ذكرى الحرب العالمية الثانية.. يوم انتصر الحلفاء وانهزم الإنسان
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
بدأ العالم اليوم الخميس إحياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، في وقت تحتفل القوى المنتصرة فيها بـ"بعيد النصر"، وهو اليوم الذي استسلمت فيه ألمانيا النازية أمام قوات الحلفاء، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتنظم مدن من لندن إلى موسكو عروضا عسكرية وجوية ومراسم تذكارية هذا الأسبوع، في الوقت الذي تنظم روسيا غدا الجمعة في الذكرى الـ80 لـ"يوم النصر" أكبر عرض عسكري للاحتفال في الساحة الحمراء بالعاصمة بمشاركة 29 زعيما أجنبيا.
ودخلت حيز التنفيذ فجر اليوم الخميس هدنة لمدة 3 أيام بين موسكو وكييف أمر بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمناسبة إحياء ذكرى النصر على ألمانيا النازية، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام روسية رسمية.
كما أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأربعاء إعلانا يحدد فيه الخميس يوما تحتفل فيه الولايات المتحدة بالنصر في الحرب العالمية الثانية كما تفعل دول في أوروبا بالفعل.
وتحيي ألمانيا رسميا أيضا ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية والتحرر من دكتاتورية الزعيم النازي أدولف هتلر قبل 80 عاما، وذلك في مراسم تذكارية تقام في البرلمان الألماني (البوندستاغ) بعد ظهر اليوم الخميس.
ويواكب موقع الجزيرة نت المناسبة بملف خاص بعنوان "ذكرى الحرب العالمية الثانية.. يوم انتصر الحلفاء وانهزم الإنسان"، حيث يتناول عبر سلسلة تقارير ومواد صحفية عديدة ومتنوعة أخبار الذكرى والاحتفالات بها، وكذلك آثار الحرب وانعكاساتها على خارطة السياسة والتحالفات في يومنا هذا رغم مرور 8 عقود على نهايتها.
وانتهت الحرب التي دمرت مدنا في أوروبا باستسلام غير مشروط للجيش الألماني النازي (الفيرماخت)، ودخل حيز التنفيذ في 8 مايو/أيار 1945، وسبق ذلك احتلال القوات البريطانية والأميركية لغرب ألمانيا، والجنود السوفيات لشرق البلاد عقب معارك مكلفة في أجزاء كبيرة من ألمانيا.
إعلانوانتهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا في ذلك اليوم، في حين استمرت الحرب ضد اليابان في الشرق الأدنى.
وبحسب تقديرات مختلفة، فإن الحرب العالمية الثانية -التي شنتها ألمانيا بقيادة هتلر- أودت بحياة ما بين 50 و60 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، أغلبهم من المدنيين.
وفقد الاتحاد السوفياتي 27 مليون شخص في الحرب، من بينهم ملايين كثيرة في أوكرانيا، لكنه دفع القوات النازية إلى برلين، حيث انتحر أدولف هتلر ورُفعت راية النصر السوفياتية الحمراء فوق الرايخستاغ (مبنى البرلمان في عهد النازية) في مايو/أيار 1945.
ويعتبر كثيرون من الروس وعدد من الشعوب الأخرى في الاتحاد السوفياتي السابق يوم 9 مايو/أيار أقدس تاريخ في التقويم، وسعى بوتين -الذي يشعر بالغضب مما يقول إنها محاولات من الغرب للتقليل من أهمية النصر السوفياتي- إلى استخدام ذكريات الحرب العالمية الثانية لتوحيد المجتمع الروسي.
ودخل استسلام ألمانيا النازية غير المشروط حيز التنفيذ في الساعة 11:01 مساء يوم 8 مايو/أيار 1945، واحتفلت بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا بما أطلقت عليه "يوم النصر في أوروبا".
