اتفاقيات جديدة بمنتدى الاستثمار الدولي الأول في عُمان
تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT
اختتمت سلطنة عُمان أعمال منتدى الاستثمار الدولي الأول "أدفانتج عُمان" الذي نظمته وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، بمشاركة أكثر من 250 شخصية من كبار المسؤولين وصنّاع القرار والمستثمرين الإقليميين والدوليين.
وشهد المنتدى الذي استمر يومين الإعلان عن استثمارات جديدة، من أبرزها مشروع إنشاء مصنع لإنتاج الخلايا والألواح الشمسية بقيمة 217.
وأكدت وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ابتسام بنت أحمد الفروحية، أن المنتدى شكّل منصة حيوية لتعزيز التنويع الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات النوعية بما يتماشى مع الرؤية المستقبلية للسلطنة.
وأشارت إلى أن الفعالية جمعت بين المستثمرين المحليين والدوليين وقادة الفكر وصنّاع القرار الاقتصادي، مما أسهم في تبادل الخبرات واستكشاف آفاق جديدة للنمو.
وأضافت أن الجلسات النقاشية والاجتماعات الثنائية أسفرت عن توصيات عملية مستندة إلى تجارب إقليمية وعالمية ناجحة، معتبرة أن المنتدى أبرز خريطة الفرص الاستثمارية في القطاعات الحيوية التي تُعد ركيزة لدعم جهود السلطنة نحو النمو والتحول الاقتصادي.
إعلان الاستثمار في الطاقة المتجددةفي ختام المنتدى، وقّعت شركة "جيه إيه للطاقة الشمسية" مجموعة من الاتفاقيات مع كل من "استثمر في عُمان"، وميناء صحار، والمنطقة الحرة بصحار، وشركة مجيس للخدمات الصناعية، لإنشاء مصنع لإنتاج الخلايا والألواح الشمسية على مساحة 32.5 هكتارا، بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 6 غيغاواطات للخلايا الشمسية و3 غيغاواطات للألواح.
ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع في الربع الأول من عام 2026، وذلك يشكل دفعة قوية لإستراتيجية السلطنة الصناعية، ويعكس التوجه نحو تنويع الاقتصاد وزيادة مساهمة الطاقة النظيفة.
وأكد المدير العام للصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، خالد بن سليم القصابي، أن هذه الاتفاقيات تجسّد توجهات الإستراتيجية الصناعية العُمانية 2040، التي تُولي الصناعات المستقبلية ذات القيمة المضافة أولوية قصوى، وعلى رأسها الطاقة المتجددة، لما لها من أهمية في خلق فرص صناعية واعدة، ودعم التنويع الاقتصادي، وزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى تعزيز خيارات الطاقة المستدامة للسلطنة.
بيئة استثمارية جاذبةمن جانبه، أوضح وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قيس بن محمد اليوسف، في كلمته الافتتاحية، أن المنتدى يأتي في توقيت يشهد فيه الاقتصاد العُماني زخمًا متصاعدًا، فقد سجلت السلطنة نموًّا في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 16.2% خلال الربع الثالث من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
كما ارتفع التصنيف الائتماني للسلطنة إلى "بي بي بي-" بنظرة مستقرة، وفقًا لوكالة "ستاندرد آند بورز"، مع توقعات بتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4% هذا العام.
وشدد الوزير على أن هذه المؤشرات تعكس متانة الاقتصاد الوطني وثقة الأسواق العالمية، مؤكدًا أن المنتدى يمثل إضافة مهمة نحو ترسيخ مكانة السلطنة كمركز إقليمي ودولي للاستثمار.
إعلانأما الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جسام البديوي فرأى أن المنتدى يعكس جدية الجهود التي تبذلها سلطنة عُمان لتنويع اقتصادها وتهيئة بيئة أعمال جاذبة، مشيرًا إلى أن المؤشرات الاقتصادية الحالية تُعد مصدر فخر لدول الخليج مجتمعة.
قصص نجاح ومداخلات دوليةوأشاد مؤسس شركة "إعمار العقارية" محمد بن علي العبار ببيئة الاستثمار العُمانية واصفًا إياها "بالآمنة والمثمرة"، مستذكرًا تجربته الاستثمارية الناجحة في السلطنة قبل أكثر من عقد.
وأكد العبار أن السلطنة تملك من المقومات ما يجعلها وجهة استثمارية متميزة، داعيًا إلى تعزيز الجهود التسويقية لتعريف المستثمرين بالفرص المتاحة، خصوصًا في قطاعات السياحة والعقارات.
