على حافة الهاوية: حرب الهند وباكستان.. نارٌ تحت رماد كشمير
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
يقف العالم باسره يشاهد الصراعات إقليميًا ودوليًا، تهديدات هنا وهناك، وحروب ودمار وأشلاء.. الموت من كل جانب، أصوات الجرحى والنائحات لا يكاد يصمت، ضجيج لا يقف لا يعطي فرصة للروح أن تاخذ هدأة، فلسطين الحرب الاوكارنية الروسية، الصراعات النووية قيد الانتظار والتفعيل في أيَّة لحظة. فقط لا ينقطع هذا الضجيج، سوى ببيان أو اعتراض أو شجب أممي، حيث تقف الدبلوماسيات عاجزة أمام مشهد تحكمه الرصاصة والبطل فيه مفقود، والضحية إنسان.
في الساعات الأولى من فجر اليوم الأربعاء بدا مشهد جديد، حيث دوّى خبر عاجل هزّ أرجاء العالم: الهند توجه ضربة عسكرية عميقة داخل الأراضي الباكستانية. وبينما بدأ الدخان يتصاعد فوق جبال كشمير المتنازع عليها، تسارعت المخاوف من أن تنزلق القوتان النوويتان في جنوب آسيا إلى مواجهة شاملة، قد تهزّ استقرار العالم بأسره.
لكن هذه الحرب، إن اندلعت، ليست وليدة اليوم. إنها نتيجة عقود طويلة من الدماء والدموع، والحدود المرسومة بالنار، والمصالح المتقاطعة، وجذورها تعود إلى لحظة الولادة العنيفة للهند وباكستان عام 1947.
كشمير.. شرارة لا تنطفئمنذ رسم خط رادكليف الحدودي إثر تقسيم الهند البريطانية، ظلت كشمير الجرح المفتوح بين الجارتين. ثلاث حروب كبرى، وعدد لا يحصى من المناوشات، كلها نشبت بسبب هذه البقعة الجبلية الساحرة التي تطل من أعالي الهيمالايا كأنها تنظر للعالم بحزن.
رغم أن الهند تسيطر على ثلثي ولاية جامو وكشمير، تطالب باكستان بإقليم كامل، مستندة إلى أغلبيته المسلمة. بينما ترى الهند أن كشمير جزء لا يتجزأ من سيادتها الوطنية.
في عام 2019، زاد التوتر حين ألغت حكومة ناريندرا مودي الوضع الخاص لكشمير، وأحكمت قبضتها العسكرية عليها، مما فجّر موجة احتجاجات عنيفة، وردود فعل غاضبة في إسلام آباد.
اليوم، بعد الهجوم الأخير، تعود كشمير إلى الواجهة، كميدان معركة وكسبب وجودي للخلاف.
ميزان القوة: من يتفوق؟حسب تقارير "التوازن العسكري"، تتفوق الهند بوضوح في القوة التقليدية:
ميزانية الدفاع الهندية: تعادل تسعة أضعاف الميزانية الباكستانية.
الجيش الهندي: 1.5 مليون جندي مقابل 660 ألفًا في باكستان.
القوة البرية: الهند تمتلك 3750 دبابة وأكثر من 10 آلاف قطعة مدفعية، بينما لا تمتلك باكستان سوى ثلثي هذه القوة.
البحرية الهندية: تملك حاملتي طائرات و16 غواصة هجومية، في مقابل أسطول أصغر وأكثر تواضعًا لدى باكستان.
القوة الجوية: تتقدم الهند بطائرات رافال وسوخوي، بينما تعتمد باكستان على JF-17 وJ-10 وعدد محدود من إف-16.
لكن التفوق الهندي في الأسلحة التقليدية يقابله توازن نووي هش: الهند تملك 180 رأسًا نوويًا، وباكستان 170 رأسًا. كلا البلدين قادران على إحداث دمار شامل في حال اندلاع مواجهة نووية.
ويحذر المحللون: "أي تصعيد غير محسوب قد يحول جنوب آسيا إلى جحيم نووي لا ينجو منه أحد."
العلاقات المتوترة: محطات على طريق النارالعلاقة بين الهند وباكستان أشبه بـ "رقصة فوق الجمر":
1947: تقسيم الهند وحرب كشمير الأولى.
1965: حرب كشمير الثانية.
1971: حرب أدت لانفصال شرق باكستان (بنغلاديش).
1998: التجارب النووية لكلا البلدين.
