الأورومتوسطي .. الآلية الإسرائيلية لإدخال المساعدات إلى غزة تهدف إلى شرعنة تجويع السكان
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
#سواليف
قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ #الخطة_الإسرائيلية المتداولة حاليًا بشأن #المساعدات_الإنسانية في قطاع #غزة لا تعدو كونها مناورة جديدة تهدف إلى إطالة أمد #الحصار الشامل وغير القانوني المفروض على القطاع، عبر إعادة تقديم #جريمة_التجويع في صيغةٍ مضللة تُضفي طابعًا إنسانيًا زائفًا عليها، وتُشرعن استخدامها المتواصل كسلاح ضمن #جريمة_الإبادة_الجماعية المستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم أنّ الخطة الإسرائيلية تقوم على ترسيخ هيمنة شاملة على الدورة الكاملة للمساعدات الإنسانية، بدءًا من تحديد طبيعة المساعدات وكمياتها وآلية إدخالها، وصولًا إلى مواقع تخزينها، وآليات توزيعها، والفئات التي يُسمح لها بالوصول إليها، ما يعكس عمليًا نيّة إسرائيلية واضحة لإدارة جريمة التجويع لا إنهائها، وترسيخ السيطرة الإسرائيلية على مقومات الحياة الأساسية للفلسطينيين في قطاع غزة.
وبحسب تقارير صحافية إسرائيلية، تعمل إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة على إنشاء آلية جديدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من خلال “صندوق دولي” تدعمه دول ومؤسسات مانحة، يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بموجبها ببناء مجمّعات لتوزيع المساعدات في أجزاء من القطاع، يُسمح للعائلات الفلسطينية بالوصول إليها مرة واحدة أسبوعيًا لاستلام طرد مساعدات واحد لكل عائلة يكفي لمدة سبعة أيام، على أن تتولى شركة أمريكية خاصة إدارة الجوانب اللوجستية وتوفير الأمن داخل المجمعات وفي محيطها، بينما يتولى الجيش الإسرائيلي تأمين المناطق المحيطة بها.
مقالات ذات صلة الأمن العام يحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي 2025/05/04الخطة الإسرائيلية تقوم على ترسيخ هيمنة شاملة على الدورة الكاملة للمساعدات الإنسانية، بدءًا من تحديد طبيعة المساعدات وكمياتها وآلية إدخالها، وصولًا إلى مواقع تخزينها، وآليات توزيعها، والفئات التي يُسمح لها بالوصول إليها، ما يعكس عمليًا نيّة إسرائيلية واضحة لإدارة جريمة التجويع لا إنهائها
وبينما تزعم إسرائيل أنّ الآلية الجديدة تهدف إلى الحؤول دون وصول #المساعدات إلى “حماس” أو استخدامها في دعم أنشطتها، فإنّها في الواقع تكرّس نموذجًا يُبقي السيطرة الكاملة على حياة السكان المدنيين في يد الاحتلال، ويحوّل الغذاء والدواء والماء إلى أدوات ابتزاز جماعي تُدار بمنظومة عسكرية–أمنية، لا إنسانية–قانونية.
وقال إنّ هذه الآلية تُشكّل امتدادًا لسياسة الخنق الشامل التي تطبقها إسرائيل منذ أكثر من شهرين، ومناورة لصرف الأنظار عن الحاجة الملحّة للنفاذ الفوري وغير المشروط لجميع أشكال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بما يمنح إسرائيل مزيدًا من الوقت لتجويع السكان، وتطبيع جرائم الإهلاك المنهجي والتدمير الجسدي، في إطار جريمة الإبادة الجماعية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الآلية الجديدة، وفقًا للتفاصيل المتداولة، تقوم على إنشاء مرافق لتسليم المساعدات في أماكن محددة، بعيدة عن الكثافة السكانية وقريبة من مواقع تمركز الجيش الإسرائيلي، وهو ما يُنذر بخطر بالغ يتمثل في استخدام المساعدات كأداة لنقل السكان قسرًا تحت غطاء إنساني، إذ من المرجّح أن تُجبر العائلات الجوعى، في ظل سياسة التجويع المنهجي منذ تشرين أول/أكتوبر 2023، على الانتقال إلى مناطق قريبة من تلك المواقع لإنقاذ حياتها، بما يتيح لإسرائيل تفريغ مناطق سكنية واسعة وفرض واقع ديمغرافي جديد يمنع العودة إليها.
