الذهب في مصر يتراجع متأثراً بانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
شهدت أسعار الذهب العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال تداولات اليوم، الثلاثاء، مع تحسن شهية المخاطرة لدى المستثمرين وتراجع الطلب على الملاذات الآمنة، في ظل مؤشرات على تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وعدد من شركائها التجاريين، بينما تترقب الأسواق صدور بيانات اقتصادية محورية في الأيام القليلة المقبلة.
وانخفض سعر أونصة الذهب بنسبة 0.7% مسجلاً أدنى مستوى عند 3305 دولارات، مقارنة بسعر افتتاح الجلسة عند 3345 دولارًا، ليتداول حاليًا قرب مستوى 3321 دولارًا للأونصة، وفق تحليل جولد بيليون.
ويأتي هذا التراجع بعد أن سجل الذهب بالأمس أدنى مستوياته عند 3268 دولارًا قبل أن يغلق على ارتفاع نسبته 0.7% عند مستوى 3343 دولارًا، في إشارة إلى استمرار الحذر النسبي في الأسواق رغم موجة التفاؤل الأخيرة.
وتحسنت معنويات المستثمرين بشكل لافت، بدعم من تصريحات رسمية أمريكية عززت التفاؤل بشأن نهاية قريبة للتصعيد التجاري.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إن عدداً من الشركاء التجاريين الرئيسيين قدموا مقترحات "جيدة جدًا" لتجنب الرسوم الجمركية الأمريكية، مشيرًا إلى أن الهند قد تكون أولى الدول المتوصلة إلى اتفاق.
وفي تطور إيجابي آخر، أعلنت الصين إعفاء بعض السلع الأمريكية من الرسوم الانتقامية، ما اعتُبر بادرة تهدئة جديدة، كما كشفت الإدارة الأمريكية عن تخفيف بعض الرسوم المفروضة على قطع غيار السيارات المصنعة محليًا، الأمر الذي انعكس إيجابًا على مؤشرات الأسهم في الأسواق الأمريكية والعالمية.
هذه المستجدات دفعت المستثمرين للابتعاد عن الذهب مؤقتًا، وتوجيه السيولة نحو الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم والعملات، ومع ذلك، أظهرت أسعار الذهب خلال آخر أربع جلسات تداول حركة عرضية، ما يعكس استمرار الترقب وعدم انفتاح الأسواق على موجة بيع مفتوحة في ظل غياب اتفاقات تجارية نهائية وملموسة.
وبحسب تحليل جولد بيليون، فإنه لا تزال المخاوف قائمة بشأن دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود، إذ خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 2.8%، ولعام 2026 إلى 3%، في ضوء تبعات الحرب التجارية المستمرة وتراجع ثقة قطاع الأعمال العالمي.
وفي هذا السياق، تترقب الأسواق هذا الأسبوع صدور بيانات أمريكية هامة، تشمل تقارير عن الوظائف، التضخم، والنمو، والتي سيكون لها تأثير مباشر على قوة الدولار وبالتالي على أداء الذهب.
في الوقت نفسه، أعلن مجلس الذهب العالمي عن تسجيل صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب صافي تدفقات إيجابية للأسبوع الـ13 على التوالي، بلغت 15.4 طن، رغم أنها تمثل أدنى مستوى من التدفقات خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وجاءت أساسًا من صناديق الاستثمار في آسيا.
الذهب في مصر يتراجعامتدت الضغوط إلى السوق المصرية، حيث سجل سعر الذهب عيار 21 – الأكثر تداولًا في مصر – تراجعًا في بداية جلسة الثلاثاء، ليبلغ 4770 جنيهًا للجرام، وهو نفس مستوى افتتاح اليوم، بعد أن ارتفع بالأمس بمقدار 30 جنيهًا ليغلق عند 4785 جنيهًا.
وتأثر الذهب المحلي بانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه المصري في البنوك، إلى جانب تراجع السعر العالمي للمعدن النفيس، وهو ما انعكس سلبًا على آلية التسعير.
وشهدت الأسعار المحلية خلال الجلسات الست الأخيرة حركة عرضية مستقرة دون مستوى 4800 جنيه للجرام، وسط ضعف الزخم العالمي وتوقف موجة الصعود.