1999: حرب كارجيل في قمم جبال الهيمالايا.
2001: كادت الحرب تندلع إثر هجوم البرلمان الهندي.
2008: هجمات مومباي تفجّر محادثات السلام.
2019: إلغاء الوضع الخاص لكشمير، وتجميد العلاقات.
ورغم محاولات متكررة لرأب الصدع، من قمة شيملا إلى قمة لاهور، ومن حافلة دلهي-لاهور إلى زيارة مودي المفاجئة إلى باكستان عام 2015، كانت كل بادرة سلام تتحطم على صخرة الشكوك، والإرهاب، وصراع الهويات.
مخاوف عالمية: هل تشتعل الشرارة الأخيرة؟العالم يراقب الآن بقلق بالغ. فالهند وباكستان لا تمثلان قوتين إقليميتين فحسب، بل قوتين نوويتين في منطقة مأهولة تضم أكثر من مليار ونصف نسمة.
يرى الخبراء أن كشمير ستبقى حجر عثرة أمام السلام ما لم يُفتح حوار حقيقي يتجاوز الحسابات العسكرية والسياسية إلى معالجة جذور المظالم المحلية، وتحقيق تطلعات سكانها.
وفي ظل التصعيد الحالي، وإغلاق الأبواب الدبلوماسية، وقرع طبول الحرب، يبقى السؤال المخيف:
إلى متى يمكن أن تبقى النار تحت الرماد.. دون أن تحرق الجميع؟ إلى أين ستتجه الحرب الهندية الباكستانية؟
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الهند باكستان كشمير الحرب النووية القوة العسكرية الجيش الهندي الجيش الباكستاني النزاع الإقليمي التوترات الحدودية سباق التسلح التفوق العسكري الاسلحة النووية الأمن الإقليمي
إقرأ أيضاً:
المسرحية الهزلية لنتنياهو: كيف خسر "المتنمر الإقليمي" العالم والجمهور؟
في تطور درامي ساخر، بات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشبه بـ "نجم مسرحي" فقد بريقه، حيث يواصل العزف منفرداً على وتر الحرب المستمرة، بينما يغادر الجمهور القاعة ويصوت ضده. المشهد الدبلوماسي اليوم يصف عزلة إسرائيل المتزايدة بكونها "فاعل غير عقلاني يهدم ذاته بيده"، وهي جملة تلخص بدقة كيف انقلب العالم على نتنياهو بسبب إصراره على "نموذج الحرب المستعرّة" كأقصر طريق لإنقاذه الشخصي.
الهزيمة الأكبر: تدمير غزة والهروب إلى الأماملم يكن تدمير قطاع غزة وتحويله إلى منطقة غير صالحة للحياة مجرد "نتيجة عرضية" للحرب المسعورة ضد المدنيين والأبرياء، بل هو نتاج "رؤية حكومية معلنة" لدى بعض الوزراء الذين يريدون "كسر روح الخصم" مهما كان الثمن. لكن هذا التدمير، الذي عزز القناعة الدولية بأن الحملة "ترقى إلى إبادة جماعية"، لم يمنح نتنياهو نصراً حقيقياً، بل أسقطه في فخ العزلة الدبلوماسية:
الانتصار العسكري الهش: تظن إسرائيل أنها حققت مكاسب ميدانية كـ إضعاف حماس وتوجيه ضربات لحزب الله، لكن هذه النجاحات لم تُترجم أبداً إلى استقرار أو سلام، بل دفعت إسرائيل إلى الانغماس أكثر في الحروب المتتالية.المكافأة الأمريكية المشروطة: حتى خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإنهاء الحرب، والتي تبناها نتنياهو بوصفها "انتصاراً شخصياً"، لم تكن خطة سلام بقدر ما كانت "إنذاراً لحماس"، تعتمد في الأساس على ضغوط سياسية أمريكية مستمرة على الطرفين، ما يجعل الإنجازات الأمنية المزعومة هشة وقابلة للانهيار في أي لحظة.عروض نتنياهو المنفردة: "المقامرة من أجل البقاء"يرى المحللون أن سلوك نتنياهو، خصوصاً بعد عملية الدوحة الفاشلة في سبتمبر، لا يخرج عن كونه "المقامرة من أجل البقاء" (Gambling for resurrection). هذا المصطلح يصف استراتيجية يائسة يلجأ إليها القائد الذي يواجه مأزقاً داخلياً، مثل المحاكمات المعلقة والسخط الشعبي المتصاعد. الحرب هنا تتحول من هدف أمني إلى "بطاقة خروج من السجن":