ولفت إلى أنّ سجلّ إسرائيل في هذا السياق يوفّر أسبابًا قوية للاعتقاد بأنّ الآلية المقترحة لن تكون حيادية أو إنسانية، بل أداة جديدة في مشروع التهجير القسري، إذ وثّق المرصد الأورومتوسطي استخدام الجيش الإسرائيلي، وبخاصة خلال اجتياحه وتدميره لمحافظة شمال غزة في تشرين أول/أكتوبر 2024، أساليب مركبة ومتكاملة لدفع السكان على مغادرة مناطقهم نحو الجنوب بذريعة الحصول على الطعام والمساعدات، حيث ترافق القصف الكثيف والحصار الكامل مع توزيع آلاف المناشير الورقية وإجراء مكالمات هاتفية مباشرة لحثّ الأهالي على التوجه إلى ما يُعرف بـ”المنطقة الإنسانية” في المواصي، تحت التهديد بعدم تلقي أية مساعدات إذا بقوا في مناطقهم المصنفة كمناطق قتال.
ونوّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الآلية المقترحة تمثّل خرقًا مزدوجًا لأحكام القانون الدولي؛ فهي تنتهك، أولًا الالتزامات القانونية الواقعة على إسرائيل بصفتها قوة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تُلزمها بضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية دون تأخير أو تمييز أو اشتراطات سياسية. كما تنتهك، ثانيًا، المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، التي تحظر استخدام المساعدات كأداة للضغط السياسي أو وسيلة للسيطرة والإخضاع، وتؤكد على ضرورة توزيعها وفق مبادئ الحياد وعدم التمييز وضمان الوصول الفوري والكافي إليها، وهي جميعها معايير تغيب كليًا عن الآلية المقترحة.
كما حذّر المرصد الأورومتوسطي من أنّ الآلية المقترحة تفتح مسارًا فعليًا لفرض سيطرة إسرائيلية دائمة على أجزاء من قطاع غزة، بما يُمهّد لضمٍّ زاحف مقنّع؛ إذ إنّ اختيار مواقع “المجمّعات الإنسانية” وإقامتها في مناطق مفتوحة وقريبة من نقاط تمركز جيش الاحتلال الإسرائيلي يُحوِّل تلك المساحات إلى أحزمة أمنية مغلقة يُمنع المدنيون من دخولها، في خطوة تمهّد فعليًا لفصلها جغرافيًا وسكانيًا عن بقية مناطق القطاع.
وأشار إلى أنّه يُخشى أن يُعاد لاحقًا تصنيف هذه المناطق كمناطق عسكرية مغلقة أو ممرات لوجستية، تُربط ببنية تحتية عسكرية ومدنية تموّلها جهات دولية تحت غطاء إنساني، ما يضفي على الوجود الإسرائيلي فيها طابعًا مشروعًا بحكم الأمر الواقع، ويجعل التراجع عنه شبه مستحيل. وبهذا تتحوّل السيطرة المؤقتة المرتبطة بتوزيع المساعدات إلى مدخل لإعادة رسم الواقع الجغرافي في غزة، بذريعة تلبية “الاحتياجات الإنسانية”.
إلى جانب ذلك، فإن إدارة إسرائيل لتلك الآلية، بشكل مباشر أو غير مباشر، له أغراض أخرى غير معلنة، من بينها الحصول على قاعدة بيانات محدثة أولًا بأول لتفاصيل السكان المدنيين وأماكن سكناهم وأماكن تنقلهم ونزوحهم، وبالتالي توظيفها لاحقًا – كما يحدث منذ عقود—في ملاحقتهم ومراقبتهم واستهدافهم وابتزازهم.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ تقييد كل عائلة بطرد مساعدات واحد أسبوعيًا، وفق ما تنص عليه الآلية المقترحة، لا يلبّي الحد الأدنى من متطلبات مواجهة المجاعة أو استعادة الأمن الغذائي، بل يُضفي غطاءً شكليًا على استمرارها، فبدلًا من ضمان تدفّق المساعدات بشكل مستقر وكافٍ، كما يقتضيه القانون الدولي، تُستخدم المساعدات كأداة ابتزاز تُخضع الحصول على الغذاء لمحددات أمنية إسرائيلية، وتحوّل الاحتياجات الأساسية إلى امتياز مشروط بمزاج الاحتلال، مع تصفير كامل لأي قدرة لدى السكان أو المؤسسات على التخزين أو التكيّف.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الشواهد الميدانية، لا سيما منذ استئناف إسرائيل لعمليات الإبادة الجماعية بالقتل المباشر في 18 آذار/مارس 2025، تُظهر بوضوح أنّ المساعي الجارية لفرض آلية جديدة للمساعدات الإنسانية لا تستهدف التخفيف من الكارثة أو إغاثة السكان، بل تسعى إلى تعميق السيطرة عليهم وإعادة هندسة المشهد الإنساني تحت إشراف عسكري–أمني، مشيرًا إلى أنّ إسرائيل دأبت خلال الفترة الماضية على استهداف التكايا الخيرية ومرافق الطعام، وقتلت خلال اليومين الأخيرين ما لا يقل عن ثمانية من العاملين في المجال الإغاثي في وسط وشمال القطاع، كما شنّت هجمات ممنهجة على عناصر الحماية المكلّفين بتأمين مخازن الغذاء، وسهّلت نهبها وإفراغ محتوياتها، رغم محدوديتها الشديدة أصلًا.
ونوّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الآلية المقترحة تستهدف كذلك تقويض وكالة الأونروا والمؤسسات الإغاثية الفلسطينية والدولية، من خلال استبعادها المتعمّد بحجّة “التحييد السياسي”، في خطوة تُقصي عمدًا الجهات الأكثر خبرة وانتشارًا ميدانيًا، والتي أثبتت قدرتها على توزيع المساعدات بفعالية وعدالة، ما سيؤدي إلى تجريد السكان من القنوات الإغاثية القادرة على توفير استجابة منتظمة وشفافة، واستبدالها بمنظومة مستحدثة خاضعة لسيطرة سياسية–أمنية، تُقصي في الوقت نفسه البنى التي شكّلت شريان الحياة في غزة على مدار سنوات، في لحظة هي الأكثر احتياجًا إلى الكفاءة والسرعة، لا إلى هندسة آليات مُفصّلة لتكريس أهدافًا سياسية وجرمية على حساب حياة المدنيين.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ انخراط الولايات المتحدة في التخطيط والترويج للآلية المقترحة لا يُمثّل تطورًا عرضيًا، بل يأتي امتدادًا مباشرًا لمسار دعمها السياسي والعسكري لجريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة، إذ شكّلت الإدارة الأمريكية الغطاء الدبلوماسي الرئيس الذي حال دون اتخاذ أي إجراء دولي فعّال لوقف الجرائم عبر استخدامها المتكرر لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من المساءلة، ووفّرت في الوقت ذاته تدفّقًا مستمرًا للأسلحة والذخائر التي استُخدمت بشكل مباشر في قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وقصف الملاجئ والمنازل والمدارس والمستشفيات، وها هي اليوم، من خلال رعايتها لآلية إغاثية مُلتوية، تُمعن في الانخراط في سياسة تجويع جماعي منهجي، عبر آلية ظاهرها إنساني وباطنها تعميق السيطرة وتقويض فرص النجاة، بما يضعها بوضوح في موضع الشريك الفعلي في جريمة تُعد من أخطر الجرائم الدولية.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ محاولة إسرائيل التظاهر بالحياد عبر تفويض توزيع المساعدات لشركة أمريكية خاصة لا تعدو كونها تحايلًا مكشوفًا يهدف إلى إسقاط التزاماتها كقوة احتلال دون التخلّي عن سيطرتها، إذ تبقى السيطرة الفعلية على الأرض وعلى المشهد الإغاثي بيدها، ولا يُغيّر وجود طرف وسيط من حقيقة أنّ المسؤولية القانونية الكاملة عن ضمان وصول المساعدات دون عوائق تظل ملقاة على عاتقها بموجب القانون الدولي.
وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بعدم الانخراط في الآلية المقترحة وعدم التعامل معها أو تمويلها بأي شكل، والضغط على إسرائيل لإلغائها فورًا، باعتبارها تشكّل إعادة صياغة منهجية للحصار في قالب إنساني زائف، وتمنح الغطاء لاستمرار جريمة التجويع الجماعي في قطاع غزة.
وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي باتخاذ كافة الوسائل الممكنة، القانونية والسياسية والإنسانية، لرفع الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة، وضمان السماح الفوري والفعّال بتدفّق المساعدات الإنسانية عبر جميع المعابر البرّية والبحرية والجويّة المؤدية إلى القطاع، بما يضمن توزيعًا محايدًا وفعّالًا يلبي الاحتياجات الفعلية للسكان، ويُنهي حالة التحكّم الإسرائيلي الإجرامي بالمواد الإغاثية، باعتبار أن استمرار هذا الحصار يُشكّل خرقًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني وأداة من أدوات جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين هناك.