كما ساهم الإقبال الكبير على شهادات الادخار البنكية مرتفعة العائد – قبل وقف إصدارها وخفض الفائدة عليها من قِبل البنوك الحكومية بعد قرار البنك المركزي بخفض الفائدة – في تقليص الطلب على الذهب كأداة للادخار، خصوصًا من قبل الباحثين عن عائد دوري ثابت.
توقعات فنية: الذهب بين الدعم والمقاومةيتداول الذهب العالمي حاليًا ضمن نطاق عرضي مستقرًا فوق مستوى الدعم 3300 دولار للأونصة وتحت المقاومة 3370 دولارًا.
ويظل الهبوط العميق مرهونًا بكسر هذا النطاق والإغلاق الصريح دون مستوى 3300 دولار، وهو ما قد يفتح الطريق نحو اختبار القاع السابق عند 3260 دولارًا.
أما محليًا، فما زال الذهب عيار 21 يتحرك ضمن نطاق محدود دون مستوى 4800 جنيه، في محاولة لتجميع الزخم الكافي لاختراق هذه المنطقة من جديد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أسعار الذهب سعر أونصة الذهب جولد بيليون
إقرأ أيضاً:
هدوء ما قبل العاصفة: الاقتصاد العالمي على مفترق طرق..!
شمسان بوست / متابعات:
في تحذير غير مسبوق، خفّض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 إلى 2.3 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ 17 عاماً باستثناء فترات الركود، متوقعاً أن يشهد الاقتصاد العالمي أضعف أداء خلال السنوات السبع المقبلة منذ ستة عقود.
وجاءت الرسالة التحذيرية وسط احتدام الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، والتي وصفها البنك بأنها تهدد بتكبيد الاقتصاد العالمي خسائر تصل إلى 1.5 تريليون دولار هذا العام.
وفي ظل هذه المعطيات القاتمة، أعلنت واشنطن وبكين عن هدنة تجارية مؤقتة تمتد حتى أغسطس المقبل، في محاولة لتخفيف حدة التوترات وإعادة ضخ بعض الأوكسجين في شرايين التجارة العالمية المختنقة. وتتضمن الهدنة تخفيف الولايات المتحدة لقيود تصدير أشباه الموصلات، مقابل استئناف الصين تصدير المعادن النادرة.
Nuveen: لا ركود عالمي في 2025 رغم التوترات التجارية لا ركود مرتقب ولكن التباطؤ مؤكد
وفي هذا السياق، قال فادي خوري، المدير العام ورئيس منطقة الشرق الأوسط في شركة Nuveen لإدارة الأصول، في حديث إلى برنامج “بزنس مع لبنى” على “سكاي نيوز عربية”، إن العالم يشهد “تلبكاً اقتصادياً مقلقاً”، لكن لا مؤشرات على ركود شامل حتى اللحظة. وأضاف:
“نتوقع في Nuveen أن يكون هناك تباطؤ اقتصادي، لكن لا نرجح حصول ركود عالمي. النمو في 2025 قد يقترب من 1 بالمئة فقط”.
ويرى خوري أن الحرب التجارية تبقى من أبرز العوامل الضاغطة على الأسواق، بالإضافة إلى التضخم المتسارع، وارتفاع عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل التي بلغت 5 بالمئة، مما يزيد الضغط على الدين الأميركي ويخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق.
الحرب التجارية تترك ندوباً على الاقتصاد العالمي
بحسب البنك الدولي، فإن 34 مليار دولار هي قيمة الخسائر التي تكبدتها الشركات العالمية خلال شهرين فقط من التصعيد التجاري بين بكين وواشنطن. كما ارتفعت تكاليف استيراد الألمنيوم والصلب في الولايات المتحدة بأكثر من 100 مليار دولار، بينما عانى قطاع السيارات الأوروبي من انهيار غير مسبوق في الطلب والإنتاج.
ويضيف خوري: “ارتفاع الرسوم الجمركية ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والمواد الأولية المستوردة، ويؤدي إلى تآكل هوامش أرباح الشركات ويضعف الطلب”.
البيئة الحالية جعلت المستثمرين أكثر حذراً. فالعوائد المرتفعة على السندات تقابلها تقلبات حادة في أسواق الأسهم، حيث قال خوري: “الأسواق المدرجة أصبحت مرآة يومية للتقلبات، وأي خبر سلبي ينعكس فوراً على الأسعار”.
