قنابل الاحتلال.. تقتل الصحفي وتبيد عائلته لكنها تعجز أمام قلمه
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
في مساءٍ ثقيلٍ كالكابوس، جلس الصحفي عزيز الحجار يدوّن ملاحظاته الأخيرة على طرف دفتر ممزق، بينما كان صدى الطائرات لا يفارق سماء غزة. لم يكن يدري أن هذه الليلة ستسجّل اسمه في قائمةٍ باتت الأوسع في تاريخ الصحافة الفلسطينية؛ قائمة الصحفيين الشهداء الذين قُتلوا لا لشيء سوى لأنهم نقلوا الحقيقة.
عزيز الحجار.
في منطقة بئر النعجة شمال قطاع غزة، وبين ركام البيت الذي صار نعشًا يسع العائلة، عُثر على جثمان الحجار إلى جانب زوجته نور حمدي العالول وطفليه محمد وأمل، فيما لا تزال طفلته الثالثة فداء ترقد في العناية المركزة تصارع الموت، وربما تسأل عن والدها الذي لطالما ضمّها حين كانت تخاف من أصوات القصف.
كان عزيز يحمل الكاميرا أكثر مما يحمل الطعام، ويطارد الحكايات تحت النار أكثر مما يركض لأجل النجاة. كتب مرارًا أن «الصحفي لا يملك خيار الصمت»، حتى حين يُحاصَر بيته، وحتى حين يُستهدف على بابه.
عرفته شوارع غزة كمن لا يتأخر عن واجبٍ إنساني. لم يكن موظفًا في مكاتب محصنة، بل عينًا وسط الرماد، وقلبًا ينقل النبض في مدن فقدت نبضها.
رحل عزيز وترك وراءه دفترًا لم يكتمل، وصورًا لم تُنشر، وطفلةً وحيدة تتعلق بذاكرته كما تعلقت بالأمل.
خمسة في ليلة
في ليلة واحدة فقط، ليل الأحد الموافق 18 مايو 2025، ارتقى خمسة من الصحفيين الفلسطينيين في مناطق متفرقة من قطاع غزة، 4 منهم رفقة عائلاتهم. وكأنّ الاحتلال قرّر أن يُعلن عن حملة تصفية إعلامية جماعية، تتجاوز القذائف إلى رسائل الترهيب الصريحة.
من خان يونس إلى الشمال، ومن دير البلح إلى مخيمات اللجوء، توزّعت النيران، لكنها أصابت هدفًا واحدًا: إسكات الكلمة الحرة.
في منطقة قاع القرين شرق خان يونس، قُصف منزل الصحفي عبد الرحمن العبادلة أثناء استضافته لدى عائلة أبو مهند عاشور، فاستُشهد وسط ركام البيت، ولم تنجُ سوى جدران تحتفظ برائحة القلم.
وفي دير البلح، سُجلت واحدة من أفجع المجازر: استُهدفت الصحفية نور قنديل، منسقة الفعاليات في «مقهى الثريا للإعلام الاجتماعي»، برفقة زوجها الصحفي خالد أبو سيف، وابنتهما الصغيرة، حين قُصفت شقتهم في حي بشارة. لم يكن أحدهم يحمل كاميرا وقت القصف؛ كانوا فقط يحاولون أن يمنحوا طفلتهم نومًا دافئًا.
أما في خان يونس، قرب المستشفى الميداني الكويتي، فكانت الخيمة التي احتمى بها الصحفي أحمد الزيناتي وزوجته نور المدهون وطفليهما محمد وخالد، شاهدة على الجريمة. قُصفت الخيمة ليلًا، وتحولت أجساد العائلة إلى رماد. لم يُعثر عليهم دفعة واحدة؛ بل جُمعت بقاياهم من تحت الرمال المتناثرة، في مشهد يليق فقط بحكايات المجازر.
