اتفق محللون وخبراء سياسيون على أن استهداف جماعة الحوثي لمطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي يمثل تطورا نوعيا في المواجهة الجارية، ويكشف عن اختراق فعلي لمنظومة الردع الإسرائيلية، ما ستكون له تداعيات أمنية وسياسية كبيرة في الداخل الإسرائيلي وعلى مستوى الإقليم.

وشدد المشاركون في حلقة مسار الأحداث (2025/5/4) على أن الحدث تجاوز كونه مجرد ضربة عسكرية إلى كونه رسالة إستراتيجية ذات أبعاد أعمق، في وقت باتت فيه إسرائيل تواجه معارك متعددة الجبهات ضمن حرب استنزاف بدأت تفقد السيطرة عليها.

ووفق الباحث في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، فإن الضربة الحوثية تمثل تحولا إستراتيجيا خطيرا بالنسبة لإسرائيل، إذ تؤكد أن العمق الإسرائيلي لم يعد محصنا، وأن الجماعات الحليفة للمقاومة باتت قادرة على الوصول إلى قلب إسرائيل.

محاولة للاحتواء

واعتبر أن صمت تل أبيب على الضربة لا يعكس تجاهلا أو عدم إدراك، بل محاولة لاحتواء آثارها، في ظل خشية من إثارة الذعر، خاصة مع الإقرار غير الرسمي الذي رشَح من بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية حول الحدث.

وكان الحوثيون قد أعلنوا استهداف مطار بن غوريون قرب تل أبيب بصاروخ باليستي بعيد المدى، في عملية تعد الأولى من نوعها من حيث المدى والدقة، في وقت أكدت فيه مصادر عبرية أن الانفجار وقع بالفعل قرب المطار بعد أن تجاوز الصاروخ اليمني 4 طبقات للدفاع الجوي المحمية بها أجواء المطار.

إعلان

وأوضح مكي أن إسرائيل تواجه اليوم جبهات مفتوحة من الشمال والجنوب، وقد فشلت حتى اللحظة في تحييد أي منها، مضيفا أن دخول الحوثيين على خط المعركة بهذا الشكل يجعل تل أبيب تدرك أن المعركة قد تطول وتتّسع.

وأضاف أن عدم الرد على الحوثيين لا يعكس فقط صعوبة العمل العسكري تجاههم، بل يدل على معادلة ردع جديدة تفرضها جماعة أنصار الله، التي باتت تعتبر نفسها جزءا من محور المقاومة الفاعل ميدانيا.

ومن وجهة نظر مكي، فإن التحدي الأخطر الذي تواجهه إسرائيل اليوم ليس فقط في فشل الردع العسكري، بل في انهيار الثقة الداخلية بمنظومتها الأمنية، وسط انتقادات حادة توجَّه للحكومة وقيادة الجيش بسبب تعدد الخروقات الأمنية.

مأزق وارتباك

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي إيهاب جبارين أن الصاروخ الحوثي وضع إسرائيل في مأزق أمني وإعلامي، خاصة أنه استهدف منطقة حساسة من حيث البنية التحتية الجوية والرمزية السياديّة للدولة.

وقال جبارين إن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعاملت مع الحادث بحذر، وامتنعت بدايةً عن نشر تفاصيل دقيقة، وهو ما يشير إلى ارتباك واضح في كيفية التعامل مع التهديد الجديد الذي جاء من عمقٍ غير متوقع.

وأضاف أن التقديرات الأمنية الإسرائيلية ترى أن الرد على الحوثيين سيجلب مزيدا من التعقيد، إذ إن توجيه ضربة إلى اليمن قد يؤدي إلى فتح جبهة أخرى، أو استجلاب ردود من أطراف إقليمية حليفة للجماعة.

ويعتقد جبارين أن تل أبيب تدرك أن الضربة الحوثية لن تكون الأخيرة، وأن الجماعة باتت تمتلك بنك أهداف موسعًا داخل إسرائيل، خاصة المنشآت الحيوية والمطارات، وهو ما يعني دخول دولة الاحتلال في مرحلة دفاع إستراتيجي.

وتابع أن خطاب الحوثيين بعد العملية جاء هادئا وثابتا، ما يعكس ثقة ميدانية متزايدة، ورسالة ضمنية لإسرائيل بأن المعركة مفتوحة ولن تكون محدودة في الزمان أو الجغرافيا، وهو ما يربك حسابات صنّاع القرار الإسرائيليين.

إعلان

وبحسب جبارين، فإن هذه الضربة وضعت الولايات المتحدة أيضا في وضع محرج، إذ إن الدعم الذي تقدمه لإسرائيل لم يمنع هذا النوع من الهجمات بعيدة المدى، ما يضعف هيبة الحماية الأميركية لحلفائها في المنطقة.

ثغرة خطيرة

من جانبه، يؤكد الخبير العسكري والعميد اللبناني المتقاعد إلياس حنا أن العملية الحوثية أثبتت قدرة الجماعة على تنفيذ ضربات نوعية دون أن يتم اعتراضها من قبل الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وهو ما يمثل ثغرة خطيرة.

وأوضح حنا أن الصاروخ اجتاز منظومة "القبة الحديدية" ومراحل الرصد والتعقب بنجاح، وهذا ما يطرح تساؤلات حول جاهزية الدفاعات الإسرائيلية للتعامل مع تهديدات بعيدة المدى وغير تقليدية.

