تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا تقول صاحبته: ما حكم الحج في عدة الوفاة لمن دفعت تكاليف الحج؟ حيث توفي زوجي وكنت قد تقدمت لوزارة السياحة للحج وقُبِلَ الطلب ودفعت المبلغ قبل وفاة زوجي، فهل يجوز لي الحج في أشهر العدة؟ مع العلم بأنها الحجة الثانية، وأنني قد أديت فريضة الحج سابقًا.

وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن السؤال قائلة: ما دامت السائلة قد سددت رسوم الحج ونفقاته ومصروفاته في حياة زوجها، ولم يَعُدْ بإمكانها استردادُها، فإنه يجوز لها أن تسافر للحج في العدة حتى لا يضيع عليها مالها، ولا إثم عليها حينئذٍ.

عدة المتوفى عنها زوجها

وأوضحت الإفتاء أنه يجب على المرأة المتوفَّى عنها زوجُها أن تتربص وتعتدَّ أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لقوله تعالى: ﴿والذين يُتَوَفَّونَ منكم ويَذَرُونَ أَزواجًا يَتَرَبَّصنَ بأَنفُسِهنَّ أَربَعةَ أَشهُرٍ وعَشرًا فإذا بَلَغنَ أَجَلَهنَّ فلا جُناحَ عليكم فيما فَعَلنَ في أَنفُسِهنَّ بالمَعرُوفِ واللهُ بما تَعمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: 234].

حكم تلبية المرأة بصوت مسموع فى الحج.. الإفتاء توضحأمين الفتوى يُحذّر: الحج بمال حرام لا يُقبل.. رد الحقوق قبل أن تتوجه لبيت اللههل يجوز للمرأة ارتداء غير الأبيض في الحج؟.. الأزهر يوضححكم سفر المرأة للحج بدون محرم؟..أمينة الفتوى تجيب

حكم بقاء المرأة المتوفى عنها زوجها في بيتها أثناء العدة

واشارت الى ان جماهير الفقهاء على أنَّ السُّكنَى من لوازم الاعتداد؛ فتمكث المعتدة مدة عدتها في بيتها، فلا تخرج لحج ولا لغيره؛ واستدلوا على ذلك بحديث الفُرَيعةِ بنتِ مالِكِ بنِ سِنانٍ رضي الله عنها -وهي أُختُ أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رضي الله عنهما- أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَها أَن تَمكُثَ في بيتها حتى تَنتَهِيَ عِدَّتُها. رواه الإمام مالِكٌ في "المُوَطَّأِ"، والشَّافعيُّ عنه، وأَحمَدُ وأَبُو داوُدَ والتِّرمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وابنُ ماجه وصححه ابنُ حِبّانَ والحاكِمُ.

حكم حج المعتدة من وفاة زوجها أثناء فترة العدة

ونوهت انه نُقِل عن بعض السلف مِن الصحابة والتابعين: أن السُّكنى ليست مِن العدة، فيجوز للمعتدة أن تعتد حيث شاءت، ولا يحرُم عليها أن تحج أو تعتمر في عدتها؛ رُوِيَ ذلك عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأم المؤمنين عائشة، وجابر بن عبد الله، رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وإليه ذهب الظاهرية، وحجتهم: أن الآية دلَّت على وجوب العدة لا على وجوب السُّكنى للمعتدة، وأجابوا عن الحديث بأنه ضعيف، وأنه على فرض صحته فإنه واقعة عين.

وقد نصَّ العلماء على أن من شرط الحج للمرأة أن لا تكون في عدة وفاة أو طلاق، فإن خالف وحجَّت صح حجُّها وكانت آثمة.


واستثنى الفقهاء من ذلك: ما إذا كانت المرأة قد أحرمت بالحج، أو كانت قد سافرت.


فنص فقهاء الحنفية: على أنها إن كانت حين مات زوجها مسافرة وكان بينها وبين مصرها مدةُ سفر -أي ثلاثة أيام فأكثر- فإنها ترجع إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها.