سياسة اغتيال
بصوت متقطع يعلوه البكاء، قالت الصحفية دعاء سليم، إحدى زميلات نور قنديل في «مقهى الثريا الإعلامي»، لـ«عُمان»: «نور لم تكن فقط زميلة.. كانت نبض المكان. امرأة ناعمة، هادئة، لكن جريئة في الحق. كانت تكتب مشروعًا توثيقيًا عن تأثير الحرب على الأسر الإعلامية في غزة، وقالت لي يومًا: (أخشى أن يُنشر هذا المشروع بعد أن نُصبح نحن القصة). لم نضحك حينها.. خيّم علينا صمت غريب».
وتابعت مي: «قبل أيام من اغتيالها، أرسلت لي تسجيلًا صوتيًا تقول فيه إن صغيرتها باتت تخاف من صوت الطائرات، وأنها تخشى أن تموت وهي تحتضنها. هذا تحديدًا ما حدث. استُهدفت شقتها في دير البلح بينما كانت تجلس مع زوجها وابنتها. لم تكن تحمل كاميرا، ولم تكن تغطي حدثًا ميدانيًا.. كانت فقط أمًّا تحاول النجاة».
وختمت مي شهادتها بصوت مخنوق: «ما فعله الاحتلال لم يكن استهدافًا عشوائيًا. لقد عرفوا من هي نور، وعرفوا أين تسكن، وقصفوا بيتها ليُسكتوا مشروعها، وصوتها، وكل شيء فيها».
أرقام دامية
في تصريح خاص لـ«عُمان»، قال إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: «منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في 10 أكتوبر 2023 وحتى فجر 18 مايو 2025، وثقنا استشهاد ما لا يقل عن 222 صحفيًا وصحفية داخل قطاع غزة. من بينهم 68 استهدفوا وهم داخل منازلهم، مع عائلاتهم، خارج أي تغطية صحفية ميدانية».
وأضاف الثوابتة: «الاحتلال تعمّد في الأشهر الأخيرة تنفيذ عمليات تصفية جسدية منظمة بحق الصحفيين داخل بيوتهم، عبر استهدافات دقيقة ومدروسة، تطال مساكنهم حتى دون إنذار. إنهم يقتلون الصحفي مرتين: مرةً برصاص القصف، ومرةً بإبادة من أحبهم أمام عينيه».
وأكد أن هذا السلوك يمثل «جريمة مكتملة الأركان ضد الصحافة الفلسطينية، وضد حرية الرأي والتعبير في واحدة من أحلك مراحل العمل الإعلامي في العالم المعاصر».
بالاعتماد على أحدث المعطيات الرسمية الصادرة من مكتب الإعلام الحكومي في غزة، أصيب أكثر من 409 صحفيين بجراح متباينة، بعضها بلغ حدّ الإعاقة وفقدان الأطراف، في حين وثّقت الجهات المختصة اعتقال الاحتلال الإسرائيلي 48 صحفيًا ممن تم التعرف على هوياتهم، في ممارسات تعكس تصعيدًا متعمدًا لاستهداف الكوادر الإعلامية جسديًا وميدانيًا.
استهداف ممنهج
من جهته، قال الدكتور تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، في تصريح خاص لـ«عُمان»: «ما يجري ضد الصحفيين في غزة لم يعد مجرد استهداف ميداني عارض، بل تحوّل إلى سياسة تطهير إعلامي ممنهجة».
وأضاف: «إسرائيل تُدرك تمامًا من هم الصحفيون المؤثرون، وتُتابع نشاطهم وتحركاتهم عبر تقنيات متقدمة، منها الذكاء الاصطناعي، وتُدرجهم ضمن بنك أهدافها، وهو ما أشارت إليه القيادة العسكرية الإسرائيلية في أكثر من تصريح ضمني».
وأوضح الأسطل: «حين يقتل الاحتلال صحفيًا في بيته، وأمام أطفاله، فهو لا يستهدف شخصًا بعينه، بل يوجّه رسالة واضحة للجميع: لا أحد في مأمن. لا بيت يحمي، ولا عائلة تُعفي، ولا مهنة تُشفع».
موتٌ معلن
لم تعد مهنة الصحافة في غزة مجرد وظيفة، بل أصبحت شهادة ميلاد للموت المؤجل. الكاميرا هناك لا تُرفَع لتصوير مشهد، بل لوداع صاحبها. والمؤسسة الإعلامية لم تعد مقرًا للنشر، بل تُنعى كوحدة إسعاف أخيرة.
