وسط مراجعات فنية وتنسيق إقليمي.. واشنطن تبدأ خطوات رفع العقوبات عن سوريا
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميًا بدء إجراءات رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في تحول بارز في السياسة الأمريكية تجاه دمشق والمنطقة.
وأفادت شبكة “سي إن إن” بأن القرار أدى إلى حالة من الاستنفار داخل دوائر الحكومة الأمريكية، وسط انطلاق مراجعات فنية معقدة يُتوقع أن تمتد لعدة أسابيع قبل دخول القرار حيز التنفيذ الكامل.
وأكد مسؤولون في وزارة الخزانة أن الإدارة تعمل على إعداد تراخيص عامة سيتم إصدارها خلال الفترة المقبلة، تهدف إلى توسيع النشاط الاقتصادي السوري وتمهيد الطريق أمام مشاريع إعادة الإعمار، على أن تُستخدم هذه التراخيص كمرحلة انتقالية لحين إلغاء شامل للعقوبات.
وبحسب ثلاثة مسؤولين أمريكيين، فقد باشرت الإدارة بالفعل دراسة آليات تخفيف العقوبات تدريجيًا، بما يشمل تسهيلات في قطاع التصدير، وهو ما قد يشكل دفعة أولى لدعم الاقتصاد السوري المتعثر.
وفي هذا السياق، صرّح وزير الخارجية ماركو روبيو أن الإعفاءات التي ستُمنح في المرحلة الأولى تندرج ضمن الإطار القانوني الحالي، لكنها لا تعني إنهاء قانون العقوبات بالكامل، مشيرًا إلى أن فرص الاستثمار في سوريا ستظل مرتبطة بمخاطر سياسية قائمة طالما لم تُلغَ العقوبات بشكل نهائي.
وجاء هذا الإعلان بعد أشهر من قنوات تواصل غير معلنة بين إدارة ترامب والرئيس السوري أحمد الشراع، وفق ما نقلت “سي إن إن” عن مصادر مطلعة، التي أوضحت أن القرار لم يكن مفاجئًا بالكامل، لكنه تجاوز التوقعات من حيث توقيته وسرعة تنفيذه.
وخلال الإعلان الرسمي من العاصمة السعودية الرياض، قال ترامب موجهًا حديثه إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان: “العقوبات كانت ضرورية في وقتها، لكن حان الوقت لسوريا أن تتألق من جديد”، في إشارة إلى دعم إقليمي مرتقب لمرحلة التعافي وإعادة الإعمار.
وتأتي خطوة الإدارة الأمريكية برفع العقوبات عن سوريا في سياق تحولات تدريجية في السياسة الإقليمية والدولية تجاه دمشق، بعد أكثر من عقد من العزلة الاقتصادية والدبلوماسية المفروضة على البلاد منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وخضعت سوريا لعقوبات أميركية وأوروبية صارمة، أبرزها “قانون قيصر” الذي دخل حيز التنفيذ عام 2020، والذي استهدف المؤسسات الحكومية السورية ومصادر تمويلها، وفرض قيودًا على الدول والشركات التي تتعامل معها.
وتسببت العقوبات بتدهور كبير في الاقتصاد السوري، وشملت قيودًا على القطاع المالي، وعمليات التصدير والاستيراد، ومشاريع إعادة الإعمار، مما حال دون تدفق الاستثمارات إلى الداخل السوري، وزاد من معاناة السكان على الصعيد المعيشي والإنساني.
ورغم تمسك الإدارات الأمريكية السابقة بالعقوبات كأداة للضغط السياسي، شهدت الأشهر الماضية مؤشرات على انفتاح حذر تجاه دمشق، مدفوعًا بتطورات إقليمية أبرزها تطبيع عدد من الدول العربية لعلاقاتها مع الحكومة السورية، وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية عام 2023، فضلاً عن جهود خليجية متزايدة لإعادة دمج سوريا في محيطها العربي.
