المشاهد التي كنت انقلها من الحرب الأوكرانية بعيد عن السخرية و المزاح مثل استهداف مبنى الكرملين في موسكو المبنى الذي فيه مكتب الرئيس الروسي بمسيرات و استهداف بعض القواعد الجوية الإستراتيجية و المرافق الحيوية الروسية ذات الحساسية الشديدة المتواجدة في العمق الروسي هذه المشاهد كان شاهد على قصور انظمة الدفاع الجوي التقليدية على التعامل مع المسيرات بمختلف أشكالها و نحن نتحدث عن الدفاع الجوي الروسي وريث العهد السوفيتي أكثر دفاع جوي على وجه الأرض مزود بعشرات الأنواع المختلفة من منظومات الدفاع الجوي بمختلف فئاتها و مجموعة هائلة من الرادارات الحرب الأوكرانية الروسية تمثل مفصل تاريخي لا رجعة عنه في تاريخ الحروب و قواعدها فنظرياً اليوم البيت الأبيض و مبنى الكونغرس يمكن استهدافه بمسيرة لا اعتقد ان القوات المسلحة الأمريكية لديها ضمان بإستحالة هذا السناريو!

على عكس أغلب توقعات الناس لا يوجد حالياً حل عسكري ناجع لموضوع المسيرات سواء استجلبت S-300 أو S-400 أو البانتسير و السبب يعود لنقطتين الأولى صعوبة رصد هذه المسيرات فبدء من المسيرات المدنية الصغيرة التي بسبب صغر حجمها بصمتها الرادارية لا تصدق هي مثل حشرة (نمتي) واحدة تحلق في السماء فضلاً عن تحليقها على ارتفاعات جد منخفضة مما يعقد أيضاً امكانية الرادار على رصدها وصولاً على لمسيرات الجناح الكبيرة التي أيضاً ذات حجم قياسي يجعل من الصعوبة رصد مقطعها الراداري فضلاً عن كونها مصنوعة من مواد خفيفة جداً عكس المقاتلات الحربية التقليدية و النقطة الثانية صعوبة استهداف هذه المسيرات بمختلف فئاتها بأنظمة الدفاع الجوي التقليدية فالمقاتلات الحربية او الصواريخ سواء كروز او الصواريخ البالستية يمكن رصدها و إستهدافها بشكل اساسي بتعقب بصمتها الرادارية او البصمة الحرارية الصادرة عن المقاتلة او الصاروخ و هنا تكمن المشكلة انه حتى لو رصدت جسم غريب و صنفته على انه مسيرة معادية استهدافه أمر جد صعب بصاروخ دفاع جوي و نشرت كثيراً مقاطع من الحرب الأوكرانية انظمة الدفاع الجوي الصاروخية ترصد فوقها مباشرة مسيرة مدنية صغيرة ترصد المنظومة لإستهدافها من مسيرات أخرى و يتم اطلاق عدد من الصواريخ و غالباً لا تنجح في إصابة المسيرة ! و حتى مع اداخل انظمة مدفعية الدفاع الجوي المسيرات المدنية و المتوسطة لها درجة مرونة عالية في الحركة مما يصعب إصابتها و مسيرات الجناح الكبيرة تحلق على إرتفاعات عالية مما يحد من فعالية هذه الأنظمة معها.


أيضاً معضلة أخرى فوق النقاط السابقة إستحالة تأمين العمق الداخلي سواء في حالة روسيا او في حالة السودان بسبب اتساع المساحة المهول فيمكن لعناصر معادية تهريب مسيرات و التسلل لعمق المدن و مناطق البنية التحتية و العسكرية الحساسة و إطلاق الهجوم من على بضعة كيلومترات فقط فوق صعوبة رصد هذه المسيرات تأتي معضلة إطلاقها من مسافة قريبة مما يقلل زمن رصدها و التجهيز للتعامل معها.

إذا ما الحل ؟ من الحرب الروسية الأوكرانية نكتشف ان الجيشين يحاولان التأقلم و إيجاد حلول بعضه قد يبدو في قمة البؤس لكن للغرابة في بعض الحالات تكون لها فعالية جيدة الحلول تبدأ من إعادة تركيز أنظمة الدفاع الجوي التقليدية بكل انواعها و الأنظمة الرادارية حول المدن و نقاط البنية التحتية و العسكرية البالغة في الأهمية ثم الأقل أهمية و الإسراع بإدخال انظمة دفاع جوي و رادارات (قصيرة و متوسطة) أكثر حداثة مجهزة أكثر للتعامل مع معضلة المسيرات و نشر مزيد و مزيد من انظمة المدفعية الجوية حول المدن في شكل حلقات او طبقات حول المدن المهمة و حول انظمة الدفاع الجوي و الرادارات المهمة نفسها لحمايتها و إدخال ابتكارات قد تبدو بدائية بعض الشئ مثل تركيب عدد من رشاشات الكلاشنكوف في شكل مصفوفة يتم اطلاقها دفعة واحدة للمساعدة في توفير الجدار الناري و أيضاً استخدام المسيرات نفسها كوسيلة دفاع جوي لضرب المسيرات المعادية في الجو وصولاً لإستخدام المروحيات في إعتراض المسيرات عبر رشاش المروحية.

