” #حرب_الوعي في زمن #الذكاء_الصناعي: من يربح #رواية_فلسطين”
بقلم: د. #هشام_عوكل أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية.


في زمنٍ تكتب فيه الخوارزميات الرواية، وتُحذف فيه الحقيقة لأنها لا تليق بالمعايير… هل تنتصر فلسطين في الذاكرة قبل أن تُهزم في ملفات التسوية؟
حرب الوعي في زمن الذكاء الصناعي: من يربح رواية فلسطين؟
في زمنٍ لم تعد فيه الحروب تُخاض فقط على الأرض، بل تُشنّ أيضاً عبر خوارزميات، وسيرفرات، ومكاتب علاقات عامة في تل أبيب ووادي السيليكون، تطل علينا فلسطين من جديد، لا كخبر طارئ في شريط عاجل، بل كهاشتاغ يتصدّر، وفيديو يُحذف، وطفل تحت الركام ينافس ناطقاً باسم جيش “أخلاقي”.


نحن اليوم في قلب معركة غير تقليدية: معركة وعي. الجيوش تتراجع، لكن الذكاء الاصطناعي يتقدّم، يفلتر، يحذف، يصنّف، يحدّد من هو الإرهابي ومن هو الضحية، بناءً على معايير لا يفهمها سوى مهندس في Google ومجند في جيش الاحتلال يحمل رتبة “مُبلّغ محترف”.
في هذه الحرب، الكلمة أخطر من الرصاصة، والصورة أقسى من القصف. وما بين منشور على إنستغرام وآخر على X، يسقط شهيد رقمي كل لحظة. لا دماء تُسفك، لكن الروايات تُدفن، تُشوّه، أو تُجتزأ.
إسرائيل لم تعد بحاجة إلى تبرير جرائمها، هناك روبوتات تفعل ذلك نيابةً عنها. يكفي أن تُبلغ عن فيديو لرضيع قُتل في غزة حتى يختفي لأنه “ينتهك معايير المجتمع”. مجتمع مَن؟ لا أحد يجيب. فالمجتمع هنا هو خوارزمية بلّغ عنها اللوبي، ثم نكّستها لجنة تعمل عن بُعد، غالبًا من تل أبيب نفسها.
في المقابل، الشعب الفلسطيني، بسلاح بدائي يُدعى الهاتف، يخوض معركة لا هوادة فيها. الشاب في جباليا، الذي لا كهرباء لديه، يرفع فيديوً لا تتجاوز مدته ثلاثين ثانية، يهز به ضمير طالب في هارفارد. ومن فيديو إلى فيديو، يتحوّل المشهد: من غبار الركام إلى غبار الأسئلة التي تلاحق الساسة في واشنطن.
جامعات أميركية تنتفض، لا لأن الساسة هناك اكتشفوا فجأة أن لحم الإنسان لا يُشوى، بل لأن الطلبة باتوا يرون. يرون الحقيقة عارية، بلا فلتر، بلا صوت مراسل أنيق ينقلها من فندق بخمس نجوم في القدس الغربية.
الرواية الفلسطينية تفوز، ليس لأن أحداً أنصفها، بل لأن الآلة فشلت في إخفائها. الذكاء الاصطناعي ذكي جداً، لكنه لم يتعلم بعد كيف يقتل دمعة، أو يفلتر صرخة أم.
لكن الخطر قادم: فيديوهات مزيفة، تحليلات مفبركة، أصوات مستنسخة لزعماء، أخبار من عالم موازٍ. من يربح في هذه الفوضى؟ من يملك الحاسوب الأقوى؟ أم من يملك المأساة الأصلية؟
في النهاية، من يربح الوعي لا يحتاج لوزير دفاع، بل لضمير حي. والسؤال الآن: هل ستنتصر فلسطين في الذاكرة الجماعية قبل أن تُهزم في ملفات التسوية؟
وإن استمرت الخوارزميات في حذف الوجع، وتزييف المأساة، وتدوير الدم على شكل رواية مقبولة لذوق السوق، فهل نبلغ زمناً يُمحى فيه اللاجئ من الذاكرة الرقمية كما مُحي من الأرض؟ هل تُلغى المجازر لأنها لم تُرفق بتوثيق تقني مُعتمد؟ وهل يُلام الشهيد لأنه سقط خارج إطار الكاميرا، أم تُدان الأم لأنها صرخت بلغة لا تفهمها الخوارزميات؟ وإذا صار التاريخ يُكتب على يد آلة، فمن يُنصف الحزن حين لا يكون قابلًا للمعالجة أو الأرشفة

