قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الرياض شكّلت تحوّلاً خطيراً ستكون له "عواقب مروّعة على الشعب السعودي".

وأوضحت المجلة في تقرير لها أن ترامب أرسل من خلال خطابه "إشارة خطيرة" إلى ولي العهد محمد بن سلمان مفادها أن بإمكانه التصرف دون خوف من المساءلة الدولية.



وأضافت المجلة أن ابن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، تلقّى تصريح ترامب بعدم "إلقاء المحاضرات حول كيفية إدارة شؤون الآخرين" كضوء أخضر يُتيح له قمع المعارضين وتنفيذ الإعدامات كما يشاء، دون خوف من العواقب الدولية.

وكشفت المجلة أنها تلقت اتصالًا من والدة مواطن مصري محكوم عليه بالإعدام في السعودية، أبلغت فيه أن ابنها نُقل إلى زنزانة الإعدام في سجن تبوك، مع نحو عشرين مصريًا آخرين. ووصفت الأم وضع الزنزانة بأنه أقرب إلى "سوق للذبح"، حيث يسحب الحراس أحد النزلاء كل بضعة أيام لتنفيذ الحكم، بينما ينام الباقون في رعب لا يعلمون إن كانوا سيُستيقظون أم لا.

وأفادت فورين بوليسي بأن رواية هذه السيدة أُكدت من قِبل أقارب سجناء آخرين، أشاروا إلى أن الحراس يتعمّدون بثّ الرعب في نفوس النزلاء بإبلاغهم مسبقًا بموعد تنفيذ الإعدام، دون كشف هوية المستهدف.

وتابعت المجلة أن هذه الوقائع تُجسد حقيقة المملكة اليوم في عهد محمد بن سلمان، ووصفتها بأنها "واحدة من أكثر الأنظمة قمعًا وتنفيذًا للإعدامات في العالم"، رغم ما وصفته بتلميع ترامب لصورة السعودية واعتباره ما يجري فيها "جميلًا".

وبحسب تقرير المجلة، فقد نفّذت السعودية خلال العام الماضي ما لا يقل عن 345 عملية إعدام، وفق بيانات دققتها منظمة "ريبريف" والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، مسجلة بذلك زيادة بنسبة 76% عن الرقم القياسي السابق في عام 2022. وتضمنت الإعدامات أعدادًا غير مسبوقة من النساء (9)، وأجانب (138)، ومدانين في قضايا مخدرات (122).

وأوردت المجلة أن من بين هؤلاء المحكومين بالإعدام رجلين مصريين هما أحمد زينهم ورامي النجار، أحدهما سائق تاكسي والآخر عامل نسيج، أُلقي القبض عليهما لحيازتهما 8 غرامات من القنب الهندي، في حين يمكن أن يُعدما في أي وقت بتهم تتعلق بالمخدرات، رغم أن هذه الكمية تُعد قانونية في عدد من الولايات الأمريكية.

وأشارت فورين بوليسي إلى أن هذه الوقائع تناقض مزاعم ولي العهد السعودي بأن المملكة حدّت من تطبيق عقوبة الإعدام وحصرتها في "من قتل نفسًا بغير حق"، بل وادّعى أنها ستُلغى في غالبية القضايا باستثناء ما ورد فيه نص شرعي. لكن الواقع، كما تقول المجلة، يُظهر أن العقوبة تُطبّق على نطاق أوسع من أي وقت مضى، وتُستخدم لترهيب المعارضين وحتى من يتعاطون الماريجوانا.

وأوضحت المجلة أن السلطات السعودية تُواصل تضليل المجتمع الدولي. ففي جلسة أممية في جنيف العام الماضي، حضرها مراسل فورين بوليسي، ادّعى ممثل الحكومة السعودية أن المملكة لا تُعدم سوى مرتكبي الجرائم العنيفة الخطيرة، بينما كانت قد نفّذت قبل ثلاثة أيام فقط إعدامًا بحق مواطن نيجيري في قضية مخدرات.

