المرأة وفاتورة النجاح المضاعفة: شهادة من قلب المعاناة
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
#المرأة و #فاتورة_النجاح المضاعفة: شهادة من #قلب_المعاناة
بقلم: د. #مي_خالد_بكليزي
في مجتمعاتٍ ترفع شعار التقدم والنهضة، ما زالت المرأة تواجه تحديات مضاعفة في طريقها نحو النجاح. إنها لا تسير بخطى الرجل نفسها، بل تمضي في دروب وعرة، مُحمّلة بما لا يحتمله المنطق ولا تنصفه القوانين.
هذه شهادة من قلب التجربة، أكتبها لا لأُجمّل الواقع، بل لأقول الحقيقة كما أراها، لا بل كما أعيشها كل يوم.
أؤمن بمقولة إنّ المرأة عليها دفع أضعاف فاتورة النجاح عن الرجل، لماذا؟
لأن مجتمعاتنا -للأسف- تحارب المرأة بوعي أو دون وعي، بقصد أو دون قصد.
تلجمها بلُجُمٍ مختلفة ومتعددة، لا تبدأ بالشرف وحده، ولا تنتهي عند تحميلها مسؤولية كونها أنثى منذ البدء.
أعرف أن الصورة قاتمة وسوداوية،
ولست هنا بصدد التلميع والتجميل لهذه الصورة التي أراها يوميًا وألمسها في كل لحظة.
وإن كانت ليست معممة، فهناك نماذج مشرقة بالتأكيد.
الحقُّ المكتسبُ للمجتمع، والذي يفرضه على الأنثى، ليس إلا كونها أنثى،
وهنا تغيب صورة الدين الإسلامي الحنيف، الذي أنزل المرأة منزلتها التي تليق بآدميّتها أولًا، وكونها أنثى ذات مزايا بيولوجية وسيكولوجية ميّزها الله بها عن الرجل.
نعم، أقول ميزة؛ فالمرأة مصنع الأسرة، وروح المجتمعات السويّة التي لا تكون سوية ومنضبطة إلا بانضباط عنصر الأنثى فيها.
صحيح أن القوانين في دولنا العربية لا تنصف المرأة في كثير من حالاتها،
وصحيح أيضًا أن التمثيل القيادي ومشاركة المرأة سياسيًا ضعيف،
إلا أن هناك تحديات أكبر تواجه المرأة وتعيق تقدمها،
كالصورة النمطية التي ترسمها وسائل الإعلام عنها،
فضلًا عن المناهج المدرسية التي تضعها في قالبٍ معيّن:
استهلاكيّ سلعيّ تارة، ونمط تقليدي غير فاعل تارة أخرى.
لكن، وبرغم كل هذا الغباش والضباب الذي يلتفّ حول عالم المرأة،
تنهض فيه قامات نسائية يُشار لها بالبنان،
لا شك أنها دفعت فاتورته غاليًا،
ونبشت طويلًا في أضغان المجتمع لتجد لها موطئ قدم،
علّه يسعفها ويضعها في مدارج السالكين في النجاح،
الذي هو حق لها وواجب على مجتمعها توفيره لها بتؤدة واحترام كبيرين.
وأنا هنا حتمًا لا أطالب بالمساواة بين المرأة والرجل،
فليس الرجل كالأنثى على أية حال،
وإنما أطالب المرأة الحقيقية بالمطالبة بحقوقها الفطرية التي وهبها الله إياها،
بأن تجد حقًا من يعولها ويمكّنها اقتصاديًا،
ولا يتأتّى ذلك إلا بالشراكة الواعية والمسؤولة من الرجل،
الذي كُلِّف بعنايته لها وتوفير كل ما تتطلبه طبيعتها،
التي ضرب الله لها مثلًا في القرآن:
“أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ”
نعم، طبيعة المرأة قائمة على الدلال والاكتفاء بمن يعولها:
أبًا منذ البداية، وأخًا، وزوجًا إن تيسّر لها ذلك،
وتبقى للحظوة مكانتها عندها في بيت زوجها وبيت أهلها.