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: حرب الوعي الذكاء الصناعي رواية فلسطين من یربح فی زمن

إقرأ أيضاً:

فضيحة رقمية.. “مايكروسوفت” تحظر كلمة “فلسطين” وتلاحق موظفيها الداعمين لغزة

يمانيون../
في خطوة جديدة تكشف حجم التواطؤ الرقمي للشركات الأمريكية العملاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، كشف موقع “Drop Site News” الاستقصائي عن تنفيذ شركة “مايكروسوفت” سياسة رقابة صارمة داخلية، تستهدف منع تداول كلمات تتعلق بفلسطين والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ضمن رسائل البريد الإلكتروني الداخلية لموظفيها حول العالم.

وبحسب التقرير، وضعت الشركة بهدوء مرشحًا آليًا ضمن خوادم “Exchange” التابعة لها، يحظر استخدام كلمات مثل “فلسطين” و**”غزة”** و**”إبادة جماعية”** داخل البريد الداخلي بين الموظفين. هذا المرشح يتولى حجب أي رسالة تحمل هذه الكلمات دون تنبيه المرسل أو المستلم، في سابقة خطيرة تكشف حجم التضييق الممنهج على حرية التعبير في القضايا الإنسانية العادلة.

توقيت مشبوه وتزامن مع تصاعد الغضب الداخلي
وأفاد التقرير أن اكتشاف هذا الإجراء جاء عقب احتجاجات متكررة قادتها مجموعة “لا لأزور للفصل العنصري”، وهي حركة تضم موظفين داخل “مايكروسوفت” يعارضون تعاون الشركة مع الاحتلال الإسرائيلي، ويرفضون استخدام خدمات الشركة التكنولوجية في دعم العدوان المستمر على قطاع غزة.

هذا الإجراء القمعي تزامن مع تعرض مؤتمر المطورين السنوي “Build”، الأسبوع الماضي، لعدة مقاطعات داخل القاعات من موظفين غاضبين، رفعوا شعارات تدين دعم “مايكروسوفت” للجيش الإسرائيلي، ورفضهم استخدام منصات الحوسبة السحابية Azure في عمليات الاحتلال.

أدلة وتوثيقات على دعم الاحتلال
وبحسب ما كشفه الموقع، بالتعاون مع “The Guardian” وصحيفة “+972″، فإن “مايكروسوفت” عقدت صفقات متقدمة مع وزارة الأمن الإسرائيلية، قدمت خلالها عروضًا وخصومات كبيرة على خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.

ووفقًا للوثائق المسربة ورسائل البريد التي اطّلع عليها التحقيق، بدأت “مايكروسوفت” بعد أيام قليلة من هجوم 7 أكتوبر 2023، بالترويج داخليًا لخدماتها المخصصة للجيش الإسرائيلي، متوقعة زيادة هائلة في الإنفاق العسكري الإسرائيلي، مما جعلها واحدًا من أكبر مزوّدي الاحتلال بالتقنيات المتقدمة.

سياسة قمع داخلي وطرد للموظفين المعترضين
وفي تطور خطير، أعلنت مجموعة “لا لأزور للفصل العنصري” أن أحد موظفي الشركة، الذي قاطع كلمة المدير التنفيذي ساتيا ناديلا خلال مؤتمر “Build”، قد تم فصله تعسفيًا من عمله، بينما يواجه آخرون تهديدات بالإقصاء والتضييق الوظيفي.