وعند المالكية: أنها إن مات زوجها وقد خرجت لحجة الإسلام وكان بعدُها عن منزلها أربعة أيام فأقل رجعت وجوبًا لتعتدَّ بمنزلها إن بقي شيء من العد، فإن زاد على هذا لم ترجع بل تستمر.

وعند الشافعية: أنها إن كانت مسافرة فمات زوجها فلها الخيار في أن تمضي لسفرها ذاهبة وجائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضي سفرها.


وعند الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة الحنبلي (ت620هـ) في "المغني" (8/ 168، ط. مكتبة القاهرة): [ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها، لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج؛ لأن العدة في المنزل تفوت، ولا بدل لها، والحج يمكن الإتيان به في غير هذا العام. وإن مات زوجها بعد إحرامها بحج الفرض، أو بحج أذن لها زوجها فيه، نظرت؛ فإن كان وقت الحج متسعًا، لا تخاف فوته، ولا فوت الرفقة، لزمها الاعتداد في منزلها؛ لأنه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فوات الحج، لزمها المضي فيه. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يلزمها المقام وإن فاتها الحج؛ لأنها معتدة، فلم يجز لها أن تنشئ سفرًا، كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها. ولنا: أنهما عبادتان استويا في الوجوب، وضيق الوقت، فوجب تقديم الأسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق؛ ولأن الحج آكد؛ لأنه أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم، فوجب تقديمه كما لو مات زوجها بعد أن بَعُدَ سفرها إليه] اهـ.


وقال الإمام أبو المظفر بن هبيرة الحنبلي (ت560هـ) في كتابه "اختلاف الأئمة العلماء" (2/ 199، ط. دار الكتب العلمية): [واختلفوا في المتوفى عنها زوجها وهي في الحج: فقال أبو حنيفة: يلزمها الإقامة على كل حال إن كانت في بلد أو ما يقاربه. وقال مالك والشافعي وأحمد: إذا خافت فواته إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضيُّ فيه] اهـ.

ولفتت إلى أنه ما دامت السائلة قد سددت رسوم الحج ونفقاته ومصروفاته الباهظة في حياة زوجها، ولم يَعُدْ بإمكانها استردادُها، فإنه يجوز لها أن تسافر للحج في العدة؛ لأن اختيارها والإذن لها بالسفر ودفعها لنفقات الحج الباهظة التي لا تُسْتَرَدُّ هو بمثابة دخولها في السفر ومُضِيِّها فيه، والرخصة في ذلك كالرخصة عند خوف فوت الرفقة، ودرء المشقة الحاصلة من تفويت الحج أعظم من جلب مصلحة الاعتداد في المنزل، فكان تقديم الحج أَوْلَى لا سيما وقد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه.

ولا يخفى أن من مقاصد الشريعة الغرَّاء رفع الضرر عن المكلفين ودفع المشاقِّ عنهم، وقد تقرر في قواعد الفقه أن المشقة تجلب التيسير، وأنه إذا ضاق الأمر اتسع. هذا بالإضافة إلى أن ضياع هذا المبلغ الباهظ من المال عليها هو ضرر يجب رفعه ومشقة تستوجب تيسيرًا، وقد تقرر أن "الضرورات تبيح المحظورات"، وأن "الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة"، وسفر المعتدة للحج وإن كان محظورًا في الأصل إلا أن الحفاظ على المال الذي دفعته في نفقات الحج هو ضرورة تبيح هذا المحظور؛ لأن المال من الكليات الخمس العليا التي يجب الحفاظ عليها في الشريعة الإسلامية.
 

طباعة شارك الإفتاء الحج حكم الحج في عدة الوفاة حكم الحج في عدة الوفاة لمن دفعت تكاليف الحج عدة المتوفى عنها زوجها حكم بقاء المرأة المتوفى عنها زوجها في بيتها أثناء العدة حكم حج المعتدة من وفاة زوجها أثناء فترة العدة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإفتاء الحج عدة المتوفى عنها زوجها المتوفى عنها زوجها مات زوجها فی بیتها الحج فی وجوب ا فی عدة

إقرأ أيضاً:

التصرف الشرعي لشخص اشترى الأضحية وطرأ عليها عيبا يجعلها لا تصلح

تلقت دار الإفتاء المصرية استفسارًا من أحد المواطنين حول حكم الأضحية إذا طرأ عليها عيب يُخل بصحتها بعد تحديدها.

