السنوات العجاف تلقي بنادي الأفريقي التونسي في مهب الأزمات
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
تونس – "أحنا ملاين ما نموتوش" (عددنا بالملايين ولن نموت).. تلك العبارات التي كانت تتصدر لافتة عملاقة لمشجعي ألتراس النادي الأفريقي التونسي في مدرجات ملعب رادس الأولمبي، والتي اتخذها النادي شعارا له في موسم 2024 ـ 2025، للدلالة لا فقط على شعبيته الجارفة وقاعدته الجماهيرية، وإنما إيذانا بالعودة للمراهنة على الألقاب بعد تتالي السنوات العجاف.
ورغم علوّ سقف الطموحات داخل النادي الأفريقي، الذي تأسس في العام 1920، ويعد واحدا من أقدم أندية الكرة العربية، إلا أن شمس الألقاب غابت من جديد عن الفريق الأحمر والأبيض، لتستمر معاناة جماهيره وسط حالة من الغضب والحسرة التي ازدادت حدتها مع خروج الفريق من سباق الدوري للموسم الجاري خالي الوفاض.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 24 لاعبين سجلوا هاتريك ضد برشلونة هذا الموسم وخسرت فرقهمlist 2 of 2التتويج المحتمل بالدوري الأوروبي نقمة اقتصادية لإدارة مانشستر يونايتدend of listوأسدل الستار الخميس الماضي على سباق الدوري التونسي للمحترفين ليحتل الأفريقي المركز الرابع وسط حالة من الإحباط والغضب داخل النادي بعد أن كان في بداية الموسم منافسا بارزا على اللقب، لا سيما بعد التخلص من شبح الديون الثقيلة التي كانت تحاصره.
مواسم متشابهة وفشل واحدويعيش الإفريقي، ثاني أندية البلاد تتويجا بالألقاب بعد غريمه الترجي، وصاحب الـ13 لقبا للدوري ومثلها للكأس، وضعية صعبة بعد استمرار فشله في معانقة الألقاب للموسم العاشر تواليا، إذ يعود آخر تتويج له بالدوري إلى موسم 2014 ـ 2025، قبل أن تتوالى الفترات الحالكة ويعجز الفريق عن إعادة البسمة إلى جماهيره الوفية.
إعلانقبل بداية موسم 2024 ـ 2025، شهدت أجواء الأفريقي مستجدات كثيرة كان في مقدمتها حلول رجل الأعمال الأميركي فيرجي تشامبيرز الذي قدّم نفسه على أنه مستثمر في "فريق الشعب"، وأحد أكبر المدعمين للنادي، وقدم بالفعل دعما ماليا سخيا ليخلص الفريق من الديون الثقيلة التي كانت تحاصره، كما ساهم في تسديد رواتب اللاعبين والتكفل بالتعاقد مع لاعبين جدد.
لكن التعاقدات التي أقدم عليها الفريق ونجاحه في خلاص الديون لم تكن كافية لوضع الفريق على سكة الألقاب من جديد، إذ توالت النتائج السلبية في المنعطف الحاسم لموسم 2024 ـ 2025، ووجد فريق "باب الجديد"، وهي المنطقة التي تأسس فيها النادي في قلب العاصمة تونس، نفسه خارج المراهنة حتى على المراكز المؤهلة للمسابقات الأفريقية.
وشنّت جماهير النادي هجوما حادا ضد مسؤوليه والمدرب الفرنسي دافيد بيتوني واللاعبين، رافعة لافتات تضمنت عبارات مسيئة ضد الأطراف التي اعتبر المشجعون أنها تخاذلت في أداء واجبها تجاه النادي وفشلت في الدفاع عن اسمه وشعاره.
وخلال مباراة النجم الساحلي التي خسرها الأفريقي 0-2 على ملعبه، -وهي الخسارة الثالثة له تواليا في الدوري ـ ألقى جمهور الأفريقي القوارير على اللاعبين وأعضاء الجهاز الفني وطالت موجة الغضب رئيس النادي هيكل دخيل، موجهين عبارات الشتم ضده، قبل أن تدعو روابط المشجعين إلى الخروج يوم السبت في مظاهرة أمام مقر تدريبات النادي لمهاجمة المسؤولين والمطالبة باستقالتهم.
