هدنة ترامب مع الحوثيين: لماذا يشعر الإسرائيليون بأنهم تُركوا وحدهم؟
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
المقلق بالنسبة للإسرائيليين ليس فقط الاتفاق مع الحوثيين، بل المنطق الذي يحكمه: واشنطن باتت مستعدة للفصل بين مصالحها المباشرة (حماية سفنها وتأمين الملاحة) ومصالح حلفائها (أمن إسرائيل). اعلان
بينما كان الإسرائيليون يتابعون نشرات الأخبار مساء الإثنين، ظهرالخبر العاجل على شاشة التلفاز: الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعلن، من المكتب البيضاوي، التوصل إلى اتفاق هدنة مع الحوثيين في اليمن.
لكن خلف الأبواب المغلقة في تل أبيب، لم يكن هذا الخبر سببًا للاحتفال. بل على العكس، دبّت الصدمة في أوساط المسؤولين الإسرائيليين الذين علموا بالتطور عبر الإعلام، لا عبر قنوات التنسيق المعتادة مع واشنطن.
سارع باراك رافيد، أحد أبرز الصحافيين الإسرائيليين المختصين بالشؤون السياسية، إلى التغريد ساخرًا: "من الذي لم يوقظ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الليل؟ رئيس الأركان؟ أم رئيس الشاباك؟ أو رئيس الموساد؟ أم السكرتير العسكري؟".
في إسرائيل، بدا واضحًا ألا أحد في المؤسسة السياسية أو العسكرية كان على علم مسبق بقرار ترامب، الذي يأتي في لحظة حرجة، حيث تواجه تل أبيب تهديدات متزايدة من الحوثيين المدعومين من إيران.
تغير الحسابات الأميركيةمنذ أسابيع، تقصف إسرائيل مواقع الحوثيين ردًا على هجمات الجماعة بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية استهدفت الأراضي الإسرائيلية والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، كان آخرها صاروخ بالستي سقط قرب مطار بن غوريون. العمليات الإسرائيلية كانت تتم أحيانًا بتنسيق مع الولايات المتحدة، لكن هدنة ترامب – التي وُلدت بوساطة عمانية – تركت إسرائيل وحيدة في الساحة. فالبيان الحوثي المرافق للهدنة أوضح أن التزام الجماعة بوقف الهجمات يقتصر على السفن الأميركية والدولية، ولا يشمل إسرائيل.
بمعنى آخر، ومن وجهة نظر تل أبيب، نجح الحوثيون في انتزاع تنازل من واشنطن، بينما احتفظوا بحرية استهداف إسرائيل.
هذه ليست المرة الأولى التي تُفاجَأ فيها الدولة العبرية من حليفها الأكبر. فقبل أشهر فقط، وخلال مؤتمر مشترك مع بنيامين نتنياهو، أعلن ترامب بشكل مفاجئ نيته بدء مفاوضات نووية مع إيران. يومها، شعر الإسرائيليون بأن الأرض تهتز تحت أقدامهم: هل نحن أمام رئيس أميركي يفكر بمنطق الصفقات بدل التحالفات؟ هل أصبح هاجس ترامب الشخصي بتسجيل إنجازات خارجية يتفوق على مراعاة مصالح الحلفاء؟
لفهم هذا التحول، يجب العودة خطوة إلى الوراء. عندما أطلقت إدارة بايدن في بداية 2024 حملتها العسكرية ضد الحوثيين، كانت الأهداف واضحة: حماية الملاحة الدولية، دعم الحلفاء الإقليميين، ومنع توسع الصراع الإقليمي بعد حرب غزة. لكن مع وصول ترامب إلى السلطة، تغيّرت الحسابات.
يدرك ترامب، أن الدخول في حرب طويلة ومفتوحة في اليمن هو خطر سياسي لا طائل منه. فالحوثيون، رغم ضعفهم التقني أمام الترسانة الأميركية، أثبتوا قدرة على امتصاص الضربات والاستمرار. كما أن استمرار التصعيد كان سيعقّد مسار المفاوضات مع إيران، وهو الملف الذي يعتبره ترامب جوهر استراتيجيته الجديدة في الشرق الأوسط.
من هنا، جاءت الهدنة: إنها طريقة لإغلاق جبهة مكلفة، حتى لو كان الثمن ترك الحلفاء في المنطقة أمام خصومهم المباشرين.
الشعور بالعزلةما يثير قلق الإسرائيليين ليس فقط الاتفاق مع الحوثيين، بل المنطق الذي يحكمه: فواشنطن باتت مستعدة للفصل بين مصالحها المباشرة (حماية سفنها وتأمين الملاحة) ومصالح حلفائها (أمن إسرائيل). وهذا ليس مجرد تفصيل تقني، بل تحوّل في طبيعة العلاقة.
كما قال دانيال شابيرو، المسؤول السابق في البنتاغون في حديث ما "وول ستريت جورنال": "إذا تأكد أن الحوثيين سيتوقفون عن استهداف السفن الأميركية فقط، فهذا نصر محدود، لكنه لا ينهي تهديدهم لإسرائيل".
