سودانايل:
2025-06-02@02:39:58 GMT

إلا استيلا قايتانو يا جماعة!

تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT

عبد الله علي إبراهيم

اجتمعنا في هيئة التدريس بجامعة الخرطوم بعد هزيمة حرب 1967 وقررنا مقاطعة واردات الغرب. وأخذ الاجتماع "بريك" رحنا نتصور فيه ما سنستبدل به كل واردة غربية. سنستبدل قماش المناطيل بقنج شندي. وهكذا. ثم بدأ الأمر يصعب حين سأل أحدهم ماذا سنقدم للمسافرين على خطوطنا الجوية. واشمأز أكثرنا من فكرة كسرة بملاح ويكة وأنت بين طيات السحاب.

ثم بدا لنا رويداً رويداً أن تمريننا في الاحلال والابدال عبث لاستحالة أن يقاطع الأفندي الغرب بضاعة الغرب. فمقاطع نفسه إبليس. وبلغنا الذروة من ذلك حين سأل الدكتور فيصل أبو شامة عما ما سنستبدل به معجون الأسنان. وأظنه فكر ثم قدر ولم يرتح لفكرة مسواك الأراك البديلة. فصاح فينا:
-الكلينوس! إلا الكلينوس يا جماعة.
وفكرت قبل أيام فيما سأفقده بانفصال الجنوب. فوجدت الاحلال والابدال سهلاً. سيحل المؤتمر الوطني محل الحركة الشعبية، ونافع وآخرون محل باقان، وصديق عبد الرحيم محل منقو زمبيري. وإذا رحلت عنا "للغابات ورا تركاكا" فحمداً لله أنه سيبقى معنا "من نخلاتك يا حلفا". وإذا ذهب "العرايا في الجنوب" فسيبقى معنا "الحزانى في الشمال والعطشى في الغرب والجوعى في الشرق". وإذا هجرنا ملوال الجنوب فسيبقى معنا محمد الشمال وأدروب الشرق وإساغة الغرب، حتى إشعار آخر. وإذا رحلت عن مناهجنا اتفاقية أديس أبابا (1972) فسنعوض عنها باتفاقية البقط. وإذا حنثنا بعهد مؤتمر جوبا (1947) فسنحنث بوعود مؤتمرات قادمات بلا حصر. ما مشكلة! وأما ياسر سعيد عرمان فهو الكل يوم معانا لا يقبل احلالاً ولا ابدالاً. ثم تذكرت استيلا قايتانو فصحت: إلا استيلا قايتانو: الكاتبة الجنوبية النجيضة الفصيحة.
كنت نوهت بمقال لها قبل نحو سنة حول وجوب أن يجلس شباب الجنوبيين إلى ما اسمته طاولة النفس. فدعتهم ليفيقوا من "سكرة الحرية" وأن يستردوا أنفسهم من المغيبات من سكر ومخدرات وعصابات عنف. وسألتهم أن يواصلوا المسيرة من حيث وقف آباؤهم. فمن غير المعقول أن تكون "العصابة" هي أول ما يخطر على بالهم متى تمتعوا بحرية التنظيم والتعبير. وزادت بأن هذه الوقفة مع الذات هي حرب أخرى من الأسئلة المقلقة ستقتضي الإجابة عليها نضالاً وجلوساً "مع النفس في طاولة مفاوضات جادة" حتى نصل إلى اتفاق سلام شامل مع أنفسنا قبل الآخرين. أعجبني هذا التشبيك المجازي بين اتفاق نيفاشا وبين اتفاق آخر ينتظر الجنوبيون عقده مع أنفسهم. وككل كاتب فاستيلا مهندسة نفس بشرية. فلا مهرب لها إذاً من استنفار "النفس اللوامة".
وقرأت لها منذ أيام كلمة غاية في الطرافة حاولت بها بلع غصص الانفصال الوشيك. فقالت إنها ستتفاصح ضد الشماليين لأنها ستكون مرتها الأخيرة تتمتع فيها بهذا الحق بعد أن صار الانفصال قاب قوسين. فمتى انفصلت كضمت مثل كل الأجانب في الشمال (استيلا متزوجة من شمالي). وقالت: هل سمعت أبداً هنديا في الخرطوم قال "زنكي نهي" احتجاجاً على الشماليين.
وقالت إن من فضل السودان القديم عليها أنها "ستغترب" بعد الانفصال اغتراباً لم تركب له طائرة: خدمة منزلية، في مكانها، حيث هي، بينما ظلت تحلم بالاغتراب طويلاً. بل ربما تصحو بالانفصال صباح العاشر من يناير وأنت متزوج بأجنبية أو أجنبي. وقالت إنها افتقدت عبارة "الإخوة الجنوبيون" و"الجنوب الحبيب" في خطاب الشماليين بعد عزم الجنوب على الانفصال. واستبدلوا ذلك ب"الإخوة الدارفوريون" و"دارفور الحبيبة". فواضح أن العبارات مجرد حقن لاحتمال التهميش والصبر عليه. ثم استعجبت للخبر الذي قال إن ولاية الوحدة تدعو للانفصال وشبهت الولاية ب"مدرسة النجاح التي لم ينجح منها أحد".
استيلا الكتّابة! إلا استيلا يا جماعة.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية بلجيكا للجزيرة: ما يحدث بغزة تهجير وليس دفاعا عن النفس

قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو، إن بلاده قررت رفع حدة لهجتها مع إسرائيل، مشيرا إلى أن ما يحصل عسكريا في قطاع غزة "ليس مرتبطا بالدفاع المشروع عن النفس".

وأعرب بريفو -في لقاء مع الجزيرة- عن قناعته بأن الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "لا تنجح لأن الولايات المتحدة تدعمه في كثير من الأحيان".

وكشف أن بلاده تنسق مع دول أوروبية لإيصال المساعدات إلى غزة بشكل كافٍ، متهما إسرائيل بالتسبب بمجاعة في غزة.

ولفت إلى أن بلجيكا "ضغطت من أجل أن يتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات بشأن الشراكة مع إسرائيل".

وحذر من تصاعد وتيرة العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة، متسائلا "لا أدري ما الذي يجب أن نراه بعد التهجير والانتهاكات للتحذير مما يجري في قطاع غزة"، وأكد في الوقت نفسه أن "حجة معاداة السامية يجب ألا تستخدم في كل وقت بطريقة مضللة".

وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق -منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- حرب إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 178 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وأشار الوزير البلجيكي أن بلاده قررت استقبال عدد من الأطفال والمصابين الفلسطينيين للعلاج في بلجيكا، واصفا ما يحدث في غزة بالكارثة، و"علينا العمل على مساعدة أبناء القطاع لتجاوزها".

إعلان

وجدد التأكيد على دعم بروكسل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مؤكدا العمل على حشد آليات الدعم والمساندة الإنسانية للفلسطينيين.

وتتواصل المظاهرات الشعبية حول العالم رفضا للعدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وللمطالبة برفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية، وسط تحذيرات أممية من مجاعة وشيكة تهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين داخل القطاع.

وكان وزير التنمية الدولية النرويجي أوزموند أوكرست قد دعا الشعوب الأوروبية لمواصلة التظاهر رفضا لحرب غزة.

ووفق الوزير النرويجي، فإن ما تفعله إسرائيل في غزة، علاوة على أنه انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الدولية، يجعل العالم أكثر خطورة.

مقالات مشابهة

  • طليقة فائق حسن تصدم الجميع: علاقتي به مستقرة ولا أستمع لأصالة أبداً
  • تامر عبد المنعم يعلن انفصاله عن زوجته رنا علي بعد زواج دام 6 سنوات
  • تامر عبد المنعم يعلن الانفصال عن زوجته: الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
  • وزير خارجية بلجيكا للجزيرة: ما يحدث بغزة تهجير وليس دفاعا عن النفس
  • إسرائيل وحربها الممنهجة
  • أستاذ علم نفس: الاعتقاد في السحر يعتبر مظهر من مظاهر المرض النفسي
  • حكم سب الرياح وماذا نقول لحفظ النفس منها؟ .. بما علق الفقهاء
  • الشيباني: عقد ليبيا انفرط.. فهل من فارس يعيد لها هيبتها؟
  • التحول الغربي
  • ما سبب الخلاف بين نتنياهو وقادة الغرب‎؟