غزة وإيران والحوثيون.. أزمات إسرائيل تتراكم وترامب يعيد رسم المشهد
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
القدس المحتلة- في ظل تصاعد التوتر بين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تواجه إسرائيل تحديات مركبة في إدارة أزماتها الإقليمية، خصوصا في غزة ومع إيران وجماعة الحوثيين في اليمن.
وجاء اللقاء الأخير بين ترامب ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في البيت الأبيض، والذي لم يصدر بشأنه أي بيان رسمي، في توقيت حساس يسبق جولة مفاوضات مباشرة بين واشنطن وطهران في مسقط، وجولة شرق أوسطية لترامب لا تشمل إسرائيل، ما أثار قلق تل أبيب من تهميشها في قضايا تمس أمنها القومي.
ورغم وصف ترامب سابقا بـ"الصديق الحقيقي" من قبل اليمين الإسرائيلي، بدأت الثقة به تتآكل بعد سلسلة قرارات مفاجئة اتخذها من دون تنسيق مع إسرائيل، أبرزها التفاوض المباشر مع إيران وحماس، وإعلانه وقف إطلاق النار مع الحوثيين، رغم استمرارهم في استهداف مصالح إسرائيل.
فنتنياهو، الذي لطالما سعى لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، يرى في فشل المفاوضات الأميركية-الإيرانية فرصة سانحة لهجوم مشترك مع واشنطن، لكن المؤشرات الحالية، خاصة بعد إعلان ترامب عن محادثات مباشرة مع إيران، توحي بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد يشبه اتفاق 2015، ما سيعقّد حسابات إسرائيل ويحد من خياراتها العسكرية.
إعلان حالة ترقبيُجمع محللون أنه في حال نجاح الاتفاق، ستفقد إسرائيل الذريعة لعمل عسكري، كما أن رفع العقوبات عن إيران قد يقوي حلفاءها في المنطقة اقتصاديا وسياسيا.
ولذلك، من المرجّح أن تتحول إسرائيل -وفقا لقراءات المحللين- إلى إستراتيجية هجومية غير مباشرة، من خلال حملات دبلوماسية وإعلامية للتشكيك بالاتفاق، إلى جانب تصعيد عملياتها في غزة، واستمرار ضرباتها في لبنان واليمن.
ورجحت التحليلات أن إسرائيل تدرك أن التحركات العلنية ضد الاتفاق قد تضر أكثر مما تنفع، لذا ينصح نتنياهو بالتأثير عبر قنوات خلفية مع واشنطن، مع إبقاء التصعيد الميداني أداة ضغط في يد الحكومة الإسرائيلية.
ووفقا للمحللين، فإن حكومة نتنياهو تجد نفسها بهذه المرحلة في موقف دفاعي، بعدما كانت تراهن على علاقة استثنائية مع ترامب، ومع تضاؤل فرص الخيار العسكري ضد إيران، وتضارب المصالح في غزة واليمن، تتحول إسرائيل إلى تكتيكات جديدة، تتمثل -بحسب التحليلات الإسرائيلية- بتصعيد ميداني محدود، وهجوم دبلوماسي مكثف، وتحركات استخباراتية أكثر جرأة.
وفي ظل غموض مصير المفاوضات مع إيران، تبقى إسرائيل في حالة ترقب واستعداد دائم لإعادة ضبط أدواتها، بما يتماشى مع معادلات القوة المتغيرة في المنطقة.
في قراءة للمحل السياسي عكيفا إلدار، تواجه حكومة نتنياهو واقعا إقليميا معقدا يتزامن مع فتور واضح في العلاقة مع إدارة ترامب، ويقول "بينما كانت تل أبيب تراهن على الصديق الحقيقي في البيت الأبيض، جاءت سلسلة من التحركات الأميركية لتربك الحسابات الإسرائيلية" خصوصا في الملفات الساخنة: غزة، والبرنامج النووي الإيراني، وتصاعد هجمات الحوثيين.
وأوضح إلدار للجزيرة نت، أنه رغم الدعم السياسي والعسكري الأميركي المتواصل لإسرائيل، اتخذ ترامب خلال الشهور الأخيرة قرارات فاجأت القيادة الإسرائيلية، مثل انخراطه المباشر في مفاوضات مع إيران، وفتح قنوات حوار مع حركة حماس بخصوص أسرى يحملون الجنسية الأميركية، إلى جانب الإعلان عن وقف إطلاق نار مع الحوثيين بينما لم يمنعهم من الاستمرار في استهداف إسرائيل.
إعلانويقول المحلل السياسي إن تل أبيب رأت في تحركات واشنطن الأخيرة تهميشا لمصالحها واستفرادا بالقرار، ما يثير قلقها من اتفاق نووي محتمل مع إيران قد يقيد خياراتها العسكرية، ويدفعها نحو بدائل دبلوماسية وسرية للتأثير على مسار الاتفاق، ومواجهة إيران بشكل غير مباشر.
كما يرى أن إسرائيل قد تلجأ إلى تصعيد محدود في غزة لتعويض تراجع التنسيق مع واشنطن، وفرض حضورها في مفاوضات تجرى أحيانا من دون علمها، معتبرة التصعيد وسيلة لاستعادة زمام المبادرة والضغط الإقليمي.
ولفت إلى أن الاتفاق الأميركي مع جماعة الحوثي أثار استياء حكومة نتنياهو، التي تتحرك عبر ضربات غير معلنة في اليمن، والضغط على واشنطن لتشديد موقفها، واستغلال التهديد الحوثي لإبراز فشل سياسات ترامب في تحقيق الاستقرار.