نعم، هذه الحقوق التي غفلت عنها المرأة،
أن تقود أسرتها وهي بأحسن مزاج نفسي ومادي،
لتهدي إلى المجتمع أناسًا أصحاء جسديًا وأسوياء نفسيًا،
بعيدًا عن خدعة المساواة التي خسرت فيها المرأة أكثر مما ربحت.
ولا مانع من تعلُّم المرأة، بل هو أمر واجب عليها،
والانتقال للوظيفة مسألة شخصية لها حريتها فيها.
ولكن لغياب المسؤولية العائلية والمجتمعية،
وغياب المسؤولية لدى الدولة،
تُكلَّف المرأة بأعباء جسيمة لتستطيع إتمام رعايتها لأسرتها،
في حالات الفقد للزوج، الطبيعية بالموت، والطارئة بالانفصال،
فتضطرها ظروفها القاهرة للعمل، وبذل الوُسْع في تأمين حياة كريمة لها ولأولادها،
الذين أصبحوا رهينة قدرتها على تحقيق متطلباتهم المعيشية.
وهذا تحدٍّ آخر يعترض المرأة،
إضافةً إلى التحديات الأخرى آنفة الذكر.
لعلنا نعيد التفكير في منظومة التمكين الحقيقي للمرأة، بعيدًا عن الشعارات المعلّبة،
وأن نوفر لها بيئة تليق بعطائها لا بوصفها “نصف المجتمع” فقط، بل لكونها منبع الحياة ومنبت الكرامة.
وما لم نعد النظر في هذه الفاتورة الثقيلة، ستظل المرأة تدفع وحدها، والكل يربح على حسابها.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المرأة قلب المعاناة
إقرأ أيضاً:
الوزارة والعمالة
رمى مبارك الفاضل حجرًا في بركته الآسنة دومًا، ليصيب بعض رزازها الشارع. الرجل طالب البرهان بالإكتفاء بهذا النصر العسكري، ومن ثم التفاوض، ثم عرّج على مهاجمة أولياء نعمته سابقًا (الإسلاميون)، ومن ثم إتهم البرهان بمحاباة الإسلاميين، ليصل في النهاية للسلاح الكيماوي الذي إتهمت به أمريكا السودان. وسبق وأن كتبنا عن الرجل، وبالحرف الواحد طالبناه بالنزول للشارع، حتى يقف على التحولات الكبيرة التي طرأت عليه؛ لأنه مازال في عقلية سبعينيات القرن الماضي. عليه نضع في بريده وصف الشارع له من خلال تلك القصة التاريخية التي تقول: (هناك رجل من بني تميم اسمه شبت بن ربعي، أسلم ثم إرتد مع مسيلمة. ثم أسلم في عهد عمر بن الخطاب، ثم أعان على قتل عثمان بن عفان، ثم أيّد أم المؤمنين عائشة في نزاعها مع الإمام علي، ثم إنضم إلى جيش علي ضد معاوية، ثم تمرد على علي وصار مع الخوارج، ثم وقف مع الحسين وبايعه، ثم كان مع جيش يزيد الذي قتل الحسين ثم تمرد على بني أمية وبايع عبد الله بن الزبير حتى مات). وحياة شبت التميمي تنطبق على الرجل تمامًا. ودائمًا ما تجده ما بين (الوزارة والعمالة). ولنكن صادقين، فإن طريق الوزارة عنده عبر العمالة، أي: ليس هناك خطوط حمراء عنده للوصول للوزارة. فهو بضاعة رخيصة في ركن قصي من شارع السياسة، وخلاصة الأمر نؤكد لهذا الثمانيني الذي لم يقدم في حياته للشعب السوداني إلا تدمير مصنع الشفاء بعمالته للأمريكان، بأن (زمانك فات، وغنايك مات). دع التهافت، قدّم (شِق تمره) واحدة في حياتك لهذا الشعب الذي أكتوى كثيرًا من عمالتك. السودان الآن يخوض معركة الكرامة، ونصره قاب قوسين أو أدنى، والوزارة التي تحلم بها لأبطال الميدان، لا لخونة الأوطان.
د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
الثلاثاء ٢٠٢٥/٥/٢٧