وأضافت المجلة أن الرياض تزعم أيضًا أنها ألغت عقوبة الإعدام ضد القاصرين، لكنها لا تزال تحتفظ بأحكام بالإعدام ضد سجناء مثل عبدالله الحويطي، الذي كان يبلغ 14 عامًا وقت اعتقاله وتعرّض للتعذيب لانتزاع اعتراف زائف بقتل، وعبدالله الدرازي، الذي كان في السابعة عشرة حين شارك في احتجاجات.



وتابعت المجلة أن ولي العهد السعودي يُبدي حساسية مفرطة تجاه الانتقادات الدولية، وهو ما ظهر – بحسب تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية – في أمره المباشر باغتيال الصحفي جمال خاشقجي عام 2018. كما أشارت إلى حكم قضائي صدر مؤخرًا بحق المواطن البريطاني أحمد الدوش بالسجن عشر سنوات، على ما يبدو بسبب تغريدة، دون أن تكون حتى الحكومة البريطانية على علم بالتهمة الحقيقية.

ووفقًا لتحليل المجلة، فإن صمت المجتمع الدولي وانشغاله بملفات أخرى في المنطقة، مثل الحرب في غزة والصراعات في لبنان وسوريا، شكّل فرصة للنظام السعودي لتكثيف موجة الإعدامات بعيدًا عن الرقابة الدولية.

وقد لاحظت المجلة من خلال تتبع الرسوم البيانية أن وتيرة الإعدامات انخفضت خلال عامي 2020 و2021، وهو ما عزته جزئيًا إلى جائحة كورونا، وجزئيًا إلى ردود الفعل الدولية إثر مقتل خاشقجي. إلا أن هذا التراجع لم يستمر طويلاً، إذ سرعان ما استؤنفت الإعدامات بوتيرة أعلى، مع تراجع الضغوط الدولية.

وأشارت فورين بوليسي إلى أن استئناف الإعدامات تم حتى في شهر رمضان، الذي عادة ما يشهد وقفًا مؤقتًا لتطبيق العقوبات، حيث أُعدم خلال الأشهر الأولى من العام الحالي 112 شخصًا، بينهم 68 في قضايا مخدرات و12 في قضايا "إرهاب غير مميتة"، ما اعتبرته المجلة تهمة فضفاضة قد تشمل ببساطة المشاركة في احتجاجات.

وأبرزت المجلة أن جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، كان حاضرًا أثناء خطاب ترامب الذي مدح فيه ما أسماه "التحولات الإيجابية" في السعودية، رغم أن المملكة حصلت قبل أشهر فقط على حق استضافة كأس العالم 2034 دون منافسة تُذكر، في خطوة أثارت انتقادات واسعة.

وخلصت فورين بوليسي إلى أن إشادة ترامب بما وصفه بـ"الجميل الذي يحدث" في السعودية تُعزز شعور القيادة السعودية بالحصانة الدولية، مشيرة إلى أن صمت بقية قادة العالم – وإن كانوا أقل صراحة من ترامب – يعكس فشلًا أخلاقيًا متكررًا في التصدي لانتهاكات المملكة.

وحذّرت المجلة من أن المرحلة الجيوسياسية الحالية، التي تطغى عليها الحسابات المصلحية
والتفاهمات الاقتصادية الصريحة، تُنذر بوقت مظلم للسعوديين، حيث تتزايد الإعدامات في ظل خطاب رسمي يُشيد بالحريات الشخصية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب محمد بن سلمان السعودية السعودية محمد بن سلمان ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فورین بولیسی فی السعودیة المجلة أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

فيزيائيو أكسفورد يصنعون ضوءا من الفراغ الكمومي

في سبق علمي جديد أعلن فريق من العلماء بجامعة أوكسفورد البريطانية عن تطوير أداة محاكاة حاسوبية قادرة على تتبع تفاعلات الضوء في الفراغ الكمي لحظة بلحظة، في 3 أبعاد وبدقة عالية غير مسبوقة. وقد نُشرت هذه الدراسة في دورية "كوميونيكيشن فيزيكس" التابعة لمجموعة "نيتشر".

