ماذا يعني إعلان حزب العمال حل نفسه لكردستان العراق؟
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
أربيل- أثار إعلان حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) عزمه حلّ نفسه والتخلي عن العمل المسلح ردود أفعال متباينة داخل إقليم كردستان العراق وخارجه، وسط ترقب لمآلات هذه الخطوة على الأوضاع الأمنية والسياسية في المناطق الحدودية، وعلى العلاقة بين الإقليم وتركيا.
فمنذ أكثر من 3 عقود شكّل وجود مقاتلي الحزب في أراضي إقليم كردستان، خاصة في جبال قنديل ومناطق دهوك والسليمانية، تحديا مستمرا لحكومة الإقليم.
رحب نيجيرفان البارزاني رئيس إقليم كردستان بقرار الحزب حل نفسه، وقال -في بيان- إن هذه الخطوة مصيرية تفتح صفحة سیاسیة جديدة في المنطقة، وإنها تدل على النضج السياسي وتمهد الطريق لحوار حقيقي يعزز التعايش والاستقرار في تركيا وجميع أنحاء المنطقة.
موقف حساسوأشاد البارزاني بدور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودعمه ومساعيه من أجل إنجاح هذه العملية، وأكد أن الإقليم "كما هو الحال دائما، يساند جميع الجهود لحل النزاعات بالطرق السلمية".
إعلانوفي تصريح للجزيرة نت، قال مصدر مسؤول في الحزب، طلب عدم ذكر اسمه، "لقد عقدنا المؤتمر الأكثر نجاحا واتخذنا قرارات تاريخية، ونظمناه من دون حضور الجهات الإعلامية كما فعلنا دائما من أجل حماية أعضائه وسلامتهم".
وبخصوص المخاوف من عدم امتثال كل القيادات داخل الحزب لقرارات المؤتمر ومطالب زعيمهم عبد الله أوجلان بترك السلاح، أضاف "لا يوجد أي اختلاف في الرأي ونحن جميعا نلتزم بتعليمات الرئيس آبو، والنضال من أجل السلام سيستمر بعد المؤتمر وسنلعب دورنا من أجل السلام".
ووفق تقارير منظمات دولية ومحلية، فإن أكثر من 600 قرية هُجّرت في إقليم كردستان العراق، خاصة في المناطق الحدودية، منها 400 في محافظة دهوك أُخليت أو تواجه خطر الإخلاء، تتوزع بواقع 200 قرية في منطقة العمادية، و150 في زاخو، و50 في عقرة، نتيجة هذا النزاع المستمر.
سياسيا، وضعت هذه المعادلة سلطات الإقليم في موقف حساس؛ فهي لا تعترف رسميا بالحزب ولا تؤيد نشاطه، لكنها في الوقت ذاته تجنبت الدخول في مواجهة مباشرة معه تفاديا لأي تصعيد داخلي أو توتر مع شرائح كردية تتعاطف مع أطروحاته.
هذا الموقف أضعف من قدرة الإقليم على فرض سيادته الكاملة في بعض المناطق، وأدى إلى توتر مزمن مع أنقرة التي تصنّف الحزب منظمة إرهابية وتطالب منذ سنوات باتخاذ خطوات واضحة لإخراجه من الأراضي العراقية.
وبشأن كيفية تغير الوضع الأمني في كردستان العراق بعد حل الحزب نفسه، قال ألأمين العام السابق لوزارة البشمركة والخبير العسكري جبار ياور إن الإقليم قد يشهد تحولا أمنيا كبيرا في حال تنفيذ عملية السلام مع الحزب، شريطة أن تقترن بخطوات قانونية وسياسية جدية من أنقرة.
وأضاف ياور -للجزيرة نت- أن من شأن هذا أن يزيل مبررات بقاء القوات التركية داخل الإقليم، وأن يفتح الباب أمام إعادة انتشار قوات حرس الحدود العراقية والبشمركة واستقرار المناطق الحدودية مع تركيا وإيران.