ودعا الأورومتوسطي إلى توفير حماية حقيقية للعاملين في المجال الإغاثي ومرافق توزيع الغذاء، ووقف الاستهداف المتعمّد للتكايا والمخازن والعناصر الإنسانية، باعتبار هذه الهجمات انتهاكًا مباشرًا لمبدأ الحماية للمرافق المدنية والحماية الخاصة للمساعدات الإنسانية المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، وتهدف إلى تعطيل أي محاولة لتخفيف حدة المجاعة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، داعيًا أيضا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية، ودون إخلال بمبدأ عدم الحصانة أمام الجرائم الدولية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، والتحريض عليها، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول بمساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع إسرائيل في ارتكاب الجرائم، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية والاقتصادية، وغيرها من المجالات التي تساهم في استمرار هذه الجرائم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأورومتوسطي الخطة الإسرائيلية المساعدات الإنسانية غزة الحصار جريمة التجويع جريمة الإبادة الجماعية المساعدات جریمة الإبادة الجماعیة المساعدات الإنسانیة للمساعدات الإنسانیة توزیع المساعدات ضد الفلسطینیین القانون الدولی جریمة التجویع ة إسرائیلیة فی قطاع غزة توزیع ا وصول ا
إقرأ أيضاً:
غريتا ثونبرغ.. السويدية التي تثير هستيريا إسرائيل
شابة تبلغ من العمر 22 عاما مصابة بمتلازمة أسبرجر (شكل من أشكال التوحد عالي الأداء) تحاول تقديم المساعدة لشعب يعاني من إبادة جماعية، تعرضت لتعذيب ومعاملة مهينة بإجبارها على الزحف وتقبيل علم الاحتلال أثناء احتجازها من سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع طاقم "أسطول الصمود العالمي" أثناء تواجده في المياه الدولية لفك الحصار عن قطاع غزة، وفق الناشط والصحفي التركي أرسين تشليك، الذي كان ضمن الأسطول.
ويتطابق هذا مع ما ذكره الصحفي لورنزو داغوستينو، الذي كان من المشاركين في الأسطول بعد وصوله إلى إسطنبول، حيث أكد أن الإسرائيليين "لفوا علم الاحتلال حول غريتا واستعرضوا الأمر كما لو كان جائزة".
اكتسبت غريتا ثونبرغ (تونبرغ) شهرتها العالمية كواحدة من أشهر الناشطين في مجال مكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري في العالم، ونسب إليها الفضل في رفع مستوى الوعي العام، وخاصة بين الشباب. وشكلت الحرب الإسرائيلية الانتقامية على قطاع غزة، مرحلة فارقة في مسيرتها، فقد تحولت من المناخ إلى دعم الشعب الفلسطينيين دون توقف.
ولدت غريتا عام 2003 بالعاصمة السويدية ستوكهولم، لأسرة عالية الثقافة فوالدها هو الممثل سفانتي ثونبرغ، والدتها هي مغنية الأوبرا ميلينا إيرنمن، أما جدها فهو الممثل والمخرج أولوف تونبرغ.
وسيكون عام 2018، بداية ظهورها في المشهد السويدي والعالمي في الإضراب المدرسي الأول للمناخ خارج مبنى البرلمان السويدي بعد أن قررت، وكانت آنذاك في الصف التاسع، عدم الالتحاق بالمدرسة حتى الانتخابات العامة بعد موجات الحر وحرائق الغابات في السويد. واحتجت بالجلوس خارج البرلمان كل يوم خلال ساعات الدوام المدرسي.
بعد الانتخابات العامة، واصلت الإضراب فقط يوم الجمعة، واكتسبت انتباه العالم، وحظيت الاحتجاجات بتغطية واسعة النطاق، وانضم مئات الآلاف من الشباب في جميع أنحاء العالم إلى أضربها الذي أطلقته تحت شعار "أيام الجمعة من أجل المستقبل".