القطاع الوحيد المتماسك: سوق العمل الأميركي
رغم السحب القاتمة، هناك نقطة مضيئة واحدة في الاقتصاد الأميركي، بحسب خوري، وهي سوق العمل. فقد أضاف الاقتصاد الأميركي نحو 139 ألف وظيفة في مايو، في مؤشر على بقاء المحركات الداخلية في وضع تشغيل، ولو بوتيرة أضعف. كما أن أداء الشركات، وفقاً لنتائج أعمالها الأخيرة، لا يزال جيداً مقارنة بتقلبات الأسواق المالية.
الائتمان الخاص… البديل الصاعد في زمن الضغوط البنكية
وسط هذا المشهد المضطرب، تسلط الأضواء على الائتمان الخاص كبديل متنامٍ خارج قبضة البنوك التقليدية. ويشرح خوري أن حجم سوق الائتمان الخاص تضاعف ست مرات منذ عام 2010 ليصل إلى 2 تريليون دولار عام 2024، ومن المتوقع أن يبلغ 3 تريليونات دولار خلال أربع سنوات فقط.
ويضيف فادي خوري أن: “الائتمان الخاص ليس فئة جديدة، لكنه شهد طلباً متزايداً خلال العقد الأخير بسبب القيود المتزايدة على البنوك بعد أزمة 2008”.
يعتمد هذا النوع من التمويل على تقديم قروض مباشرة للشركات دون المرور عبر النظام المصرفي، وغالباً ما يكون مخصصاً حسب طبيعة المشروع ونموذج العمل، مما يتيح مرونة أكبر. ومن أبرز القطاعات المستفيدة: الرعاية الصحية، التكنولوجيا، البنية التحتية، والخدمات المالية.
المستثمرون الكبار يتجهون للائتمان البديل
وفق خوري، فإن صناديق التقاعد، الصناديق السيادية، وشركات التأمين أصبحت من أبرز المستثمرين في هذا النوع من الأصول، بفضل عوائد سنوية تصل إلى 10 بالمئة مقارنة بعوائد السندات التقليدية التي باتت محدودة نسبياً.
وأوضح أن: “المستثمرون في الشرق الأوسط، خاصة من العائلات الثرية والصناديق الحكومية، باتوا يفضلون الأدوات الاستثمارية البديلة بسبب استقرارها النسبي في فترات الأزمات، ومحدودية تعرضها للتقلبات اليومية”.
العقارات تعود للواجهة… ولكن بحذر
الائتمان الخاص لا يقتصر فقط على الشركات بل يمتد أيضاً إلى المشاريع العقارية. ويكشف خوري أن Nuveen بدأت بتمويل مشاريع عقارية مجدداً، مستفيدة من التراجع الكبير في أسعار العقارات العالمية منذ 2022.
وأكد: “القطاع العقاري دخل في مرحلة جديدة بعد التصحيحات، وهناك فرص جيدة حالياً لتمويل مشاريع نوعية بأسعار معقولة”.
الأسواق تنتظر… والرهان على أغسطس
تبقى الأنظار متجهة نحو أغسطس، حيث تنتهي الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين، ومعها يتضح ما إذا كان الاقتصاد العالمي سيتنفس الصعداء أم يدخل دوامة جديدة من التصعيد والانكماش.
لكن فادي خوري يختصر المشهد بالقول: “كل المؤشرات الحالية تدل على تباطؤ لا مفر منه، ولكن لم نصل إلى حافة الهاوية بعد. الأسواق تحتاج إلى استقرار سياسي وتجاري أكثر من أي وقت مضى”.
بين هدنة مؤقتة وتحذيرات مؤسسات كبرى، يجد الاقتصاد العالمي نفسه في مرحلة دقيقة، تتطلب أكثر من مجرد تصريحات تهدئة لتجاوز موجات القلق التي تعصف بالأسواق.
ومع أن خطوة التهدئة بين واشنطن وبكين توفر نافذة صغيرة للأمل، فإن هشاشتها تفرض على المستثمرين وصنّاع القرار الاستعداد لسيناريوهات أكثر تعقيدًا.
وكما أشار فادي خوري بوضوح، فإن المستقبل الاقتصادي لا يمكن بناؤه على توافقات مؤقتة، بل على التزامات راسخة تعيد ضبط ميزان التجارة العالمية وتحصّن الأسواق من الاضطرابات المقبلة. فالعالم ينتظر أفعالًا لا أقوالًا، وخططًا استراتيجية لا توقفًا مؤقتًا لعاصفة تتسع رقعتها يومًا بعد يوم.