بقلم: د. مظهر محمد صالح ..

انتهى الربيع العربي وانتهت معه ذئاب الذكريات الطاحنة وطوت شعوب المشرق العربي بعد مغربها حزن غدها في كفن امسها وهي ترى في نسيان الماضي مسارات تبهج الحاضر، ولكنها لم تتوقع بانها سترسم قبورا من البؤس ومدن من القمامة من الاخطاء و اللامبالاة، ما لا يجدي معه الاعتذار.

‏‎حدثني ممثل صندوق النقد الدولي على هامش المشاورات الدورية معهم في ربيع العام ٢٠١٢، بان العاصمة صنعاء تتعرض لكارثة بيئية جراء تكدس الازبال او القمامة الى حد لا يمكن تحمله منذ اندلاع الثورة الشعبية في العام 2011 والتي انتهت برحيل الرئيس وبطانته، مع اصرار عمال النظافة في العاصمة على اضرابهم عن العمل مطالبين تثبيتهم على الملاك الوظيفي الدائم، بدلا من الاجر اليومي المنخفض!.

في وقت يتساءل فيه ابناء العاصمة اليمنية، كيف القت الايام باحلامهم مع النفايات في اكوام الزبالة التي اكتضت بها عاصمة اليمن السعيد، وان محصلة ثورتهم الشعبية تكمن بالقوة التي تصنع الخير!. لقد بدأت رابطة الزبالين اضرابا عاما لضمان اجر دائم مرتفع يتناسب مع حجم القمامة التي خلفها ربيع اليمن العربي، وهي تهدد بان في كل يد عامل مخلب لمن يريد تقليمه!، وفي كل لسان سم لمن يريد ليه!. هكذا هتف عمال التنظيف بعد ان اخفت تلال القمامة مباهج حياتهم وحولت المدينة الى ظلام اخرس!.

‏‎ومن هنا قررت رابطة الزبالين التوجه الى وزير المالية الجديد لاجراء المشاورات والتفاوض مع الحكومة، مؤكدين في الوقت نفسه ان مسامير الحياة لا تدق الا بثبات وان غضبهم صار كنارالحداد، لا تحرق الا بقوة، فلم تهن لهم عزيمة ولا يدركهم الكلل!.

‏‎توجهت جموع رابطة الزبالين الى مكتب وزير المالية، ولم تجد امامها الا بعثة صندوق النقد الدولي في طابور الانتظار، وهو الامر الذي لم يشغلهم كثيرا، وهم في لقاء عمل شاق ومهم للغاية مع الوزير الجديد.

‏‎وقد طال انتظار بعثة الصندوق المذكور والعمال مصرّون بانهم لم يغادروا غرفة الوزير حتى تتحقق مطالبهم العادلة في ضمان الاجر والتعيين الدائم. ولما ساْلت بعثة صندوق النقد الدولي عن سبب تاخر الوزير في الالتقاء بهم، قالوا لهم ان الوزير منشغل في مباحثات مع ممثلي عمال التنظيف المسؤولين عن الاضراب والمستمرين في اضرابهم منذ الربيع العربي وهزيمة الرئيس القديم للبلاد، ومجيء الرئيس الجديد وحتى اللحظة!، وانهم لم يكفوا عن اضرابهم!.

‏‎وهكذا وصلت المشاورات بين الوزير ورابطة عمال الزبالة الى طريق مسدود بسبب القوة التفاوضية للعمال واصرارهم بما يتناسب وتلال القمامة التي امست تهدد العاصمة بيئيا.

‏‎خرج ممثلو العمال من حيث اتوا، والتقى الوزير فور ذلك ببعثة الصندوق وهو يتنفس الصعداء ويعتذر عن طول مدة انتظارهم لساعات في مكتبه!.

‏‎وحدثهم عن مطالب عمال نظافة العاصمة صنعاء، حيث اوضح الوزيرالجديد للعمال ومن معرض كلامه بان الموازنة العامة للبلاد لا تتحمل وظائف جديدة، وان صندوق النقد الدولي قد وضع شروطا على التوسع في النفقات الحكومية لتخفيض العجز في الموازنة وتعظيم مواردها، فكان جواب رابطة الزبالين قبل مغادرة مكتب الوزير:

‏‎نحن مستمرون بالاضراب ولندع صندوق النقد الدولي يتولى تنظيف العاصمة صنعاء بنفسه!.

