أزمة السكن في تعز… هل يمكن أن يتحمل المواطنون العبء بمفردهم؟
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
يمن مونيتور/من نسيم الشرعبي
تُعاني مدينة تعز اليمنية، جراء الحرب والحصار، من أزمة سكن حادة أثرت بشكل كبير على حياة المواطنين. فقد شهد سوق العقارات ارتفاعًا جنونيًا في أسعار الإيجارات، مُضيفًا عبئًا إضافيًا على كاهل السكان الذين يعانون أصلاً من تردي الأوضاع الاقتصادية.
وفي هذا التقرير يناقش “يمن مونيتور” جذور الأزمة وتداعياتها من خلال شهادات مباشرة وحلول مقترحة.
وأوضح خبراء اقتصاديون أن الأزمة المُتفاقمة في تعز، تسببت في اضطرابات شديدة بأسعار العقارات والإيجارات. ويرجع ذلك إلى عوامل مُتعددة، منها الحرب والحصار المُستمر منذ عام 2015، ما أدى إلى “صدمة عرض” في السوق.
سوق عقارات مأزوم
وأشار الخبير الاقتصادي وفيق صالح، في تصريح ل يمن مونيتور”، إلى أن الحرب والحصار قلّصا حجم المعروض السكني، نتيجة الدمار و نزوح السكان من المناطق القريبة من الجبهات إلى وسط المدينة. وقد زاد هذا الضغط السكاني من حدة ارتفاع الأسعار، رغم تراجع القدرة الشرائية.
وبالمثل، أكد الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن الأزمة تؤثر على السوق بطريقة مزدوجة، مُخلقة اختلالًا في العلاقة بين العرض والطلب. وقد دفع غياب البدائل الاستثمارية، وتراجع الثقة بالعملة المحلية، الكثيرين للاستثمار في العقارات كملاذ آمن، ما زاد الإقبال على الشراء.
ولفت الفودعي في تصريح ل “يمن مونيتور” إلى أن التضخم وارتفاع تكاليف البناء رفعت أسعار العقارات، وانعكس ذلك على الإيجارات.
كما ساهم تدهور النشاط التجاري في توجه الأفراد نحو “التوظيف العقاري”، مُضيفًا ضغطًا إضافيًا على السوق.
وقد لعب النزوح الداخلي دورًا في تضخم سوق الإيجارات، بسبب ارتفاع الطلب في مناطق آمنة داخل المدينة.
ويُجمع الخبيران على أن وضع السوق العقاري في تعز استثنائي، مُتسببًا بمعاناة كبيرة لسكان المدينة. فقد بات الحصول على سكن ملائم تحديًا يوميًا للكثير من الأسر.
شهادات صادمة
أما عن معاناة المستأجرين، فيروي محمد سعيد (32 عامًا)، موظف في القطاع الخاص، معاناته قائلاً: “ارتفعت أسعار الإيجار بشكل كبير. كنت أدفع 40-50 ألف ريال يمني قبل عامين، أما الآن فأدفع ضعف المبلغ تقريبًا لنفس الشقة، وإذا فكرت في الانتقال، يطلب مالكو العقارات الإيجار بالريال السعودي، بحد أدنى 400-500 ريال سعودي”.
ويضيف محمد: “أكبر تحدي هو عدم انتظام دخلي، وصاحب الشقة لا يتفهم الظروف دائمًا، وأشعر بالإهانة أو التهديد بالإخلاء عند تأخر الدفع. لا توجد حماية قانونية كافية للمستأجرين”.
أما مروان الشرعبي (29 عامًا)، عامل بالأجر اليومي، فيصف حالته: “الإيجارات عبء خانق. انتقلت مع عائلتي من شقة إلى غرفة واحدة، حياتنا قائمة على التنازلات، والخصوصية معدومة، وأطفالي لا يشعرون بالاستقرار. أضطر أحيانًا للاستدانة أو العمل لساعات إضافية لدفع الإيجار، وهذا يؤثر على صحتي ووقتي مع أولادي”.
وتُظهر هذه الشهادات حجم المعاناة التي يعيشها المستأجرون في تعز، جراء غياب الحماية القانونية.
أصحاب العقارات…نحن ضحايا أيضا
وفي المقابل، يوضح عبدالله الصوفي (50 عامًا)، مالك عقار، أن رفع الإيجار أصبح ضروريًا لتغطية تكاليف الصيانة المرتفعة، وتدهور العملة. ويضيف: “أقدّر ظروف المستأجرين، لكن هناك واقع اقتصادي لا يمكن تجاهله. كثير من المستأجرين يطلبون تأجيل الدفع أو تخفيض القيمة، وهذا يضعنا في موقف صعب”.