تكشف الدراسة حقيقة "العدم" بالمعنى الفيزيائي (وليس الفلسفي)، حيث تقول زيكسين زانغ، الباحثة في قسم الفيزياء الذرية والليزر، في جامعة أكسفورد في تصريحات للجزيرة نت: "في المصطلحات اليومية، نعتقد أن العدم هو فضاء فارغ، لكن في الفيزياء الكمية، فإن ‘اللا شيء’ لا يكون فارغا حقا" مضيفة: "حتى في فراغ مثالي، هناك تقلبات طاقة صغيرة وسريعة تؤدي إلى ظهور جسيمات افتراضية تظهر وتختفي بسرعة كبيرة لدرجة يصعب معها رصدها مباشرة".

ورغم أن هذه الظواهر الكمومية كانت دائما حاضرة في النظريات، فإن الأدوات التجريبية لرصدها ظلت محدودة. لكن الليزر فائق القوة المستخدم حاليا يمكّن من التفاعل مع هذا الفراغ الكمومي، ورصد آثاره غير المباشرة، مثل تغيير خصائص نبضة ضوئية تمر خلاله.

الليزر فائق القوة المستخدم حاليا يمكّن من التفاعل مع هذا الفراغ الكمومي (أسوشيتد برس) حقيقة الفراغ

تقدم الدراسة أداة محاكاة جديدة تستند إلى نموذج يصف كيف يؤثر الفراغ الكمي على الضوء. تشرح زانغ: "لقد قدمنا في دراستنا أداة محاكاة جديدة تُمكّن من تتبع كيفية تفاعل نبضات الليزر مع الفراغ الكمومي. وتُظهر نتائجنا إعادة إنتاج الظواهر المعروفة مثل الازدواجية في الفراغ (حيث يتغير الضوء بسبب الفراغ) ومزج الموجات الأربع (حيث يتم توليد ضوء جديد من تداخل ثلاث نبضات ضوئية)، مما يؤكد أن النموذج يعمل بدقة ويمكنه مساعدتنا في استكشاف فيزياء أكثر غرابة مستقبلا".

في السابق، كانت النماذج التي تحاول محاكاة هذا التفاعل تعتمد على افتراضات غير دقيقة، مثل اعتبار الليزر موجة مثالية ومنتظمة، بينما الليزر الحقيقي أكثر تعقيدا. كما أن أدوات المحاكاة القديمة كانت بطيئة جدا أو لا تُظهر تفاصيل كافية. تضيف زانغ: "لذلك نلجأ إلى المحاكاة الرقمية، لكنها مكلفة حسابيا جدا، خاصة في 3 أبعاد".

وهنا جاءت فكرة الأداة الجديدة: أشبه بـ"كاميرا فائقة السرعة" تلتقط ما يحدث أثناء التفاعل، وتُظهر التفاصيل بوضوح وبتكلفة حاسوبية أقل، تقول زانغ: "أدوات المحاكاة الحالية إما بطيئة جدا، أو لا تُظهر ما يحدث داخل منطقة التفاعل. أما أداتنا الجديدة فهي أشبه بكاميرا عالية السرعة تتيح مشاهدة التفاعل لحظة بلحظة، مما يمنحنا فهما أعمق بكثير".

إعلان

تم تطوير هذه الأداة ضمن بيئة تُسمى "أوزيريس"، وتم تعديلها بحيث تعمل بكفاءة عالية باستخدام موارد بسيطة، مما سيساعد العلماء على استكشاف ظواهر فيزيائية أكثر غرابة في المستقبل.

ليس انعكاسا ولا اتحادا!

من المظاهر المذهلة التي كشفتها المحاكاة هو أن الفراغ في ظل الضوء الكثيف يتصرف وكأنه وسط يتغير سلوكه تجاه الضوء، عندما تزداد شدة الضوء الداخل إليه، مما يسمح بتفاعلات ضوئية غير ممكنة عادة.

تتعجب زانغ، وتوضح "ما يثير الدهشة أن ظواهر ضوئية مثل الازدواجية أو مزج الموجات الأربع، والتي تحتاج عادة إلى مواد خاصة، يمكن أن تحدث هنا في غياب تام لأي مادة. كل ما نحتاجه هو فراغ وكثافة ضوء عالية".