واعتبر أن الضربة تشير إلى تطور في التقنية الحوثية من حيث القدرة على التحكم بالمقذوف وتوجيهه بدقة إلى هدف عالي الأهمية على بعد أكثر من ألفي كيلومتر، وهو ما كان يستبعَد سابقا من قدرات الجماعة.

ويشير حنا إلى أن إسرائيل لم تكن تتوقع أن تصل التهديدات من اليمن إلى هذه الدرجة من الخطورة، ولذلك فإن تقديراتها الأمنية بحاجة لإعادة مراجعة شاملة، خاصة أن خريطة التهديدات لم تعد تقليدية.

وأضاف أن صمت إسرائيل عن الحادث يهدف إلى تجنب الاعتراف بالفشل، خاصة أمام الرأي العام الداخلي الذي بدأ يفقد ثقته بالمؤسسة العسكرية، في وقت تتزايد فيه الاحتجاجات على سياسات الحكومة في الحرب.

ويخلص حنا إلى أن الضربة الحوثية ليست سوى بداية لتحول إستراتيجي في طبيعة المواجهة، مشيرا إلى أن إسرائيل تجد نفسها اليوم في حالة دفاع حقيقي، بينما تتلقى الضربات من عدة جِهات دون قدرة على الحسم أو الردع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات تل أبیب وهو ما

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يواصل اقتحام قرى الضفة الغربية.. ومداهمات واعتقالات في نابلس وتشديدات بالأغوار

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، عمليات الاقتحام والمداهمات في عدد من قرى ومدن الضفة الغربية المحتلة، ما تسبب في حالة من التوتر والقلق بين المواطنين الفلسطينيين، خاصة مع استمرار الاعتداءات والانتهاكات اليومية بحقهم.

اقتحام قرى ومدن في رام الله والبيرة

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن قوات الاحتلال اقتحمت، صباح اليوم، عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة، وهي: بلعين، نعلين، صفا، كفر نعمة، المغير، بالإضافة إلى مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين.

الصحة العالمية: هجمات الاحتلال الإسرائيلي تُهدد بانهيار النظام الصحي في غزة وتحذر من كارثة إنسانية وشيكة الأونروا: حصار الاحتلال مستمر وما يدخل من مساعدات إلى غزة لا يكفي

ولم ترد حتى اللحظة تقارير عن وقوع اعتقالات أو مواجهات خلال هذه الاقتحامات، إلا أن تواجد القوات الإسرائيلية في هذه المناطق أثار حالة من الترقب بين الأهالي.

 

مداهمات في نابلس وحواجز عسكرية تعيق حركة المواطنين

وفي سياق متصل، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم، حملة مداهمات واسعة في قرية اللبن الشرقية جنوب مدينة نابلس، حيث اقتحم جنود الاحتلال القرية بواسطة حافلة وعدة آليات عسكرية، وداهموا منازل المواطنين وقاموا بتفتيشها بدقة.

كما نصبت قوات الاحتلال حاجزين عسكريين على المدخل الشرقي الرئيسي والمدخل الشمالي للقرية، وأوقفت المركبات لفحص بطاقات الهوية الخاصة بالمواطنين، ما أدى إلى تعطيل حركة المرور وتأخير وصول الأهالي إلى أعمالهم.

تشديدات إسرائيلية على حاجز الحمرا بالأغوار الشمالية

من جهة أخرى، شددت قوات الاحتلال إجراءاتها العسكرية على حاجز الحمرا بالأغوار الشمالية، ما تسبب في أزمة مرورية خانقة، خاصة للمتجهين إلى مناطق الأغوار.

وأفادت وكالة "وفا" بأن الحاجز، الذي يقع عند مفترق طرق يربط مدن الضفة الغربية بالأغوار الوسطى والجنوبية والشمالية، يشهد تشديدات عسكرية وإغلاقات متكررة أمام حركة المواطنين، ما أدى إلى تعطيل مصالحهم اليومية.

معاناة يومية للمواطنين بسبب الحواجز والإغلاقات

وأوضحت الوكالة أن إغلاق الطرق والحواجز العسكرية يعرقل بشكل كبير حركة المواطنين، خاصة المزارعين الذين يعتمدون على هذه الطرق للوصول إلى أراضيهم، بالإضافة إلى تأثر حركة نقل المنتجات الزراعية وتوزيعها في الأسواق، ما يزيد من معاناة المواطنين في مناطق الأغوار والضفة الغربية.

مقالات مشابهة

  • قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي تقتحم مدينة رام الله وتداهم بعض محلات الصرافه فيها
  • غزة تشعل المنطقة.. «الحوثيون» يطلقون صاروخاً على إسرائيل
  • محللون: الموقف العربي شجع إسرائيل على ارتكاب كل هذه الجرائم
  • حماس تشيد بالهجمات الحوثية على إسرائيل وتدعو لوقف جرائم الإبادة
  • خطيب المسجد الأقصى: زيادة كبيرة في الاقتحامات والانتهاكات الإسرائيلية هذا العام
  • إذاعة جيش إسرائيل: آلية توزيع مساعدات بغزة تبدأ الاثنين مع “ثغرات كبيرة”
  • شاهد بالصور.. المواصفات والمقاييس تضبط كميات كبيرة من الزيوت الفاسدة بالنيل الأبيض
  • الآلية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة تبدأ الاثنين مع ثغرات كبيرة
  • إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون وتعليق الملاحة في مطار بن غوريون
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل اقتحام قرى الضفة الغربية.. ومداهمات واعتقالات في نابلس وتشديدات بالأغوار