في ليلة واحدة، فُقد خمسة. وربما سيُفقد آخرون. لأن الحقيقة في غزة تُكتب بالدم، وتُبث من بين أنقاض البيوت، وتُدفن تحت الخيام.
لكن، ورغم ذلك، ما زال هناك من يرفع الكاميرا، ويكتب، ويوثق، ويرفض الصمت. لأن الكلمة، في فلسطين، لا تُقصف.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قطاع غزة فی غزة لم یکن
إقرأ أيضاً:
تحطم الشراع / مقطع من قنابل الثقوب السوداء
#سواليف
#تحطم_الشراع / مقطع من #قنابل_الثقوب_السوداء
بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن
ثماني سنوات مضت، تحوّلت خلالها الرحلة إلى صراعٍ صامتٍ بين الإنسان والفضاء. في أعماق اللاشيء، كان جاك يحدّق في اتساع الكون أمامه، حيث قطع حتى الآن 80% من المسافة نحو هدفه المستحيل: الثقب الأسود.
الشراع، ذاك الهيكل المعدني العائم، يمضي في طريقه بثبات، موجّهًا بحساباتٍ دقيقة من مختبر الدفع النفاث، حيث يجلس العلماء خلف شاشاتٍ عملاقة، يترقبون كل ذرةٍ من بيانات الرحلة. المسار مرسومٌ بحسابات رياضية جامدة، لكن الفراغ هنا لا يعترف بالحسابات…
إنه واسعٌ أكثر من أي منطقٍ بشري.
في عزلته المطلقة، ظلّ الشراع يتواصل مع الأرض عبر الأقمار الاصطناعية، ترسل الإشارات كنبضاتٍ خافتة عبر المسافة المجهولة. الصوت لا يصل هنا، لكن الضوء يكسر العزلة حين تنعكس إشعاعات النجوم البعيدة على سطح السفينة، كأن الكون ذاته يهمس له بشيءٍ غير مفهوم.
كل ثانية تمرّ تقرّبه أكثر من المجهول، من الثقب الذي لا عودة منه… لكن هل كان جاك يخشى ذلك، أم أنه بات جزءًا من الفضاء نفسه؟
في مختبر الدفع النفاث، ساد اضطراب غير مألوف. انقطعت الرؤية عن الشراع الفضائي، ذلك الهيكل المعدني الذي كان يشق طريقه نحو الثقب الدودي، تاركًا العلماء في حيرة تامة.
على شاشات الرصد العملاقة، لم يظهر شيء. كان الشراع مفقودًا، اختفى من نطاق الرؤية دون أي مقدمات، مما أثار القلق بين أعضاء الفريق، فغيابه يعني خطرًا محدقًا—ربما انجرف عن مساره، أو اقترب من جرم سماوي غير مرئي قد يدمره تمامًا.
في مكان بعيد، كان مذنبٌ هائل يجر وراءه أطنانًا من الجليد والغبار الكوني، يقترب بسرعة… لكن لا أحد يراه، لا في المختبر ولا بين طاقم الشراع.
داخل غرفة العمليات، كان الجميع في حالة استنفار. تفحّصوا شبكات الاتصال، تأكدوا أن الأنظمة تعمل بكفاءة، مما يعني أن المشكلة ليست مجرد خلل تقني.
قال الصينيّ، وهو يتأمل شاشة النظام: “المفروض أن الكاميرا الموجودة على متن الشراع تُظهر موقعه… فلماذا لا نراه؟”
رد الأمريكي، بحزم وهو يراجع سجل البيانات: “للأسف، الكاميرا مرتبطة بوحدة الاتصال على متن الشراع… وإذا كانت معطلة، فلا سبيل لرصد الرحلة!”
قال العربيّ بعد تفكير عميق: “هذه الوحدة لا تتعطّل إلا إذا تهشّمت… وهذا لم يحدث. ربما تلاشت الإشارة بسبب المسافة الهائلة!”