بعض هذه الحلول قد لا تنجح في بعض الحالات بعضها ربما يفشل بسبب عدم عمل منظومة دفاع جوي او رادار في لحظة الهجوم و بعضها قد يفشل بسبب عدم انتقال وحدة الدفاع الجوي بالسرعة الكافية لوضعية الإستعداد القتالي و في بعض الحالات قد ينقصهم قليل من الحظ! لكن مجموع هذه الحلول و تطويرها و التوسع في نشر المزيد منها حول المدن و مراكز البنية التحتية و العسكرية الحساسة يساهم في التقليل من خطر هذه المسيرات و عليك ان لا تنسى انها معركة نفس طويل!

مزيد من الحلول سيكون لها عظيم الأثر في إرباك حسابات العدو المسلح بصور أقمار اصطناعية الأول شراء الكثير من الأشكال المختلفة من Military dummy و هي اكياس هوائية يتم نفخها بالهواء لتكون في النهاية صورة قريبة جدأ من سلاح حقيقي سواء دبابة او مقاتلة او نظام دفاع جوي و يصعب تميزها عن الأسلحة الحقيقية في عمليات الرصد الأولي عبر الأقمار الصناعية و المسلح الجوي وصولاً لعملية تحليل المعلومات قبل التخطيط للهجوم قد يبدو الأمر مضحك لكنه له أثر عظيم أثناء الحروب و لك ان تعرف فقط ان هذا التكتيك مستخدم لليوم و بكثافة في الحرب الأوكرانية الروسية و الإجراء الثاني هو الإستمرار في عملية إعادة التموضع فكل وحدة دفاع جوي على الأرض يتم تكليفها بإعادة التمركز خلال 24 ساعة مثلاً و في توقيت عشوائي و غير متكرر لمسافة 100-300 متر و أنظمة الدفاع الجوي الأكثر تقدماً مثل الأوسا و الرادارات المهمة لو امكن تعيد تموضعها لمسافة اكبر و بصورة عشوائية فقط بما يجعلها تحافظ على نطاق تغطيتها الجوية. إجرائين قد يبدوان في غاية البساطة و لكن يجعل من الصعوبة الإعتماد على اي صور اقمار صناعية او تصوير جوي أولي فكل شئ يتغير مكانه بإستمرار فكأنك تحدد نقاط تخندق العدو و عليه سأهجم من هذا الإتجاه و تهجم و تجد العدو في نقطة جديدة تماماً انت لم تتوقعها.

تأمين العمق الداخلي و تكليف هذه المهم لأهلها نسور الجهاز بالشكل الإحترافي المطلوب فنقاط التفتيش بدل ان يقف عليها مراهق مستنفر يسأل الركاب عن اسمائهم و مسار تحركهم يجب توفير كلاب مدربة على الكشف عن روائح المتفجرات او اي أجهزة تفتيش لتقليل فرص تهريب مسيرات للعمق و كما يشير عمنا طارق محمد خالد يجب زيادة الوعي الشعبي حول آليات إطلاق المسيرات و الإنتباه لأي تواجد لها قرب المدن.

أخيراً الإرادة الحديدية .. و هنا أعني الشعب السوداني كل هذه الهجمات لا يوجد لها اي قيمة من الناحية العسكرية سوى كسر عزيمة و إرادة الشعب السوداني و القوات المسلحة بسحق هؤلاء المرتزقة الأوباش الذين لا دين لهم و لا أخلاق لهم و لا شرف لهم و لا وطن ينتمون له القيادة العامة كانت تحت الحصار المطبق حتى تطاول بعض السياسيين المرتزقة على القوات المسلحة و لم يكسر هذا الإرادة الحديدية بضرورة سحق و مسح هذا النبت الشيطاني و الورم السرطاني من جسدنا فالصبر الصبر و لا يروعكم أخر فرفرة من جسد المليشيا المذبوح.

Salih Abdalrahman

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحرب الأوکرانیة الدفاع الجوی هذه المسیرات حول المدن دفاع جوی فی حالة

إقرأ أيضاً:

صحيفة عبرية: “إسرائيل” معزولة مرة أخرى بسبب ابتعاد شركات الطيران وارتفاع تكاليف السفر الجوي

يمانيون/ متابعات

نشرت صحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل” تقريرًا مطولًا حذّرت فيه “من عزلة جوية متفاقمة تواجهها إسرائيل، عقب تمديد شركات الطيران الأجنبية تعليق رحلاتها الجوية إلى مطار بن غوريون، على خلفية الهجوم الصاروخي اليمني الأخير الذي أصاب محيط المطار في 4 مايو الجاري”.

وبحسب الصحيفة، فإن هذا التطور أثار “موجة قلق واسعة في قطاع الطيران والسياحة داخل إسرائيل، وسط تحذيرات من أن كثيرًا من شركات الطيران قد لا تعود إلى الأجواء الإسرائيلية قريبًا، بل وقد تنسحب بشكل دائم في حال استمر الوضع الأمني المتأزم”.