إعلانوفي نفس العام أعلن بأنه قد "تم تشخيصها بمتلازمة أسبرجر، والوسواس القهري، والطفرات الانتقائي"، وتتميز هذه الحالة بصعوبات كبيرة في التفاعل الاجتماعي والتواصل غير اللفظي إضافة إلى أنماط مقيدة ومتكررة من السلوك والاهتمامات وهم غالبا لا يقابلون النظرات بنظرات مباشرة، ويفوتهم الكثير من لغة الجسد الواضحة للغير.
وبين عامي 2019 و2020 توقفت ثونبرغ عن الدراسة كي تركز على نشاطها المناخي، واشتهرت بخطاباتها الحماسية لقادة العالم.
وفي العام التالي أبحرت من إنجلترا إلى نيويورك، بالولايات المتحدة، في يخت سباق يعمل بألواح شمسية وتوربينات تحت الماء. وحضرت قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي في مدينة نيويورك، وألقت كلمة أمام مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، كما دعيت للتحدث في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وفي ذلك العام تأسست "مؤسسة غريتا ثونبرغ " التي تقدم الدعم للمشاريع والجماعات العاملة من أجل إيجاد عالم عادل ومستدام عن طريق التبرع بالجوائز وأموال الإتاوات المتأتية من نشاط غريتا.
في عام 2019، اختارت مجلة "تايم" الأميركية ثونبرغ، وكان عمرها وقتها 16 عاما، شخصية العام بعد أن تحولت إلى مصدر إلهام لملايين الأطفال والشباب حول العالم والانخراط في الدفاع عن كوكب الأرض.
سخر منها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على "إكس" عندما فازت بجائزة مجلة "تايم"، قائلا "على غريتا أن تعمل على حل مشكلة التحكم في غضبها، اهدئي يا غريتا، اهدئي". ووصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بأنها "مراهقة طيبة، لكنها تفتقر إلى المعرفة".
وفي 2019 فازت بجائزة سبل العيش الصحيحة، المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة، وجائزة سفيرة الضمير لمنظمة العفو الدولية، وأدرجتها مجلة "فوربس" كواحدة من أقوى 100 امرأة في العالم. ولاحقا أصدرت أول منشوراتها "كتاب المناخ"، الذي يحتوي على مقالات من 100 عالم وكاتب وناشط حول كيفية مكافحة أزمة المناخ. تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام 3 مرات بين عامي 2019 و2023.
كانت الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة محطة فاصلة في حياتها، ودخلت بعدها في تغير مسار حياتها حيث دعت إلى التضامن مع الفلسطينيين بدلا من الإضراب من أجل مواجهة تغير المناخ.
وتعرضت ثونبرغ لانتقادات فورية لعدم إدانتها هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكنها في اليوم التالي، نشرت "لا داعي للقول -أو هكذا اعتقدت- أنني ضد الهجمات المروعة التي تشنها حماس. وكما قلت، يجب على العالم أن يتحدث ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار والعدالة والحرية للفلسطينيين وجميع المدنيين المتضررين". ردت وزارة ما يسمى التعليم الإسرائيلية على تصريحات ثونبرغ بإزالة الإشارات في المناهج التعليمية التي تقدم ثونبرغ كقدوة ومصدر إلهام للشباب.
ولاحقا نشرت ثونبرغ، بالإضافة إلى 3 باحثين وناشطين تابعين لمنظمة "أيام الجمعة من أجل المستقبل" مقال رأي في صحيفة "الغارديان" بعنوان "لن نتوقف عن التحدث علنا عن معاناة غزة.. لا عدالة مناخية بدون حقوق الإنسان".
إعلاناعتقلت الشرطة السويدية ثونبرغ في 2024 لمشاركتها في احتجاج مؤيد للفلسطينيين خارج ساحة مالمو التي كانت تستضيف مسابقة الأغنية الأوروبية، وأصدرت بعد ذلك بيانا يعارض مشاركة دولة الاحتلال في المسابقة، وفي نفس العام، ألقت الشرطة الدنماركية القبض عليها خلال احتجاج مؤيد للفلسطينيين في كوبنهاغن، وتم احتجازها مع آخرين، بعد أن سدوا مدخل مبنى في جامعة كوبنهاغن.
بعد أقل من أسبوع، تم إخراجها من مكتبة جامعة ستوكهولم من قبل الشرطة بعد مشاركتها في معسكر داخل المكتبة. ووصفت رد الشرطة بأنه "قمع". لم تتراجع غريتا عن مواقفها فأثناء إلقائها كلمة في تجمع مؤيد لفلسطين في مدينة مانهايم الألمانية، صرخت "اللعنة على ألمانيا واللعنة على إسرائيل".