يعني ذلك أن النبضة الضوئية الجديدة الناتجة من مزج الموجات الأربع ليست انعكاسا للنبضات الثلاث، ولا مجرد اتحاد مباشر بينها، بل هي وليدة تفاعل خاص يحدث داخل "العدم" أو الفراغ الكمي عندما تتقاطع هذه النبضات معا.

هذا التحول في تصور الفراغ له آثار عملية أيضا، خصوصا في تصميم التجارب المستقبلية في مرافق الليزر العملاق، وتشرح زانغ: "أداتنا متاحة عند الطلب ويمكنها محاكاة أي إعداد لليزر تقريبا. وهذا يعني أن الباحثين في المرافق الجديدة يستطيعون اختبار أفكارهم على الحاسوب قبل تنفيذها في الواقع، ومقارنة النتائج بما ننتجه نظريا"، مشيرة إلى أن الأداة تدعم أيضا نماذج فيزيائية بديلة.

كما تتيح الأداة تتبع الوقت الدقيق لوصول النبضات الضوئية إلى أجهزة الكشف، وهو أمر حاسم للتجارب التي تستخدم مجسات عالية الحساسية تعتمد على التوقيت، فمعظم النماذج السابقة لا تحدد متى ستصل الإشارة إلى الكاشف. أما الأداة الجديدة، فهي تتبع تطور النبضة لحظة بلحظة، مما يسمح بالتنبؤ الدقيق بزمن وصول الإشارة، وبالتالي تحسين فعالية التجارب، بحسب زانغ.

ضوء مقولب

وفي واحدة من أهم نتائج الدراسة، كشفت المحاكاة أن شكل النبضة الناتجة في تجربة مزج الموجات الأربع يتأثر مباشرة بشكل منطقة التداخل بين نبضات الليزر الداخلة. وتشرح زانغ: "الفكرة الأساسية أن الضوء الناتج يتشكل فقط في المنطقة التي تتقاطع فيها كثافات الليزر الداخلة. إذا كانت المنطقة غير منتظمة، فإن النبضة الخارجة تعكس هذا الشكل، كأنها قطعة بسكويت تأخذ شكل القالب. وقد أظهرت محاكاتنا هذا الترابط بشكل واضح".

يطمح الباحثون أن تصبح أداتهم أساسا لأدوات أوسع لمحاكاة الفراغ الكمي، ليس فقط في فراغ تام بل حتى عند وجود جسيمات، مما يفتح الباب أمام محاكاة التجارب المعقدة. وهكذا، لا يعود الفراغ مجرد غياب للمادة، بل يصبح ساحة تعج بصخب صنعته فيزياء الكم ولن تكف عنه في السنوات المقبلة، كما تشهد تفاعلات ضوئية دقيقة ومعقدة يمكن الآن، بفضل هذه المحاكاة، مشاهدتها بتفاصيل غير مسبوقة.

مقالات مشابهة

  • الحزم يقترب من التعاقد مع حارس منتخب الرأس الأخضر برونو فاريلا
  • عبر النفق الكمومي.. شريحة ذهبية تستشعر جزءا من التريليون من الغرام
  • فورين بوليسي: مغامرة نتنياهو في إيران باءت بالخسران
  • «انتهاك للشرعية الدولية».. السعودية تدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة
  • ليبيا تجذب عمالقة النفط في أول جولة تراخيص منذ 2011 لزيادة الإنتاج لمستويات قياسية
  • السعودية تؤكد ضرورة أن تنعم فلسطين بالسلام وفقا لقرارات الشرعية الدولية
  • الزراعة: إنتاج السكر المحلي يصل إلى 3.3 مليون طن.. ومصانع جديدة تخطط لزيادة الإنتاج والتصدير
  • الجنائية الدولية تتعرض لهجوم سيبراني متطور وسط تصاعد الضغوط السياسية والقانونية
  • فورين بوليسي: هل ترامب حقا قيصر أميركي يشبه أباطرة الرومان القدماء؟
  • فيزيائيو أكسفورد يصنعون ضوءا من الفراغ الكمومي