إعلانوأوضح أن العلاقات بين إقليم كردستان وأنقرة تُعد جيدة دبلوماسيا واقتصاديا، إذ توجد فيه قنصلية تركية، إلى جانب نشاط واسع للشركات التركية، وتدفق مستمر للمنتجات عبر المنافذ الحدودية.
ومن المتوقع أن تشهد هذه العلاقات مزيدا من التحسن في حال التوصل إلى تسوية سلمية بين الحزب والحكومة التركية، مما يضع حدا للعمليات القتالية في المناطق الحدودية، على حد قوله.
وأضاف الخبير أن الاستقرار الأمني سيسهم في تعزيز حركة التجارة وضمان سلامة خطوط البنية التحتية، بما في ذلك خط أنابيب النفط الذي يربط الإقليم بتركيا، والذي تعرض سابقا لهجمات من قبل جماعات تابعة للحزب أدت إلى توقف تصدير النفط لشهور، وتمت إعادة ترميمها وإصلاحها مرات كثيرة.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي هوشنك باواني للجزيرة نت إن إقليم كردستان، وعلى مدى 30 عاما الماضية، حُرم من مصادر دخل كبيرة كان يمكن أن تُحدث فارقا اقتصاديا كبيرا، مثل الإنتاج الزراعي، والسياحة الدينية وزيارة المواقع الأثرية، مما أثّر بشكل مباشر على البنية التحتية الاقتصادية ومستوى دخل الفرد الكردي، إلى جانب ما نتج عنه من هجرة ونزوح للمواطنين، وحرمانهم من حقهم في التعليم والرعاية الصحية.
ويرى أن نجاح الخطوة الحالية يمهد الطريق أمام الإقليم لتنفيذ خطط وبرامج لإعمار وتنمية القرى التي لم تشهد مشاريع خدمية وتنموية حقيقية منذ أكثر من 30 عاما، كما سيشجع السكان "الأصليين" على العودة إلى أراضيهم بثقة وأمان، ليصبحوا عنصرا فاعلا في حركة الاستثمار والنهوض الاقتصادي في المنطقة.
أنقرة والسليمانيةمن جانب آخر، تشهد العلاقات بين تركيا ومدينة السليمانية، الواقعة ضمن إقليم كردستان العراق، توترا ملحوظا في السنوات الأخيرة. ورغم أن أنقرة ترتبط بعلاقات قوية نسبيا مع أربيل، فإن تعاملها مع السليمانية يطغى عليه الحذر والشك لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية معقدة.
إعلانأحد هذه الأسباب الرئيسية هو الاتهام التركي لجهات في السليمانية، وخاصة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني، بالتعاون أو التساهل مع نشاطات العمال الكردستاني.
وأغلقت أنقرة مجالها الجوي أمام الرحلات القادمة من مطار السليمانية وإليه منذ أكثر من عامين، مبررة ذلك بوجود تهديدات أمنية ونشاطات استخباراتية "معادية". وتعتبر أن الاستخبارات التركية تعرضت لقيود في عملياتها داخل السليمانية، خلافا لما عليه الحال في أربيل.
تعليقا على ذلك، قال عضو قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني سالار محمود -للجزيرة نت- إن حزبه لعب دورا فاعلا في دعم جهود السلام في تركيا، مستندا إلى نهج الزعيم جلال الطالباني في معالجة القضية الكردية عبر الحوار، وإن الاتحاد يؤكد تمسكه بالحل السياسي وضرورة ضمان الدولة لحقوق الشعب الكردي.
وأضاف أن الحزب يأمل إعادة فتح مطار السليمانية أمام الرحلات الجوية التركية قريبا، مشددا على أن "السلام مكسب للجميع، بينما لا منتصر في الحروب". ودعا البرلمان التركي إلى اتخاذ الخطوات القانونية الكفيلة بإنجاح مسار السلام انطلاقا من مسؤولياته الوطنية.