وواصلت غريتا الدعم بزخم لم يتوقف فأعادت نشر صورة لضحايا غزة من الأطفال والنساء نشرتها صفحة الأمم المتحدة على منصة "إكس" تؤكد أن "خبراء الأمم المتحدة يشيرون إلى أدلة على وجود إبادة جماعية في غزة تستخدم أساليب الحرب في القرن 21".
كانت ثونبرغ تخطط للصعود على متن أسطول الحرية لغزة في ميناء بمالطا في مايو/أيار الماضي وألغيت الخطط بعد أن تعرضت إحدى السفن لهجوم بطائرة مسيّرة في المياه الدولية قبالة سواحل مالطا. وفي يونيو/حزيران الماضي، أطلق تحالف أسطول الحرية مهمة مساعدات جديدة إلى غزة على متن السفينة مادلين، بهدف تحدي الحصار البحري الإسرائيلي وتوصيل الإمدادات الإنسانية وستكون غريتا على متن السفينة.
وكما هو متوقع، قامت القوات الإسرائيلية بالصعود على متن السفينة "مادلين" والاستيلاء عليها في المياه الدولية قبل وصولها إلى غزة، وفي اليوم التالي تم ترحيل غريتا خارج الأراضي المحتلة.
لكن ذلك لم يوقف غريتا عن محاولات فك الحصار، فقد انضمت إلى أسطول الصمود العالمي، الذي يعتبر من أكبر الجهود المدنية لكسر الحصار عن غزة، ويضم الأسطول أكثر من 50 سفينة.
ومرة أخرى سيطر الجيش الإسرائيلي على سفن الأسطول واحتجز المشاركين في ظروف قاسية ومهينة ارتقت إلى التعذيب وفقا لشهادات متطابقة من المشاركين الذي تم ترحيلهم إلى تركيا.
ودعم ذلك تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، ذكرت فيه أن الناشطة السويدية تتعرض لمعاملة سيئة للغاية من السلطات الإسرائيلية التي تحتجزها، وذكر الصحيفة أنها اطلعت على رسالة إلكترونية من وزارة الخارجية السويدية إلى مقربين من غريتا بشأن ظروف احتجازها.
ونقل التقرير عن الرسالة أن مسؤولا من السفارة السويدية زار غريتا في مكان الاحتجاز، مضيفا أنها "تتلقى كميات غير كافية من الماء والطعام، وذكرت أنها أصيبت بطفح جلدي، معربة عن اعتقادها بأن السبب وراء ذلك يعود إلى حشرات الفراش". وأضافت الرسالة أن غريتا ذكرت أنها أبقيت جالسة مدة طويلة على أرض صلبة.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول أن "أحد المحتجزين الآخرين أبلغ مسؤولا آخر أنهم شاهدوا السلطات الإسرائيلية تجبر غريتا على التصوير وهي تحمل أعلاما (إسرائيلية)".
تثير غريتا ثونبرغ هستيريا اللوبي الصهيوني وحلفائه في جميع أنحاء العالم، فهي صوت محترم ويحظى بشعبية وثقة كبيرة وتعاطف عالميا خصوصا من جيل الشباب و"جيل زد" المستهدف حاليا من قبل دول تريد خنق صوته.
لم تضع غريتا أي إستراتيجيات بيئية محددة، إلا أنه ينسب إليها الفضل في رفع مستوى الوعي العام بشأن تغير المناخ في جميع أنحاء العالم، وها هي أيضا ترفع نسبة الوعي العالمي والشبابي بما يجري في قطاع غزة التي وصفتها عدة تقارير أممية ودولية بـ"الإبادة الجماعية".
إعلانوكثرا ما رددت الناشطة السويدية إنها "ليست جزءا من أي منظمة. أنا مستقلة تماما، وأفعل ما أقوم به مجانا وبشكل مطلق"، غريتا المحتجزة حاليا في ظروف غير إنسانية، أصبحت هي الحدث الأكثر انتشارا على المنصات وفي وسائل الإعلام بعد أن أكدت تقارير وشهادات متطابقة تعرضها للتنكيل والإساءة.
وبحسب شخصيتها يتوقع أن تعاود غاريتا المشاركة، بعد ترحيلها، بقوافل فك الحصار القادمة إلى أن تفتح جميع المعابر أمام قوافل المساعدات إلى غزة