واعتبر المشجع خليفة الرباعي المعروف باسم "القعبوط" في أوساط النادي، والذي يعدّ واحدا من المتيمين بحب الأفريقي أن "المواسم تتشابه والخيبة واحدة داخل الفريق"، مشيرا إلى أن سوء إدارة النادي في ملف التعاقدات مع اللاعبين هو السبب الأول لاستمرار السنوات العجاف وابتعاد النادي عن منصة الألقاب.
وقال القعبوط للجزيرة نت: "على مدى قرابة 50 عاما من علاقتي بالأفريقي أعتقد أن السنوات العشر الأخيرة هي الأشد بؤسا للنادي، أين نحن من إبداعات الحارسين عتوقة ومختار النايلي ونجيب غميض وكمال الشبلي والمنصف الخويني وفي نهاية التسعينات مع فوزي الرويسي وعادل السليمي ولطفي المحايسي وجمال الإمام وأبو بكر الزيتوني وغيرهم. الأفريقي دخل في طريق مظلمة منذ أن رحل عنه كبار المسؤولين".
إعلان اللاعبون سبب الانحدارمن جهته، يرى المسؤول السابق كمال بن خليل أن "علّة الأفريقي تكمن في فشل التعاقدات واستقدام لاعبين أثبتت المباريات أنهم لا يستحقون حمل قميص النادي ولا الدفاع عن ألوانه".
يضيف بن خليل الذي تقلد مناصب عدة في الأفريقي في السنوات الماضية "أحمل المسؤولية للاعبين والمدرب دافيد بيتوني بعد الخيبة العارمة وحالة الإحباط التي أصابت "شعب الأفريقي" من جديد، ولكن لا بد من مسائلة المشرفين عن التعاقدات، لا يمكن بناء فريق يراهن على الألقاب بمثل هؤلاء "الخونة"، وفق وصفه.
وأرجع المتحدث السبب الأساسي في نهاية موسم الأفريقي في الدوري على نحو سيء بعدم إقالة المدرب الفرنسي دافيد بيتوني الذي تسلم المقاليد الفنية للفريق الأول في يوليو/تموز 2024، وعجز عن تحقيق أي انتصار أمام أندية المقدمة في الدوري التونسي، وفق ما أكده بن خليل.
ومنذ تأسيسه في عام 1920، أحرز الفريق الأحمر والأبيض 13 لقبا للدوري و13 للكأس، كما كان أول ناد تونسي يتوج بدوري أبطال أفريقيا والكأس الأفروآسيوية وذلك عام 1991.
أزمة بين الرئيس والمستثمرولم تقف أزمة الافريقي في موسم 2024 ـ 2025 عند النتائج المخيبة للآمال، بل شهدت الأيام الماضية اندلاع حرب كلامية لا تزال مستمرة حتى الآن بين رئيس النادي هيكل دخيل والمستثمر الأميركي فيرجي تشامبيرز الذي وجّه اتهامات خطيرة وشبهات سوء تصرف مالي لرئيس النادي.
وأشعل شامبيرز الأزمة في أوساط مشجعي الأفريقي عندما وجه اتهامات صريحة ضد رئيس النادي هيكل دخيل، قائلا إنه لن يستمر في دعم النادي للموسم المقبل إلا بشرط تنحي دخيل من منصبه ورحيله عن مجلس الإدارة.
وأعلن شامبيرز في تصريحات نشرها على حساباته الرسمية بمنصات التواصل عن قراره تكليف خبراء في التدقيق المالي والتصرف للكشف عما اعتبره "شبهات للفساد المالي" لا بد من الكشف عن المتهمين بارتكابها لإعادة الاستقرار للنادي ومصالحة جماهيره.
إعلانوقال " تم ضخ نحو 15 مليون دينار (5 ملايين دولار) في ميزانية النادي منذ بداية الموسم، ورغم ذلك نفاجأ اليوم بأن الديون تناهز 10 ملايين دينار، هناك أمور لا بد من توضيحها بتدقيق مالي وقانوني. لم أتهم أحدا بالسرقة ولكن الأفريقي يحتاج اليوم مشروعا إصلاحيا يشمل تدقيقا شاملا، ولجنة منتخبة، ومراجعة هيكلية للفريق".
وردّ رئيس النادي هيكل دخيل على اتهامات شامبيرز بالقول إنه لم يختلس أي أموال من خزينة النادي، مشيرا إلى أنه مستعد للمحاسبة وتقديم كل الوثائق للجان التدقيق وللشركات الداعمة خلال الجلسة العمومية في يونيو/حزيران المقبل.