أما في موسكو فقد كان يوم 9 مايو/أيار قد حل بالفعل ليصبح هو "يوم النصر" للاتحاد السوفياتي فيما يسميه الروس "يوم النصر في الحرب الوطنية العظمى 1941-1945".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحرب العالمیة الثانیة یوم النصر فی أوروبا مایو أیار
إقرأ أيضاً:
80 عاما على الحرب العالمية الثانية.. احتفال بالتحرير يغيب عنه المحرِّرون
برلين- احتفلت ألمانيا أمس الخميس بالذكرى 80 لنهاية الحرب العالمية الثانية، وهو حدث تاريخي تحييه برلين والعديد من الدول الأوروبية باعتباره "يوم التحرير" وهزيمة النازية أمام الحلفاء (الاتحاد السوفياتي، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا). وأعلنت هذا العام يوم الذكرى عطلة رسمية في العاصمة فقط.
وشكل خطاب المستشار الألماني الأسبق ريتشارد فون فايتسكر عام 1985 لحظة مفصلية في تقييم هذا اليوم، عندما قال "إن 8 مايو/أيار هو يوم التحرير على يد الجيش السوفياتي، لأن الألمان لم يكونوا قادرين على تحرير أنفسهم بأنفسهم، بل احتاج التحرير إلى قوة خارجية جاءت من هذا الجيش وقوى التحالف الغربية".
يقول إيفالد كونيغ الخبير في الشؤون الدولية، للجزيرة نت، إنه من الضروري التفريق بين جمهوريتي ألمانيا الغربية والشرقية، ففي الوقت الذي حاولت فيه ألمانيا الغربية معالجة آثار الحرب والاستفادة من الدروس، قامت الشرقية بمنع الفاشية وإعلان نفسها دولة معادية لها، لكنها بذلك أخفقت في معالجة آثار الحرب وهذا دليل واضح على صعود حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي للأجانب في الولايات الشرقية.
ألقى الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير خطابا أمام البوندستاغ (البرلمان) بمناسبة هذه الذكرى، وأكد أن "المعرفة التي نستخلصها من ماضينا تلزمنا نحن الألمان باتخاذ مواقف واضحة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، ومعاداة السامية، وحرب العدوان الروسية ضد أوكرانيا، وانتهاك أميركا للقيم. إن النظام والتعاون الدوليين، والالتزام بالديمقراطية والمصالحة الذي قدمه لنا ضحايا الحرب وأعداؤها السابقون كان لمصلحة الجميع وجلب السلام والازدهار بعد عام 1945".
أما توم غولر، الصحفي المتخصص في السياسة الخارجية والأمنية، فقال للجزيرة نت إن الشعب الألماني يرى أن 8 مايو/أيار بمنزلة تحذير بأن مثل هذه الحرب لا ينبغي أن تندلع مرة أخرى. ويرى أن المهمة الآن تقع على عاتق الحكومة ببذل كل ما بوسعها -عسكريا ودبلوماسيا- لمنع وقوعها في أوروبا.
ورغم مرور 8 عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن العالم اليوم يعج بالنزاعات المسلحة بشكل غير مسبوق. ويقول الخبير كونيغ إن هذا الواقع يضع أوروبا أمام تحدّ جديد، خاصة مع الحرب الروسية على أوكرانيا، وعدم معرفة آلية التعامل الصحيحة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
إعلانويضيف "ولا نعلم إلى أين ستسير الأمور في سوريا، ولا كيف سينتهي الوضع في غزة في ظل السوداوية الحالية نتيجة السياسة التي تتبعها إسرائيل، وهناك أيضا مخاوف من اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان"، مشيرا إلى ضعف أوروبا في التأثير الفعلي على السياسة الخارجية في ظل الهيمنة الأميركية، وكذلك الغموض تجاه ردود الفعل المحتملة من الصين.
لم يكن الثامن من مايو/أيار يوما للتحرير بالنسبة للنساء الألمانيات؛ فقد ظل موضوع الاغتصاب الجماعي لهن من قبل جنود القوى المنتصرة من المحرمات لفترة طويلة. وفقط قبل نحو 10 سنوات، وفي الذكرى 70 لنهاية الحرب، بدأت بعض الكتب في تناول موضوع العنف الجنسي ضد الأطفال والنساء الألمانيين.
