لماذا يغيب العرب عن العملات الخمس الكبرى لصندوق النقد الدولي؟
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
رغم ما تتمتع به الدول العربية من ثروات اقتصادية هائلة وموقع إستراتيجي مؤثر في الاقتصاد العالمي، فإن أي عملة عربية لا تُدرج ضمن العملات المكونة لما يُعرف بـ"حقوق السحب الخاصة" لدى صندوق النقد الدولي.
فما حقوق السحب الخاصة؟ وعلى أي أساس يتم اختيار العملات التي تُضم إلى سلتها؟ ولماذا لا نجد بين هذه العملات عملة واحدة صادرة عن دولة عربية؟سنحاول في هذا التقرير الإجابة عن هذه الأسئلة وتسليط الضوء على خلفيات الغياب العربي عن واحدة من أبرز الأدوات النقدية العالمية.
حقوق السحب الخاصة هي أصل احتياطي دولي أنشأه صندوق النقد الدولي في عام 1969، بهدف دعم الاحتياطيات الرسمية للدول الأعضاء.
ورغم أنها ليست عملة متداولة بحد ذاتها، فإنّها تمثّل حقّا محتملا في الحصول على العملات القابلة للتداول بحرية لدى الدول الأعضاء في الصندوق، ما يتيح لها تعزيز سيولتها النقدية عند الحاجة، دون الاعتماد المباشر على السوق أو على احتياطاتها الخاصة.
وتُحدَّد قيمة حقوق السحب الخاصة استنادًا إلى سلة من 5 عملات عالمية رئيسية، وهي:
الدولار الأميركي. اليورو الأوروبي. اليوان الصيني (الرمبي). الين الياباني. الجنيه الإسترليني.وبلغ مجموع ما تم تخصيصه من هذه الحقوق حتى اليوم 660.7 مليار وحدة (أي ما يعادل نحو 943 مليار دولار أميركي)، بما في ذلك التخصيص الأكبر الذي جرى في الثاني من أغسطس/آب 2021 ودخل حيّز التنفيذ في 23 من الشهر نفسه، استجابةً للحاجة العالمية الطويلة الأجل لتعزيز الاحتياطيات، ولمساعدة الدول على مواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19".
وضع صندوق النقد الدولي معيارين رئيسيين لاختيار العملات المؤهلة للانضمام إلى سلة حقوق السحب الخاصة، مع آلية مراجعة دورية لتحديث مكوناتها.
جاء ذلك على لسان بيتر زولتر، رئيس إدارة الخدمات المصرفية في بنك التسويات الدولية، خلال كلمته أمام منتدى محافظي معهد التمويل والتمويل الإسلامي، بمناسبة إدراج اليوان الصيني ضمن سلة حقوق السحب الخاصة.
يشترط أن تكون العملة صادرة عن دولة أو اتحاد نقدي يشكل جزءًا كبيرًا من صادرات السلع والخدمات على مستوى العالم خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ويهدف هذا الشرط إلى ضمان أن العملة المعنية تلعب دورًا مركزيًا في الاقتصاد الدولي، وتعكس وزنًا حقيقيًا في حركة التجارة العالمية.
يُشترط في العملة أن تكون:
مستخدمة على نطاق واسع في المدفوعات والمعاملات الدولية. متداولة بشكل نشط في أسواق الصرف الرئيسية، بما يكفي للسماح بتداولها بكميات كبيرة دون تقلبات كبيرة في أسعار صرفها. معتمدة في عقود التحوّط المالي، مما يتطلب وجود سوق مالية عميقة ونشطة على مدار الساعة.من المهم التوضيح أن "قابلية الاستخدام الحر" لا تعني بالضرورة أن تكون العملة قابلة للتحويل الكامل أو حرة من قيود رأس المال، بل تشير إلى مدى استخدامها ومرونتها في تلبية المتطلبات الدولية، حتى لو فُرضت بعض الضوابط على تدفقات رؤوس الأموال محليًا.
كيف تحدَّث سلة العملات؟يُجري المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مراجعة شاملة لسلة حقوق السحب الخاصة كل 5 سنوات، وتُحدَّد في كل دورة مراجعة ما يلي:
الأوزان النسبية لكل عملة ضمن السلة. الأدوات المالية المستخدمة لحساب سعر الفائدة على وحدات حقوق السحب الخاصة.ويُضاف إلى السلة أيّ عملة جديدة عندما تستوفي المعيارين الأساسيين (الصادرات وقابلية الاستخدام الحر)، كما حدث مع اليوان الصيني، الذي جرى إدراجه اعتبارًا من الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2016، بعد استيفائه هذين الشرطين.