لكن الروسي هزّ رأسه وعلّق بنبرة قلقة: “ليس البعد وحده ما يقطع الإشارة، هناك احتمال أن يكون التشويش ناجمًا عن مصدر طاقة قوي بالقرب من الشراع…”
ساد صمتٌ ثقيل قبل أن يقول العربيّ بحسم: “إذن، علينا زيادة عدد الأقمار الصناعية
لرصد موقعه على الفور!”
في لحظات، صدرت الأوامر العليا. رئيس ناسا أمر جميع الأقمار الاصطناعية التابعة للوكالة ولشركائها حول العالم بتوجيه أجهزتهم لرصد مسار الشراع المفقود.
وفي تلك اللحظة، كان جاك، قائد الشراع، يحدّق عبر نافذته إلى العتمة المطلقة، غير مدرك أن فريقه على الأرض يخوض سباقًا مع الزمن لإنقاذه من مجهولٍ قادم.
على الأرض، رغم تزايد عدد الأقمار الاصطناعية الموجهة لرصد المسار، كان السؤال الأكثر إلحاحًا: هل سيكفي ذلك؟ فالأقمار وحدها لن تكون ذات فاعلية إلا إذا قويت الإشارة بما يكفي لمنع تلاشيها في الفراغ السحيق.
لذلك، عملت ناسا منذ شهور على زيادة حجم صحون الهوائيات في شبكة مراقبة الفضاء السحيق، مضاعفة أقطارها، وطلائها بأفضل المعادن التي تساعد على جمع الأشعة ومنع تشتتها عند وصولها إلى المحطات الأرضية.
وبعد جهود مكثفة، أُرسلت النتائج أخيرًا إلى مقر ناسا، حيث أمسك بَكْ البيانات بتركيز، فقد انضم للتو إلى فريق الدعم. تأمل الأرقام بسرعة قبل أن يقول بصوت واضح: “يا سادة، رغم تسليط الأقمار وزيادتها، ورغم تطوير الشبكات الأرضية، لم نتمكن من رصد الإشارة والتواصل مع جاك! صور المراصد الفضائيّة الموجودة على متنها تُظهر أن مصدر التشويش ليس خللًا تقنيًا، بل طاقة هائلة من البلازما والإشعاعات تصدر من الثقب الأسود، وهي التي عطّلت الإشارة بالكامل. لقد اقترب الشراع كثيرًا، مما جعله يفقد الاتصال تمامًا!”
بينما كان هذا النقاش الحاسم يجري في مختبرات ناسا، وصل التقرير أخيرًا إلى ميتشو كاجيتا في اليابان، فقرأه بعناية قبل أن يهمس لنفسه باستنكار: “لا جدوى من الاتصال… ما دام الثقب الأسود يقضي حاجته! هذا المتغوط دائمًا!”
استنشق قليلًا ثم قال بلهجة ساخرة، وهو يتأمل الآلات التي تعج بها المختبرات الفضائية: “رائحتك عفنة يا ابن أصدقائي!”
لكن بعيدًا عن كوكب الأرض، وفي أعماق الفضاء، كان الخطر الحقيقي يقترب بصمت. مذنبٌ هائل يسرع نحو الشراع، حاملاً ذيلًا طويلًا مشبعًا بحرارة غير طبيعية، وكأن الثقب الأسود نفسه قد دفعه عن مساره، دافعًا إياه بقوة مذهلة نحو المجهول.
على متن الشراع، لاحظ جاك اختفاء الإشارة بينه وبين الأرض. لم يعد هناك أي اتصال، ولا حتى بيانات استشعار قادمة من مختبر الدفع النفّاث.
ألقى نظرة سريعة على لوحة التحكم، ثم تنهد قبل أن يستدير نحو زملائه، مجبرًا نفسه على التماسك أمام الأزمة المتفاقمة.
“علينا أن نتصرف، الشراع يسير بلا هدى الآن… ولم يعد مختبر الدفع النفّاث يتحكم فيه!”