من جهته، شدد رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة فيصل الرواس على أهمية المنتدى كمنصة لتقوية الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مؤكدًا أن هذا الحدث يبعث برسالة واضحة للمستثمرين مفادها أن سلطنة عُمان منفتحة وترحب بكافة الاستثمارات من مختلف الدول والقطاعات.
جلسات حوارية ورؤى مستقبليةتضمن اليوم الأول من المنتدى 5 جلسات رئيسية ناقشت محاور عدة أبرزها ملامح المستقبل والتحولات الاقتصادية الكبرى والتقنيات الصاعدة مثل الذكاء الاصطناعي، وشارك فيها وزراء وقادة أعمال وخبراء دوليون.
أما اليوم الثاني فقد اشتمل على طاولات مستديرة واجتماعات قطاعية متخصصة جمعت صُنّاع القرار مع المستثمرين، وأسهمت في فتح قنوات تواصل جديدة وبناء شراكات نوعية في مجالات متنوعة مثل السياحة، والخدمات اللوجستية، والتعدين، والأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، وتقنية المعلومات، مما أتاح فرصًا واعدة لتعزيز الاستثمارات النوعية في السلطنة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التجارة والصناعة وترویج الاستثمار الطاقة المتجددة أن المنتدى
إقرأ أيضاً:
دبلوماسية التجارة لا المعونة.. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا
تشهد السياسة الأميركية تجاه أفريقيا تحولا مهما، يتجلى في إطلاق إستراتيجية جديدة تستبدل نموذج "المعونة" بنهج يرتكز على "الدبلوماسية التجارية". وتأتي هذه السياسة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية، التي تعيد ترتيب أولويات العلاقات الخارجية على أساس مصالح واشنطن الاقتصادية والتجارية.
ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "دبلوماسية التجارة لا المعونة.. الإستراتيجية الأميركية الجديدة والسيادة الاقتصادية بأفريقيا" للباحث النيجيري حكيم ألادي نجم الدين تناولت دلالات خفض أميركا مساعداتها لأفريقيا مع فرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الأفريقية، وما يعنيه ذلك من أن العلاقات الأميركية الأفريقية قد تتغير وفق أجندات الرئيس ترامب، فأفريقيا لم تعد مجرد متلقّ للمساعدات، بل "شريكا" في التجارة والاستثمار وإنعاش الشركات الأميركية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالميlist 2 of 2أحزمة الصين المتعددة.. هل حان وقت انطلاق المارد؟end of listوقد أطلقت وزارة الخارجية الأميركية هذه الرؤية رسميا في مايو/أيار 2025 على لسان مسؤول الشؤون الأفريقية تروي فيتريل الذي شدد في منتدى بأبيدجان على ضرورة تعزيز الروابط التجارية مع أفريقيا في سياق جديد أكثر نفعية بالنسبة للمصالح الأميركية.
تراجع في المساعدات التقليديةوتراجعت مكانة المساعدات الأميركية التقليدية في السياسة الجديدة، رغم أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى كانت لسنوات ثاني أكبر مستفيد من ميزانيات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية؛ إذ حصلت على 40% من ميزانيتها، خصوصا في مجالات الصحة ومكافحة الفقر والأوبئة.
ومن الأدوات الإستراتيجية للمشاركات الأميركية في أفريقيا أيضا "مؤسسة الولايات المتحدة للتنمية الأفريقية"، التي تأسست عام 1980 للاستثمار المباشر في الشركات الشعبية الأفريقية ورواد الأعمال الاجتماعيين. إضافة إلى "قانون النمو والفرص في أفريقيا" (AGOA)، والذي سُن عام 2000 بهدف معلن متمثل في السماح لدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المؤهلة بدخول السوق الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية لأكثر من 1800 منتج.
إعلانوعلى الرغم من أهمية هذه البرامج، تعرضت للانتقاد بسبب فرضها شروطا تتعلق بالحوكمة والاقتصاد، ما اعتُبر تدخلا في السيادة الوطنية للدول الأفريقية.
وتُحمّل الدراسة برامج المساعدات الأميركية مسؤولية إدامة "التبعية الاقتصادية"، إذ غالبا ما تُصمم هذه البرامج بما يخدم المصالح الأميركية ويُضعف قدرة الدول الأفريقية على تبني سياسات تنموية وطنية. كما أن مبادرات كـ"قانون النمو والفرص في أفريقيا" واجهت انتقادات بسبب عدم شمولها دولا عديدة، وعدم استفادة الاقتصادات الصغيرة بسبب الشروط الصارمة المفروضة.
