذلك الحين، تعلم السوق تجاهل التصعيدات المتزايدة في المنطقة. فعندما اشتبكت إيران وإسرائيل في نيسان/ أبريل وتشرين الأول/ أكتوبر 2024، كانت التحركات اليومية في الأسعار محدودة إلى حد كبير".

وأفاد التقرير أن "أحداث هذا الأسبوع تختلف عن غيرها، ورغم أن الزيادة في الأسعار قد تبقى محدودة، فيجب أخذ المخاطر الكبيرة في الحسبان. ويشير جونستون إلى احتمال ضرب إسرائيل لمنشآت النفط الإيرانية في جزيرة خارج، مما قد يدفع إيران إلى استهداف مضيق هرمز ومنشآت نفطية إقليمية أخرى، مما يزيد من احتمالية نشوب حرب أوسع. ويؤكد أن حتى زيادة بسيطة في احتمال حدوث هذه المخاطر قد تؤدي إلى تغيرات كبيرة في سعر النفط".

مقالات مشابهة

  • ما الذي يُخبرنا به التاريخ عن تأثير صدمات أسعار النفط؟
  • فهم أسعار النفط الخام اليوم.. ديناميكيات السوق والمؤثرات الرئيسية
  • عاجل | أسعار النفط تقفز مع تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب
  • دعا لنهج واقعي في التحول العالمي ..الناصر: أوقات الصراعات أظهرت أهمية النفط والغاز لأمن الطاقة
  • 100 مليون برميل إجمالي الصادرات من النفط بنهاية أبريل.. وارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي إلى 17.9 مليار متر مكعب
  • إجمالي صادرات سلطنة عُمان من النفط يتجاوز 100 مليون برميل
  • مؤسسة النفط: إنتاج 1.37 مليون برميل نفط خام و2.55 مليار قدم مكعب غاز في يوم واحد
  • ارتفاع أسعار النفط والأسهم الآسيوية وسط تصاعد التوترات في المنطقة
  • العراق: إغلاق مضيق هرمز قد يرفع برميل النفط إلى 300 دولار
  • وزير خارجية العراق: إغلاق مضيق هرمز قد يرفع برميل النفط إلى 300 دولار