وساهمت هذه الديناميكيات في إعادة طرح مسألة العقوبات على طاولة النقاش داخل واشنطن، لا سيما مع تزايد الدعوات من أطراف دولية ومنظمات إنسانية بضرورة تخفيف الإجراءات العقابية لتسهيل جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، خصوصًا في أعقاب الكوارث الطبيعية التي ضربت البلاد، وفي ظل تراجع قدرة المؤسسات على تقديم الخدمات الأساسية.
ويُنظر إلى هذا التحول في موقف إدارة ترامب باعتباره خطوة استراتيجية ذات أبعاد سياسية واقتصادية، تمهّد لمرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية مع دمشق، وتفتح الباب أمام تفاهمات أوسع تشمل ملفات إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وتطبيع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الاقتصاد السوري سوريا حرة سوريا وأمريكا إعادة الإعمار
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي يبحث تأهيل قطاعات في سوريا بعد رفع ترامب العقوبات
بحث وزير المالية السوري محمد يُسر برنية مع وفد من البنك الدولي سبل التعاون في إعادة تأهيل القطاعات ذات الأولوية في البلاد.
جاء ذلك خلال اجتماع في دمشق، هو الأول بين الجانبين منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل يومين، رفع العقوبات عن دمشق.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" إن الاجتماع، الذي عُقد بمقر وزارة المالية في دمشق الخميس، تناول أبرز المساهمات والدعم الفني الذي يعتزم البنك الدولي تقديمه للبلاد خلال المرحلة المقبلة.
وأشارت إلى أن اللقاء شهد استعراضا مشتركا للقطاعات الحيوية التي ستخضع لإعادة التأهيل، بإشراف وتنسيق بين الجانبين.
وقبيل قرار ترامب، كانت المؤسسات المالية الدولية لا تستطيع تقديم الدعم المالي لسوريا، في ظل العقوبات المفروضة على دمشق.
وفي 27 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت وزارتا المالية في السعودية وقطر سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، والتي تبلغ نحو 15 مليون دولار.
رفع العقوبات الأميركيةوالثلاثاء، أعلن ترامب خلال "منتدى الاستثمار السعودي- الأميركي 2025" في الرياض، اعتزامه رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وأكد ترامب أن الهدف من ذلك "منح الشعب السوري فرصة للنمو والتطور".
إعلانوأوضح أن القرار جاء بعد مشاورات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
والخميس، قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لتنفيذ توجيهات الرئيس ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا.
وأضافت في منشور على حسابها بمنصة إكس: "نتطلع إلى تطبيق التصاريح اللازمة التي ستكون حاسمة لجلب استثمارات جديدة إلى سوريا".
ورجحت وزارة الخزانة أن "إجراءاتها قد تساعد في إعادة بناء الاقتصاد والقطاع المالي والبنية التحتية في سوريا، ويمكن أن تضع البلاد على طريق مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر"، وفق ما أفادت وكالة الأناضول.
نتائج رفع العقوبات عن سورياوفي السياق، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن الشعب السوري سيلمس نتائج رفع العقوبات الأميركية خلال فترة تتراوح بين 6 أشهر وسنة.
وقال "بدأنا العمل للتحضير لتفعيل نظام التحويل العالمي سويفت"، موضحا أن إعادة تفعيله سيسهّل التصدير ويخفض أسعار المستوردات.
وأوضح حاكم مصرف سوريا المركزي أن العقوبات وضعت سوريا خارج المنظومة العالمية ورفعها يعتبر حدثا بالغ الأهمية ولحظة مفصلية، لأنه "سيمكننا من فكّ الحظر عن أموال المصرف والدولة في الخارج"، بحسب ما نقلت وكالة سنا السورية.
وأكد أنه سيتم العمل وفق المعايير العالمية للاندماج بالنظام المالي العالمي.
وعلى خلفية انتهاكات نظام بشار الأسد ومجازره في قمع الثورة بسوريا منذ عام 2011، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بينها بريطانيا عقوبات على سوريا، شملت تجميد أصول، ووقف التحويلات المالية، والحرمان من التكنولوجيا، وحظر التعامل مع نظامه.
ومنذ الإطاحة بنظام الأسد، تطالب الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع برفع تلك العقوبات، لأنها تعيق جهود إعادة الإعمار.