لماذا لا توجد أي عملة عربية في سلة حقوق السحب الخاصة؟كما يتّضح من المعايير السابقة، لا تُدرج أي عملة عربية ضمن سلة حقوق السحب الخاصة للأسباب التالية:
أولًا: ضعف الحصة العربية من الصادرات العالميةلا تحتل أي دولة عربية موقعًا ضمن أكبر 5 مصدّرين عالميًا للسلع والخدمات، وهو أحد الشروط الأساسية.
إعلانفعلى سبيل المثال، في عام 2024، بلغ حجم الصادرات غير النفطية للسعودية (أكبر اقتصاد عربي) 515 مليار ريال سعودي (أي نحو 137.33 مليار دولار)، بزيادة قدرها 13% عن عام 2023، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية.
أما على مستوى التصنيف الاقتصادي العالمي:
فجاءت المملكة في المرتبة 19 عالميًا من حيث الناتج المحلي الإجمالي (1.07 تريليون دولار). في المرتبة 26 من أصل 226 من حيث إجمالي الصادرات. وفي المرتبة 44 من أصل 196 من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ثانيًا: غياب قابلية الاستخدام الحرتعاني معظم العملات العربية من قيود على حركة رأس المال، أو ضعف في التداول الدولي، أو محدودية القبول الدولي، مما يمنعها من تلبية معيار الاستخدام الحر.
فالعملات العربية، لا تملك الخصائص الفنية ولا الأسواق المالية اللازمة لتأهيلها لدخول السلة.
هل هناك فرصة مستقبلية لعملة عربية في سلة الصندوق؟من الناحية النظرية، نعم، لا يُمكن استبعاد وجود عملة عربية ضمن سلة حقوق السحب الخاصة في المستقبل، لكن هذا مرهون بشروط صارمة:
أن تكون الدولة المُصدرة للعملة من أكبر 5 مصدرين عالميًا للسلع والخدمات. أن تصبح عملتها قابلة للاستخدام الحر بمعايير السوق الدولي.حتى الآن، لا تستوفي أي عملة عربية هذه الشروط، إما بسبب ضعف حجم التجارة الخارجية، أو بسبب القيود النقدية، أو لغياب التداول الدولي النشط.
ملاحظة:
لكن من الجدير بالذكر أن بعض المؤسسات المالية العربية، مثل صندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية، حائزة على حقوق السحب الخاصة، أي أنها مُعترف بها رسميًا من قِبل صندوق النقد الدولي كأطراف يمكنها امتلاك واستخدام الوحدات رغم أنها ليست دولًا أعضاء.
العملة الخليجية الموحدة.. هل تكون الفرصة العربية القادمة؟تُطرح فكرة العملة الخليجية الموحدة منذ سنوات، وتحديدًا منذ عام 2010 حين أُسس المجلس النقدي الخليجي، كخطوة أولى نحو إنشاء اتحاد نقدي على غرار منطقة اليورو.
ومنذ ذلك الحين، شرعت دول الخليج في دراسة المؤشرات الاقتصادية الضرورية، مثل مستويات التضخم، أسعار الفائدة، الدين العام، وربط نظم الدفع، ومواءمة التشريعات المصرفية، بما يُمهد الطريق لإطلاق العملة.
إعلانوبحسب تقارير متعددة، يجري حاليًا العمل على دمج المؤسسات المصرفية المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، سلطنة عُمان)، وربط أنظمة الدفع المصرفي بينها.
ما متطلبات الاتحاد النقدي الخليجي؟وفقًا للأمانة العامة لمجلس التعاون، فإن الاتحاد النقدي يستلزم:
الإرادة السياسية الجماعية. تجانس الهياكل الاقتصادية بين الدول الأعضاء. التقارب المالي والنقدي ضمن معايير صارمة، تشمل:– التضخم: لا يتجاوز المتوسط +2%.
– سعر الفائدة: لا يتجاوز متوسط أدنى 3 دول +2%.
– احتياطي النقد الأجنبي: يغطي 4 أشهر من الواردات على الأقل.
– عجز الموازنة: لا يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.
– الدين العام: لا يتجاوز 60% للحكومات العامة و70% للحكومات المركزية.
– توافق التشريعات المصرفية.
– دمج الأسواق وتكامل نظم المدفوعات.
– توحيد الرقابة المصرفية والمؤشرات الإحصائية.