ونقلت الصحيفة عن خبراء في القانون الجوي تأكيدهم أن “شركات الطيران الأجنبية، وخاصة الأوروبية والأمريكية، لا ترى أن البيئة الجوية الإسرائيلية آمنة بما يكفي لتسيير رحلاتها”.

 واعتبرت المحامية “شيرلي كازير”، المتخصصة في شؤون الطيران وتمثل أكثر من 20 شركة طيران في الكيان الاسرائيلي، أن “الحادثة الأخيرة كانت بمثابة جرس إنذار حاد”، مشيرة إلى أن الصاروخ الذي سقط قرب المدرج الرئيسي للمطار كان بإمكانه أن يصيب طائرة أو محطة ركاب، وهو ما كان سيشكّل كارثة “.

وبحسب الصحيفة “لم تقتصر التحذيرات على سلامة الطيران فقط، بل شملت أيضًا ارتفاع تكاليف التأمين والتعويض، وهي عوامل قالت الصحيفة إنها تُثقل كاهل الشركات الأجنبية وتدفعها لتجميد خدماتها إلى أجل غير مسمى”.

 وأكد المحامي “إيال دورون”، من شركة S. Horowitz، أن شركات الطيران التي تخسر رحلاتها تُضطر لدفع تعويضات ضخمة، مما يهدد جدوى العودة للسوق الإسرائيلية”.

ووفقًا للتقرير، فإن شركات الطيران الكبرى مثل “لوفتهانزا”، و”دلتا”، و”بريتيش إيروايز”، و”يونايتد”، بالإضافة إلى شركات منخفضة التكلفة مثل “ويز إير” و”ريان إير”، قد حددت تواريخ متفاوتة لاستئناف الرحلات، تمتد من منتصف مايو إلى منتصف يونيو، بينما أعلنت شركات أخرى توقفًا مفتوح الأجل مثل “فيرجن أتلانتيك”.

ورأت الصحيفة أن “الرد الحكومي لم يكن كافيًا حتى الآن لإقناع تلك الشركات بالعودة، رغم سعي وزارة النقل وسلطات الطيران المدني إلى إجراء تعديلات قانونية تُقلص من حجم التعويضات المفروضة على الشركات في حالة الإلغاء القسري”. وتناول التقرير مقترح تعديل “قانون خدمات الطيران لعام 2012، بحيث يمنح الحكومة الاسرائيلية صلاحية تعليق بعض الحقوق المالية للمسافرين مؤقتًا خلال فترات الحرب أو الطوارئ”.

ومن أبرز ما أشار إليه التقرير أن “إسرائيل لم تعد فقط تواجه تهديدًا عسكريًا من الحوثيين، بل أصبحت تخوض معركة من نوع آخر على جبهة النقل الجوي والاقتصاد والسياحة. فمع تراجع عدد الرحلات، تتصاعد أسعار التذاكر بشكل حاد، وهو ما يُشكل عبئًا جديدًا على المسافرين ويهدد بعزل إسرائيل عن العالم خلال موسم الصيف، الذي يُعد الأكثر ازدحامًا سنويًا”.

وفي الوقت الذي تواصل فيه شركات الطيران الخليجية مثل طيران الإمارات والاتحاد وفلاي دبي تشغيل رحلاتها إلى إسرائيل، فإن معظم شركات الطيران الأجنبية الكبرى غادرت الساحة، وهو ما قد يعيد إسرائيل إلى “مربع العزلة الجوية” الذي عاشته عقب هجمات 7 أكتوبر.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالتحذير من أن “استمرار الوضع دون إصلاح جذري وتطمينات قوية، قد يدفع عددًا متزايدًا من شركات الطيران إلى تحويل وجهاتها إلى مدن مثل لارنكا أو أثينا، وتفضيل المسارات الآمنة على المخاطرة بدخول أجواء متوترة ومجال جوي مفتوح على احتمالات أمنية غير متوقعة”.

مقالات مشابهة

  • قنصل السودان بأسوان: المسيرات لم تؤثر على تزايد العودة من مصر
  •  حصار صنعاء الجوي حيز التنفيذ.. صاروخ جديد يبعد الطيران عن “بن غوريون” 
  • الفريق أول عبد المجيد صقر يبحث التعاون المشترك مع وزير دفاع مدغشقر
  • زيارة ترامب وضرورة الحل الداخلي
  • صحيفة عبرية: “إسرائيل” معزولة مرة أخرى بسبب ابتعاد شركات الطيران وارتفاع تكاليف السفر الجوي
  • أمير نجران يستقبل قائد مجموعة الدفاع الجوي الرابعة بالمنطقة الجنوبية
  • لن ينصاع السودان للاحتلال الاستيطاني الجنجويدي بسبب المسيرات
  • بريطانيا ترسل صواريخ لأوكرانيا على طريقة "إيكيا".. ما القصة؟
  • تحول المجال السوداني لحيز إختبار لتفوق المسيرات !
  • السودان: العاصمة الإدارية تحت نيران المسيرات.. رسائل للداخل والخارج