صدر عن مركز الجزيرة للدراسات العدد الـ26 من مجلته الفصلية المحكّمة "لباب" (ربيع 2025). ويأتي العدد في ظل نذر حرب تجارية عالمية تلوح في الأفق، وتصاعد التوترات بين ضفتي الأطلسي مع مؤشرات على تباعد أميركي أوروبي، وإعادة تشكيل خرائط النفوذ في الشرق الأوسط عقب تراجع الحضور الإقليمي الإيراني بفعل الضربات المتكررة التي استهدفت طهران وحلفاءها، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

يستهل العدد دراساته بملف معمّق بعنوان "سوريا: فرص وتحديات"، في محاولة لفهم لحظة مفصلية من التحول الجيوسياسي الإقليمي، تتجاوز دلالاتها الإطار الوطني لتطال توازنات القوى الإقليمية والدولية بأسرها.

ويُفتتح الملف بدراسة بعنوان "سوريا الجديدة: سيناريوهات إعادة تشكل موازين القوى والتحولات الإستراتيجية المحتملة في الشرق الأوسط"، تعتمد مقاربة تحليل السيناريوهات لاستشراف المآلات المستقبلية لسوريا، وتطرح 3 فرضيات مركزية، الأولى: مسار الاستقرار النسبي، الثانية: انزلاق الدولة نحو الفشل، الثالثة: عودة الاستبداد بصيغة جديدة. وتتناول الدراسة التأثيرات المحتملة لكل سيناريو على معادلات التوازن الإقليمي، والتداخلات المعقدة بين الأدوار التي تؤديها قوى مثل تركيا، وإيران، ودول الخليج، وروسيا، والولايات المتحدة في المشهد السوري.

إعلان

ومن التحولات الجيوسياسية إلى الديناميكيات الداخلية، تتناول دراسة "التحديات الاقتصادية والتنموية في سوريا بعد انهيار حكم بشار الأسد" سبل التعافي الاقتصادي في بيئة ما بعد النزاعات والصراعات. وتقدم الدراسة تصورا لإعادة البناء، يقوم على إصلاح مؤسسي وهيكلي شامل، وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، واستثمار رأس المال البشري، إضافة إلى تفعيل أدوات التخطيط الإقليمي والعمراني، باعتبارها آليات ضرورية لتحقيق تنمية مستدامة. كما تستفيد الدراسة من خبرات مقارنة في دول شهدت نزاعات مشابهة، لتؤكد أن الاستقرار السياسي لن يتحقق دون معالجة الجذور الاقتصادية للأزمة.

بيد أن الاقتصاد لا ينهض في فراغ، ولا يُبنى في ظل مجتمعات مفككة أو غارقة في مشاعر الغبن وغياب العدالة. ومن هنا، تتناول دراسة "تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا: الدواعي والتحديات" أحد أكثر الملفات حساسية في المرحلة الراهنة، مركزة على ضرورة بناء منظومة قانونية ومؤسساتية قادرة على إنصاف الضحايا، ومحاسبة الجناة، وتحقيق المصالحة المجتمعية. كما تسلط الضوء على مضامين الإعلان الدستوري الصادر في مارس/آذار 2025، وتستحضر التجارب المقارَنة من دول أخرى، للتأكيد على أن العدالة الانتقالية ليست مجرد مطلب أخلاقي، بل ضرورة سياسية لضمان استدامة السلام وبناء عقد اجتماعي جديد.

مجلة "لباب" سلطت الضوء على الحضور الصيني المتزايد في أفريقيا، وفي الصورة الرئيس الصيني شي جين بينغ يحظى بالتصفيق أثناء توجهه إلى المنصة لإلقاء كلمة في حفل افتتاح منتدى التعاون الصيني الأفريقي (الفرنسية) الحضور الصيني