 وأجابت الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك موضحة أنه إذا قام المضحي بالحفاظ على أضحيته من العيوب بكل الوسائل الممكنة، واستعان بأهل الخبرة ولم يُقصر في ذلك، ثم أصابها عيب يمنع إجزاءها سواء قبل دخول وقت الأضحية أو بعد دخوله وقبل أن يتمكن من النحر، ففي هذه الحالة، فإن أمكنه استبدالها بأخرى سليمة فذلك أفضل. 

أما إذا لم يستطع الاستبدال، فلا يلزمه شيء بديل، وله أن يذبحها في الوقت المحدد ويتصدق بها كأنها أضحية.

كما تناولت دار الإفتاء الحديث عن كفارات الحج، وبيَّنت أنها وسائل شرعية حددها الإسلام للتكفير عن بعض المخالفات التي قد يرتكبها الحاج أثناء أداء المناسك، وذلك لجبر أي خلل يقع فيه. وتنقسم الكفارات إلى عدة أنواع، منها:

هل يجوز إعطاء غير المسلم من لحوم الأضاحي؟.. دار الإفتاء: تؤلف القلوبما السن الشرعية للأضحية؟.. تعرف على عمر كل نوع منهافضل الأضحية.. تغفر الذنوب وتجلب البركة للمسلمحكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات

كفارة ترك واجب من واجبات الحج

 من ترك واجبًا فعليه أداؤه إذا كان وقته ما زال متاحًا، أما إذا فات الوقت أو عجز عن الأداء عمدًا دون عذر، فعليه فدية تتمثل في ذبح شاة، وإن لم يستطع، فعليه صيام 10 أيام؛ 3 أيام خلال الحج، و7 عند عودته إلى بلده.

كفارة الإحصار: وهي خاصة بمن يُمنع من الوصول إلى مناسك الحج بسبب مرض أو عطل في الإجراءات أو ما شابه، فيلزمه ذبح شاة أو ما يعادلها.

كفارة قتل الصيد 

كفارة ارتكاب محظور من محظورات الإحرام: كحلق الشعر أو وضع الطيب أو ارتداء المخيط أو تقليم الأظافر بعد الإحرام، ويُخيَّر فيها بين ذبح شاة، أو إطعام 6 مساكين، أو صيام 3 أيام.

كفارة الجماع قبل التحلل الثاني: فإذا وقع الجماع بين الزوجين قبل التحلل الثاني، فسد الحج، ويجب على الرجل الترتيب بين ذبح بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فسبع من الغنم، وإن عجز عن كل ذلك، فعليه أن يقدِّر ثمن البدنة ويشتري بها طعامًا، فإن لم يستطع، صام يومًا عن كل مُدٍّ من الطعام، ويجب عليه مع ذلك إتمام مناسك الحج وقضاؤه في العام التالي.

طباعة شارك دار الإفتاء الأضحية حكم الأضحية وقت الأضحية شروط الأضحية واجبات الحج كفارة ترك واجب كفارة قتل الصيد

مقالات مشابهة

  • حكم قصر الصلاة أثناء مناسك الحج.. الإفتاء تجيب
  • حكم قراءة القرآن أثناء الجلوس على السرير .. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الدعاء بشيء وأنا أعلم أنه شر لي؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للحاج مغادرة عرفات قبل غروب الشمس؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم ترك السعي في الحج وعدم صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم.. الإفتاء تجيب
  • إذا اجتمعت الأضحية والعقيقة فأيهما أولى بالتقديم؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز ترك المبيت بمزدلفة وما هو القدر الكافي للمكوث بها؟.. الإفتاء تجيب
  • التصرف الشرعي لشخص اشترى الأضحية وطرأ عليها عيبا يجعلها لا تصلح
  • هل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد والإمام يخطب الجمعة؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الإحرام للحج قبل الميقات؟.. الإفتاء تجيب