وتُشارك أم فهد (45 عامًا)، مالكة شقق للإيجار، الرأي، مُشيرة إلى أن عائد الإيجار لا يكفي لتغطية النفقات. وتُضيف: “نحاول أن نكون مرنين، لكن لا يمكننا الاستمرار بالخسارة. نحتاج إلى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل عادل”.
وتُبرز هذه التصريحات التحديات التي يواجهها مالكو العقارات أيضًا جراء الأزمة.
حلول مقترحة
وللتخفيف من حدة الأزمة، يقترح البعض سن تشريعات لتنظيم العلاقة بين المستأجر والمالك، وتحديد سقف لرفع الإيجارات، وتقديم حوافز ضريبية لأصحاب العقارات المُتعاونين، وإنشاء صندوق دعم الإيجار للأسر المُتضررة، وتشجيع مشاريع الإسكان الاجتماعي، وضبط السوق والحد من المضاربة.
ويقول عمار السامعي (30 عامًا): “نريد من الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها، وأن يكون هناك قانون يحمي المستأجر، وفي نفس الوقت لا يظلم صاحب العقار”.
وتُؤكد سناء القباطي (25 عامًا): “على الحكومة أن تتدخل وتضع حلولًا عملية ترضي الطرفين. من حق كل مواطن أن يسكن في مكان آمن وبسعر معقول”.
ختامًا، تُمثل أزمة السكن في تعز تحديًا مركبًا يتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلاً، يُوازن بين حقوق المستأجرين ومصالح مالكي العقارات، ويُحقق حلولًا عادلة ومستدامة. كما أن التعاون بين القطاع الخاص والمجتمع المدني يُعدّ ضروريًا لتجاوز هذه الأزمة.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: أزمة الحرب أزمة الحصار أزمة السكن اليمن تعز یمن مونیتور فی تعز
إقرأ أيضاً:
خبير قانوني: حكم الدستورية لا يفسخ عقود الإيجارات القديمة.. فيديو
قال الدكتور وليد وهبة، أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض، إن حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن الإيجارات "كاشف" بطبيعته، أي لا ينشئ مركزًا قانونيًا جديدًا ولا يلغى مركزًا قانونيًا سابقًا، مؤكدًا أن هذا النوع من الأحكام لا يؤدي إلى فسخ العقود المبرمة بين الملاك والمستأجرين.
جاء ذلك خلال لقائه مع الإعلامي مصطفى بكري في برنامج "حقائق وأسرار" المذاع عبر قناة صدى البلد، حيث أوضح وليد وهبة أن هناك فرقًا واضحًا بين زيادة القيمة الإيجارية وتقدير القيمة الإيجارية، مشددًا على أن حكم المحكمة لم يتطرق إلى إلغاء العقود أو فسخها، بل فقط إلى مدى دستورية بعض النصوص القانونية المنظمة للعلاقة الإيجارية.
وأشار وهبة إلى أن الحكومة تقدمت بمشروع قانون لمجلس النواب لمناقشة تعديل قواعد الإيجارات القديمة، لكنه – بحسب رأيه – يتعارض مع حكم المحكمة الصادر في عام 2002، لا سيما فيما يتعلق بالمادة الخامسة.
وأوضح وهبة أن المحكمة الدستورية العليا تصدت لمسألة "تقدير القيمة الإيجارية"، وليس مجرد زيادتها، حيث يعود أصل القضية إلى اعتراض أحد المستأجرين في الثمانينات على قرار لجنة التقدير وطعنه عليه دستوريًا.
وبيّن أن نطاق سريان الحكم الأخير يقتصر على العقود الخاضعة لأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 فقط، ولا يسري على العقود التي أُبرمت قبل هذا التاريخ.
وأكد أن جميع القوانين المنظمة للعلاقات الإيجارية قبل 1981 – مثل قوانين 52 لسنة 1969 و49 لسنة 1977 – ما زالت تحكم العقود المبرمة في ظلها، وبالتالي فإن القواعد التي كانت سارية وقت التعاقد تظل سارية، ولا تأثير للحكم الدستوري عليها بأثر رجعي.
وشدد وهبة على أن الحكم لم ينص على فسخ العقود، كما أن المحكمة الدستورية العليا نفسها حددت نطاق سريانه الزمني، مبينًا أن المقصود هو تنظيم العلاقة الإيجارية المستقبلية وليس تعديل أو إنهاء العقود القديمة.
https://www.youtube.com/watch?v=suHIampa1BQ