نظر إلى وجوه أفراد الطاقم، ثم سألهم بجدية: “هل يعرف أحدكم سبب فقدان الاتصال؟”
تكلمت إيريكا 300 أخيرًا، لكن كلماتها كانت مشبعة باليأس: “ربما تخلّوا عنّا وتركونا نموت في الفضاء وحدنا، هذه هي البشرية!”
نظر إليها جاك مستاءً، ازدادت نبرته حدة وهو يرد ببرود صارم: “اسكتِ أيتها الخرقاء ولا تتكلمي!”
وضعت إيريكا يدها على فمها في صمت، فاشتعل غضب جاك. اندفع نحوها بسرعة وضربها بقوة وهو يصرخ: “ألن ننتهي من هذا الموضوع بعد؟! عِشِ آلة وإلّا حطمتك الآن، إيريكا… سأحطمكِ! سأنتزع عنكِ شريحتك!”
تراجعت إيريكا للخلف، العتمة تحاصرها، والأنفاس في الغرفة تزداد ثقلاً.
نقل كازو نظره بين جاك وإيريكا، ثم قال بنبرة مشوبة بالقلق: “لا أدري، وكذلك قالت جوليا.”
أخذ جاك نفسًا عميقًا، يحاول استعادة السيطرة على الموقف الذي خرج عن نطاق العقل.
ثم قال بحزم، كمن يحاول فرض النظام وسط الفوضى: “الاحتمال الأكبر أن الثقب يشعّ إشعاعات قوية قامت بالتشويش على الإشارة، خاصة أننا بدأنا نقترب منه.”
نظر إلى طاقمه، وكأن العزلة جعلتهم أكثر اتحادًا رغم التوتر، ثم تابع بصوت قاطع: “سأظل أتابع خدمة التواصل بيننا وبين وحدة التحكم بالأرض حتى تعطي إشارة، وعندها سأعلم أن إشعاعات الثقب قد قلت.”
ثم التفت إلى كازو، وأمره بمتابعة رصد المسار عبر التلسكوب الموجود على متن الشراع حتى يتمكنوا من تجنب أي ارتطام محتمل بجرم سماوي غير متوقع. وأمر جوليا بالاستعداد لتفعيل صواريخ المناورة الصغيرة فور رصد أي خطر، بينما طلب من إيريكا مراقبة وحدات الخدمات كافة.
وفي تلك اللحظة، خفت إفرازات الثقب الأسود تدريجيًا، وعادت الإشارة إلى العمل من جديد. هتف فريق الدعم فرحًا في مختبر الدفع النفّاث، ارتسمت على وجوههم ابتسامات الانتصار، وانتفضوا بعد رؤية مسار الشراع يظهر أخيرًا على شاشات الحواسيب.
“لقد تمكّنا من الإمساك به!” صرخ أحدهم، قبل أن يضيف بلهجة ساخرة: “لعل ملعون أورط قد كفّ عن التقيّؤ أخيرًا!”
ولكن الفرحة لم تدم طويلًا… سرعان ما رصد الفريق المذنب صاحب الذيل الطويل، وأجروا حسابات فورية، فتبيّن أنه قادِم من جهة الثقب بزاوية 30 درجة، أي أنه ليس في نفس مسار الشراع، لكنه يتجه مباشرة إلى جانبه.
المسافة بينهما؟ قليلة جدًا جدًا…
في تلك اللحظة، تقلّصت أساريرهم، تغيّرت ملامحهم، وظهر الخوف في العيون، كما لو أن النصر الذي احتفلوا به قبل ثوانٍ بدأ يتلاشى أمامهم.
تمتم أحدهم… “إنه قريب جدًا… قريب جدًا…!”
وانتابت الفريق حالة من الإبلاس للحظات، كأنهم عاجزون تمامًا عن اتخاذ أي قرار.
… يتبع
ملحوظة
قول كاجيتا: “رائحتك عفنة يا ابن أصدقائي!”
هو جزء من الغموض سيتضح في نهاية الرواية.. وهي أن خلف الثقب يوجد كون خاص كله عبارة عن روبوتات تمكنت من صناعة الثقوب السوداء بتكنولوجياتها. وصنعت المئات منها كي تتمكن من غزو الأرض لكنها لم تفلح حتى الآن.