وبخصوص المدة المتوقعة لإتمام عملية انسحاب حزب العمال وتسليم السلاح، قال الخبير في الشؤن التركية حسن مصطفى إنها قد تستغرق من 5 إلى 6 سنوات، وذلك يعني أن تغييرات كثيرة قد تطرأ داخل تركيا وفي دول الجوار، خاصة أن هذه العملية ليست نتاج اتفاق ثنائي، إذ لم يُوقّع أي اتفاق بين أنقرة والحزب، ولم يكن هناك طرف ثالث يتوسط في المحادثات، مما يجعلها خطوة أحادية الجانب وغير مشروطة، يُنظر إليها كمبادرة حسن نية.
ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة وتُطرح العديد من الأسئلة منها عن مصير مسلحي الحزب الذين يبلغ عددهم بالآلاف، وأين سيتم نشرهم؟ وإلى أين ستذهب قيادة الدائرة الأولى والثانية للحزب؟ وما مستقبل الكوادر والمسلحين؟
إعلانكل ذلك سيعتمد على الخطوات التي ستتخذها السلطات التركية بشأن المعتقلين من قيادات الحزب وكوادره، وإصدار عفو عن مسلحيه والتعامل مع الملف الكردي عموما داخل تركيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العمال الکردستانی المناطق الحدودیة کردستان العراق إقلیم کردستان للجزیرة نت حزب العمال أکثر من من أجل
إقرأ أيضاً:
ماذا قال توم باراك عن عودة تركيا إلى برنامج مقاتلات F-35؟
أنقرة (زمان التركية) – كشف السفير الأمريكي لدى أنقرة، توم باراك، عن شرط واشنطن لعودة تركيا من جديد لبرنامج تطوير مقاتلات الاف 35.
وخلال تغريدة، أوضح باراك أنه يتوجب على تركيا عدم امتلاك واستخدام منظومة الدفاع الصاروخي الروسية اس 400.
وأشار باراك إلى مواصلة الولايات المتحدة اللقاءات مع تركيا في إطار رغبة تركيا بالعودة لبرنامج الاف 35 وامتلاكها لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية اس 400.
وأكد باراك أنه بموجب القوانين الأمريكية يتوجب على تركيا عدم امتلاك واستخدام منظومة الدفاع الصاروخي الروسية اس 400 للعودة إلى برنامج مقاتلات الاف 35 مشيرا إلى أن العلاقات الإيجابية بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلقت مناخا جديدا للتعاون.
وأضاف باراك أن هذا الأمر فتح الطريق أمام أكثر لقاءات مثمرة بشأن هذا الصدد مفيدا أن الولايات المتحدة تأمل في أن تشكل هذه اللقاءات نقطة تحول لتلبية الضروريات الأمنية لتركيا والولايات المتحدة خلال الأشهر القادمة.
جدير بالذكر أن عملية إقصاء تركيا من برنامج تطوير مقاتلات الاف 35 وقعت بفعل قرار تركيا شراء منظومة الدفاع الصاروخي اس 400 من روسيا. وأعلنت الولايات المتحدة، الشريك الرئيسي للبرنامج، أن هذه الأنظمة تشكل خطرا أمنية على تكنولوجيات الاف 35.
وعقب هذا التفاوت السياسي، قررت الولايات المتحدة تعطيل شراكة تركيا في برنامج الاف 35 في يوليو/ تموز من عام 2019 وإيقاف تدريب الطيارين الأتراك وإنهاء دور الشركات التركية في سلسلة الإنتاج.
وتأكدت هذه الإجراءات بإعلان الولايات المتحدة إقصاء تركيا من البرنامج رسميا في أبريل/ نيسان من عام 2021.
ودفع الانفصال عن برنامج الاف 35 تركيا إلى البحث عن طرق جديدة لتحديث قوتها الجوية مثل الحصول على مقاتلات اليوروفايتر أو التركيز على برنامج المقاتلة التركية قآن.
Tags: السفير الأمريكي لدى أنقرةالعلاقات التركية الأمريكيةبرنامج الاف 35توم باراكمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية اس 400يوروفايتر