وقال دخيل، في مقطع فيديو على الحساب الرسمي للنادي على "فيسبوك": "يداي نظيفتان ولم أختلس أموالا، الأفريقي ليس للبيع ومن العار أن ننشر غسيله الداخلي على منصات التواصل، سأقدم كل الوثائق للجهات المختصة لإثبات الإدعاءات الباطلة التي راجت مؤخرا، أنا مستعد للمحاسبة وواثق بأني لم أساوم عندما توليت المسؤولية".
وتولى دخيل رئاسة الإفريقي في يونيو/حزيران 2024، بشكل مؤقت ولمدة موسم واحد وذلك بعد استقالة الرئيس المنتخب آنذاك يوسف العلمي من منصبه بسبب سوء النتائج وحملة الغضب التي طالته من قبل الجماهير.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات موسم 2024 ـ 2025
إقرأ أيضاً:
إيران ترد على ترامب بنصر دفاعي جديد وتنفي تلقي أي مقترحات أمريكية مكتوبة
مع تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول الملف النووي الإيراني، تتجدد الأجواء المشحونة بين طهران وواشنطن، حيث تتداخل التصريحات السياسية الحادة مع تطورات ميدانية ودبلوماسية متسارعة، في هذا السياق، أعلن اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، عن تحقيق إنجاز دفاعي جديد مهم، في رسالة تؤكد قدرة إيران على تعزيز موقفها العسكري وسط الضغوط الأميركية والعقوبات المستمرة.
وأعلن اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، خلال كلمته في مراسم إحياء الذكرى السنوية الأولى لشهداء الخدمة بساحة الإمام الحسين في طهران، عن تحقيق “إنجاز كبير” في مجال تكنولوجيا الدفاع خلال الأسابيع الماضية، مشيرًا إلى أنه سيتم الكشف عنه عمليًا في وقت لاحق.
وفي خطاب ناري، وجّه سلامي انتقادات حادة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واتهمه بشن “عملية نفسية” ضد الشعب الإيراني عبر نشر الإحباط واليأس، مؤكدًا أن الإيرانيين يعتبرونه “قاتل الشهيد قاسم سليماني” وأن صورة الولايات المتحدة لديهم “سلبية للغاية”.
كما سخر سلامي من تصريحات سابقة لترامب وصف فيها الشعب الإيراني بالإرهابي، متسائلًا: “كيف يدّعي اليوم صداقته لهذا الشعب؟”، مؤكدًا أن الإيرانيين يميزون بين الأصدقاء والأعداء، ويضعون واشنطن في مقدمة خصومهم بسبب العقوبات الاقتصادية ومنع استيراد الأدوية.
وأضاف القائد الإيراني أن تاريخ السياسات الأمريكية تجاه طهران مليء بالتدخلات، من انقلاب 1953 إلى محاولات الهيمنة الثقافية والاقتصادية بعد الثورة، مؤكدًا أن الشعب الإيراني واجه تلك السياسات “وهزمها في كل ميدان”.
وجاءت تصريحات سلامي ردًا مباشرًا على خطاب ترامب الأخير في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي بالرياض، والذي وصف فيه إيران بأنها “أكثر القوى تدميرًا في الشرق الأوسط”، ملمحًا إلى قرب التوصل لاتفاق نووي جديد، لكنه حذر من “مسار عنيف” إذا رفضت طهران عروض الحوار.
إيران تنفي تلقيها مقترحات مكتوبة من أمريكا
في خضم الجهود الدبلوماسية المتواصلة للتوصل إلى حل شامل للملف النووي الإيراني، استمرت الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في سلطنة عمان يوم الأحد الماضي، وسط آمال متجددة وحذر واضح من الطرفين.
ورغم تصريحات متباينة، نفت إيران تلقي أي مقترحات مكتوبة رسمية من الجانب الأمريكي حتى الآن، مؤكدة تمسكها بحقوقها النووية، خاصة في مجال التخصيب، ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
في المقابل، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق، مشددًا على ضرورة أن تكون إيران دولة كبرى دون امتلاكها للسلاح النووي، ومشيرًا إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه دولة قطر في تسهيل هذه المفاوضات الحساسة.
وتأتي هذه المباحثات وسط سجل طويل من التوترات والاتهامات المتبادلة، لكنها تمثل محاولة لإعادة تفعيل قنوات الحوار في ظل مخاوف دولية من تصاعد الأزمة.