دوليا، يتناول العدد تصاعد الحضور الصيني في القارة الأفريقية من منظور إستراتيجي، حيث تقدم دراسة "التعاون الصيني الأفريقي في إطار المنظور الصيني للعالم" قراءة معمقة للأسس التي تقوم عليها رؤية بكين لأفريقيا، بوصفها ساحة محورية في مشروعها العالمي. تُحلِّل الدراسة الأدوات التي تستخدمها الصين، من الدبلوماسية الاقتصادية إلى القوة الناعمة الثقافية، وتستعرض كيف توظف بكين هذه المقاربات لتكريس نموذجها الخاص في التنمية، وبناء تحالفات جنوب- جنوب تتجاوز منطق الهيمنة التقليدية، وتسعى لإعادة صياغة مفاهيم النفوذ الدولي ضمن سرديات سلمية وتنموية بديلة.

إعلان

ومن مشرق العالم العربي إلى مغربه، تأتي دراسة "تقاسم السلطة التنفيذية عربيا من خلال نظرية الوكالة: التجربة المغربية أنموذجا"، لتناقش العلاقة المركبة بين المؤسسة الملكية ورئاسة الحكومة، وتُسقط عليها نظرية "الأصيل والوكيل"، مبرزة كيف أن ميزان القوة يظل راجحا لصالح الملكية، رغم التعديلات الدستورية التي مَنحت الحكومة صلاحيات موسعة. وتكتسب هذه الدراسة أهمية تتجاوز الحالة المغربية، إذ تُقدَّم نموذجا قابلا للتحليل عربيا وإقليميا، لفهم آليات إنتاج السلطة، وتوازن الشرعيات، والتفاعل بين الرمزية السيادية والديناميات الدستورية.

وفي زاوية "قراءة في كتاب"، يأتي تسليط الضوء على مُؤلف "عبيد الخوارزميات: دليل للمقاومة في عصر الذكاء الاصطناعي"، لما له من أهمية تتمثل في تفكيك آليات الهيمنة الرقمية، وكشف تغول أوليغارشيات التكنولوجيا الكبرى في إعادة صياغة القرار البشري، وتوجيه الرأي العام، وانتهاك الخصوصية، تحت غطاء تقنيات ذكية تُدار بخوارزميات لا تخضع للمساءلة. يُقدم الكتاب دليلا عمليا للمقاومة الرقمية، ويقترح أدوات تشريعية وأخلاقية وتكنولوجية للتخفيف من سطوة الخوارزميات على خيارات الأفراد والمجتمعات.

ويُختتم العدد بتقرير خاص من زاوية "متابعات"، يرصد أبرز ما جاء في "منتدى الجزيرة الـ16" المنعقد في الدوحة، في فبراير/شباط 2025، تحت عنوان "من الحرب على غزة إلى التغيير في سوريا: الشرق الأوسط أمام توازنات جديدة". ويغطي التقرير مداولات المنتدى حول مستقبل المقاومة، والعدالة الانتقالية في سوريا، وموازين القوى في الشرق الأوسط، وتحولات السياسات الأميركية في المنطقة، ويستعرض التحديات المتشابكة التي تواجه الفضاء العربي في ظل واقع جيوسياسي بالغ التعقيد. ويُبرز التقرير أهمية المنتدى بوصفه مساحة حوار إستراتيجية تسعى إلى استقراء التحولات الجارية بعمق تحليلي يتجاوز سطح الحدث إلى بنيته ومآلاته.

ويعكس هذا العدد من "لباب" تكاملا دقيقا بين الرؤى التحليلية والقراءات التطبيقية، يجمع بين التفسير النظري والاستقراء الميداني، ويُسهم في فهم تحولات موازين النفوذ في عالم مضطرب. وفي التزامها بتقديم تحليل إستراتيجي معمق، تواصل المجلة أداء رسالتها بوصفها منبرا نقديا رصينا، يربط الفكر بالواقع، ويعمل على تفكيك التحولات الكبرى، وفهم أبعادها البنيوية والدينامية، واستشراف تداعياتها المستقبلية.