Relatedفي خطوة فاجأت إسرائيل... اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحوثيين وواشنطن بوساطة عمانيةإعلام عبري: إطلاق صاروخ من اليمن باتجاه إسرائيلصحيح أن ترامب يواصل تأكيد التزامه بأمن إسرائيل، لكنه يفعل ذلك بأسلوب شخصي ومصلحي، لا كجزء من استراتيجية شاملة. وهو أسلوب يترك الحلفاء في حالة من القلق الدائم: ماذا ستكون المفاجأة المقبلة؟
الهدنة بين ترامب والحوثيين لم تُنهِ الحرب، بل أعادت رسم خرائطها. وإذا كانت واشنطن تعتبر أن مشكلتها مع الحوثيين قد حُلّت مؤقتًا، فإن تل أبيب تجد نفسها أمام معادلة أكثر تعقيدًا: التهديدات مستمرة، بينما الحليف الأكبر مشغول بعقد صفقات أخرى. وفي لعبة الشرق الأوسط، لا مكان للفراغ: فكل خطوة أميركية للوراء تعني تقدمًا لقوى إقليمية أخرى، ربما لا تملك إسرائيل ترف تجاهلها.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل باكستان الهند قطاع غزة حركة حماس دونالد ترامب إسرائيل باكستان الهند قطاع غزة حركة حماس اليمن الولايات المتحدة الأمريكية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامب إسرائيل باكستان الهند قطاع غزة حركة حماس سوريا الضفة الغربية كشمير هجمات عسكرية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أحمد الشرع مع الحوثیین تل أبیب
إقرأ أيضاً:
ترامب يترك إسرائيل في العراء.. هل تخلى الحليف الأمريكي عن دعم تل أبيب؟
قال الكاتب الإسرائيلي، أرئيل كهانا، إنّ: "الولايات المتحدة وإسرائيل هما حليفان. لا يعقل أن ترامب سوف ينسانا ومن الصعب التصديق أنّ هذا ما حصل. كما يوجد بالتأكيد مزيد من الوقت للإصلاح".
واستفسر في مقاله المنشور بصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية: "ما الذي كان يقصده ترامب حين قال "بيان عظيم"، وماذا يحصل من خلف الكواليس؟"، مردفا: "نبدأ من النهاية: لو كان جواب واضح وقاطع، لكنت كتبته. أما حاليا فلا يوجد إلا بيان ويتكوف هذه الليلة عن: إعلانات عديدة قريبا جدا، بالنسبة لاتفاقات إبراهيم".
وأوضح بأنّه: ما كان ينبغي لدولة الاحتلال الإسرائيلي أن تشعر بالاهانة لأن ترامب لم يطلعها قبل الأوان على الاتفاق مع الحوثيين. فهو نفسه قال إن البيان الصادر عن الحوثيين لم يصل إليه إلا قبل وقت قصير من ذلك.
"في الوضع الطبيعي كان من الصواب اطّلاع إسرائيل مسبقا، وعندها فقط الركض الوسائل الاعلام. لكن ترامب هو ترامب، ولا يوجد أي شيء مفاجيء في أنه يتصرف بشكل معاكس" استرسل الكاتب نفسه.
وتابع: "السؤال الهام حقا هو هل أصرّت الولايات المتحدة على أن تكون إسرائيل جزء من اتفاق وقف النار، على افتراض أنه يوجد اتفاق كهذا"، مضيفا: "على الأقل وفقا لما عرفناه أمس، فإن الاتفاق لا يتضمن إسرائيل. بمعنى أن ترامب عقد صفقة جيدة لأمريكا، وترك إسرائيل لمصيرها".
ومضى بالقول: "مهما يكن من أمر، سيصل ترامب للمنطقة الثلاثاء القادم، وسيزور قطر، والإمارات، والسعودية. وحتّى الآن، لا يعتزم زيارة إسرائيل"، مستفسرا في الوقت نفسه: "ما الذي يختبيء في وعود ترامب وويتكوف عن إعلانات كبرى وقريبة؟".
واسترسل: "بحسب التوقّعات لا يدور الحديث عن ضم سوريا ولبنان إلى هذه الاتفاقات، رغم أنه توجد شائعات مشتعلة في هذا الاتجاه أيضا"، مضيفا: "يحتمل أن الحديث يدور عن بيان لترامب حول مساعدات أمريكية مباشرة لغزة، كما جاء في وسائل الإعلام العربية".
"هل بيان كهذا يكفي لضم السعودية إلى اتفاقات إبراهيم؟ هذا ليس منطقيا على نحو ظاهر. وإذا كانت السعودية لا تأتي، فإن دولا عربية وإسلامية أخرى لن تأتي. هكذا لأنه ليس مفهوما عما تحدث ويتكوف" تابع الكاتب الإسرائيلي.
وأضاف متسائلا: "إذن، هل سيعلن ترمب أنه توصل لاتفاق مع إيران؟ لكن هذا يحصل حين تكون المفاوضات، وهي متوقفة الآن، على أي حال توجد بين الأمريكيين والإيرانيين فجوات واسعة".
وختم بالقول: "بعد بضعة أيام من ذلك سيأتي ترامب لجولة في الشرق الأوسط ويعلن بأنه أنقذ العالم من خطر رهيب. ينبغي الاعتراف بأن هذا السيناريو أيضا يبدو غير معقول على الإطلاق. لكن بالنسبة إلى دونالد ترامب، لا يمكن أن نستبعد أي سيناريو".