غياب العملات العربية عن سلة حقوق السحب الخاصة هو نتيجة مباشرة لمعايير اقتصادية دقيقة وضعتها المؤسسات النقدية العالمية لضمان استقرار النظام المالي العالمي.
ورغم التحديات الحالية، فإن الفرصة لا تزال قائمة لدخول عملة عربية إلى السلة مستقبلا، شريطة توفر إرادة سياسية، ورؤية إستراتيجية طويلة الأمد، وتكامل اقتصادي عربي حقيقي، يكون فيه التداول الحر وتحرير الأسواق المالية أساسًا للبناء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات صندوق النقد الدولی العملات العربیة لا یتجاوز أن تکون
إقرأ أيضاً:
طقس العرب ..منظومة جوية شتوية تصل نهاية الأسبوع على شكل منخفض جوي / تفاصيل
#سواليف
قال المختصون الجويون في مركز طقس العرب إن آخر صور الأقمار الاصطناعية تشير إلى حدوث حركة دوران والتفاف للحوض البارد في طبقات الجو العالية ليتمركز هذه الأثناء فوق مياه الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ويؤدي إلى تشكّل #منخفض_جوي بدأت تأثيراته على سواحل بلاد الشام، وخصيصًا سوريا ولبنان، بالإضافة إلى سواحل شمال مصر.
خرائط المحاكاة الحاسوبية تشير إلى بقاء مركز المنخفض الجوي بموقع لا يسمح بوصول تأثيراته يوم الثلاثاء 9/12/2025.
وتشير خرائط ما يُسمّى بالمحاكاة الحاسوبية لتحركات هذا المنخفض الجوي خلال الأيام القادمة إلى أن المنخفض الجوي يوم الثلاثاء 9/12/2025 سيبقى فوق مياه البحر، ويكون مركزه جنوب جزيرة قبرص، وتلتف حوله كميات من #السحب_الماطرة، وتبقى تأثيراته على سواحل بلاد الشام إن شاء الله، وبذلك يبقى موقع المنخفض الجوي لا يسمح بوصول تأثيراته وعبور السحب الماطرة إلى أجواء المملكة.
إلا أن الخرائط الحاسوبية تشير إلى تغير مركز المنخفض الجوي خلال نهاية الأسبوع، مما يفسح المجال لتأثر المملكة بهذا النظام الجوي، وبذلك يمكن إكسابه درجة تصنيف على سلم تصنيف المنخفضات الجوية في مركز طقس العرب خلال التحديثات القادمة إن شاء الله.
مقالات ذات صلةالمملكة تتأثر بمقدمة المنخفض الجوي يوم الأربعاء 10/12/2025
وفي شيء من التفصيل، يتوقع بمشيئة الله مع يوم الأربعاء 10/12/2025 أن تتأثر المملكة بمقدمة المنخفض الجوي على شكل أحوال جوية غير مستقرة، خاصة بعد الظهر، حيث تنخفض درجات الحرارة ويسود #طقس_بارد إن شاء الله، وتتكاثر السحب على ارتفاعات مختلفة، وتتهيأ الفرصة لهطول #زخات من #الأمطار في مناطق عدة من المملكة، ويمكن لهذه الزخات أن تكون غزيرة على بعض المناطق وقد يصحبها حدوث #الرعد.
ومع يوم الخميس تتأثر المملكة تدريجيًا بمنخفض جوي سيتم تصنيفه لاحقًا، إذ يسود طقس بارد ويتحول تدريجيًا إلى غائم مع #هطول_الأمطار إن شاء الله في مناطق مختلفة من المملكة، وبالأخص المناطق الشمالية والوسطى، وتكون هذه #الأمطار_غزيرة أحيانًا، مما يؤدي إلى جريان الأودية وتشكل #السيول وحدوث التجمعات المائية في الطرقات، وتصحب الأمطار مع عبور كميات من السحب المنخفضة والملامسة لسطح الأرض، مما يؤدي إلى تشكّل #الضباب الكثيف فوق المرتفعات الجبلية العالية.
وخلال يوم الجمعة يستمر تدفق التيارات الهوائية الباردة والرطبة من البحر الأبيض المتوسط، اذ يبقى الطقس باردًا مع ظهور السحب على ارتفاعات مختلفة وتبقى الفرصة مهيأة لهطول الأمطار ان شاء الله ولاسيما فترة الصباح.
وسنقوم بمشيئة الله بتزويدكم بتفاصيل الحالة الجوية أولًا بأول عبر تطبيق طقس العرب، نسأل الله أن تكون أمطار خير وبركة، كما ندعوكم إلى الإكثار من الاستغفار والدعاء.
والله أعلم.