ورغم أن الحلفاء حرروا سجناء معسكرات الاعتقال وألمانيا من الاشتراكية الوطنية، فإنهم ارتكبوا أيضا جرائم بحق حوالي 900 ألف فتاة وامرأة. ومع اقتراب نهاية الحرب وفي الأسابيع التي تلت "التحرير"، أصبحت عمليات الاغتصاب شائعة في المدن الألمانية. ففي برلين وحدها، كان الخوف من الجنود الروس كبيرا لدرجة أن 3881 امرأة انتحرن في أبريل/نيسان 1945 فقط.
ويؤكد الباحث غولر وقوع قرابة 100 ألف حالة اغتصاب على يد جنود "الجيش الأحمر" في برلين.
من جهتها، دعت رئيسة البوندستاغ، يوليا كلوكنر، إلى إيلاء مزيد من الاهتمام لمعاناة النساء في الحروب. وقالت في كلمتها أمام البرلمان إن "النساء والفتيات اضطررن إلى تحمل قدر هائل من المعاناة والاعتداء الجنسي أثناء الحرب وبعدها، وهذا الأمر يتم التغاضي عنه في الغالب".
وأضافت أن قمع معاناة النساء "ببساطة" في المجتمع الألماني بعد الحرب أدى إلى إطالة أمد معاناتهن، مطالبة بإعطائهن مساحة في الذاكرة الجماعية، والاعتراف بمعاناتهن و"بالقوة المذهلة" التي أظهرنها في النضال من أجل البقاء، وبمساهمتهن الحاسمة في إعادة الإعمار.
إعلان آثار التقاربيرى بعض الخبراء أن التقارب الأميركي الروسي قد ينعكس إيجابا على القارة الأوروبية، لأن العداء الذي نشأ بين الولايات المتحدة وموسكو بعد الحرب العالمية الثانية جلب معه العديد من المخاطر على مدى عقود. وكانت ألمانيا من أكثر الدول تأثرا به، إذ انقسمت بين هذين المعسكرين.
ويقول الصحفي الألماني غولر إن آثار معاناة الألمان من هذه المواجهة لا تزال محسوسة حتى اليوم، فبعد 35 عاما من إعادة التوحيد لا يزال الحديث عن الألمان الشرقيين والغربيين شائعا، وحتى التقسيم السياسي الناتج عن تشكيل الكتلة الروسية في وجه الولايات المتحدة ما زال قائما. ولذلك، لا يمكن لألمانيا إلا أن ترحب بالتقارب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
لكن الخبير إيفالد كونيغ يحذر من أن هذا التقارب قد يتغير فجأة، موضحا أن قرارات ترامب لا يمكن التنبؤ بها، فقد يمتدح الرئيس الروسي اليوم ويهاجمه في اليوم التالي. لذلك، ينظر الأوروبيون إلى هذا التقارب بريبة، ويأملون في الوقت نفسه ألا تتضرر العلاقات عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) أكثر.
وبرأيه، يفرض هذا الوضع على أوروبا الاعتماد على قوتها الذاتية والتخلص من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، خاصة في ظل الشكوك حول مستقبل حلف الناتو.
احتفل البرلمان الأوروبي بالذكرى 80 لهزيمة النازية، مستبعدا سفيري روسيا وبيلاروسيا. وجاء هذا القرار بناء على توصية من وزارة الخارجية الألمانية التي بررت ذلك بالخوف من أن تستغل موسكو هذه المناسبة وتربطها بشكل مسيء بحربها ضد أوكرانيا، بحسب ما قالت الخارجية.
لكن كونيغ انتقد القرار، مؤكدا ضرورة الإبقاء على القنوات الدبلوماسية خاصة في الأوقات الصعبة. وأضاف أن التطورات الأخيرة الناتجة عن الحرب الأوكرانية لا تشير إلى قرب عودة العلاقات بين برلين وموسكو.
إعلانأما توم غولر فيرى أن التطورات السياسية الأخيرة في واشنطن أصابت ألمانيا "بألم بالغ"، وجعلتها غير قادرة على الاعتماد على دعم الولايات المتحدة، ولا على تصرفات بوتين غير المتوقعة. ويؤكد أن إعادة التفكير في العلاقات مع القوتين الكبيرتين قد بدأت بالفعل في برلين، وتناقَش مع شركاء الاتحاد الأوروبي.