إعلان

للاطلاع على العدد كاملا، يرجى الضغط هنا

للاطلاع على الأعداد السابقة، يرجى الضغط هنا

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات الشرق الأوسط فی سوریا

إقرأ أيضاً:

دراسة: العيش بجانب الملاعب يزيد خطر الإصابة بمرض شائع

توصلت دراسة حديثة، إلى وجود علاقة بين التعرض للمبيدات في المناطق المجاورة للملاعب الرياضية وزيادة خطر الإصابة بمرض باركنسون.

وأظهرت الدراسة التي أجراها باحثون في علم الأعصاب، أن العيش بالقرب من الملاعب قد يزيد من خطر الإصابة بمرض باركنسون الذي لا علاج له بنسبة تصل إلى 126بالمئة.

ووفقا للخبراء الأميركيين، فإن الأشخاص الذين يعيشون على بعد 1.6 كلم، من ملعب  هم أكثر عرضة للتشخيص بالمرض مقارنة بمن يعيشون على بعد 9.7 كلم على الأقل.

المبيدات الحشرية وراء زيادة المخاطر

وأشارت الدراسة إلى أن زيادة معدلات الإصابة بالمرض قد تكون مرتبطة بالتعرض للمبيدات الحشرية المستخدمة للحفاظ على الملاعب.

ووفقا للباحثين، فإن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المجاورة لتلك الملاعب قد يتعرضون لهذه المبيدات عبر المياه الملوثة أو حتى عن طريق الهواء.

وأظهرت تحليلات إضافية أن الأشخاص الذين تأتي مياه منازلهم من مناطق تحتوي على ملاعب رياضية كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون بنسبة الضعف مقارنة بمن لا يعيشون في هذه المناطق.

كما كشف تحليل آخر استند إلى بيانات من 6000 شخص، أن الأشخاص الذين يعيشون على بعد ميل إلى 3 أميال من الملاعب كانوا أكثر عرضة للخطر.

تحذيرات العلماء 

وقد حذر العلماء المستقلين الذين لم يشاركوا في الدراسة من تفسير النتائج.

واعتبروا أن الدراسة لم تأخذ في الحسبان أن مرض باركنسون قد يبدأ في الدماغ قبل 10-15 عاما من التشخيص، مما يعني أن الإصابة قد تكون بدأت قبل الانتقال إلى مناطق تحتوي على ملاعب. كما أشاروا إلى أن الدراسة لم تختبر بشكل مباشر المياه الملوثة للمبيدات.

من جهته، قال مدير الأبحاث في جمعية "باركنسون المملكة المتحدة"، البروفيسور ديفيد ديكستر، إن أحد القيود الكبرى في الدراسة هو أنها لم تقتصر على الأشخاص الذين عاشوا لفترات طويلة في المناطق المجاورة للملاعب.

وقالت الباحثة الرئيسية في الجمعية، الدكتورة كاثرين فليتشر، إن الدراسة تدعم العلاقة بين المبيدات ومرض باركنسون، لكنها لا تأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى مثل تعرض الأشخاص للمبيدات في أماكن عملهم أو وجود ارتباطات جينية بالمرض.

مقالات مشابهة

  • «استخدموا تقنية بركانية».. باحثون يكشفون كيف بنى المصريون القدماء الأهرامات
  • الأربعاء المقبل.. الأوبرا تحتفي بكوكب الشرق في حفل كامل العدد على المسرح الكبير
  • كوشنر يعود للواجهة قبيل جولة ترامب في الشرق الأوسط
  • دراسة: دوالي الساقين قد تزيد خطر الإصابة بالخرف
  • دراسة: لا وصفة موحدة للسعادة.. وما يُسعدك قد لا يعني شيئًا لغيرك
  • دراسة تحذّر.. عادة يومية لدى الآباء تدمّر أدمغة أطفالهم
  • دراسة: تصنيع السيارات بالمغرب الأقل كلفة في العالم
  • دراسة: العيش بجانب الملاعب يزيد خطر الإصابة بمرض شائع
  • دراسة تحذّر: الفقر والنزاعات الأسرية تؤثر على نمو «دماغ» الأطفال
  • "كيا" تُطلق رسميًا طراز K4 في الشرق الأوسط