‏‎استعانت عاصمة بلادي مضطرة وقت ذاك بشركة تنظيف من احدى دول الجوار!، وكان الحوار بين عمال التنظيف الاجانب والقمامة البغدادية اشبه بحوار الطرشان، فالغرباء لا يتكلم بعضهم لبعض!.

‏‎ختاما: تساءلت عن هموم رئيس رابطة الزبالين في العاصمة صنعاء، فأجابني احدهم: انه استمر يقرع قاع الهاوية في تلك التلال من القمامة ولم يجد الا مواء القطط وجموع الذباب وهي تهتف بالسعادة التي وفرتها البيئة الجديدة قائلة: ان الصبر على ما نلقى خير من التسكع بين غرباء سيكرهونا!.

‏‎*اكاديمي ونائب محافظ البنك المركزي العراقي الأسبق

د.مظهر محمد صالح

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات صندوق النقد الدولی العاصمة صنعاء

إقرأ أيضاً:

ميرتس يتوقع "مفاوضات جادة" حول أوكرانيا بعد عطلة نهاية الأسبوع



قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إنه قد يحين الوقت بعد عطلة نهاية الأسبوع لإجراء "مفاوضات جادة" حول التسوية في أوكرانيا.

وأضاف ميرتس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في بروكسل يوم الجمعة أنه بناء على نتائج محادثاته أمس مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإنه يتوقع منه زيادة "الضغط على روسيا"، وأن "هذه العطلة ستعقبها مرحلة يمكن خلالها إجراء مفاوضات جادة".

وأفاد ميرتس أيضا أن أعضاء الاتحاد الأوروبي أعدوا مشروع بيان مشابه لاقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن هدنة لمدة 30 يوما في أوكرانيا.

وأوضح: "هناك مشروع بيان... وهو يتطابق إلى حد كبير مع اقتراحه (ترامب) بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما... آمل أن ترى جميع الأطراف في هذا فرصة الآن للوصول فعليا عبر الهدنة إلى مفاوضات حول اتفاقية سلام."

وفي اليوم السابق، أعلن زعيم نظام كييف فلاديمير زيلينسكي عن إجراء محادثات مع ترامب نوقشت خلالها "خطوات ملموسة يمكن اتخاذها" لتحقيق السلام. وأكد زيلينسكي مجددا شرط كييف بأن المفاوضات لا يمكن أن تبدأ إلا بعد وقف إطلاق النار.

من جانبها، أكدت روسيا مرارا استعدادها لإجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا دون شروط مسبقة. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال احتفالات الذكرى الثمانين للنصر في الحرب الوطنية العظمى وقفا لإطلاق النار، إلا أن وزارة الدفاع الروسية أبلغت خلال الساعات الأولى عن قرابة 500 انتهاك من الجانب الأوكراني

مقالات مشابهة

  • بوتين يعرض على أوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول
  • مسؤول إيراني لـCNN: المحادثات النووية غير جادة ونستعد لسيناريوهات فشلها
  • اللجنة الوطنية للطوارئ تطمئن المواطنين بشأن الهزة الأرضية التي شعر بها سكان طرابلس
  • مليار دولار في وقت حاسم.. تمويل جديد من صندوق النقد الدولي إلى باكستان
  • محافظ مطروح يتفقد القافلة الطبية المجانية بشمس الحكمة
  • انفصال ألبرتا عن كندا.. مساعٍٍ جادة أم إستراتيجية سياسية؟
  • لماذا يغيب العرب عن العملات الخمس الكبرى لصندوق النقد الدولي؟
  • في معرض شنغهاي الدولي للسيارات 2025.. إكسيد تكشف عن الأداء المتفوق لسيارة السيدان الكهربائية ES التي سجلت رقماً قياسياً في مجموعة غينيس
  • صندوق النقد يكشف قائمة البلدان العربية الأكثر مديونية.. مصر أولاً والجزائر خامساً والمغرب سادساً
  • ميرتس يتوقع "مفاوضات جادة" حول أوكرانيا بعد عطلة نهاية الأسبوع