كل الخيارات مفتوحةوسط تصاعد التوتر بين حكومة نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تناول المحلل العسكري رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" المخاوف الإسرائيلية من توجهات ترامب في الشرق الأوسط، في مقال بعنوان "كل الخيارات مفتوحة – بما في ذلك الأسوأ: خوف إسرائيل من تحركات ترامب".
ويشير بن يشاي إلى أن إسرائيل تنظر بقلق متزايد إلى ما يعتبره قادة تل أبيب "تنازلات" أميركية محتملة لدول الخليج، خاصة السعودية وقطر والإمارات، وذلك ضمن صفقة إقليمية شاملة.
ووفقا لتقديرات المحلل العسكري فإن التنازلات الأميركية قد تشمل، المضي في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، ودعم برنامج نووي سعودي يتيح تخصيب اليورانيوم محليا، وتسويات في غزة تتيح لحماس الاحتفاظ بسلاحها وقياداتها دون ضمانات للإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين.
وفي هذا السياق، يبرز شعور داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية بالحنين إلى إدارة الرئيس السابق جو بايدن، التي كانت -بحسب تعبير بن يشاي- "أكثر سخاء" في دعمها لإسرائيل، مقارنة بما يراه اليوم من تقارب أميركي مع أطراف يعتبرها تهديدا مباشرا للأمن الإسرائيلي.
"هذا ما يفاقم القلق في إسرائيل" يقول المحلل العسكري، حيث يسود اعتقاد متزايد بأن ترامب -كما فعل مع الحوثيين- سيتجه لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران، "لكنه لن يسوقه كتنازل، وفي حال حدوث ذلك، ستفقد إسرائيل القدرة السياسية على ضرب البرنامج النووي الإيراني، رغم امتلاكها القدرة العسكرية".
وتتفق قراءة محلل الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة "هآرتس" تسفي بارئيل، مع التحليل السابق، حيث يرى أن ترامب يسعى إلى "غزو" السعودية كحليف إستراتيجي رئيسي، ما قد يحرم إسرائيل من دورها في إدارة الصراعات الإقليمية.
إعلانوأوضح بارئيل أنه في ظل تحركات ترامب مع الحوثيين وإيران وسوريا وتركيا، يعيد ترامب تشكيل الخريطة الجيوسياسية، مما يحول إسرائيل إلى مجرد متفرج في أحداث المنطقة، وقد يكون حل أزمة غزة هو الملف المقبل الذي يتعامل معه.
ولفت المحلل أنه في مارس/آذار الماضي، وبعد ضربات أميركية مكثفة على الحوثيين، أعلن ترامب أنهم "يتوقون للسلام" رغم تأكيده على نجاح العملية واستمرارها. "ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار إلا بعد 7 أسابيع، وسط تساؤلات حول دوافعه" يقول بارئيل.
ويضيف أن بعض التقديرات تشير إلى ضغوط سعودية تمهيدا لزيارة ترامب، بينما يرى آخرون أن إيران هي التي دفعت الحوثيين للتهدئة دعما لمفاوضاتها النووية، رغم نفي طهران التدخل في قراراتهم، معلقا أنه "كان من المفترض أن تكون هذه الأحداث بمثابة درس لإسرائيل لفهم كيفية إدارة ترامب للسياسة الخارجية، وتجنب المفاجآت التي قد تتكرر، مثل الاتفاق مع الحوثيين الذي تم من دون علمها".
ويقدر أن ترامب لا ينوي خوض حروب الآخرين، سواء كانت السعودية أو أوكرانيا أو حتى إسرائيل، كما أن سياسته تفضل الصفقات على المواجهات العنيفة، وهو مستعد لكسر الأعراف الدبلوماسية لتحقيق "الصفقة الأميركية الجيدة"، كما فعل عندما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حکومة نتنیاهو مع الحوثیین اتفاق نووی مع إیران تل أبیب فی غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب: نحاول التعامل مع إيران دون التورط في قصفها
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن المحادثات مع الصين ستكون جوهرية، موضحًا أنهم يسعون للمنافسة داخل الصين.
وأكد أنهم يريدون من الصين السماح لأعمالهم بالدخول إليها، مضيفًا: قد نخفض الرسوم على الصين ولن تزيد على المستوى الحالي.
وأضاف ترامب أن نموذج الرسوم البالغة 10% هو على الأرجح الحد الأدنى، وأن 10% من الرسوم هو رقم منخفض، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك أرقام أعلى.
كما أكد ترامب أنه يحاول التعامل مع إيران دون التورط في قصفها، وأعلن أنهم قريبون من التوصل لاتفاق بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
من جانبه، صرح وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، أن الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ستضيف 5 مليارات دولار من الفرص للمصدرين الأمريكيين.
وأضاف أن تعريفتهم الجمركية البالغة 10% ستظل كما هي، مؤكداً أن المملكة المتحدة ستشتري طائرات بوينج بقيمة 10 مليارات دولار.
وفي هذا السياق، صرح رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، أنه من خلال الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة، ترسل بريطانيا رسالة إلى العالم بأنها مفتوحة للأعمال، مضيفًا أن جميع تخفيضات الرسوم الجمركية كجزء من الاتفاق الاقتصادي مع الولايات المتحدة ستدخل حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن.
كما أكد ستارمر أن الاتفاق يعزز الشركات البريطانية ويمنحها الفرصة لإنقاذ آلاف الوظائف، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة يعد خطوة عظيمة وفي مصلحة كلا البلدين.
اقرأ أيضاًترامب: إعلان وشيك عن هدنة محتملة وتبادل محتجزين فى غزة
هل يستجيب البنك الفيدرالي لتهديدات ترامب بشأن سعر الفائدة؟.. خبير يُجيب