توظيف الحرب كدرع قانوني: يُتهم نتنياهو بـ إطالة أمد الحرب عمداً والإصرار على شروط وقف إطلاق نار يعلم أن خصومه سيرفضونها، بهدف تأجيل "يوم الحساب" وتجميد الإجراءات القانونية المتعلقة بتهم الفساد. الحرب بالنسبة له هي وسيلة لـ "بعث شرعية ميتة".تاريخ من المغامرات الطائشة: استخدام الصراع كاستراتيجية بقاء ليس جديداً على نتنياهو. فكل عملية عسكرية كـ "عامود السحاب" (2012) و"الجرف الصامد" (2014) كانت تأتي في وقت تراجع شعبيته أو اقتراب تفكك حكومته أو اقتراب لوائح اتهام بالفساد.عقلية "منطقة الخسارة": نتنياهو، كشخص يشعر أنه يخسر، يدخل "منطقة الخسارة" في علم الاقتصاد السلوكي، ما يجعله مستعداً للمخاطرة أكثر بكثير لتجنب الخسارة الشخصية والنجاة السياسية، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح المواطنين، ويُتهم بـ "التخلي عن الأسرى" لتحقيق غايته. صفعات الاعتراف الدولي: 159 لكمة دبلوماسيةأصبحت الأمم المتحدة مؤخراً مسرحاً للهزيمة السياسية لنتنياهو، حيث غادرت وفود عدة القاعة أثناء كلمته وسط صيحات الاستهجان والتصفيق الحار للوفود المغادرة. لكن الصفعة الأقوى جاءت من حلبة الاعترافات الدولية:
العدد القياسي: ارتفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 159 دولة (وفقًا لأحدث البيانات التي تم الوصول إليها من موقع السفارة الفلسطينية لدى المجر en.palestine.hu)، وهذا الرقم يمثل حوالي 82% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.الصفعة الأوروبية المتأخرة: بعد أن كانت أوروبا "منقسمة"، قررت دول أوروبية كبرى الانضمام إلى "المعترفين"، وكأنها تقول لإسرائيل: "لم نعد نرى وجهك من كثرة اللطمات!"???? "بتخوني، يا غدارة!": نتنياهو يتلقى طعنة من الحلفاء“إسرائيل تغني: ‘بتخونني يا غدارة!’”
في تحدٍّ دبلوماسي غير مسبوق، وجّه بنيامين نتنياهو اتهامات قاسية إلى فرنسا، واصفًا خطوة ماكرون نحو الاعتراف بدولة فلسطين بأنها ليست مجرد تحرك سياسي، حيث:
قال نتنياهو إن مبادرة ماكرون “تكافئ إرهاب حماس” وليست دبلوماسية بقدر ما هي “استرضاء سياسي”.وذهب أبعد من ذلك، عندما قال إن هذا الموقف “يغذّي الكراهية التي تجوب شوارع فرنسا الآن ضد اليهود”.
من جهته، ردّت باريس بعنف: وزير فرنسي أكد أن فرنسا “لا تحتاج دروسًا من إسرائيل في محاربة معاداة السامية”.
وما زاد من التوتر: نجل نتنياهو (ياير) غرد ضد ماكرون قائلاً “اذهب إلى الجحيم وتبا لك” ومُناشدًا بتحرير المناطق التي سمّاها “مستعمرات فرنسية”، مثل كاليدونيا وكورسيكا.
ماكرون قرر الاعتراف بفلسطين، ونتنياهو يردّ بغضب: “بتخونني يا غدارة”، مكتشفًا أن حليفه القديم قد تحول إلى خصم في معركة دبلوماسية.
الخاتمةفي المحصلة، يخلص المشهد إلى أن المسؤولية لا تقع على نتنياهو وحده، بل على مجتمع إسرائيلي كامل بمؤسساته العسكرية والإعلامية والسياسية، الذي شارك في مشروع الحرب المستعرة. لكنه هو الرجل المأزوم الذي يرفع الرهانات على حساب الجميع لضمان استمراره الشخصي في الحكم. اليوم، يرى العالم كله (159 دولة على وجه الدقة) أن الأمن لا يتحقق عبر السيطرة المطلقة وسحق الخصوم، بل عبر الاعتراف بالآخر، تاركين "المتنمر الإقليمي" وحيداً يصرخ في قاعة شبه فارغة.