ولم تقتصر التحركات الاحتجاجية على موظفي الشركة الحاليين، إذ شارك كل من حسام نصر وفانيا أجراوال، وهما منظمّان لحملة “No Azure for Apartheid”، في تعطيل فعاليات رئيسة قسم المنتجات في الذكاء الاصطناعي المسؤول سارة بيرد خلال المؤتمر.

شركات التكنولوجيا.. أذرع رقمية للاحتلال
هذا الكشف الخطير يعكس وجهًا من وجوه الحرب الناعمة التي تمارسها شركات التقنية الأمريكية، في خدمة المشروع الصهيوني، من خلال توظيف إمكانياتها في الحوسبة والذكاء الاصطناعي لخدمة العمليات العسكرية، وفي الوقت ذاته خنق الأصوات الحرة داخل هذه المؤسسات.

وتمثل سياسة “مايكروسوفت” امتدادًا للرقابة الرقمية التي تقودها أنظمة احتلالية وأجهزتها الأمنية، في محاولة لتغييب الرواية الفلسطينية، والتضييق على أي تعاطف إنساني داخل كبرى المؤسسات المؤثرة على الرأي العام العالمي.

رد الشركة.. إنكار ومراوغة
ورغم تصاعد الغضب والاحتجاجات، لم تُصدر “مايكروسوفت” تعليقًا مباشرًا على التقارير. واكتفت قبل أيام من مؤتمر “Build” ببيان قالت فيه إنها أجرت مراجعة داخلية ولم تجد “دليلًا” على استخدام تقنياتها لإلحاق الأذى بالمدنيين، في تجاهل واضح للوثائق المثبتة التي نشرتها مواقع استقصائية وحقوقية.

ختامًا: قمع الكلمة الحرة.. وسلاح التكنولوجيا في يد الاحتلال
تكشف هذه الفضيحة كيف تحولت شركات التكنولوجيا الكبرى إلى أدوات قمع ورقابة لصالح الاحتلال، تمارس حجبًا ممنهجًا للرواية الفلسطينية، وتضييقًا على من يتعاطف معها، وتوظف إمكانياتها الضخمة لدعم آلة الحرب الإسرائيلية.

ويبقى السؤال مفتوحًا أمام العالم:
إلى متى ستبقى التكنولوجيا في خدمة الاحتلال ومجازره؟
وإلى متى ستُحارب الكلمة الحرة والإنسانية داخل أكبر المؤسسات التقنية العالمية؟

مقالات مشابهة

  • ترامب يهدد برسوم جديدة على أوروبا.. الأسواق تترنح والذهب يربح
  • ماكتومناي.. أحدث أبطال رواية «الناجحين خارج أسوار اليونايتد»!
  • الذكاء الاصطناعي يسهل البحث على غوغل.. فيديو
  • الصين تطلق أول بطولة ملاكمة لروبوتات الذكاء الاصطناعي .. فيديو
  • قضية ضد “غوغل”.. والمدعي أم فقدت طفلها نتيجة الذكاء الاصطناعي
  • “لجان المقاومة”في فلسطين : التجويع الصهيوني جريمة حرب مكتملة الأركان
  • من ذمار إلى صنعاء.. “التدخل السريع” تنفّذ مسيراً راجلاً يجسد الجهوزية لنصرة فلسطين والدفاع عن الوطن
  • أمسية “مؤسسة فلسطين الدولية”: حين يتوّج الإبداع الذاكرة ويُغنّي الجمال في وجه العتمة
  • “فعلتها من أجل فلسطين”.. شهود عيان يكشفون لـ”سي إن إن” تفاصيل هجوم المتحف اليهودي في واشنطن
  • فضيحة رقمية.. “مايكروسوفت” تحظر كلمة “فلسطين” وتلاحق موظفيها الداعمين لغزة