الإستراتيجية الجديدة: "التجارة لا المعونة"تركز الإستراتيجية الجديدة على 6 محاور رئيسة، أبرزها:
الدفع بالتجارة والاستثمار بدلا من المعونة. إعطاء القطاع الخاص دورا محوريا في التنمية. تنشيط "الدبلوماسية التجارية" وتقييم سفراء أميركا في أفريقيا بناءً على نجاحهم التجاري. تشكيل "فرق صفقات" في السفارات الأميركية لرصد الفرص التجارية وربط الشركات الأميركية بالشركاء الأفارقة. تركيز الاستثمارات على مشاريع البنية التحتية واحتواء نفوذ منافسي واشنطن في القارة، وخاصة الصين. السعي لإصلاح مبادرة "قانون النمو والفرص في أفريقيا" لتكون قائمة على تبادل المنافع والمعاملة بالمثل. ماذا تعني الإستراتيجية الجديدة للسيادة الاقتصادية الأفريقية؟ قد تكون الإستراتيجية الأميركية الجديدة جهدا حقيقيا للتراجع الأميركي عن تعاملاتها القديمة، والتحول إلى الشراكة مع الدول الأفريقية. الإستراتيجية تتماشى مع رغبة أفريقيا في الاعتماد على الذات بدلا من انتظار المساعدات لتلبية احتياجاتها التنموية. تركيز الإستراتيجية الجديدة على النمو الذي يقوده القطاع الخاص قد يسهم في تحقيق الاستقلال الاقتصادي على المدى الطويل. الاستثمارات الأميركية في مشاريع البنية التحتية قد تصنع تحولا إيجابيا لأفريقيا بما يعزز مكانتها التنافسية في الأسواق العالمية. تدعو الإستراتيجية الأميركية إلى التعاون مع الحكومات الأفريقية بشأن إصلاحات السوق، بما قد يُحسّن بيئة الأعمال العامة ويجذب استثمارات متنوعة ويعزز التنافس بين القوى العالمية لصالح أفريقيا. فرصيرى الباحث أن الإستراتيجية الجديدة قد تُتيح فرصة لأفريقيا لتحقيق مزيد من الاعتماد على الذات إذا ما نجحت الدول الأفريقية في:
فرض شروطها الوطنية في التفاوض مع واشنطن. استخدام التنافس الدولي (الصيني- الأميركي) لصالحها. التركيز على تنمية القطاعات الإنتاجية وبناء صناعات محلية قادرة على الاستفادة من فرص التجارة. تحديات ثمة تناقض في الخطاب الأميركي؛ فمن جهة، تتحدث الإستراتيجية عن شراكة متكافئة، ومن جهة أخرى، تُبقي واشنطن على ممارسات تعكس عقلية فوقية، مثل حظر السفر على مواطني دول أفريقية بزعم الأمن، وخفض ميزانية المساعدات، وتعزيز التدخل غير المباشر في الشؤون الداخلية عبر تمويل منظمات مدنية محددة. كما تشير إلى خشية من أن تتحول الإستراتيجية الجديدة إلى مجرد أداة لتعزيز النفوذ الأميركي في مواجهة الصين، لا لتحقيق تنمية حقيقية في القارة. احتمال أن تُعيد واشنطن إنتاج علاقات تبعية جديدة تحت شعار التجارة، عبر تركيزها على القطاعات ذات الربح السريع، وتوجيه الاستثمارات نحو مصالحها الخاصة من دون مراعاة أولويات التنمية المحلية في أفريقيا، مثل الزراعة والتعليم والخدمات الاجتماعية. إعلان خاتمةخلصت الدراسة إلى أن "الدبلوماسية التجارية" الأميركية الجديدة تمثل تحولا لافتا في السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، وقد تمنح الدول الأفريقية فرصة تاريخية لإعادة رسم علاقاتها الخارجية على أساس المصالح المتبادلة، شرط أن تُحسن استخدام موقعها التفاوضي وتصرّ على حماية سيادتها الاقتصادية.
لكنها في الوقت ذاته، تُحذر من خطر استبدال التبعية للمساعدات بتبعية تجارية واستثمارية، خاصة في ظل تركز القرار الأميركي في مصالح "أميركا أولا"، ما يجعل من هذا التحول أقرب إلى "إعادة تغليف" السياسات القديمة بمصطلحات جديدة، بدلا من بناء شراكة قائمة على الندية والاحترام المتبادل